انتقل إلى المحتوى

قد اطلعت على سري وإعلاني

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

قَدِ اِطَّلَعتَ عَلى سِرّي وَإِعلاني

​قَدِ اِطَّلَعتَ عَلى سِرّي وَإِعلاني​ المؤلف صريع الغواني


قَدِ اِطَّلَعتَ عَلى سِرّي وَإِعلاني
فَإِذهَب لِشَأنِكَ لَيسَ الجَهلُ مِن شاني
إِنَّ الَّتي كُنتُ أَنحو قَصدَ شِرَّتِها
أَعطَت رِضىً وَأَطاعَت بَعدَ عِصيانِ
حَسبي بِما أَدَّتِ الأَيّامُ تَجرِبَةً
سَعى عَلَيَّ بِكَأسَيها الجَديدانِ
دَلَّت عَلى عَيبِها الدُنيا وَصَدَّقَها
ما اِستَرجَعَ الدَهرُ مِمّا كانَ أَعطاني
إِما تَرَيني أُزجّي العيسَ مُنتَظِراً
وَعدَ المُنى أَرتَعي في غَيرِ أَوطاني
فَقَد أَروحُ نَديمَ الدَهرِ يَمزُجُ لي
كَأسَ الهَوى وَيُحَيِّني بِرَيحانِ
سائِل جَديدَ الهَوى هَل كُنتُ أُخلِقُهُ
إِذ لِلصِبى مُهجَةٌ تَمشي بِجُثماني
أَيّامَ لِلعَذلِ إِكثارٌ وَمَعصِيَّةٌ
وَالراحُ تُسرِعُ في عَقلي وَأَحزاني
لا أُوحِشُ الخِدرَ مِن شَخصي وَبَيضَتَهُ
وَلا أُوَحِّدُ بِالصَهباءِ نُدماني
وَلَيلَةٍ ما يَكادُ النَجمُ يَسهَرُها
سامَرتُها بِقَتولِ الدَلِّ مِفتانِ
إِذا أَطاعَت عَصاها ثِقلُ رادِفِها
كَالدِعصِ يَفرَعُهُ غُصنٌ مِنَ البانِ
كَأَنَّها بَعدَ ما قامَ الصَباحُ بِها
وَسنى تَمَشَّت بِها أَعطافُ نَشوانِ
وَلَّت كَما اِنسابَ ثُعبانٌ وَقَد نَهَضَت
إِلّا وَقيذَةَ أَردافٍ وَأَركانِ
أَدرَكتُ في الدَهرِ أَيّاماً بَلَغتُ بِها
رِضى الشَبابِ الَّذي قَد كانَ عاصاني
سَعَت عَلَيَّ لَياليها بِزائِرَةٍ
زَفَّ الكَرى طَيفَها وَهناً فَحَيّاني
باتَت تَأَبّى وَما تَدري بِما صَنَعَت
بِنائِمٍ وَرَّثَتهُ سُؤلَ يَقظانِ
فَالآنَ أَقصَرتُ إِذ رَدَّ الزَمانُ يَدي
وَنافَرَتني اللَيالي بَعدَ إِذعانِ
حاشى لِعَينَيَّ أَن تَفنى دُموعُهُما
عَلى هَوى نازِحٍ أَو نَأيَ جيرانِ
ما كُنتُ أَدَّخِرُ الشَكوى لِحادِثَةٍ
حَتّى اِبتَلى الدَهرُ أَسراري فَأَشكاني
إِلى الأَمامِ تَهادانا بِأَرحُلِنا
خَلقٌ مِنَ الريحِ في أَشباحِ ظُلمانِ
كَأَنَّ إِفلاتَها وَالفَجرُ يَأخُذُها
إِفلاتُ صادِرَةٍ عَن قَوسِ حُسبانٍ
نَستَودِعُ اللَيلَ أَسرارَ الهُمومِ إِذا
باحَ النُعاسُ بِعَجزِ الصاحِبِ الواني
تَهوى بِأَشعَثَ لَو يَسطيعُ أَعقَبَها
تَفري مَجاهِلَ غيطانٍ لِغيطانِ
قَضَت عَلى اللَيلِ بِالإِدلاجِ هِمَّتُهُ
فَقَدَّهُ بِسَؤُورِ اللَيلِ مِذعانِ
تَلَوَّمَ الصُبحُ فيهِ ثُمَّ قَوَّضَهُ
وَاِرتَدَّ وَجهُ النَهارِ الفاقِعِ القاني
يَنسابُ في اللَيلِ لا يَرعى لِهاجِسِهِ
كَأَنَّهُ راكِبٌ في رَأسِ ثُعبانِ
لَم يُغمِدِ السَيفَ مُذ نيطَت حَمائِلُهُ
يَوماً وَلا سَلَّهُ إِلّا عَلى جانِ