فقه اللغة - الجزء الرابع
(في تَرْتِيبِ صَوْتِ الرَّعْدِ عَلَى القِيَاسِ والتَّقْرِيب) تَقُولُ العَرَبُ: رَعَدَتِ السَّمَاءُ فإذا زَادَ صَوْتُهَا قِيلَ: أرْزَمَتْ وَدَوًّتْ فإذا زَادَ واشْتَدَّ قِيلَ: قَصَفَتْ وَقَعْقَعَتْ فإذا بَلَغَ النهايَةَ قِيلَ: جَلْجَلَتْ وهَدْهَدَتْ.
(في تَرْتِيبِ البَرْقِ)
إذا بَرَقَ البَرْقُ كَأَنَّهُ يَتَبَسَّمُ (وذلِكَ بِقَدْرِ مَا يُرِيكَ سَوَادَ الغَيْمِ مِن بَيَاضِهِ) قِيلَ: انْكَلَّ انْكِلالاً فإذا بَدَا مِنَ السَّمَاءِ بَرْقٌ يَسِير قِيلَ: أَوْشَمَتِ السَّمَاءُ (وَمِنْهُ قِيلَ: أوْشَمَ النَّبْتُ إذا أبْصَرْتَ أوَّلَهُ) فإذا بَرَقَ بَرْقاً ضَعِيفاً قِيلَ: خَفِي يَخْفَى ، عَنْ أبي عَمْروٍ، وَخَفَا يَخْفُو، عَنِ الكِسَائِيّ فإذا لَمَعَ لَمعاً خَفِيفاً قِيلَ: لَمَحَ وَأوْمَضَ فإذا تَشَقَقَ قِيلَ: انْعَقَّ انْعِقَاقاً فإذا مَلأَ السَّمَاءَ وتَكَشَّفَ واضْطَرَبَ قِيلَ: تَبَوَّجَ فإذا كَثُرَ وَتَتَابَعَ قيلَ: ارْتَعَجَ فإذا لَمَعَ واَطْمَعَ ثُمَّ عَدَلَ قِيلَ لَهُ: خُلَّب.
(في فِعْلِ السَّحَابِ والمَطَرِ)
إذا أتَتِ السَّمَاءُ بالمَطَرِ الشَّدِيدِ قيلَ: حَفَشَتْ وحَشَكَتْ فإذا استَمَّرَ مَطَرُهَا قِيلَ: هَطَلَتْ وهَتَنَتْ فإذا صَبَّتِ المَاءَ قِيلَ: هَمَعَتْ وهَضَبَتْ فإذا ارْتَفَعَ صَوْت وَقْعِهَا قِيلَ: انْهَلَّتْ واسْتَهَلَّتْ فإذا سَالَ المَطَرُ بِكَثْرَةٍ قِيلَ: انسَكَبَ وانْبَعَقَ فإذا سَالَ يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضاً قِيلَ: اثْعَنْجَرَ واثْعَنْجَحَ فإذا دَامَ أيَّاماً لا يُقلِعُ قِيلَ: أَثْجَمَ وأغْبَطَ وَأَدْجَنَ فإذا أقْلَعَ قِيلَ: أَنْجَمَ وأفْصَمَ وأفْصَى ، عَنِ الأصْمَعِيّ.
(في أمطَارِ الأزمِنةِ)
أوَّلُ ما يَبْدُو المَطَرُ في إقْبَالِ الشِّتَاءِ فاسْمُهُ الخَرِيفُ ثُمَّ يَلِيهِ الوَسْمِيّ ثُمَّ الرَّبِيعُ ثُمَّ الصَّيِّفُ ثُمَّ الحَمِيمُ عَنِ أبْنِ قُتَيبَةَ: المَطَرُ الأَوَلُ هُوَ الوَسْمِيُّ ثُمَّ الذِي يَلِيهِ الوَلِيُّ ثُمَّ الرَّبِيعُ ثُمَّ الصَّيِّفُ ثُمَّ الحَمِيمُ.
(في تَفْصِيلِ أسْمَاءِ المَطَرِ وأوْصَافِهِ)
إِذَا أحَيَا الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، فَهُوَ الحَيَاءُ فإذا جَاءَ عَقِيبَ المَحْلِ او عِنْدَ الحَاجَةِ إليهِ ، فَهُوَ الغَيْثُ فإذا دَامَ مع سُكونٍ ، فَهُوَ الدِّيمَةُ والضَّرْب فَوْقَ ذَلِكَ قَليلاً وَالهَطْلُ فَوْقَهُ فإذا زَادَ فَهُوَ الهَتَلانُ والتَهْتَانُ فإذا كَانَ القَطْرُ صِغَاراً كَاَنَّهُ شَذْرٌ، فهو القِطْقِطُ فإذا كَانَتْ مَطْرَةً ضَعِيفَةً، فَهِيَ الرِّهْمَةُ فإذا كَانَتْ لَيْسَتْ بالكَثِيرَةِ، فَهِيَ الغَبْيَةُ والحَشَكَةُ والحَفْشَةُ فإذا كَانَتْ ضَعِيفةً يَسِيرَةً، فَهِيَ الذِّهَابُ والهَمِيمَةُ فإذا كَانَ المَطَرُ مُسْتَمِرّاً ، فَهُوَ الوَدْقُ فإذا كَانَ ضَخْمَ القَطْرِ شَدِيدَ الوَقْعِ ، فَهُوَ الوَابِلُ فإذا تَبَعَّقَ بالماءِ، فَهُوَ البُعاقُ فإذا كَانَ يُرْوِي كُلَّ شيءٍ، فَهُوَ الجَوْدُ فإذا كَانَ عَامًّا فَهُوَ الجَدَا فإذا دَامَ أيَّاماً لا يُقْلِعُ ، فهو العَيْنُ فإذا كَانَ مُسْتَرْسِلاً سَائِلاً، فَهُو المُرْثَعِنُّ فإذا كَانَ كَثِيرَ القَطْرِ، فَهُوَ الغَدَقُ فإذا كَانَ كَثِيراً ، فَهُوَ العِزُّ والعُبَابُ فإذا كانَ شَدِيدَ الوَقْعِ كَثِيرَ الصَّوْبِ ، فَهُوَ السَّحِيفَةُ فإذا جَرَفَ مَا مَرَّ بِهِ ، فَهُوَ السَّحِيتَةُ فإذا قَشَر وَجْهَ الأرْضِ ، فهو السَّاحِيَةُ فإذا أثَّرَتْ في الأرْضِ مِنْ شِدَةِ وَقْعِهَا، فَهِيَ الحَرِيصَةُ (لأنّها تَحْرُصُ وَجْهَ الأرْضِ) فإذا أصَابَتِ القِطْعَةَ مِنَ الأرْضِ وأخْطَأتِ الأخْرَى ، فَهِيَ النُّفْضَةُ فإذا جَاءَتِ المَطْرَةُ لِمَا يأتي بَعْدَها، فَهِيَ الرَّصْدَةُ (والعِهَاد نَحوٌ مِنْهَا) فإذا أتى المَطَرُ بَعدَ المَطَرِ، فَهُوَ الوَلِيُّ فإذا رَجَعَ وَتَكَرَّرَ، فَهُوَ الرَّجْعُ فإذا تَتَابَعَ ، فَهُوَ اليَعْلُولُ فإذا جَاءَ المَطَرُ دُفَعَاتٍ ، فَهِيَ الشَّآبِيبُ.
(في تَقْسِيمِ خُرُوجِ المَاءِ وسَيَلاَنِهِ مِنْ أمَاكِنِهِ)
مِنَ السَّحَابِ سَحَ مِنَ اليَنْبُوعِ نَبَعَ مِنَ الحَجَرِ انْبَجَسَ مِنَ النَّهْرِ فَاضَ مِنَ السَّقْفِ وَكَفَ مِنَ القِرْبَةِ سَرَبَ مَنَ الإنَاءَ رَشَحَ مَنَ العَيْنِ انْسَكَبَ مِنَ المَذَاكِيرِ نَطَفَ مِنَ الجُرْحِ ثَعَّ.
(في تَفْصِيلِ كَمِّيّةِ المِيَاهِ وَكَيْفِيّتِهَا)
إِذا كَانَ المَاءُ دَائِماً لاَ يَنْقَطِعُ وَلا يَنْزَحُ في عَيْنٍ أو بِئرٍ، فَهُوَ عِدٌّ فإذا كَان إذا حرِّكَ مِنْهُ جَانِب لم يَضْطَرِبْ جَانبُهُ الآخَرُ، فهُوَ كُرٌّ فإذا كَانَ كَثِيراً عَذْباً، فَهُوَ غَدَق (وَقَدْ نَطَقَ بِهِ القُرْآنُ) فَإذا كَانَ مُغْرِقاً، فَهُوَ غَمْرٌ فإذا كَانَ تَحْتَ الأَرْضَ ، فَهُوَ غَوْرٌ فإذا كَانَ جَارِياً، فَهُوَ غَيْلٌ فإذا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأرضِ يَسْقِي بِغَيْرِ آلةٍ مِنْ دالِيَةٍ أو دُولابٍ أو ناعُورَةٍ أو مَنْجَنُونٍ ، فَهُوَ سَيْحٌ فإذا كَانَ ظاهراَ جارِياً على وَجْهِ الأرْضِ ، فَهُوَ مَعِينٌ وَسَنِمِ ، وفي الحديث: (خيْرُ الماءِ السَّنِمُ) فإذا كَانَ جَارِياً بَيْنَ الشَّجَرِ فَهُوَ غَلَلٌ فإذا كَان مُسْتَنْقَعاً في حُفْرَةٍ أو نُقْرَةٍ، فَهُوَثَغْبٌ فإذا أَنْبِطَ من قَعْرِ البِئْرِ، فَهُوَ نَبَط فإذا غَادَرَ السَّيلُ مِنْهُ قِطْعَةً، فَهُوَ غَدِير فإذا كَانَ إلى الكَعْبَيْنِ أو إلى أنْصَافِ السُّوق ، فهو ضَحْضَاحٌ فإذا كَانَ قَرِيبَ القَعْرِ، فَهُوَ ضَحْل فإذا كَانَ قَليلاً، فَهُوَ ضَهْل فإذا كَانَ أقَلَّ مِن ذلك ، فهو وَشَل وَثُمَّد فإذا كَانَ خَالِصاً لا يُخَالِطُهُ شيءٌ، فَهُوَ قَراحٌ فإذا وَقَعَتْ فِيهِ الأَقْمِشَةُ حتّى كَادَ يَدفِنُ ، فَهُوَ سُدُمٌ فإذا خَاضَتْهُ الدَّوَابُّ فَكَدَّرتْهُ ، فَهُوَ طَرْق فإذا كَانَ مُتَغَيِّراً ، فَهُوَ سَجِسٌ فإذا كَانَ مُنْتِناً غَيرَ أنَهُ شَرُوبٌ ، فَهُوَ آجِن فإذا كَانَ لا يَشْرَبُهُ أحَدٌ من نَتْنِهِ ، فَهُوَ آسِنٌ فإذا كَانَ بارداً مُنْتِناً، فَهُوَ غَسَّاقٌ (بتشديد السِّين وتخفيفِها وقد نطق به القرآن) فإذا كَانَ حَارّاً، فَهُوَ سُخْن فإذا كَانَ شَدِيدَ الحَرَارَةِ، فَهُوَ حَمِيم فإذا كَانَ مُسَخَّناً ، فَهُوَ مُوغَر فإذا كَان بَيْنَ الحارِّ والبَارِدِ ، فَهُوَ فَاتِر فإذا كَانَ بارداً ، فَهُوَ قارّ ثُمَّ خَصِر ثُمَّ شُنَانٌ فإذا كَانَ جامداً ، فَهُوَ قَارِس فإذا كَانَ سَائِلاً ، فَهُوَ سَرِب فإذا كَانَ طَرِيّاً ، فهُوَ غَرِيضٌ فإذا كَانَ مِلْحاً ، فَهُوَ زُعَاق فإذا اشتَدَّتْ مُلُوحَتُهُ ، فَهُوَ حُرَاق فإذا كَانَ مُرًّا ، فَهُوَ قُعَاع فإذا اجتَمَعَتْ فيه المُلُوحَةُ والمَرَارَةُ، فَهُوَ أُجَاج فإذا كَانَ فِيهِ شَيء مِنَ العُذُوبَةِ وقدْ يَشربُهُ النَّاسُ ، على ما فيه ، فهو شَرِيبٌ فإذا كَانَ دُونَهُ في العُذُوبَةِ وليسَ يَشرَبُهً النّاسُ إلا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وقد تَشْرَبُهُ البَهَائِمُ ، فَهُوَ شَرُوبٌ فإذا كَانَ عَذْباً ، فَهُوَ فُرَاتٌ فإذا زَادَتْ عُذُوبَتُهُ ، فَهُوَ نُقَاخٌ فإذا كان زاكِياً فِي المَاشِيَة ، فَهُوَ نَمِير فإذا كَانَ سَهْلاً سَائِغاً مُتَسَلْسلاً في الحَلْقِ مِنْ طِيبِهِ ، فَهُوَ سَلْسَل وَسَلْسَالٌ فإذا كَانَ يَمَسُّ الغًلَّةَ فَيَشْفِيها، فَهُوَ مَسُوس فإذا جَمَعَ الصَّفَاءَ وَالعُذُوبَةَ والبَرْدَ، فَهُوَ زُلالٌ فإذا كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ حَتَّى نَزَحُوهُ بِشفَاههم ، فَهُوَ مَشْفُوه ثُمَّ مَثُمَّود ثُمَّ مَضْفُوف ثُمَّ مَكُولٌ ثُمَّ مَجْمُومٌ ثُمَّ مَنْقُوضٌ ، و هَذَا عَنْ أبي عَمْروٍ الشَّيباني.
(في تَفْصِيلِ مَجَامِعِ المَاءِ ومُسْتَنْقَعَاتِهَا)
إذا كَانَ مُسْتَنْقَعُ الماءِ في التُّرَابِ ، فَهُوَ الحِسْيُ فإذا كَانَ في الطِّينِ ، فَهُوَ الوَقِيعَةُ فإذا كَانَ في الرَّمْلِ ، فَهُوَ الحَشْرَجُ فإذا كَانَ في الحَجَرِ، فهو القَلْتُ والوَقْبُ فإذا كَانَ في الحصى ، فهو الثَّغْبُ فإذا كَانَ في الجَبَلِ ، فَهُوَ الرَّدْهَةُ فإذا كَانَ بَيْنَ جَبَلَيْنِ ، فَهُوَ المَفْصِلُ.
(في تَرْتِيبِ الأنْهَارِ)
أَصْغَرُ الأنْهَارِ الفَلَجُ ثُمَّ الجَدْوَلُ أَكْبَرُ مِنْهُ قليلاً ثُمَّ السَّرِيُّ ثُمَّ الجَعْفَرُ ثُمَّ الرَّبِيعُ ثُمَّ الطِّبْعُ ثُمَّ الخَلِيجُ.
(في تَفْصِيلِ أسْمَاءِ الآبَارِ وأوْصَافِهَا)
القَلِيبُ البِئْرُ العاديَّةُ لا يُعْلم لَهَا صَاحِب وَلاَ حَافِر الجُبُّ البِئر التي لم تُطْوَ الرَّكِيَّةُ البِئْرُ الّتي فِيها ماءٌ قلَّ أوكَثُرَ الظَّنُونُ البِئْرُ الّتي لا يُدرَى أفِيها ماء أمْ لا العَيْلَمُ البِئْرُ الكَثِيرَةُ المَاءِ وكَذَلِكَ القَلَيْزَمُ الرَّسُّ البِئْرُ الكَبِيرَةُ الضَّهُولُ البِئْرُ الّتي بَخْرُجُ مَاؤُهَا قليلاً قليلاً المَكُولُ القَلِيلَةُ الماءِ الجُدُّ الجَيِّدَةُ المَوْضِعِ مِنَ الكَلإ المَتُوحُ الّتي يُسْتَقَى مِنْها مَدًا باليَدَيْنِ على البَكَرَةِ النَّزُوعُ الّتي يُسْتَقَى مِنْهَا باليَدِ الخَسِيفُ المَحْفُورَةُ بالحِجَارَةِ المَعْرُوشَةُ الّتي بَعْضُها بالحِجَارَةِ وبَعْضُهَا بالخَشَبِ الجُمْجُمَةُ المَحْفُورَةُ في السَّبَخَةِ المُغَوَّاةُ المَحْفُورَةُ للسِّباعِ.
(في ذِكْرِ الأحْوَالِ عِنْدَ حَفْرِ الآبَارِ)
إذا حَفَرَ الرَّجُلُ البِئْرَ فَبَلَغَ الكُدْيَةَ قِيلَ: أكْدَى فإذا انتَهَى إلى جَبَل: قِيلَ: جْبَلَ فإذا بَلَغَ الرَّمْلَ قِيلَ: أسْهَبَ فإذا انْتَهَى إلى سَبَخَةٍ قيلَ: أسْبَخَ فإذا بَلَغَ الطِّينَ قِيلَ: أثْلَجَ.
(في الحِيَاضِ)
المِقْرَاةُ يُجْمَعُ فيه المَاءُ الشَّرَبَةُ الحَوْضُ يُحْفَر تَحْتَ النَّخْلَةِ وُيملأ مَاءً لِتَشْرَبَ مِنْهُ النَّضَحُ الحَوْضُ يَقْرُبُ مِنَ البِئْرِ حَتَّى يَكُونَ الإفْرَاغُ فِيهِ مِنَ الدَّلْوِ الجُرْمُوزُ الحَوْضُ الصَّغِيرُ الجَابِيَةُ الحَوْض الكَبِيرُ الدُّعْثُورُ الحَوْضُ الذي لم يُتأنَّقْ في صَنْعَتِهِ.
(في تَرْتِيبِ السَّيْلِ وتَفْصِيلِهِ)
إذا أتَى السَّيْلُ ، فَهُوَ أُتيٌّ فإذا جَاءَ يَمْلأ الوَادِي ، فَهُوَ رَاعِب (بالرَّاءِ) فإذا جَاءَ يَتَدَافَعُ ، فَهُوَ زَاعِب (بالزَّايِ) فإذا جَاءَ مِنْ مَكَانٍ لاَ يُعْلَمُ بِهِ قِيلَ: جَاءَنَا السَّيْلُ دَرْءاً فإذا جَاءَ بالقَمْشِ الكَثِيرِ، فَهُوَ مُزْلَعِبّ ومُجْعَلِبّ فإذا رَمَى بالزَّبَدِ والقَذَرِ قِيلَ: غَثَا يَغْثُو فإذا رَمَى بالجُفَاءِ قِيلَ: جَفَأ يَجْفأُ فإذا كَانَ كَثِيرَ الماءِ ذَاهِباً بكلِّ شيءٍ، فهو جُحَافٌ وجُرَاف. في الأرضين والرمال والجبال والأماكن (وما يَتّصِل بِها وَيَنَضَافُ إليْها)
(في تَفْصِيلِ أسْماءِ الأرْضِين وصِفَاتِهَا في الاتّسَاعِ والاسْتِوَاءِ والبُعْدِ والغِلظِ والصَّلاَبَةِ والسُّهُولَةِ والحُزُونَةِ والارْتِفَاعِ والانْخِفَاضِ وغَيْرِهَا مَعَ تَرْتِيبِ أكْثَرِهَا)
إذا اتَّسَعَتِ الأرْضُ ولَم يَتَخَلَلْهَا شَجَر أو خَمَر، فهي الفَضَاءُ والبَرَازُ والبَرَاحُ ثُمَّ الصَّحْرَاءُ ثُمَّ العَرَاءُ ثُمَّ الرَهَاءُ والجَهْرَاءُ فإذا كَانَتْ مُسْتَوِيَةً مَعَ الاتِّسَاعِ ، فَهِيَ الخَبْتُ والجَدَدُ ثُمَّ الصَّحْصَحُ والصَّرْدَحُ ثُمَّ القَاعُ والقَرْقَرُ ثُمَّ القَرِق والصَّفْصَفُ فإذا كَانتْ مَعَ الاسْتِوَاءِ والاتساعِ بَعِيدَةَ الأَكْنَافِ والأطْرَافِ ، فَهُوَ السَّهْبُ والخَرْقُ ثُمَّ السَّبْسَبُ والسَّمْلَقُ والمَلَقُ فإذا كَانَتْ مَعَ الاتِّساعِ والاسْتِوَاءِ والبُعْدِ لا مَاءَ فِيها، فَهِيَ الفَلاةُ والمَهْمَهُ ثُمَّ التَّنُوفَة والفَيْفَاءُ ثُمَّ النَّفْنَفُ والصَّرْمَاءُ فإذا كَانَتْ مَعَ هَذِهِ الصّفَاتِ لا يُهتَدَى فيها للطَّرِيقِ ، فَهِيَ اليَهْمَاءُ والغَطْشَاءُ فإذا كَانَتْ تُضِلُّ سَالِكَها، فَهِيَ المُضِلَّةُ والمُتِيهة فإذا لمْ تَكُنْ لها أَعْلامٌ و مَعَالمُ ، فَهِيَ المَجْهَلُ والهَوْجَلُ فإذا لم يَكُنْ بها أثرٌ، فَهِيَ الغُفْلُ فإذا كَانَتْ قَفْرَاءَ ، فَهِيَ الْقِيُّ فإذا كَانَتْ تُبِيدُ سَالِكَها، فَهِيَ البَيْدَاءُ (والمَفَازَةُ كِنَاية عنها) فإذا لمْ يَكُنْ فيها شَيْء مِنَ النَّبْتِ ، فَهِيَ المَرْتُ والمَلِيعُ فإذا لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَيْء، فَهِيَ المَرَوْرَاةُ والسُّبْرُوتُ والبَلْقَعُ فإذا كَانَتِ الأَرْضُ غَلِيظَةً صُلْبَةً، فَهِيَ الجَبُوبُ ثُمَّ الجَلَدُ ثُمَّ العَزَازُ ثُمَّ الصَّيْدَاءُ ثُمَّ الجَدْجَدُ فإذا كَانَتْ غَلِيظَةً ذَاتَ حِجَارَةٍ وَرَمْل ، فَهِيَ البُرْقَةُ والأَبْرَقُ فإذا كَانَتْ ذَاتَ حَصًى ، فهي المَحْصَاةُ والمُحَصَّبَةُ فإذا كَانَتْ كَثِيرَةَ الحَصْبَاءِ، فَهِيَ الأَمْعَز والمَعْزَاءُ فإذا اشْتَمَلَتْ عليها كُلِّها حِجَارَة سُود، فَهِيَ الحَرَّةُ واللاَّبَةُ فإذا كَانَتْ ذَاتَ حِجَارَةٍ كَأنّهَا السَّكاكِينُ ، فَهِيَ الحَزِيزُ فإذا كَانَتِ الأَرْضُ مُطْمَئِنَّةً، فَهِيَ الجَوْفُ والغَائِطُ ثُمَّ الهَجْلُ والهَضْمُ فإذا كَانَتْ مُرْتَفِعَةً، فَهِيَ النَجْدُ والنَّشزُ (بتسْكِينِ الشّينِ وفتحِها) فإذا جَمَعَتِ الارْتِفَاعَ والصَّلابَةَ والغِلَظَ ، فَهِيَ المَتْنُ والصَّمْدُ ثُمَّ القُفُّ والقَرْدَدُ والفَدْفَدُ فإذا كَانَ ارْتِفَاعُهَا مَعَ اتّساع ، فَهِيَ اليَفَاعُ فإذا كَانَ طُولُهَا في السَّماءِ مِثْلَ البَيْتِ وعَرْضُ ظَهْرِهَا نَحْوَ عَشْرِ أذْرُع ، فَهُوَ التَّلُّ (وأطْوَلُ وأعْرَضُ مِنْهَا الرَّبْوَةُ والرَّابِيَةُ) ثُمَّ الأكْمَةُ ثُمَّ الزُّبْيَةُ (وهيَ الّتي لا يَعْلوها المَاءُ) ثُمَّ النَّجْوَةُ، وهي المكانُ الذي تَظُنُّ أنَّه نَجَاؤُكَ ثُمَّ الصَّمَّانُ وهي الأرْضُ الغَلِيظَةُ دُونَ الجَبَلِ فإذا ارْتَفَعَتْ عَنْ مَوْضِعِ السَّيْلِ وانحَدَرَتْ عن غِلَظِ الجبَلِ ، فَهِيَ الخَيْفُ فإذا كَانَتِ الأرْضُ لَيِّنةً سَهلَةً مِنْ غيْرِ رَمْل ، فَهِيَ الرَّقاقُ والبَرْثُ ثُمَّ المَيْثَاءُ والدَّمِثَةُ فإذا كَانَتْ طَيِّبَةَ التُّرْبَةِ كَرِيمَةَ المَنْبِتِ بَعِيدَةً عَنِ الأَحْسَاءِ والنَّزُوزِ فهي العَذَاةُ فإذا كَانَتْ مَخيلةً للنَّبْتِ والخيْرِ، فهي الأرِيضَةُ فإذا كَانَتْ ظَاهِرَةً لا شَجَرَ فِيها وَلا شَيْءَ يَخْتَلِطُ بِهَا، فَهِيَ القَراحُ والقِرْوَاحُ فإذا كَانَتْ مُهَيَّأةً للزِّرَاعَةِ، فهي الحَقْلُ وَالمَشَارَةُ والدَّبْرَةُ فإذا لم يُصِبْهَا المَطَرُ، فَهِيَ الفِلُّ والجُرُزُ ، وقدْ نَطَقَ بِهِ القُران فإذا كَانَتْ غَيْرَ مَمْطُورَةٍ وهيَ بين أرْضَيْنِ مَمْطُورَتَيْنِ فَهِيَ الخَطِيطَةُ فإذا كَانَتْ ذَاتَ نَدًى وَوَخَامَةٍ، فَهِيَ الغَمَقَةُ فإذا كَانَتْ ذَاتَ سِبَاخ ، فَهِيَ السَّبَخَة فإذا كَانَتْ ذَاتَ وَبَاءٍ فَهِيَ الوَبِيئَة والوََبِئةُ ، على مِثَالِ (فَعِيلَةٍ) و (فَعِلةٍ) فإذا كاَنَتْ كَثِيرَةَ الشَّجَرِ، فهي الشَجِرَةُ والشَّجْرَاءُ فإذا كَانَتْ ذَاتَ حَيَاتٍ ، فهي المُحَوَّاة فإذا كَانَتْ ذَاتَ سِبَاع أو ذِئابٍ ، فَهِيَ المَسْبَعَةُ والمَذْأبَةُ.
(في تَرْتِيبِ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأرْضِ إلى أنْ يبلُغَ الجُبَيْلَ ثُمَّ تَرْتِيبُهُ إلى أنْ يبلُغَ الجَبَلَ العَظِيمَ الطّوِيلَ)
أصْغَرُ مَا ارتَفَعَ مِنَ الأرْضِ النَّبَكَةُ ثُمَّ الرَّابِيَةُ أعْلَى مِنْهَا ثُمَّ الأكَمَةُ ثُمَّ الزُّبْيَةُ ثُمَّ النَّجْوَةُ ثُمَّ الرِّيعُ ثُمَّ القُفُّ ثُمَّ الهَضْبَةُ (وهِيَ الجَبَلُ المُنْبَسِطُ عَلَى الأرْضِ) ثُمَّ القَرْنُ (وهو الجَبَلُ الصَّغيرُ) ثُمَّ الدُّكُّ (وهو الجَبَلُ الذَّلِيلُ) ثُمَّ الضِّلَعُ (وهو الجُبَيْلُ ليسَ بالطَوِيلِ) ثُمَّ النِّيقُ (وهوَ الطَوِيلُ) ثُمَّ الطَّوْدُ ثُمَّ البَاذِخُ والشَّامِخُ ثُمَّ الشَّاهِقُ ثُمَّ المُشْمَخِرُّ ثُمَّ الأَقْوَدُ والأَخْشَبُ ثُمَّ الأَيْهَمُ ثُمَّ القَهْبُ (وهُوَ العَظِيمُ مَعَ الطُّولِ) ثُمَّ الخُشَامُ.
(في أبْعَاضِ الجَبَلِ مَعَ تَفْصِيلِهَا)
أوَّلُ الجَبَلِ الحَضِيضُ (وهو القَرَارُ مِنَ الأَرْضِ عِنْدَ أَصلِ الجَبَلِ) ثُمَّ السَّفْحُ (وهو ذَيْلُهُ) ثُمَّ السَّنَدُ (وهُوَ المُرْتَفَعُ في أصْلِهِ) ثُمَّ الكِيحُ (وهو عُرْضُهُ) ثُمَّ الحُضْنُ ، وَهُوَ مَا أطَافَ بِهِ ثُمَّ الرَّيْدُ ، وهُوَ نَاحِيَتُهُ المُشْرِفَةُ عَلَى الهَوَاءِ ثُمَّ العُرْعُرَةُ، وهي غلَظُهُ ومعْظَمُهُ ثُمَّ الحَيْدُ (وهو جَنَاحُة) ثُمَّ الرَّعْنُ (وهو أَنْفُهً) ثُمَّ الشَّعَفَةُ (وهيَ رَأْسًهُ).
(في تَفْصِيلِ أسْمَاءِ التّرَابِ وَصِفَاتِهِ)
الصَّعِيدُ تًرَابُ وَجْهِ الأرْضِ البَوْغَاءُ والدَّقْعَاءُ التُرَابُ الرِّخْوُ الرَّقِيقُ الذِي كَأَنَهُ ذَرِيرَة الثَرَى التُّرَابُ النَّديُّ ، وهو كلُّ تُرَابِ لا يَصِيرُ طِيناً لاَزِباً إذا بُلَ المُورُ التُّرَابُ الذِي تَمُورُ بِهِ الرِّيحُ الهَبَاءُ التًّرَابُ الذَي تُطَيِّرَهُ الرِّيحُ فَتَرَاهُ عَلَى وُجُوهِ النَّاسِ وجُلُودِهِمْ وثِيَابِهِمْ يَلْتَزِقُ لُزُوقاً، عَنِ ابْنِ شُمَيْل الهَابِي الذي َدقَّ وارْتَفَعَ ، عَنِ الكِسَائِيّ السَّافِيَاءُ التُّرَابُ الذِي يَذْهَبُ في الأَرْضِ مَعَ الرِّيحِ النَّبيثَةُ التُّرَابُ الذِي يَخرُجُ مِنَ البِئْرِ عندَ حَفْرِهَا الرَّاهِطَاءُ والدُّمَّاءُ التُّرَابُ الذِي يُخْرِجُهُ اليَرْبُوعُ مِنْ جُحْرِهِ وَيجْمَعُهُ الجُرْثُومَةُ التُّرَابُ الذِي تَجْمَعهُ النَّمْلُ عِنْدَ قَرْيَتِها العَفَاء التُّرَابُ الذِي يُعَفِّي الآثَارَ وَكَذَلِكَ العَفَرُ الرَّغَامُ التُّرَابُ المُخْتَلِطُ بالرَّمْلِ السَّمَادُ التُّرَابُ الذِي يُسَمَّدُ بِهِ النَّبَاتُ فإذا كَانَ مَعَ السِّرْقِينِ فَهُوَ الدَّمَالُ (بالفَتْحِ).
(في تَفْصِيلِ أسْمَاءِ الغُبَارِ وأوْصَافِهِ)
النَّقْعُ والعَكُوبُ الغُبَارُ الذِي يَثُورُ مِنْ حَوَافِرِ الخَيْلِ وأخْفَافِ الإبِلِ العَجَاجَةُ الغُبَارُ الذِي تُثِيرُهُ الرِّيحُِ الرَّهَجُ والقَسْطَلُ غُبارُ الحَرْبِ الخَيْضَعَةُ غُبارُ المَعْرَكَةِ العِثْيَرُ غبَارُ الأَقْدَامِ المَنِينُ مَا تَقَطَّعَ مِنْهُ.
(في تَفْصِيلِ أسْمَاءِ الطِّينِ وأوْصَافِهِ)
إذا كَانَ حُرًّا يابِساً، فَهُوَ الصَّلْصَالُ فَإذا كَانَ مَطْبُوخاً، فَهُوَ الفَخَّارُ فإذا كَانَ عَلِكاً لاصِقاً، فَهُوَ اللاَّزِبُ فإذا غَيَّرَهُ المَاءُ وَأَفْسَدَهُ ، فَهُوَ الحَمَأُ (وقَدْ نَطَقَ بِهَذِهِ الأسْمَاءِ الأرْبَعَةِ القُرْانُ) فإذا كَانَ رَطْباً، فَهُوَ الثَّأْطَةُ والثُّرْمُطَةُ والطَّثْرَةُ ، وفي المَثَلِ: (ثَأْطَة مُدَّتْ بِمَاءٍ) ، يُضْرَبُ للأمْرِ الفاسِدِ يَزْدَادُ فساداً فإذا كَانَ رَقيقاً ، فَهُوَ الرِّدَاغُ فإذا كَانَ ترْتَطِمُ فيه الدَّوابُّ ، فَهُوَ الوَحَلُ وَأَشَدُّ منه الرَّدْغَةُ والرَّزَغَةُ وَأَشَدُّ مِنْهُمَا الوَرْطَةُ (تقعُ فيها الغَنَمُ فَلاَ تَقْدِرُ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْهَا ثُمَّ صَارَتْ مَثَلاً لِكُلِّ شِدَةٍ يَقَعُ فِيهَا الإنْسانُ) فإذا كَانَ حُرًّا طَيِّباً عَلِكاً وَفِيهِ خُضْرَة، فهي الغَضْراءُ فإذا كَانَ مُخْتَلِطاً بالتِّبْنِ ، فَهُوَ السَّيَاعُ فإذا جُعِلَ بين اللَّبِنِ ، فَهُوَ المِلاَطُ.
(في تَفْصِيلِ أسْمَاءِ الطُّرُقِ وأوصَافِهَا)
ألمِرْصَادُ والنَّجْدُ الطَّرِيقُ الواضِحُ (وقد نطق بهما القرآن) وكَذَلِكَ الصِّراطُ ، والجَادَّةُ ، والمَنْهَجُ ، واللَّقَمُ والمَحَجَّةُ وَسَطُ الطَّرِيقِ وَمُعْظَمُهُ اللاحِبُ الطَّرِيقُ المُوَطَّأ المَهْيَعُ الطَّرِيقُ الوَاسِعُ الوَهْمُ الطَّرِيقُ الذِي يَرِدُ فِيهِ المَوَارِدَ الشَّارِعُ الطرِيقُ الأَعْظَمُ النَّقْبُ والشِّعْبُ الطَّرِيقُ في الجَبَلِ الخَلُّ الطَرِيقُ في الرَّمْلِ المَخْرَفُ الطَّرِيقُ في الأشجَارِ ، ومنه الحديث: (عَائِدُ المَرِيضِ على مَخَارِفِ الجَنَّةِ حتّى يَرْجِعَ) النَّيْسَبُ الطَّرِيقُ المُسْتَقِيمُ ، عَنْ أبي عَمْرٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ الواضِحُ كَطَرِيقِ النَّمْلِ والحَيَّةِ وحُمُرِ الوَحْشِ ، وأنشد (من الرجز): غَيْثاً تَرَى النَّاسَ إليْه نَيْسَبَا مِنْ صَادِرٍ وَوَاردٍ أيْدِي سَبَا
(في تَفْصِلِ أسْماءِ حُفَرٍ مُخْتَلِفَةِ الأمْكِنةِ والمَقَادِيرِ)
إذا كَانَتِ الحُفْرَةُ في الأرْضِ ، فَهِيَ هُوَّةٌ فإذا كَانَتْ في الصَّخْرِ فهي نُقْرَة فإذا حَفَرَهَا مَاءُ المِزْرَابِ ، فَهِيَ ثِبْجَارَة (بالثَّاءِ والبَاءِ)، عَنْ ثَعْلَبِ عَنِ ابْنِ الأعْرابي فإذا كَانَتْ يَرمِي الصِّبْيَانُ فيها بالجَوْزِ، فَهِيَ المِرْدَاةُ ، عَنِ اللَّيْثَِ فإذا كَانَتْ للنَّارِ، فَهِيَ إرَةٌ فإذا كَانَتْ لِكًمُونِ الصَّائِدِ فيها، فهِيَ نامُوس ، وقُتْرَة فإذا كَانَتْ لاسْتِدْفاءِ الأعْرَابِيّ فيها ، فهِيَ قَرْمُوصٌ فإذا كَانَتْ في الثَّرِيدِ ، فَهِيَ أُنْقُوعَة فإذا كَانَتْ في ظَهْرِ النَّوَاةِ، فَهِيَ نَقِير فإذا كَانَتْ في نَحْرِ الإِنْسَانِ ، فَهِيَ ُثغْرَةٌ فإذا كَانَتْ في أسْفَلِ إبْهَامِهِ ، فَهِيَ قَلْتٌ فإذا كَانَتْ تَحْتَ الأَنْفِ في وَسَطِ الشَّفَةِ العُليا، فَهِيَ خِثْرِمَة، عَنِ اللَّيْثِ فإذا كَانَتْ عِنْدَ شِدْقِ الغُلامِ المَلِيحِ ، وأكْثَرُ مَا يَحْفِرُهَا الضَّحِكُ ، فَهِيَ الغِينَةُ، عَنْ ثَعلبِ عَنِ ابْن الأعْرابي فإذا كَانتْ في ذَقَنِهِ ، فهي النُّونَةُ ، وفي حَدِيثِ عثُمَّانَ رضي الله عنهُ أَنَّهُ نَظَرَ إلى صَبِيٍّ مَلِيح فَقَالَ: (دَسِّمُوا نونَتَهُ)، أي: سَوِّدُوهَا لِئَلا تُصِيبَهُ العَيْنُ.
(في تَفْصِيلَ الرِّمَالَ)
العَدَابُ ما اسْتَرَقَّ مِنَ الرَّمْلِ الحَبْلُ ما اسْتَدَقَّ مِنْهُ اللَّبَبُ ما انْحَدَرَ مِنْهُ الحِقْفُ مَا اعْوَجَّ مِنْهُ الدِّعْصُ مَا اسْتَدَارَ مِنْهُ العَقِدُ مَا تَعَقَّدَ مِنْهُ العَقَنْقَلُ ما تَرَاكمَ وَتَرَاكَبَ مِنْهُ السِّقْطُ مَا جَعَلَ يَنْقَطِعُ وَيَتَّصِلُ مِنْهُ التَّيْهُورُ مَا اطْمَأَنَّ مِنْهُ الشَّقِيقَةُ مَا انْقَطَعَ وغَلُظَ مِنْهُ الكَثِيبُ والنَّقا مَا احْدَوْدَبَ وانْهَالَ مِنْهُُ العَاقِرُ مَا لا يُنْبِتُ شَيْئاً مِنْهُ الهِدَمْلَةُ مَا كَثُرَ شَجَرُهُ مِنْهُ الأوْعَسُ مَا سَهُلَ ولانَ مِنْهُ الرَّغَامُ مَا لانَ مِنْهُ ولَيْسَ بالذِي يَسِيلُ مِنَ اليَدِ الهَيَامُ مَا لا يَتَمَالَكُ أي يَسِيلُ مِنَ اليَدِ لِلينِهِ مِنْهُ الدَكْدَاكُ مَا الْتَبَدَ بالأرْضِ مِنْهُ العَانِكُ مَا تَعَقَّدَ مِنْهُ حَتَّى لا يَقْدِرَ البَعِيرُ عَلَى السَّيْر فِيهِ.
(في تَرْتِيبِ كَمِّيَّة الرِّمَالِ)
الرَّمْلُ الكَثِيرُ يُقَالُ لَهُ العَقَنْقَلُ فإذا نَقَصَ، فَهُوَ كَثِيب فإذا نَقَصَ عَنْهُ ، فَهُوَ عَوْكَل فإذا نَقَصَ عَنْهُ ، فَهُوَ سِقْط فإذا نَقَصَ عَنْهُ ، فَهُوَ عَدَاب فإذا نَقَصَ عَنْهُ ، فَهُوَ لَبَب (من باب الرمال) فإذا كَانَتِ الرَّمْلَةُ مُجْتَمِعةً ، فَهِىَ العَوْكَلَةُ فإذا انْبَسَطَتْ وَطَالَتْ ، فَهِيَ الكَثِيبُ فإذا انْتَقَلَ الكَثِيبُ من موْضِعٍ إلى مَوْضِعٍ بالرِّياحِ وَبَقِيَ مِنْهُ شيء رَقِيق ، فَهُوَ اللَّبَبُ فإذا نَقَصَ مِنْهُ ، فَهُوَ العَدَابُ. (في تَفْصِيلِ أمْكِنَةٍ لِلنَّاسِ مُخْتَلِفَةٍ) الحِوَاءُ مَكَانُ الحَيِّ الحِلالِ الحِلَّةُ والمَحَلَةُ مَكَانُ الحُلُولِ الثَّغْرُ مَكَانُ المَخَافَةِ الموْسِمُ مَكَانً سُوقِ الحَجِيجِ المَدْرَسُ مَكَانُ دَرْسِ الكُتُبِ المَحْفِل مكَانُ اجْتِمَاعِ الرِّجَالِ المَأْتَمُ مَكَانُ اجتِمَاعِ النِّسَاءِ النَّادِي والنَّدْوَةُ مَكَانُ اجْتِمَاع النَّاسِ للحدِيثِ والسَّمَرِ المَصْطَبَةُ مَكَانُ اجتِمَاعِ الغُرَبَاءِ ، ويُقَالُُ: بَلْ مَكَانُ حَشْدِ ا لنَّاسِ للأُمُورِ العِظَام المَجْلِسُ مكَانُ اسْتِقْرَارِ النَّاسِ في البُيُوتِ الخَانُ مَكَانُ مَبِيتِ المُسَافِرِينَ الحًانُوتُ مَكَانُ الشِّرَاء والبَيْعِ الحَانَةُ مَكَانُ التَّسَوُّقِ في الخَمْرِ المَاخورُ مَكَانُ الشُرْبِ فِي مَنازِلِ الخَمَّارِينَ المِشْوَارُ المَكَانُ الذي تشَوَّرُ فِيهِ الدَّوَابُّ أيَ تُعْرَضُ المَلَصَّةُ مَكَانُ اللُّصُوصِ المُعَسْكَرُ مَكَان العَسْكَرِ المَعْرَكَةً مَكَانُ القِتَال المَلْحَمَةُ مَكَانُ القتْل الشَّدِيدِ المَرْقَدُ مَكَانُ الرُّقَادِ النَّامُوسُ مَكَانُ الصَّائِدِ المَرْقَبُ مَكَانُ الدَّيْدُبانِ القُوسُ مَكَانُ الرَّاهِبِ المَرْبَعُ مَكَانً الحَيِّ في الرَبِيعِ الطِّرَازُ المَكَانُ الذِي تُنْسَجُ فِيهِ الثِّيَابُ الجِيَادً.
(في تَفْصِيلِ أمْكِنَةِ ضرُوبٍ مِنَ الحَيَوَان)
وَطَنُ النَّاسِ مُرَاحُ الإبِلِ اصْطَبْلُ الدَّوَابِّ زَرْبُ الغَنَمِ عَرِينُ الاسَدِ وِجَارُ الذَئْبِ والضَّبُعِ مَكْوُ الأرْنَبِ والثّعْلَبِ كِنَاسُ الوَحْشِ أدْحِيُّ النَّعَامَةِ أَفْحُوصُ القَطَا عُشُّ الطَّيْرِ قَرْيَةُ النَّمْلِ نَافِقَاءُ اليَرْبُوعِ كُورُ الزَّنَابِيرِ خَلِيَّةُ النَّحْل جُحْرً الضَّبِّ والحَيَّةِ.
(في تَقْسِيمِ أمَاكِنِ الطُّيُورِ)
إذا كَانَ مَكَانُ الطَّيْر عَلَى شَجَرِ فَهُوَ وَكْرٌ فإذا كَانَ في جَبَل أو جدَارٍ، فَهُوَ وَكْنٌ فإذا كَانَ في كِنٍّ ، فَهُوَ عُشَّ فإذا كَانَ عَلَى وَجْهِ الأرْضِ ، فَهُوَ أفْحُوصٌ والأدْحِيُّ للنَّعَام خَاصَّةً ومِحْضَنُ الحَمَامَةِ الذِي تَحْضُنُ فيه عَلَى بَيْضِها المِيقَعَةُ المَكَانُ الذِي يَقَعُ عليْهِ البَازِي.
(يُنَاسِبُ مَا تَقدّمَهُ في تَفْصِيلِ بُيُوتِ العَرَبِ)
خِبَاء مِنْ صُوفٍ بِجَاد مِن وَبَرٍ فُسْطَاط مِن شَعَرٍ سُرَادِقٌ من كُرْسُفٍ قَشْعٌ من جلُودٍ يَابِسَةٍ طِرَاف مِنْ أَدَم حَظِيرَة مِنْ شَذَبٍ خَيْمَة مِنْ شَجَرٍ أقنَة مِن حَجَرٍ قُبَّة مِنْ لَبِنٍ سًتْرَة مِنْ مَدًرٍ.
(في تَفْصِيلِ الأبْنِيَةِ)
إذا كَانَ البِنَاءُ مُسَطَّحاً، فَهُوَ أطُم وأَجْم فإذا كَانَ مُسَنَّماً (وَهُوَ الذي يُقَالُ لَهُ: كُوخ وخَرْبُشْت)، فَهُوَ مُحَرَّدٌ فإذا كَانَ عَالِياً مُرْتَفِعاً، فَهُوَ صَرْحٌ فإذا كَانَ مرَبَّعاً، فَهُوَ كَعْبَة فإذا كَانَ مُطَوَّلاً، فَهُوَ مُشَيَّد فإذا كَانَ مَعْمُولاً بِشِيدٍ (و هو كُلُّ شَيْءٍ طُلِيَتْ بِهِ الحَائِطُ مِنْ جِصٍّ أوْ بَلاطٍ) فَهُوَ مَشِيدٌ فإذا كَانَ سَقِيفَةً بين حَائِطَيْنِ تَحْتَهُمَا طَريق ، فَهُوَ السَّابَاطُ.
(في المتعبَّداتِ)
المَسْجِدُ لِلمًسْلِمِينَ الكَنِيسَةُ لليَهُودِ البِيعَةُ للنَّصَارَى الصَّوْمَعَةُ للرُّهْبَانِ بَيْتُ النَّارِ لِلمَجُوسِ. في الحجارة (قَدْ جَمَعَ أسماءَهَا الأصْبَهاني في كِتَابِ المُوَازَنَةِ وَكَسّرَ الصّاحِبُ عَلَى تَألِيفِهَا دُفَيْتراً، وجَعَلَ أوائِلَ الكَلِمَاتِ عَلَى توالي حُرُوفِ الهِجَاءِ إِلا مَا لَمْ يُوجَدْ مِنها في أَوَائِل الأسْمَاءِ . وقَدْ أخْرَجْتُ مِنها ومِنْ غَيْرهَا مَا اسْتَصْلَحْتُهُ لِلكِتَاب وَوَفّيْتُ التَفْصِيلَ حَقَهُ بإذْنِ اللّه عَزَّ اسْمُهُ).
(في الحِجَارَةِ الّتي تتَّخَذ أد وَاتٍ وآلاَتٍ أو تَجْرِي مَجْرَاهَا وَتُسْتَعْمَلُ في أعْمَال وأحْوَال مُخْتَلِفَةٍ)
الفِهْرُ الحَجَرُ قَدْ يُكْسَرُ بِهِ الجَوْزُ وما اشْبَهَهُ وُيسْحَقُ بِهِ المِسْكُ وَمَا شَاكَلَهُ الصَّلايَةُ الحَجَرُ العَرِيضُ يُسْحَقُ عليه الطِّيبُ وكَذَلِكَ المَدَاكُ والقُسْطَنَاسُ (وأظُنُّهَا رُوميَّةٌ) المِسْحَنَةُ الحَجَرُ يُدَقُّ بِهِ حِجَارَةُ الذَّهَب ، عَنِ الأزْهَرِيّ النَشَفَةُ الحَجَرُ الذي تُدْلَكُ بِهِ الأقْدَامُ في الحَمَّام الرَّبِيعَةُ الحَجَرُ الذِي يُرْفَعُ لِتَجْرِبَةِ الشِّدَةِ والقُوَّةِ المسَنُّ الحَجَرُ الذِي يُسَنُّ عَلَيْهِ الحًدِيدُ، أيْ يُحَدَّدُ وَكَذَلِكَ الصُّلَّبِيُّ ، عَنْ أبي عَمْروٍ المِلْطَاسُ الحَجَرُ الذِي يُدَقُّ بِهِ في المِهْرَاسِ المِرْدَاسُ الحَجَرُ الذِي يُرْمَى بِهِ في البِئْرِ ليُعْلَمَ أفِيهَا مَاءٌ أمْ لاَ، أوْ يُعْلَمَ مِقْدَارُ غَوْرِها المِرْجَاسُ الحَجَرُ الذِي يُرْمَى في البِئرِ لُيَطِّيِّبَ مَاءَها وَيفْتَحَ عُيُونَهَا، عَنْ أبي تُرَابِ ، وأنْشَدَ (من الرجز): إذا رَأوْا كَرِيهَةً يَرْمُونَ بي رَمْيَكَ بالمِرْجَاسِ في قَعْرِ الطَّوِي الظُّرَرُ الحَجَرُ المُحَدَّدُ الذِي يَقُومُ مَقَامَ السِّكِينِ ، ومِنْهُ الحديث: (إِنّ عَدِيَ بنَ حاتِم قَالَ: يَا رَسُولَ الله إِنَّا لا نَجِدُ مَا نُذَكِّي بِهِ إِلاَّ الظِّرَارَ وشِقَةَ العَصَا، فقال: امْرِ الدَّمَ بما شِئْتَ) الجَمْرَةُ الحَجَرُ يُسْتَجْمَر بِهِ أوْ يُرْمَى بِهِ في جِمَارِ المَنَاسِكِ المَقْلَةُ الحَجَرُ يُتَقَاسَمُ بِهِ المَاءُ المِرْضَاضُ حَجَرُ الدَّقِّ النُّبْلَةُ حَجَرُ الاسْتِنْجَاءِ البَلْطَةُ الحَجَرُ الذي تُبَلَّطُ بِهِ الدَّارُ أيْ تُفْرَشُ ، والجمعُ البَلاَطُ الحِمَارَةُ الحَجَرُ يُجْعَلُ حَوْلَ الحَوْضِ لِئَلاَّ يَسِيلَ مَاؤُهُ الحِبْسُ حِجَارَة تُوضَعُ على فُوَّهَةِ النَّهْرِ لتمنَع طُغْيَانَ الماءِ، عَنْ ثَعْلَبِ عَنِ ابْنِ الأعْرابيّ الرَّضْفَةُ الحَجَرُ يُحْمَى فَيُسَخَّنُ بِهِ القِدْرُ أو مَا يُكَبَّبُ عَلَيْهِ اللَّحْمُ الرِّجَامُ حَجَر يُشَدُّ في طَرَفِ الحَبْلِ وُيدَلّى ليكونَ أَسْرَعَ لِنُزولهِ الأمِيمَةُ حَجَر يُشْدَخُ بِهِ الرَّأسُ السُّلْوَانَةُ حَجَر كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ مَن سُقِيَ مَاءَهُ سَلا السَّلْمَانَةُ حَجَرٌ يُدْفَعُ إلى المَلْسًوعِ لِيُحَرِّكَهُ بِيَدِهِ ، عَنِ الصَّاحِبِ المِدْمَاكُ الصَّخْرَةُ يَقُومُ عَلَيها السَّاقِي النُّصُبُ حَجَرٌ كَانَ يُنْصَبُ وَتُصَبُّ عَلَيْهِ الدِّمَاءُ لِلأَوْثَانِ (وقَدْ نَطَقَ بِهِ القُرْآنُ) الخَلَنْبُوسً حَجَرُ الاسْتِقْرَاعِ ، عَنِ اللَيْثِ القَهْقَرُ الحَجَرُ الذِي يُسْحَقُ بِهِ الشّيْءُ، عَنْ أبي عَمْرٍو الهَوْجَلُ الحَجَرُ الذِي يُثَقَّلُ بِهِ الزَوْرَقُ والمَرْكَبُ وهُوَ الأنْجَرُ الحَامِيَةُ الحِجَارَةُ تُطْوَى بِهَا البِئْرُ القُدَاسُ حَجَرٌ يُجْعَلُ في وَسَطِ الحَوْضِ للمِقْدَارِ الذِي يُروِي الإبِلَ ، عَنِ الصَّاحِبِ الأثْفِيَّةُ حِجَارَةُ القِدْرِ الآرَامُ حِجَارَة تنْصَبُ أعْلاماً وَاحِدُهَا إرَمِي وإرَم ، عَنْ أبي عَمْرٍ و.
(في تَفْصِيلِ حِجَارَةٍ مُخْتَلِفَةِ الكَيْفِيّةِ)
اليَرْمَعُ حِجَارَةٌ بِيضٌ تَلْمَعُ في الشَّمْسِ واليَلْمعُ كَمِثْلِهِ الحَمَّةُ حِجَارَة سُودٌ تَرَاهَا لاصِقَةَ بالأَرْضِ مُتَدَانِيَةً ومُتَفَرِّقَةً، عَنِ ابْنِ شُمَيْل البَرَاطِيلً الحِجَارَةُ الطِّوَال (وَاحِدُهَا بِرْطِيل) البَصْرَةُ حِجَارَةٌ رِخْوَةٌ ا لمَرْوً حِجَارَةٌ بِيضٌ فِيها نَار المَهْوُ حَجَرٌ أبْيَضُ يُقَالُ لَهُ: بُصَاقُ القَمَرِ المَهَاةُ حَجَرُ البِلَّوْرِ المَرْمَرُ حَجَرُ الرُّخَام الدُّمْلُوكُ الحَجَر المًدَمْلَكُ الدُّمَلِقُ الحَجَر المُسْتَدِيرُ الرَّاعُوفَةُ حَجَر يَتَقَدَّمُ مِنَْ طَيِّ البِئْرِ الرَّضْرَاضُ حِجَارَةٌ تَتَرَضْرَضُ عَلَى وَجْهِ الأرْضِ أيْ لا تَثْبُتُ الصُّفَّاحُ الحِجَارَ العِرَاضُ المُلْسُ الرِّضَامُ صُخُورٌ عِظَام أمْثَالُ الجُزُرِ (واحِدَتُهَا رَضَمَةٌ) ا لرِّجَامُ والسِّلاَمُ دُونها الصَّلْدَحُ الحَجَرُ العَرِيضُ الصَّيْخُودُ الصَّخْرَةُ الشَّدِيدَةُ وَكَذَلِكَ الصَّفَاةُ والصَّفْوَانُ والصَّفْواءُ والظَّرِبُ كُلُّ حَجَرٍ ثابِتِ الأَصْلِ حَدِيدِ الطَّرَفِ العُقَابُ صَخْرَة نَاشِزَة في قَعْرِ البئرِ الكُدْيَةُ الحَجَرُ تَسْتُرُهُ الأرْضُ وُيبرِزُه الحَفْرُ، عَنِ الصَّاحِبِ اللَّجِيفَةً (بالجيم) صَخْرَة على الغَارِ كالبَابِ اللِّخافُ حِجَارَةٌ فِيها عِرَضٌ ورِقَّة اليَهْيَرُّ حِجَارَةٌ أَمْثَالُ الأكُفِّ أتانُ الضَّحْلِ صَخْرَةٌ قَدْ غَمَرَ الماءُ بَعْضَهَا وَظَهَرَ بَعْضُها الصُّلْعَةُ الصَّخْرَةُ المَلْسَاءُ البرَّاقَةُ الصَّيْدَانُ حَجَر أبْيَضُ تُتَّخَذُ مِنْهُ البِرَامُ.
(في تَرْتِيبِ مَقَادِيرِ الحِجَارَةِ عَلَى القِيَاسِ والتَّقْرِيبِ)
إذا كَانَتْ صَغِيرَةً، فَهِيَ حَصَاة فإذا كَانَتْ مِثْلَ الجَوْزَةِ وصَلُحَتْ للاسْتِنْجَاءِ بِهَا، فهِيَ نُبْلَة ، وفي الحديث: (اتَّقوا المَلاَعن ، وأعِدُّوا النُّبَلَ) . يعنِي عِنْدَ إتْيانِ الغَائِطِ فإذا كَانَتْ أعْظَمَ مِنَ الجَوْزَةِ، فَهِيَ قُنْزُعَة فإذا كَانَتْ أعْظَمَ مِنْهَا وصَلحَتْ للقَذْفِ ، فَهِيَ قِذَاف وَرُجْمَة ومِرْدَاة (وُيقَالُ إنَّ المِرْدَاةَ حَجَرُ الضَّبِّ الذِي يَنْصِبُهُ عَلامَةً لجُحْرِهِ) فإذا كَانَتْ مِلءَ الكَفِّ ، فَهِيَ يَهْيَرّ فإذا كَانَتْ أعْظَمَ مِنْهَا، فَهِيَ فِهْر ثُمَّ جَنْدَل ثُمَّ جَلْمَدٌ ثُمَّ صَخْرَةٌ ثُمَّ قَلْعَة (وهي الّتي تَنْقَلِعُ مِن عُرْضِ جَبَل ، وبها سُمِّيَتِ القَلْعَةُ الّتي هي الحِصْنُ). في النبت والزرع والنخل
(في تَرْتِيبِ النَّبَاتِ مِنْ لدن ابتدائِهِ إلى انتهائه)
أوَّلُ ما يَبْدُو النَّبْتُ ، فهوَ بَارِضٌ فإذا تَحَرَّكَ قَليلاً ، فهوَ جَميمٌ فإذا الأرْضَ، فهو عَميمٌ فإذا اهْتَزَّ وامكَنَ أن يُقْبَضَ عليهِ قيلَ: اجْثَألَّ فإذا اصْفَرَّ وَيبِسَ ، فهو هَائِجٌ فإذا كانَ الرَّطْبُ تَحْتَ اليَبِيسِ ، فهوَ غَميمٌ فإذا كانَ بَعْضُهَا هائجاً وَبْعَضُهُ أخضَرَ، فهو شَمِيط فإذا تَهَشَّمَ وتحطَّمَ ، فهو هَشِيمٌ وحطَامٌ فإذا اسْوَدَّ مِنَ القِدَم ، فهو الدِّنْدِنً ، عَنِ الأصْمَعِيّ فإذا يَبِسَ ثُمَّ أصَابَهُ المَطَرُ واخْضَرَّ فذَلِكَ النَّشْرُ، عًنْ أبي عَمْروٍ. (في مِثْلِهِ [ترتيب النبات]) إذا طَلَعَ أوَّلُ النَّبْتِ قِيلَ: أَوْشَمَ وطَرَّ، وكذلِكَ الشَّارِبُ فإذا زَادَ قَليلاً قِيلَ ظَفَرَ فإذا غَطَّى الأرْضَ قِيلَ: اسْتَحْلَسَ فإذا صارَ بعْضًهُ أَطْوَلَ مِن بَعْضِ قِيلَ تَنَاتَلَ فإذا تَهيَّأَ لليًبْسِ قِيلَ: آقْطَارَّ فإذا يَبسَ وانْشَقَّ قِيلَ: تَصَوَّحَ فإذا تَمً يُبْسُهَ قِيلَ: هاجَتَ الأرْضُ هِيَاجاً.
(في تَرْتِيبِ أحْوَالِ الزّرْعِ)
الزَّرْعُ ما دَامَ في البَذْرِ، فهو الحَبُّ فإذا انْشَقَّ الحَبُّ عن الورَقَةِ، فهوَ الفَرْخ والشَّطْءُ فإذا طَلَعَ رَأَسُهُ ، فهوَ الحَقْلُ فإذا صَارَ أرْبَعَ وَرَقاتٍ أو خَمْساً قِيلَ: كَوَّثَ تَكْويثاً فإذا طَالَ وغَلُظَ قِيلَ: اسْتأسَدَ فإذا ظَهَرَتْ قَصَبتُهُ قِيلَ: قَصَّبَ فإذا ظهرَتِ السُّنْبُلَةُ قِيلَ: سنْبَلَ ثُمَّ اكتَهَلَ ، وأحسنُ مِنْ هذَا التّرْتِيبِ قَوْلُ اللِّه عَزَّ وجلَّ . {ذلكَ مَثَلُهُمْ في التَّوْرَاةِ ومَثَلُهُمْ في الإِنْجِيلِ كزَرْع أخْرَجَ شَطْأهُ فازَرَهُ فاسْتَغْلَظَ فاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} . قَالَ الزَجَّاجُ: آزَرَ الصِّغَارُ الكِبارَ حَتّى اسْتَوَى بعضُها بِبِعَض . قالَ غيرُهُ: فساوَى الفِرَاخ الطِّوَالَ فاستَوَى طُولُها . قالَ ابْنُ الأعْرابِي: أشْطأَ الزَّرْع إذا فَرَّخَ وأخْرَجَ شَطْأَهُ أي فِرَاخَهُ ، فازَرَهُ أي: أَعَانَهُ.
(في تَرْتِيب البِطّيخِ)
اوَّلُ ما يَخْرُجُ البِطّيخُ يكُونُ قَعْسَراً ثُمَّ خَضَفاً أكْبَرَ مِنْ ذَلِك ثُمَّ يكُون قُحّاً والحَدَجُ يَجْمَعُهُ ثُمَّ يكُونُ بِطَيخاً.
(في قِصَرِ النَّخْلِ وطُولِهَا)
إذا كانَتِ النَخْلَة قَصِيرَةً، فهيَ الفَسِيلَةُ والوَدِيَّةُ فإذا كانَتْ قَصِيرَةً تَنالُها اليَدُ، قهيَ القَاعِدَ فإذا صَارَ لَهَا جِذْع يَتَنَاوَلُ مِنْهُ المتَناولُ ، فهيَ جبَّارَة فإذا ارْتَفَعَتْ عَنْ ذَلِكَ ، فهيَ الرَّقْلَةُ والعَيْدَانَةُ فإذا زَادَتْ ، فهيَ باسِقَة فإذا تَنَاهَتْ في الطُّولِ معَ انْجرادٍ ، فهيَ سَحُوقٌ.
(في تَفْصِيلِ سائِرِ نعوتِهَا [النخل])
إذا كانَتِ النَّخْلَةُ عَلَى المَاءِ، فهيَ كارِعَةٌ ومُكْرَعَةٌ فإذا حَمَلَتْ في صِغَرِهَا، فهيَ مُهْتَجِنَةٌ فإذا كانَتْ تُدرِكُ في أوَّلِ النَّخْلِ ، فهي بَكُورٌ فإذا كانَتْ تَحْمِلُ سَنةً وسَنةً لا، فهيَ سَنْهاءُ فإذا كانَ بُسْرُها يَنْتَثِر وهو أخْضَرُ، فهيَ خَضِيرَةٌ فإذا دَقَّتْ مِنْ أسْفَلِها وانجَرَدَ كَرَبُها، فهي صُنْبُورٌ فإذا مَالَتْ فَبُنِيَ تَحْتَها دُكَّان تَعْتَمِدُ عليهِ ، فهي رُجَبِيَّة فإذا كانَتْ مُنْفَرِشَةً عَنْ أخَوَاتِها، فهيَ عَوَانَة.
(مُجْمَلٌ في تَرْتِيبِ حَمْلِ النَّخْلَةِ)
أطْلَعَتْ ثُمَّ أبْلَحَتْ ثُمَّ أبْسَرَتْ ثُمَّ أزْهَتْ ثُمَّ أمْعَتْ ثُمَّ أرْطَبَتْ ثُمَّ أتْمَرَتْ. فيما يجري مجرَى الموازنة ، بين العربية والفارسية
(في سِيَاقةِ أسْماءَ فَارِسِيَّتُها مَنْسِيَّةٌ وعربِيّتُها مَحْكِيَّةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ)
الكَفُّ السَّاقُ الفَرَّاشُ البَزَّازُ الوَزَّانُ الكَيَّالُ المسَّاحُ البَيَّاعُ الدَّلاَلُ الصَّرَّافُ البَقَّالُ الجَمَّالُ (بالجيمِ والحاءِ) القَصَّابُ الفَصَاد الخَرَّاطُ البَيْطارُ الرَّائِضُ الطَّرَّازُ الخَيَّاطُ القَزَّازُ الأمِيرُ الخَلِيفَةُ الوَزِيرُ الحَاجِبُ القَاضِي صَاحِبُ البَرِيدِ صَاحِبُ الخَبَرِ الوَكِيلُ السّقَّاءُ السَّاقي الشَّرَابُ الدَّخْلُ الخَرْج الحَلالُ الحَرَامُ البَرَكَةُ البِرْكَةُ العِدَّةُ الحَوْض الصَّوَابُ الغَلَطُ الخَطَأُ الحَسَدُ الوَسْوَسَةُ الكَسَادُ العَارِيَة النُّصْحُ الفَضِيحَةُ الصُّورَةُ الطَّبِيعَةُ العَادَةُ النِّدُّ البَخُورُ الغَالِيَةُ الخَلُوقُ اللَّخْلَخَةُ الحِنَّاءُ الجُبَّةُ الجُثّةُ المِقْنَعَةُ الدُّرَّاعَة الإزَارُ المُضَرَّبةُ اللِّحَاف المِخدَّةُ الفَاخِتَةُ القُمْرِيّ اللَّقْلَقُ الخَطُّ القَلَمُ المِدَادُ الحِبْرُ الكِتَابُ الصُّنْدُوقُ الحُقَّةُ الرَّبْعَةُ المُقدَّمَةُ السَّفَطُ الخُرْجُ السُّفْرَةُ اللَهْوُ القِمَارُ الجَفَاءُ الوَفَاءُ الكُرْسِيَ القَفَصُ المِشجَبُ الدَوَاةُ المِرْفَعُ القِنَينَةُ الفَتِيلَةُ الكَلْبَتانِ القُفْلُ الحَلْقَةُ المِنْقَلَةً المِجْمَرَة المِزْرَاقُ الحَرَبْةُ الدَّبُوسُ المَنْجَنيقُ العَرَادَةُ الرِّكابُ العَلَمُ الطَبْلُ اللِّوَاءُ الغَاشِيَةُ النَصْلُ القَطْرُ الجَلُّ البُرْقُعُ الشِّكالُ الجَنِيبَةُ الغِذَاءُ الحَلْوَاءُ القَطَائِفُ القَلِيةُ الهَرِيسَةُ العَصِيدَهُ المُزَوَّرَةُ ا لفَتِيتُ النُقْلُ النَطْعُ الطَرَازُ الرِّدَاءُ الفَلَكُ المَشْرِقُ المَغْرِبُ الطَّالِعُ الشَّمَالُ الجَنُوبُ الصَّبَا الدَّبُورُ الأبْلَهُ الأحْمَقُ النَّبِيلُ اللَّطِيفُ الظَّريفُ الجَلادُ السَّيَّافُ العَاشِقُ الجَلاّبُ.
(يُنَاسِبُهُ في أسْمَاءٍ عَرَبيَّةٍ يَتَعَذّرُ وُجودُ فَارِسِيّةِ اكْثَرَهَا)
الزَّكاةُ الحَجُّ المُسْلِمُ المُؤْمِنُ الكَافِرُ المُنافِقُ الفَاسِقُ الحِنْثُ الخَبِيثُ القُرآنُ الإِقَامَةُ التَيَمُّمُ المُتْعَةُ الطَّلاقُ الظِّهارُ الإيلاءً القِبْلَةُ المِحْرَاب المَنارَةُ الجِبْتُ الطّاغُوتُ إبْليسُ السِّجِّينُ الغِسْلِينُ الضَّرِيعُ الزَّقُّومُ التَّسْنِيمُ السَّلْسَبِيلُ هارُوتُ ومارُوتُ يأجوجُ ومأجُوجُ منكَر ونَكِير.
(في ذِكْرِ أسْماءٍ قَائِمَةٍ في لُغَتَي العَرَبِ والفُرْسِ عَلَى لَفْظٍ وَاحِدٍ)
التَّنُّورُ الخَمِيرُ الزَّمانُ الدِّينُ الكَنْزُ الدِّينَارُ الدِّرْهَم.
(في سِيَاقَةِ أَسماءٍ تَفَرَّدَت بِهَا الفرْسُ دُونَ العربِ فاضْطرَّتِ العَربُ إلى تَعْرِييها أوْ تَرْكِهَا كَما هِيَ)
(فمنْها مِنَ الأوَانِي) الكُوزُ الإبْرِيق الطَّشْتُ الخِوَانُ الطَّبَقُ القَصْعَةُ السُّكُرًّجَةُ 0
(ومِنَ المَلاَبِسِ)
السَّمُّورُ السِّنْجَابُ القَاقُمُ الفَنَكُ الدَّلَقُ الخَزُّ الدِّيباج التَّاخُتْجُ الرَّاختْجُ السُّندسُ.
(ومِنَ الجَواهِرِ)
اليَاقُوتُ . الفَيْرُوزَجُ البِجَادُ البَلُّورُ.
(ومِنْ ألْوانِ الخُبْزِ)
السَّمِيذُ الدَّرْمَكُ الجَرْدَقُ الجَرْمَازَجُ الكَعْكُ.
(ومِنْ ألْوَانِ الطَبِيخَ)
السِّكْبَاجُ الدَّوْبَاجُ النَّارْباجُ شِواءُ المَزِيرَبَاجِ الإسْبِيذَبَاجُ الدَّاجِيرَاجُ الطَّبَاهِجُ الجَرْذَباجُ الرَّوْذق الهُلاَمُ الخَامِيزُ الجُوذَابُ البَزْمَاوَرْدُ أوِ الزمَاوَرْدُ.
(ومِنَ الحَلاَوَى)
الفَالُوذَجُ ا لجَوْزِينَجُ اللَّوزِينَجُ النَّفْرِينَجُ الرَّازِينَجُ.
(ومِنَ الانْبِجَاتِ وهيَ الأشْرِبَةُ)
الجُلاَّب السَّكنْجَبِينُ الجَلْجبينُ المَيْبَةُ.
(ومِنَ الأفاوِية)
الدَّ ارَصِيني الفُلْفُلُ الكَرَوْياءُ القِرْفَةُ الزَّنْجَبِيلُ الخُولِنْجَانُ.
(ومِنَ الرَّيَاحِينِ ومَا يُنَاسِيها)
النَّرْجِسُ ا لبَنَفْسَجُ النِّسْرِينُ الخِيرِيُّ السُّوسَنُ المَرْزَنْجُوشُ الياسِمِينُ الجُلَّنارُ.
(ومِنَ الطِّيبِ)
المِسْكُ العَنْبَرُ الكَافُورُ الصَّنْدلُ القَرَنْفُلُ.
(فِيمَا حَاضَرْت بِهِ مِمّا نسَبُهُ بَعْضُ الأئِمَّةِ إلى اللُّغةِ الرُّومِيّةِ)
الفِرْدَوْسُ البُسْتَانُ القِسطاسُ المِيزانُ السجَنْجَلُ المِرآةُ البِطَاقَةُ رقْعَة فيها رَقْمُ المَتاعِ القَرَسْطُونُ القَبَّانُ الأسْطُرْلابُ مَعْرُوفٌ القُسُنْطاسُ صلابَةُ الطَيبِ القَسْطَرِيُّ والقَسْطارُ الْجِهْبِذُ القَسْطَلُ الغُبَارُ القُبْرُسُ أَجْوَدُ النًّحَاسِ القِنْطَارُ اثْنَا عشرَ ألْفَ أوقِيَّةٍ البِطْرِيقُ القَائِدُ القَرَامِيدُ الأجُرُّ (وُيقالُ بلْ هي الطَّوابيقُ واحِدُها قرْمِيد) التِّرْياقُ دوَاءُ السُّمُوم القَنْطَرَةُ مَعْرُوفَة القَيْطونُ البَيْتُ الشَّتْوَيّ الخَيْدِيقُونُ والرَّسَاطونُ والاسْفِنطُ أشْرِبة عَلَى صِفاتٍ النِّقْرِسُ والقُوْلَنْجُ مَرَضَانِ مَعْرُوفانِ (وسأل عليٌّ عليهِ السَّلامُ شُرَيْحاً مَسْألةً فأجاب بالصواب ، فقال له: (قالون)، أي: "أصبتَ" بالرُّومِيَّةِ. في فنون مختلفة الترتيب في ، الأسماء والأفعال والصفات
(في سِيَاقَةِ أسْماءِ النَّارِ)
الصِّلاءُ السَّكَنُ الضَّرَمَةُ الحَرَقُ الحَمَدَةُ الحَدَمَةُ الجَحِيمُ السَّعِيرُ الوَحَى ، قال: وسألتُ ابْنَ الأعرَابيّ: ما الوَحَى؟ فقال: هو المَلِكُ . فقلت: ولمَ سُمِّيَ المَلِكَ وَحىً ؟ فقالَ: الوَحَى النَّارُ فكأنَّ المَلِكَ مِثْلُ النَّارِ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ.
(في تَفْصِيلِ أحْوَالِ النَّارِ ومُعَالَجَتِها وتَرْتِيبها)
إذا لم يُخْرِجِ الزَّندُ النَّارَ عِنْدَ القَدْحِ قِيلَ: كبَا يَكْبُو فإذا صَوَّتَ ولم يخْرِجْ: قِيلَ صَلَدَ يَصْلِدُ فإذا أَخْرَجَ النَّارَ قِيلَ: وَرَى يَرِي فإذا ألْقَى عَلَيها ما يَحْفَظُها وُيُذْكِيها قِيلَ: شيَّعْتُها وأثْقَبْتُها فإذا عُولِجَتْ لتَلْتَهِبَ قِيلَ: حَضَأتُها وأرَشْتُها فإذا جُعِلَ لَهَا مَذَهَبٌ تَحْتَ القِدْرِ قِيلَ: سَخَوْتُهَا فإذا زيدَ في إيقَادهَا وإشْعالِهَا قِيلَ: أجَّجْتُها فإذا اشتَدَ تَأجُّجُها، فهيَ جاحِمَة فإذا سَكَنَ لَهَبُها ولم يُطْفَأ حَرُّهَا، فهيَ خَامدَة فإذا طَفِئتِ البَتَّةَ ، فهيَ هامِدَةٌ فإذا صارَتْ رَمادًا ، فهي هابِيَة.
(في الدَّوَاهِي)
(قَدْ جَمَعَ حَمْزَةُ مِنْ أسْمَائِهَا ما يَزِيدُ علَى أرْبَعمَائةٍ، و ذَكَرَ أنَ تَكاثرَ أسْماءِ الدَّواهِي مِن إحْدَى الدَّواهِي ، ومِنَ العَجَائِبِ أنَّ أَمَّةً وَسَمَتْ معنىً واحداً بمئينَ مِنَ الألْفَاظِ . وليستْ سِيَاقَتُها كلُّها مِنْ شُروطِ هذا الكِتَابِ ، وقَدْ رَتَبْتُ مِنْهَا ما انْتَهتْ إليهِ مَعْرِفَتِي). (فَمِنها مَا جَاءَ عَلَى فَاعِلَةٍ) يُقال: نَزَلَتْ بِهِمْ نازِلَةٌ ، و نائبَة ، وحادِثَةٌ ثُمَّ آبِدَة ، وَداهِيَةٌ ، و باقِعَةٌ ثُمَّ بائِقَة ، وحَاطِمَةٌ ، و فَاقِرَة ثُمَّ غاشِية ، وواقِعَة ، وقارِعَة ثُمَّ حَاقَّة ، وطَامَّة ، وصَاخَة. (ومِنها مَا جَاءَ عَلَى التّصْغِيرِ) جاءَ: الرُّ بَيْقُ والأرَيْقُ ثُمَّ الدُّويهيَّة ، والجُوَيْحِيَّةُ. (ومِنْهَا مَا جَاءَ مُردَفاً بالنُّونِ) جاءَ: بالأمَرِّينَ والأقْوَرِينَ ثُمَّ الدُّرَخْمِينَ والحَبْوكَرِينَ ومِنْهَا: جَاءَ بالعَنْقَفِير، والخَنْفَقِيقِ ، ثُمَّ بالدَّرْدَبِيسِ ، والقَمْطَرِيرِ ، ومِنْهَا: وَقَعُوا في وَرْطَةٍ ثُمَّ رَقَم ثُمَّ دَوْكَةٍ ونَوْطَةٍ ومِنها: وَقَعُوا في سلَى جَمل وفي أذُنَي عَنَاقٍ ثُمَّ في قَرْنَيْ حِمَارٍ ثُمَّ في إسْتِ كلْبٍ ثُمَّ في صَمَّاءِ الغَبَرِ ثُمَّ في إحْدَى بَنَاتِ طَبَقٍ ثُمَّ في ثَالِثَةِ الأثَافي ثُمَّ في وَادِي تُضلِّلَ ، ووَادِي تُهلِّك.
(في دُنُوِّ أوْقَاتِ الأشْيَاءِ المنتَظَرةِ وحَينونَتِهَا)
تَضَيَّفَتِ الشَّمْسُ إذا دَنَا غُرُوبُهَا أقْرَبَتِ الحُبْلى إذا دَنَا وِلادها اهْتَجَنَتِ النَّاقَةُ إذا دَنَا نِتاجُها ، عَنِ الكِسَائيّ ضَرَعَتِ القِدْرُ إذا دَنَا إدْرَاكُهَا ، عَنْ أبي زَيْدٍ طَرَّقَتِ القَطاةُ إذا دَنَا خُرُوجُ بَيْضتِهِا أزِفَتِ الآزِفةُ إذا دَنَا وَقْتُهَا احِيطَ بِفُلانٍ إذا دَنَا هلاكُهُ أقْطَفَ العِنَبُ حانَ أن يُقْطَفَ أحصَدَ الزَّرْعُ حَانَ أنْ يُحْصَدَ أرْكَبَ المُهْرُ حَانَ أنْ يُرْكبَ أقْرَنَ الدُّمَّلُ حانَ أنْ يَتَفَقَأَ، عَنْ أبي عُبَيْدٍ.
(في تَقْسِيمِ الوَصْفِ بالبُعْدِ)
مَكانٌ سَحيقٌ فَجّ عَمِيقٌ رَجْعٌ بَعِيدٌ دَاد نَازِحَة شَأْوٌ مُغرِّب نَوىً شَطونٌ سَفَر شَاسِع بَلَد طَرُوح.
(في تَفْصِيلِ أسْماءِ الأجْرِ)
العُقْرُ أُجْرَةُ بُضْعِ المرْأةِ إذا وُطِئتْ بِشُبْهةٍ الشُّكْمُ أُجْرةُ الحَجَّام ، وفي الحديثِ انهُ (قَالَ لما حجَمَهُ أبو طَيْبَة: (أشْكُمُوهُ) الحُلْوَانُ أجْرَةُ الكَاهِنِ البُسْلةُ أَجْرَةُ الرَاقي الجُعْلُ اجْرَةُ الفَيْجِ الخَرْجُ أجْرةُ العَامِلِ الجَذْرُ أجْرَةُ المُغَنَّي (وهوَ دَخيلٌ) ا لبرْكَةُ أجْرَةُ الطَحَّانِ ، عَنِ ابْنِ الأعْرابي الدَّاشَنُ أجْرَةُ الدَّسْتاوانِ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْل.
(في الهَدَايَا والعَطَايَا)
الحُذَيَّا هَدِيَّةُ المُبَشِّرِ العُرَاضَةُ هَدِيَّة يُهْدِيهَا القادِمُ مِنْ سَفَرٍ المُصَانَعَةُ هَدِيَّةُ العَامِل الإِتَاوَةُ هَدِيَّةُ المَلِكِ الشُّكْدُ العَطِيَّة ابْتِداءً فإنْ كانَتْ جَزَاءً، فهيَ شُكْمٌ.
(في تَفْصِيلِ العَطَايَا الرَّاجِعَةِ إلى مُعْطِيهَا)
المِنْحَةُ أنْ تُعْطِي الرَّجلَ النَّاقةَ أوِ الشَّاةَ ليَحْتَلِبَهَا مُدَةً، ثُمَّ يَرُدَّهَا الإِفْقَارُ أن تُعْطِيَهُ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا في سَفرٍ أو حَضَرٍ ثُمَّ يَرُدَّها عَلَيْكَ الإِخْبَالُ والإِكْفَاءُ أنْ تُعْطِيَ الرَّجُلَ النَّاقَةَ وتجعَلَ لهُ وبَرَهَا ولَبَنَهَا العَرِيَّةُ أنْ تُعْطِيَ الرَّجُلَ نَخْلةً فَيكونَ له التَّمْرُ دُونَ الأصْلَ.
(في العُمُومِ والخُصُوصِ)
البُغْضُ عَامٌّ ، و الفِرْكُ فيمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ خَاصّ التَّشَهِّي عامّ ، والوَحَمُ للحُبْلَى خَاصٌّ ا لنَظَرُ إلى الأشْياءَ عامٌّ ، و الشَّيْمُ للبَرْقِ خَاصّ الحَبْل عامٌّ ، و الكَرُّ للحَبْل الذِي يُصْعَدُ به إلى النَّخلِ خَاصٌّ ا لجَلاءُ لِلأَشْياءِ عامٌّ والاجْتِلاءُ للعَرًوسِ خَاصُّ الغَسْلُ للأشْياءِ عَامّ ، والقِصارَةُ للثوْبِ خَاصّ الصُّراخُ عامٌّ ، و الواعِيَةُ على الميِّتِ خَاصّة العَجُزً عامّ ، والعَجِيزَةُ للمَرأةِ خاصُّ التَّحْريكُ عامّ ، وإنْغاضُ الرَّأسِ خاصُّ الحديثُ عامّ ، والسَّمَرُ باللَّيلِ خَاصُّ السَّيْرُ عَامُّ والسُّرَى لَيْلاً خَاصُّ النَومُ في الأوقات عامُّ ، والقَيْلُولَةُ نِصْفَ النَّهَارِ خَاصّة الطَّلَبُ عامُّ ، والتَّوَخِّي في الخَيْرِ خَاصُّ الهَرَبُ عامٌّ ، و الإباقُ لِلْعبيدِ خَاصّ الحَزْرُ للغَلاتِ عامّ ، والخَرْصُ للنَّخْل خاصّ الخِدْمَةُ عَامَة ، والسَّدَانَةُ للكَعْبةِ خَاصَّة الرَّائِحَةُ عَامَّةٌ ، وَالقُتَارُ للشِّوَاءِ خَاصُّ الوَكْرُ للطَّيْرِ عامٌّ ، و الأدْحِيُّ للنَّعَام خَاصّ العَدْوُ للحَيَوَانِ عامٌّ ، و العَسَلانُ للذِّئْب خَاصّ الظَّلْعُ لِمَا سِوَى الإنْسانَِ عامّ ، والخَمْعُ للضَّبُعِ خَاصٌّ.
(في تَقْسِيمِ الخُرُوجِ)
خَرَجَ الإنْسانُ مِنْ دَارِهِ بَرَزَ الشُّجاعُ مِن مَكْمنِهِ انْسَلَّ فُلان مِن بين القَوْم تَفَصَّى مِن أمْرِ كَذَا مَرَقَ السَّهْم مِنَ الرَمِيَّةِ فسَقَتِ الرُّطَبَةُ مِن قِشْرِهَا دَلَقَ السَّيفُ مِنْ غِمْدِهِ فاحَتْ مِنْهُ رِيحٌ أَوْزَعَ البَوْلُ إذا خَرَجَ دُفْعَةً بعدَ دُفْعَةٍ نوَّرَ النَّبْتُ إذا خَرَجَ زَهْرُهُ قَلَسَ الطَعَامُ إذا خَرَجَ مِنَ الجَوْفِ إلى الفَمِ صَبَأَ فلانٌ إذا خَرَجَ من دِينٍ إلى دِبنٍ تَمَلَّصَتِ السَّمَكَةُ مِن يَدِ الصَّائِدِ إذا خَرَجَتْ مِنْهَا.
(فيما يَخْتَصّ مِنْ ذَلِكَ بالأعْضَاءِ [الخروج])
الجُحُوظُ خُرُوجُ المُقْلَةِ وظُهورُها من الحَجَاجِ الدَلْعُ خُروجُ اللِّسانِ مِنَ الشَّفَةِ الانْدِحَاقُ خُرُوجُ البَطْنِ البَجَرُ خُروجُ السُّرَّة.
(يُنَاسِبُهُ ويُقَارِبُهُ في تَقْسِيمِ الخُرُوجِ والظُّهورِ)
نَجَمَ قَرْنُ الشَّاةِ فَطَرَ نَابُ البَعِيرِ صَبَأتْ ثَنِيَّةُ الصَّبيِّ نَهَدَ ثَديُ الجَارِيةِ طَلَعَ البدْرُ نَبَعَ المَاءُ نَبَغَ الشَّاعِرُ أَوْشَمَ النَّبْتُ بَثَرَ البَثْقُ حَمّمَ الزَّغَبُ.
(في اسْتِخْرَاجِ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ)
نَبَثَ البِئْرَ إذا اسْتَخْرَجَ تُرَابها اسْتَنْبَطَ البِئْرَ إذا استَخْرَجَ ماءَهَا مَرَى النَّاقَةَ إذا اسْتخْرَجَ لَبنَها ذَبَح فَأْرَةَ المِسْكِ إذا اسْتَخْرَجَ مَا فيها نَقَشَ الشَّوْكَ مِن الرِّجلِ إذا اسْتَخرَجَهُ مِنهَا نَشَلَ اللَحْمَ مِنَ القِدْرِ إذا اسْتَخْرَجَهُ منها تمخَّخَ العَظْمَ إذا اسْتَخْرَجَ مُخَّهُ عَصَرَ الزَّيْتُونَ إذا اسْتَخْرَجَ عُصارَتَهُ استَحْضَرَ الفَرَسَ إذا اسْتَخْرَجَ حُضْرَهً سَطَاَ على النَّاقَةِ إذا أَدْخَلَ يَدَهُ في رَحِمِها فاسْتَخْرَجَ وَلَدَها مَسَطَ النَّاقَةَ إذا اسْتَخْرَجَ ماءَ الفَحْلِ مِنْ رَحمِها (وذَلِكَ إذا ضَرَبَها فَحلٌ لَئيمٌ وهي كَرِيمة)، عَنِ الأصْمَعِي وأبي عُبَيْدةَ.
(يُقَارِبُهُ في انْتِزَاعِ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ وأخْذِهِ مِنْهُ)
كَشَمطَ البَعِيرَ سَلَخَ الشَّاةَ سَمَطَ الخَرُوفَ سَحَفَ الشَّعَرَ كسَحَ الثَّلجَ بَشَرَ الأدِيمَ إذا أخَذَ بَشَرَتَهُ جَلَفَ الطِّينَ عن رَأسِ الدَّنِّ (إذا أخَذَهُ مِنهُ) سَحَا الطَين عَنِ الأرْضِ عَرَقَ العَظْمَ (إذا أخَذَ ما عَليهِ مِنَ اللَّحمِ) أطَّفَحَ القِدْرَ (إذا أخذَ طُفَاحَتَها، وهيَ زَبَدُها ومَا عَلا مِنها).
(في أَوْصَافٍ تَخْتَلِفُ مَعَانِيهَا باخْتِلاَفِ المَوْصُوفِ بِهَا)
سَيْف كَهام أيْ كليل عنِ الضَّريبَةِ لِسان كَهَام عَييُّ عنِ البلاَغَةِ فَرَس كَهَامٌ بَطِيء عَنِ الغايَةِ المَسيخُ مِنَ النَّاسِ الذِي لا مَلاحَةَ لهُ ومنَ الطَّعام الذِي لا مِلْحَ فيهِ ومِنَ الفَواكِهِ ما لاَ طعْمَ لهُ الأدْمُ مِنَ النَّاسِ السُّودُ ومِنَ الإبَلِ البِيضُ ومِنَ الظِّباءِ الحمْرُ الصَّلُودُ مِنَ الخَيْلِ الذِي لا يَعرَقُ ومِنَ القُدُورِ التي يُبْطِئ غَلَيانُها ومِنَ الزُّنُودِ الذِي لاَ يُورَى الأعْزَلُ مِنَ الرِّجالِ الذِي يَخْرجُ إلى القِتال بِلا سِلاح ومِنَ السَّحابِ الذِي لا مَطَرَ فيهِ ومِنَ الخَيْلِ الذِي يَعزِلُ ذَنَبَهُ.
(في تَسْمِيَةِ المُتَضادَّينِ باسْم وَاحدٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِقْصَاءٍ)
الغَرِيمُ المَوْلَى الزَّوْجُ البَيْعُ الوَرَاءُ يَكُونُ مِن خَلْفُ وقُدَّامُ الصَّرِيمُ اللَّيْلُ وهو أيْضاً الصُّبْحُ (لأنَّ كلاّ مِنْهما يَنْصَرِمُ عَنْ صَاحِبِهِ) الجَلَلُ اليَسيرُ والجَلَلً العَظِيمُ (لأنّ اليَسيرَ قدْ يكونُ عَظِيماً عِنْدَ مَا هوَ أيْسَرُ مِنْهُ والعَظِيمُ قَدْ يكون صَغِيراً عِنْدَ ما هوَ أعظمُ منْهُ) الجَوْنُ الأسْوَدُ وهو أيْضاً الأبْيضُ الخَشِيبُ مِنَ السّيوفِ الذِي لُمَّ يُصْقَلْ وهو أيْضاً الذِي أحْكِمَ عَملهُ وفُرِغَ مِنْ صَقْلهِ.
(في تَعْدِيدِ سَاعَاتِ النَّهارِ واللَّيل عَلَى أربَع وعِشْرِينَ لَفْظَةً)
سَاعَاتُ النَّهارِ: الشُرُوقُ ثُمَّ البكورُ ثُمَّ الغُدْوَةُ ثُمَّ الضُّحَى ثُمَّ الهاجِرَةُ ثُمَّ الظَهِيرَةُ ثُمَّ الرَّوَاحُ ثُمَّ العَصْرُ ثُمَّ القَصْرُ ثُمَّ الأصِيلُ ثُمَّ العَشِيُّ ثُمَّ الغُروبُ. سَاعَاتُ اللَّيلِ: الشَّفَقُ ثُمَّ الغَسَقُ ثُمَّ العَتَمَةُ ثُمَّ السُّدْفَة ثُمَّ الفَحْمَةُ ثُمَّ الزُّلَّةُ ثُمَّ الزُّلْفةُ ثُمَّ البُهْرَةُ ثُمَّ السَّحَرُ ثُمَّ الفَجْرُ ثُمَّ الصُّبْحُ ثُمَّ الصَّباحُ (وبَاقي أسْماءِ الأوْقَاتِ تَجِيءُ بِتَكْرِيرِ الألْفاظِ التّي مَعَانِيها مُتَّفِقَة).
(في تَقْسِيمِ الجَمْعِ)
جَمَعَ المالَ جَبَى الخَرَاجَ كَتَبَ الكَتِيبةَ قَمَشَ القُماشَ أَصْحَفَ المًصْحَفَ قَرَى المَاءَ في الحَوْض صَرَّى اللَّبَنَ في الضَّرْعِ عَقَصَ الشَّعْرَ على الرَّأْسِ صَفَنَ الثِّيابَ في سَرْجِهِ إذا جَمَعَها، وفي الحَدِيثِ أنَه (: عَوَّذَ عليًّا رضي اللُّه عنهُ حِينَ رَكِبَ وصَفَنَ ثِيَابَهُ في سَرْجِهِ.
(يُنَاسِبُه [الجَمْع])
الكَتْبُ جَمْعُكَ بَيْنَ الشَّيْئَينِ (ومِنْهُ كَتَبَ الكِتَابَ لأنَّهُ يَجْمَعُ حَرْفاً إلى حَرْفٍ) وكَتَبَ الكَتَائِبَ إذا جَمَعَها وكَتَبَ السِّقَاءَ إذا خَرَزَهُ وكَتَبَ النّاقَةَ إذا صَرَّها وكَتبَ البَغْلَةَ إذا جَمَعَ بَيْنَ شَفْريْها بحَلْقةٍ.
(في تَقْسِيمِ المَنْعِ)
حَرَمَ فلاناً مَنَعَهُ العَطاءَ ظَلَفَ النَّفْسَ إذا مَنَعَها هَواهَا فطَمَ الصَّبِيَّ إذا مَنَعَهُ اللَّبَنَ حَلأ الإبِلَ إذا مَنَعها المَاءَ طَرَفَهَا إذا مَنَعَها الكَلأَ، عَنْ أبي زَيْدٍ.
(في الحَبْسَ)
حَقَنَ اللَّبَنَ . قَصَرَ الجارِيَةَ حَبَسَ اللِّصَّ رَجَنَ الشَّاةَ كَنَزَ المَالَ صَرَبَ البَوْلَ.
(في السقُوطِ)
ذَرَا نَابُ البَعيرِ هَوَى النَجْمُ انقَضَّ الجِدَارُ خَرَّ السَّقْفُ طَاحَ الفَصُّ.
(في المُقَاتَلَةِ)
المُمَاصَعةُ بالسُّيُوفِ المدَاعسَةُ بالرِّماحِ المُضارَبَةُ تِلْقَاءَ الوُجوهِ المُطارَدَةُ أن يَحْمِلَ كلٌّ مِنْهمَا عَلَى الآخر المُجاحَشَةُ أنْ يَدْفَعَ كلُّ وَاحدٍ مِنْهُما عِنْ نَفْسِهِ المُكافَحَةُ المُقاتَلةُ بالوُجُوهِ وليْسَ دونَها تُرْس ولا غيرُه المكاوَحَةُ المُجاهَرَةُ بالمُمَارَسَةِ الاسْتِطْرادُ انْ يَنْهَزِم القِرْنً مِن قِرْنِهِ كأنَّهُ يَتَحَيَّزُ إلى فِئَةٍ ثُمَّ يَكُرُّ عَليهِ وَينتهزُ الفُرْصةَ لِمُطَارَدَتهِ.
(في مُخَالَفَةِ الألفَاظِ للْمَعَاني)
العَربُ تقولُ: فلان يَتَحَنَّثُ أيْ يَفْعَلُ فِعْلاً يَخْرُجُ بهِ مِنَ الحِنْثِ ، وفي الحَدِيثِ أنّهُ ﷺ كانَ قَبْل أن يوحَى إليْهِ يأتي حِراءَ فيتَحَنَّثُ فيهِ اللَيالِي أيْ يَتَعَبَّد فلان يَتَنَجَّسُ إذا فَعَلَ فِعْلاً يُخْرِجُهُ مِن النَّجَاسَةِ وكَذَلِكَ يَتَحَرّجُ وَيحَوّبُ إذا فَعَلَ فِعْلاً يُخْرجُهُ مِنَ الحَرَجِ والحُوبِ وفُلان يتهَجَّدُ إذا كانَ يَخْرجُ مِنَ الهُجُود ، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالى: {ومِنَ اللَّيْل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لكَ} وُيقالُ: امْرَأة قَذُورٌ فإذا كانتْ تَتَجنَّبُ الأقْذَارَ ودَابَّة رَيِّضٌ إذا لمْ ترَضْ.
(في اللَّمَعانِ)
لألاءُ الشَّمْسِ والقَمَرِ لَمَعَانُ السَّرَاب والصُّبْحِ بَصِيصُ الدُّرِّ واليَاقُوتِ وَبِيصُ المِسْكِ والعَنْبَرِ بَرِيقُ السَّيْفِ تألّقُ البَرْقِ رَفيفُ الثَّغْرِ واللَّوْنِ أجِيجُ النَّارِ وهَصِيصُها ، عَنِ ابْنِ الأعْرابيّ.
(في تَقْسِيمِ الارْتِفَاعِ)
طَمَا المَاءُ مَتَعَ النَّهَارُ سَطَعَ الطِّيبُ والصُّبْحُ نَشَصَ الغَيْمُ حَلّقَ الطَّائرُ نَقَعَ الصُّراخُ طَمَحَ البَصَرُ.
(في تَقْسِيمِ الصُّعُودِ)
صَعِدَ السَّطْحَ رَقِيَ الدَّرَجَةَ عَلا في الأرْضِ تَوَقَّلَ في الجَبَلِ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ فَرَعَ الاَكَمَةَ تَسَنَّمَ الرَّابِيَةَ تَسَلَّقَ الجِدَارَ.
(في تَقْسِيمِ التَّمَامِ والكَمَالِ)
عَشَرَة كَامِلة نِعْمةٌ سَابِغَة حَوْلٌ مُجَرَّم شهر كَرِيتٌ ، عَنِ الأصْمَعِي وغَيْرِهِ ألْفٌ صَتْمٌ دِرْهمٌ وَافٍ رَغِيف حادِرٌ، عَنْ أبي زَيْدٍ خَلْق عَمَمٌ شَابُّ عَبْعَبٌ إذا كانٍ تَامَّ الشَّبَابِ ، عَنْ أبي عَمْروٍ.
(في تَقْسِيمَ الزِّيَادَةِ)
أَقْمَرَ الهِلاَلُ نَما المَالُ مَدَّ المَاء رَبَا النَّبْتُ زَكَا الزَّرْعُ أرَاعَ الطَّعَامُ (منَ الرَيْعَ وهوَ النُّزُولُ). (إلىَ هُنَا انْتَهى آخِرُ القِسْمِ الأوَّلِ الذى هوَ فِقْهُ اللغةِ) (وًيلِيهِ القِسْمُ الثَّانِىِ في أسْرَارِ العَرَبِيَّةِ) القسم الثاني: سر العربية في مجاري كلام العرب وسننها، والاستشهاد بالقرآن على أكثرها 1- فصل في تقديم المؤخر وتأخير المقدم - العرب تبتدئ بذكر الشيء والمقدَّم غيره، كما قال عزَّ وجلَّ: "يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين" وكما قال تعالى: "فمنكم كافر ومنكم مؤمن" وكما قال عزّ وجلَّ: "يهب لمن يشاء إناثا، ويهب لمن يشاء الذكور" وكما قال تعالى: "وهو الذي خلق الليل والنهار" وكما قال حسان بن ثابت في ذكر بني هاشم: بَهالِيل منهم جعفر وابن أمّه * عليٌ ومنهم أحمد المُتَخَيَّرُ وكما قال الصَّلتان العبديّ: فَمِلَّتنا أننا مسلمون * على دين صدِّيقنا والنّبيْ 2- فصل يناسبه في التقديم والتاخير - العرب تقول: أكرَمني وأكرَمته زيد وتقديره: أكرمني زيد وأكرَمته، كما قال تعالى حكاية عن ذي القرنين: "آتوني أفرِغ عليه قِطرا" تقديره: آتوني قِطراً أفرغ عليه، وكما قال حلَّ جلاله: "الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً قيِّماً" وتقديره أنزل على عبده الكتاب قيِّما، ولم يجعل له عوجا، وكما قال امرؤ القيس: ولو أن ما أسعى لأدنى معيشةٍ * كفاني ولم أطلب قليلٌ من المال وتقديره: كفاني قليل من المال، ولم أطلبه. وكما قال طَرَفة: وكرَّى إذا نادى المضاف مجنَّباً * كذئب الغضى نَبَّهْتَهُ المُتَوَرَّدِ وتقديره: كذئب الغضى المتورِّد نبَّهته. وكما قال ذو الرُّمَّة: كأن أصواتَ من إيغالهنَّ بنا * أواخر المَيسِ إنقاضُ الفَراريجِ وتقديره: كأن أصوات أواخر الميس من إيغالهن بنا إنقاض الفراريج. وكما قال أبو الطَّيب المتنبي: حملت إليه من لساني حديقةً * سقاها الحِجا سَقيَ الرِّياضِ السَّحائبِ وتقديره: سَقي السّحائب الرِّياض. 3- فصل في إضافة الاسم إلى الفعل - هي من سنن العرب، تقول: هذا عامٌ يُغَاثُ الناس وهذا يومُ يَدخُل الأمير، وفي القرآن: "ربِّ فأَنظِرْني إلى يَومِ يُبعَثون". وقال عزَّ ذكره: "هذا يَومُ لا يَنطِقون". وفي الخبر عن النبي ﷺ: (إنَّ المريض لَيَخْرُجُ من مَرَضهِ كَيَمِ وَلَدَتهُ أمُّهُ). 4- فصل في الكناية عما لم يجر ذكره من قبل - العرب تقدم عليها توسعا واقتدارا واختصارا، ثقة بفهم المُخَاطَب، كما قال عزّض ذكره: "كُلُّ من عليها فانٍ" أي من على الأرض وكما قال: "حتى توارت بالحجاب" يعني الشمس، وكما قال عزَّ وجل: "كلّا إذا بَلَغَتِ التَّراقيَ" يعني الروح، فكنى عن الأرض والشمس والروح، من غير أن أجري ذكرها. وقال حاتم الطائي: أماويَّ ما يُغْني الثَّراءُ عن الفَتى * إذا حشرَجَتْ يوماً وضاقَ بها الصَّدرُ يعني: إذا حشرجت النفس، وقال دِعبِل: إن كان إبراهيم مضْطَلِعاً بها * فَلَتَصْلُحَنْ من بَعده لِمُخارِقِ يعني: الخلافة، ولم يسمها فيما قبل. وقال عبد الله بن المعتز: وَنَدمان دعوتُ فَهَبَّ نَحوي * وسلسَلها كما انخَرَطَ العَقيقُ يعني: وسلسل الخمر، ولم يجر ذكرها. 5- فصل في الاختصاص بعد العموم - العرب تفعل ذلك، فتذكر الشيء على العموم، ثم تخصّ منه الأفضل فالأفضل، فتقول: جاء القوم والرئيس والقاضي. وفي القرآن: "حافِظوا على الصلوات والصلاة الوسطى". وقال تعالى: "فيهما فاكِهَةٌ ونَخلٌ ورُمَّان". وإنما أفرد الله الصلاة الوسطى من الصلاة وهي داخلة في جملتها، وأفرد التمر والرمان من جملة الفاكهة، وهما منها للاختصاص والتَّفضيل، كما أفرد جبريل وميكائيل من الملائكة فقال: "من كان عدواً للهِ وملائِكتهِ ورُسُله وجبريلَ وميكالَ". 6- فصل في ضدّ ذلك - قال الله تعالى: "ولَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً منَ المَثاني والقرآنَ العَظيمَ"، فخصّ السبع، ثم أتى بالقرآن العام بعد ذكره إياه. 7- فصل في المكان والمراد به مَنْ فيه - العرب تفعل ذلك، قال الله تعالى: "واسأَل القَرْيَةَ التي كنَّا فيها"، أي أهلها، وكما قال جلَّ جلاله: "وإلى مَديَنَ أخاهم شُعيباً" أي أهل مديَن، وكما قال حُمَيدُ بن ثَور: قَصائِدُ تَستَحْلي الرُواةُ نَشيدَها * ويَلهو بها من لاعِبِ الحَيِّ سامِرُ يَعَضُّ عليها الشيخُ إبهامَ كَفِّهِ * وتُجزى بها أحياؤُكم والمقابرُ أي أهل المقابر. والعرب تقول: أكلتُ قِدراً طيبة. أي أكلت ما فيها. وكذلك قول الخاصّة: شَرِبت كأساً. 8- فصل في فيما ظاهره أمر وباطنه زجر - هو من سنن العرب، تقول العرب: إذا لم تَستَحِ فافعل ما شِئتَ. وفي القرآن: "افعَلوا ما شِئتُم"، وقال جلّ وعلا: "ومن شاء فَلِيَكفُر". 9- فصل في الحمل على اللفظ والمعنى للمجاورة - العرب تفعل ذلك، فتقول: هذا حُجْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ. والخرب نعت الحُجر لا نعت الضبِّ ولكن الجوار عمل عليه، كما قال امرؤ القيس: كأن ثبيراً في عَرانين وَبلِهِ * كبيرُ أناسٍ في بِجاد مُزَمَّلِ فالمُزَمَّل: نعت الشيخ لا نعت البِجاد، وحقه الرفع ولكن خفضه للجوار، وكما قال آخر: يا ليت شَيْخَكِ قد غَدا * مُتَقلِّدا سَيفا ورُمحا والرُمح لا يُتَقَلَّد، وإنما قال ذلك لمجاورته السيف. وفي القرآن: "فأَجْمِعوا أمْرَكُم وشُرَكاءَكُم" لا يقال: أجْمَعت الشُركاء وإنما يقال: جَمَعت شركائي، وأجمَعتُ أمري وإنما قال ذلك للمجاورة، وقال النبي صلى الله عايه وسلم: (ارجِعْنَ مأزورات غيرَ مَأجورات) وأصلها مَوزورات من الوزر ولكن أجراها مجرى المَأجورات للمجاورة بينهما، وكقوله: بالغدايا والعشايا، ولا يقال: الغدايا إذا أفردت عن العشايا لأنها الغدوات، والعامة تقول: جاء البرد والأكسية، والأكسية لا تجيء ولكن للجوار حقٌ في الكلام. 10- فصل يناسبه ويقاربه - العرب تسمي الشيء باسم غيره، إذا كان مجاورا له أو كان منه بسبب، كتسميتهم المطر بالسماء لأنه منها ينزل، وفي القرآن: "يُرْسِلِ السَّماءَ عليكُم مِدْرَارا"، أي المطر وكما قال جلَّ اسمه: "إني أراني أعصِرُ خَمرا" أي عنبا، ولا خفاء بمناسبتها، وكما يقال: عفيف الإزار، أي عفيف الفرج، في أمثال له كثيرة. ومن سنن العرب وصف الشيء بما يقع فيه أو يكون منه كما قال تعالى: "في يومٍ عاصِفٍ" أي يوم عاصف الريح، وكما تقول: ليل نائم، أي نام فيه وليل ساهر، أي يُسهر فيه. 11- فصل في إجراء ما لا يعقل ولا يفهم من الحيوان مُجرى بني آدم - ذلك من سنن العرب، كما تقول: أكلوني البراغيث، وكما قال عزّ وجلّ: "يا أيُها النَّملُ ادخُلوا مَساكِنَكُمْ لا يُحَطِمَنَّكُمْ سُلَيمان وجُنودُهُ"، وكما قال سبحانه وتعالى: "والله خَلَقَ كلَّ دابَّةٍ من ماء، فَمِنهُم من يَمْشي على بَطنِهِ، ومنهم من يَمشي على رِجلين ومنهم من يَمشي على أرْبَع"، ويقال: إنه قال ذلك تغليبا لمن يمشي على رجلين وهم بنو آدم. ومن سنن العرب تغليب ما يعقل كما يُغَلَّب المذكّر على المؤنَّث إذا اجتمعا. 12- فصل في الرجوع من المخاطبة إلى الكناية، ومن الكناية إلى المخاطبة - العرب تفعل ذلك كما قال النابغة: يا دارَ مَيَّة بالعلياذِ فالسَّنّدِ * أقْوَتْ وطال عليها سالِفُ الأمَدِ فقال: يا دار ميَّة، ثم قال: أقْوَتْ، وكما قال الله عزّ وجلّ: "حتى إذا كنتم في الفُلكِ وجَرَينَ بهم بِريحٍ طَيّبَةٍ"، فقال: كنتم في الفلك، ثم قال: بهم، وكما قال: "الحَمدُ للهِ رَبِّ العالمينَ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، مالكِ يَومِ الدِّنِ إياكَ نَعبُدُ وإياكَ نَستَعينُ"، فرجع من الكناية إلى المخاطبة، كما رجع في الآية المُتقدمة من المخاطبة. 13- فصل في الجمع بين شيئين اثنين ثم ذكر أحدهما في الكناية دون الآخر والمراد به كلامهما معا - من سنن العرب أن تقول: رأيت عمراً وزيداً وسلّمت عليه، أي عليهما. قال الله عزّ وجلّ: "والذين يُكْنِزونَ الذَّهَبَ والفِضَةَ ولا يُنْفِقونَها في سبيل الله"، وتقدير الكلام: ولا ينفقونهما في سبيل الله، وقال تعالى: "وإذا رَأَوا تِجارَةً أو لهواً انْفَضُوا إليها"، وتقديره: انفضوا إليهما. وقال جلّ جلاله: "والله ورسوله أحَقُّ أن يُرضوهُ"، والمراد: أن يرضوهما. 14- فصل في جمع شيئين من اثنين - من سنن العرب إذا ذكَرَتِ اثنين أن تُجريهما مجرى الجمع، كما تقول عند ذكر العُمَرَين والحَسَنين: كَرَّمَ الله وجوههما، وكما قال عزّ ذكره: "إن تتوبا إلى الله فقد صَغَتْ قُلوبَكُما"، ولم يقل: قلباكما، وكما قال عزّ وجلّ: "والسَّارقُ والسَّارِقَةُ فاقْطَعوا أيْدِيَهُما"، ولم يقل يديهما. 15- فصل في جمع الفعل عند تقدمه على الإسم - رُبما تفعل العرب ذلك، لأنه الأصل فتقول: جاؤوني بنو فلان، وأكلوني البراغيث، وقال الشاعر: رأَينَ الغَواني الشَّيبَ لاحَ بِعارِضي * فَأعرَضنَ عَنِّي بالخدود النَّواضِرِ وقال آخر: نُتِجَ الرَّبيع مَحاسِناً * ألقَحْنَها غُرُّ السَّحائِبْ وفي القرآن: "وأسَرُّوا النَّجوى الّذين ظَلَموا"، وقال جلّ ذكره: "ثمّ عَموا وصَمُّوا كَثيرٌ منهم". 16- فصل في إقامة الواحد مُقام الجمع - هي من سنن العرب إذ تقول: قَرَرْنا به عيناً، أي أعيننا. وفي القرآن: "فإن طِبْنَ لكُم عن شيءٍ منهُ نَفْساً"، وقال جلّ ذِكره: "ثمَّ يُخْرِجُكُم طِفْلا" أي أطفالا، وقال تعالى: "وكم من مَلَكٍ في السَّمواتِ لا تُغني شَفاعَتُهم شيئاً"، وتقديره: وكم من ملائكة في السموات، وقال عزّ من قائل: "فَإنَّهُم عدوٌ لي إلا رَبَّ العالَمين". وقال: "هؤلاء ضَيفي"، ولم يقل: أعدائي ولا أضيافي. وقال جلّ جلاله: "لا نُفَرِّقُ بينَ أحَدٍ منهم"، والتفريق لا يكون إلا بين اثنين، والتقدير: لا نُفَرِّق بينهم، وقال: "يا أيُها النَّبيُّ إذا طَلَّقْتُمُ النِّساء". وقال: "وإنْ كُنْتُم جُنُباً فاطَّهَروا". وقال: "والمَلائكَةُ بَعْدَ ذلك ظَهِير". ومن هذا الباب سنة العرب أن يقولوا للرجل العظيم والملك الكبير: انظروا من أمري، ولأنّ السادة والملوك يقولون: نحن فعلنا وإنّا أمَرنا، فعلى قضيَّهذا الإبتداء يخاطِبون في الجواب، كما قال تعالى عمّن حضَرَه الموت: "رَبِّ ارْجِعون". 17- فصل في الجمع يراد به الواحد - من سنن العرب الإتيان بذلك، كما قال تعالى: "ما كان للمُشْرِكينَ أنْ يَعمُروا مَساجِدَ اللهِ"، وإنما أراد المسجد الحرام، وقال عزّ وجلّ: "وإذ قَتَلْتُمْ نَفْساً فادَّارَأْتُمْ فيها"، وكان القاتل واحدا. 18- فصل في أمر الواحد بلفظ أمر اثنين - تقول العرب: افعلا كذا، والمخاطب واحد، كما قال الله عزّ وجلّ: "ألْقِيا في جَهَنَّمَ كلَّ كَفارٍ عنيد" وهو خطاب لمالك خازن النار. وكما قال الأعشى: وَصَلِّ عَلَى حِينِ العَشِيَّاتِ والضُّحى * ولا تَعْبُدِ الشَّيطانَ واللهَ فاعْبُدا ويقال: إنه أراد والله فاعبُدَنّ، فقلب النون الخفيفة ألفا. وكذلك في قوله عزّوجلّ: "ألقيا في جَهَنَّمَ". 19- فصل في الفعل يأتي بلفظ الماضي وهو مستقبل وبلفظ المستقبل وهو ماض - قال الله تعالى: "أتى أمرُ اللهِ": أي يأتي. وقال جل ذكره: "فَلاَ صَدَّ قَ وَلاَ صَلَّى"، أي لم يصدّق ولم يصلّ . وقال عزّ مِن قائل في ذكر الماضي بلفظ المستقبل: "فَلِمَ تَقتُلون أنْبياءَ اللهِ من قَبلُ" أي لِمَ قَتَلتُم؟ وقال تعالى: "واتَّبَعوا ما تَتْلوا الشَّياطينُ"، أي ما تلت. وقد تأتي كان بلفظ الماضي ومعنى المستقبل، كما قال الشاعر:
فَأدْرَكْتُ مَنْ كانَ قَبلي ولَم أدَع * لِمن كان بَعدي في القَصائد مَصْنَعا
أي لمن يكون بعدي. وفي القرآن: "وكان اللهُ غَفوراً رَحيماً" أي كان ويكون وهو كائن الآن جلّ ثناؤه. 20- فصل في المفعول يأتي بلفظ الفاعل - تقول العرب: سرٌّ كاتِم، أي مكتوم. ومكان عامرٌ أي معمور. وفي القرآن: "لا عاصِمَ اليوم مِنْ أمرِ الله" أي لا مَعصوم. وقال تعالى: "خُلِقَ من ماءٍ دافِقٍ"، أي مدفوق. وقال: "عيشِةٍ راضيَة"، أي مَرضيَّة. وقال الله سبحانه: "حَرَما آمِناً" أي مأمونا. وقال جرير: إنَّ البَليَّة مَنْ تَمَلُّ كلامهُ * فانقَع فُؤادكَ مِنْ حَديثِ الوامِقِ 21- فصل في الفاعل يأتي بلفظ المفعول - كما قال تعالى: "إنَّهُ كان وَعْدُهُ مأتِيّا" أي آتيا، وكما قال جلَّ جلاله: "حجابا مستورا" أي ساتراً. 22- فصل في إجراء الإثنين مُجرى الجمع - قال الشّعبي، في كلام له في مجلس عبد الملك بن مروان: رجلان جاؤوني، فقال عبد الملك: لَحَنت يا شعبيّ، قال: يا أمير المؤمنين، لم ألْحَن، مع قول الله عزّ وجلّ: "هذان خَصمان اخْتَصَمُوا في ربهم". فقال عبد الملك: لله درُكَ يا فقيهَ العراقين، قد شفيت وكفيت. 23- فصل في إقامة الإسم والمصدر مقام الفاعل والمفعول - تقول العرب: رجل عَدْل: أي عادل، ورِضاً: أي مَرْضِي، وبنو فلان لنا سَلْم: أي مسالمون، وحَرْب: أي محاربون. وفي القرآن: "ولكنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ باللهِ"، وتقديره: ولكن البِرَّ بِرُّ من آمنَ بالله، فأضمر ذكر البر وحذفه. 24- فصل في تذكير المؤنث وتأنيث المذكَّر في الجمع - هو من سنن العرب، قال تعالى: "وقال نِسْوَةٌ في المدينة"، وقال: "قالت الأعرابُ آمَنَّا". 25- فصل في حمل اللفظ على المعنى في تذكير المؤنث وتأنيث المذكر - من سنن العرب ترك حكم ظاهر اللفظ، وحمله على معناه، كما يقولون: ثلاثةُ أنفس، والنفس مؤنثة، وإنما حملوه على معنى الإنسان أو معنى الشّخص. قال الشاعر: ما عندنا إلا ثلاثة أنفسِ * مِثلُ النُّجومِ تلألأتُ في الحِندِسِ وقال عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة: فكان مِجَنِّي دون ما كنتُ أتَّقي * ثلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ وَمُعْصِرُ فحمل ذلك على أنهن نساء. وقال الأعشى: لِقومٍ وكانوا هُمُ المُنْفِدِينَ * شَرَبَهُمُ قَبْلَ تَنْفادِها فأنَّث الشراب لما كان الخمر المعني، وهي مؤنثة، كما ذكر الكفّ وهي مؤنثة في قوله:
أرى رجلا منهم أسيفاً كأنَّما * يَضُمُّ إلى كَشْحيه كفَّاً مُخَضَّبا
فحمل الكلام على العضو وهو مذكر. وكما قال الآخر: يا أيها الرَّاكب المُزجي مَطِّيته * سائلْبني أسدٍ ما هذهِ الصَّوتُ أي ما هذه الجَلَبة. وقال آخر: مِنَ النَّاسِ إنسانان دَيْنِي عَليهما * مَليئان لو شَاءَا لقد قَضَياني خليلَيَّ أمّا أمُّ عَمروٍ فَواحِدٌ * وأمَّا عنِ الثاني فلا تَسلاني فحمل المعنى على الإنسان أو على السخص. وفي القرآن: "وأعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالساعة سَعيراً"، والسَّعير مذكر، ثمَّ قال: "إذا رَأتهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعيدٍ"، فحمله على النار فأنثه، وقال عزَّ إسمه: "فأحْيَينا بهِ بَلْدَةً ميتاً" ولم يقل ميتة لأنه حمله على المكان. وقال جلّ ثناؤه: "السَّماء مُنْفَطِرٌ بِه" فذكر السّماء وهي مؤنثة لأنه حمل الكلام على السقف وكل ما علاك وأظلك فهو سماء، والله أعلم. 26- فصل في حفظ التوازن - العرب تزيد وتحذف حفظا للتوازن وإيثاراً له، أما الزيادة فكما قال تعالى: "وتَظُنُّونَ باللهِ الظُّنونا"، وكما قال: "فأَضَلُّونا السَّبيلا". وأمَّا الحذف فكما قال جلَّ إسمه: "والليل إذا يَسرِ" وقال: "الكبيرُ المُتعالِ"، وقال: "يومَ التَّنادِ" و "يومَ التَّلاقِ". وكما قال لبيد: إنَّ تَقوى رَبِّنا خيرُ نَفَلْ * وبإذنِ اللهِ رَبيْ وَعَجَلْ أي وعجلي، وكما قال الأعشى: ومن شانئ كاسِفٍ وَجهُهُ * إذا ما انتسَبتُ لهُ أنْكَرَنْ أي أنكرني. 27- فصل في مخاطبة اثنين ثم النص على أحدهما دون الآخر - العرب تقول: ما فعلتما يا فلان، وفي القرآن: "فمن رَبُّكُمَا يا مُوسَى". وفيه: "فلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقى"، خاطب آدم وحواء، ثم نصَّ في إتمام الخطاب على آدم وأغفل حواء. 28- فصل في إضافة الشيء إلى صفته - هي من سنن العرب، إذ تقول: صلاة الأولى، ومسجد الجامع، وكتاب الكامل، وحمَّاد عَجْرَدٍ، ويوم الجمعة، وفي القرآن: "ولَدارُ الآخِرَةِ خَيرٌ"، وكما قال عزَّ ذِكره في مكان آخر: "قُلْ إنْ كانت لكمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً"، وقال تعالى: "إنَّ هذا لَهوَ حَقُّ اليَقينِ". فأما إضافة الشيء إلى جنسه فكقولهم: خاتم فضة، وثوب حرير، وخبز شعير. 29- فصل في المدح يراد به الذَّم، فيجري مجرى التَّهَكم والهَزْل - العرب تفعل ذلك، فتقول للرجل تستجهله: يا عاقل، وللمرأة تستقبحها: يا قمر. وفي القرآن: "ذُقْ إنَّكَ أنتَ العزيزُ الكَريمُ". وقال عزَّ ذكره: "إنَّكَ لأنتَ الحَليمُ الرَّشيدُ". 30- فصل في إلغاء خبر (لو) اكتفاء بما يدل عليه الكلام وثقة بفهم المخاطَب - ذلك من سنن العرب كقول الشاعر: وَجَدِّكَ لَوْ شَيءٌ أتانا رَسولُهُ * سِواكَ ولكن لم نَجِد لَكَ مَدْفَعا والمعنى: لو أتانا رسول سِواك لدفعناه. وفي القرآن حكاية لوط، قال: "لو أنَّ لي بِكُم قُوَّةً أو آوي إلى رُكنٍ شَديدٍ". وفي ضمنه: لكنتُ أكُفُّ أذاكُم عَنِّي. ومثله: "ولو أنَّ قُرآنا سُيِّرَت بِهِ الجِبالُ أو قُطِّعَت بِهِ الأرضُ أو كُلِّمَ بِهِ الموتى، بَل للهِ الأمْرُ جَميعاً". والخبر عنه مُضْمَر كأنه قال: لكان هذا القرآن. 31- فصل فيما يذكَّر ويؤنَّث - وقد نطق القرآن باللغتين: من ذلك السَّبيل، قال الله تعالى: "وإنْ يَرَوا سبيلَ الرُّشدِ لا يَتَّخِذوه سبيلاً" وقال جلّ ذكره: "هذه سبيلي أدعوا إلى اللهِ على بَصيرةٍ". ومن ذلك الطاغوت، قال تعالى في تذكيره: "يريدون أن يتحاكَمُوا إلى الطَّاغوتِ وَقَد أمِروا أن يَكْفروا بِه". وفي تأنيثها: "والذين اجتَنَبوا الطَّاغوتَ أن يَعبُدوها". 32- فصل فيما يقع على الواحد والجمع - من ذلك الفُلك، قال الله تعالى: "في الفُلكِ المَشحونِ" فلما جمعه قال: "والفُلكِ التي تَجري في البَحرِ". ومن ذلك قولهم: رَجُل جُنُبٌ ورِجال جُنُبٌ، وفي القرآن: "وإن كنتم جُنُبا فاطَّهَروا". ومن ذلك العدو. قال تعالى: "فإنهُمْ عَدُوٌ لي إلا رَبَّ العالمين" وقال: "وإن كانَ مِن قومٍ عَدوٍ لَكُم وهوَ مُؤمِنٌ". ومن ذلك الضيف: قال الله عزّ وجلّ: "هؤلاء ضَيْفِي فَلا تَفْضَحونِ". 33- فصل في جمع الجمع - العرب تقول: أعراب وأعاريب، وأَعطِية وأَعطِيات، وأَسقية وأسقيات، وطُرُق وطُرُقات، وجمال وجمالات، وأَسوِرة وأساور، قال الله عزّ وجلّ" "إنها ترمي بِشَرَرٍ كَالقَصْرِ كَأنَّهُ جِمالاتٌ صُفْرٌ ويلٌ يومئذٍ للمُكَذِّبين" وقال عزّوجَلّ: "يُحَلَّونَ فيها مِنْ أساوِرَ مِن ذَهّبٍ". وليس كل جمع يجمع كما لا يجمع كل مصدر. 34- فصل في الخطاب الشامل للذكران والإناث وما يَفْرِق بينهم - قال الله عزّوجلّ: "يا أيها الذين آمنوا اتَّقوا الله". وقال: "وأقيموا الصلاة وآتُوا الزَّكاة" فعمَّ بهذا الخطاب الرجال والنساء وغلَّب الرجال، وتغليبهم من سنن العرب. وكان ثعلب يقول العرب تقول: امرُؤٌ وامرأانِ وقوم، وامرأةٌ وامرأتان ونِسوة، لا يقال للنساء قوم، وإنما سمِّي الرجال دون النساء قوماً لأنهم يقومون في الأمور، كما قال عزَّ ذكره: "الرِّجال قوَّامونَ على النساءِ" يقال: قائم وقوم، كما يقال زائر وَزَور، وصائم وصوم، ومما يدل على أنَّ القوم رجال دون النساء قول الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا يَسخَر قَومٌ مِن قَومٍ عَسَى أن يَكونوا خَيراً مِنْهُم ولا نِساءٌ مَن نِساءٍ عَسَى أن يَكُنَّ خَيراً مِنْهُنَّ". وقول زهير: وما أدري وسَوف إخالُ أدري * أقومٌ آلُ حِصْنٍ أم نِساءُ 35- فصل في الإخبار عن الجملتين بلفظ الإثنين - العرب تفعله، كما قال الأسود بن يَعفُر: إنَّ المنايا والحُتوفَ كِليهِما * في كلِّ يوم ترقُبانِ سَوادي وقال آخر: ألم يُحزِنكِ أن حِبالَ قَيس * وتَغلِبَ قَد تَبايَنَتا انقِطاعا وقد جاء مثله في القرآن قال الله عزَّ وجلَّ: "أَوَلَم يرَ الذينَ كَفَروا أنَّ السَّموات والأرضَ كانتا رَتْقاً فَفَتَقْناهما"؟. 36- فصل في نفي الشيء جملة من أجل عدم كمال صفته - العرب تفعل ذلك، كما قال الله عزَّ وجلَّ في صفة أهل النار: "ثمَّ لا يموت فيها ولا يَحْيا". فنفى عنه الموت لأنه ليس بموت صريح، ونفى عنه الحياة لأنها ليست بحياة طيبة ولا نافعة، وهذا كثير في كلام العرب. قال أبو النَّجم: يُلقينَ بالخَبار والأجارِعِ * كلَّ جَهيضٍ ليِّنِ الأكارِعِ ليسَ بِمَحْفُوظٍ ولا بِضائِعِ يعني أنه ليس بمحفوظ لأنه ألقِيَ في صَحراء ولا بضائع لأنه موجود في ذلك المكان. ومن ذلك قول الله عزّ وجلّ: "وتَرى النَّاس سُكارى وما هُم بِسُكارى" أي ماهم بسكارى من شُرب ولكن سكارى من فزع ووله. 37- فصل يقاربه ويشتمل على نفي في ضمنه إثبات - تقول العرب: ليس بحلو ولا حامض، يريدون أنه جمع ذا وذا، كما قال الشاعر: أبو فَضَالة لا رسمٌ ولا طَللُ * مِثْلُ النَّعامةِ لا طَيرٌ ولا جَمَلُ وقال آخر: مَسيخٌ مَليخٌ كلَحْمِ الحُوارِ * فلا أنت حُلوٌ ولا أنت مُرُّ وفي القرآن: "لا شَرْقِّيةٍ ولا غَربيَّةٍ" يعني أنَّ الزيتونة شرقيَّة وغربيَّة. وفي أمثال العامّة: (فلان كالخنثى، لا ذكر ولا أنثى): أي يجمع صفات الذَّكران والإناث معا. 38- فصل في اللازم بالألف يجيء من لفظه متعد بغير ألف - ألف التعدية، وربما تكون للشيء نفسه ويكون الفاعل به ذلك بلا ألف، كقولهم: أَقْشَعَ الغَيمُ، وقشَعَتْهُ الريح، وأنزفت البئر: ذهب ماؤها ونزفناها نحن. وأنسل ريش الطائر، ونَسَلتُهُ أنا. وأكبَّ فلان على وجهه وكببته أنا. وفي القرآن: "أفمن يمشي مُكِبّاً على وجْهِهِ أهدى"؟. وقال عزَّ اسمه: "فَكُبَّتْ وُجوهُهُمْ في النار". 39- فصل مجمل في الحذف والاختصار - من سنن العرب: أن تحذف الألف من (ما) إذا استَفْهَمَتْ بها فتقول: بِمَ؟ ولِمَ؟ ومِمَّ؟ وعلامَ؟ وفيمَ؟ قال تعالى: "فيمَ أنت مِن ذِكراها"؟ وكما قال عزّ وجلّ: "عمَّ يتساءلون؟ عنِ النَّبإ العَظيم": أي عن ما؟ فأدغم النون في الميم. ومن الحذف للاختصار قول الله تعالى: "يعلم السِّرَ وأخْفى"، أي السر وأخفى منه، فحذف وقوله: "وما أمرُنا إلا واحِدَةٌ"، أي أمرة واحدة، أو مرَّة واحدة. ومن الحذف قوله: لم أُبَلْ. ولم أُبالِ. وقولهم: لم أكُ ولم أكُنْ. وفي كتاب الله عزّ وجلّ: "ولم تَكُ شيئا". ومن ذلك ما تقدَّم ذكره من قوله جل جلاله: "كلا إذا بلَغَتِ التَراقي"، وقوله: "حتى تَوارَت بالحِجاب"، وقوله: "كلُّ منْ عَليها فانٍ" فحذف النَّفس والشمس والأرض إيجازا واقتصارا. ومن ذلك حذف حرف النداء، كقولهم: زيدُ تعال. وعمرو اذهب، أي يا زيد ويا عمرو. وفي القرآن: "يوسف أعْرِضْعن هذا" أي يا يوسف. ومن ذلك حذف أواخر الأسماء المفردة المعرفة في النداء دون غيره، كقولهم: يا حارُِ يا مالُِ ويا صاحُِ، أي يا حارث ويا مالك ويا صاحبي، ويقال لهذا الحذف: الترخيم وفي بعض القراآت الشاذَّة: "ونادوا يا مالُ". وقال امرؤ القيس: أفاطِمُ مَهلاً بَعْضَ هذا التَّدللِ وقال عمرو بن العاص: مُعاويَ لا أعطيكَ ديني ولمْ أنلْ * بهِ مِنكَ دُنيا فانظُرَنْ كيفَ تَصنَعُ ومن ذلك قولهم: باللهِ، أي أحلِفُ باللهِ فحذَفوا (أحلف) للعلم به، والاستغناء عن ذِكره، وقولهم: باسم الله، أي أبتَدِئُ باسم الله. ومن ذلك حذف الألف منه لكثرة الاستعمال، ومن ذلك ما تقدَّمَ ذكره في حفظ التوازن، كقوله عزّ ذِكره: "والليلِ إذا يَسرِ" و"الكبيرُ المُتعالِ" و"يومَ التَّلاقِ". ومن ذلك حذف التنوين من قولك: محمدُ بنُ جَعفر، وزيد بنُ عمرو. وحذف نون التثنية عند النفي كقولك: لا غلامَىْ لك، ولا يدىْ لزيد، وقميص لا كمَّىْ له. ومن ذلك حذف نون الجمع عند الإضافة، في قولك: هؤلاء ساكنوا مسكة، ومسلمو القوم. ومن الحذف قوله عزَّ ذكره: "وكذلك مكنَّا لِيوسُفَ في الأرضِ ولِنُعَلِّمَهُ من تأويلِ الأحاديثِ" وتقديره: ولِنُعَلِّمه فَعَلْنا ذلك. ومن الحذف قولهم: صلّيت الظُهرَ، أي صلاة الظهر، وكذلك سلئر الصلوات الأربع. 40- فصل مجمل في الإضمار يناسب ما تقدم من الحذف - من سنن العرب الإضمار، إيثارا للتخفيف وثقة بفهم المُخاطب، فمن ذلك إضمار (أنَّ) وحذفها من مكانها، كما قال تعالى: "ومن آياتهِ يُريكُمُ البَرْقَ خوفاً وطَمَعاً": أي أن يريكم البرق، وقال طَرَفة:
ألا أيُّهذا الزجري أحضُرَ الوَغى * وأن أشْهَدَ اللذاتِ هل أنتَ مُخلِدي
فأضمرَ (أنَّ) أولا ثمَّ أظهرها ثانيا في بيت واحد، وتقديره: ألا أيهذا الزاجري أن أحضُرَ الوغى. وفي ذلك يقول بعض أدباء الشعراء:
تَفَكَّرت في النَّحوِ حتى مَلِلْتْ * وأَتْعَبْتُ نَفْسي لَهُ والبَدَنْ فَكنت بِظاهِرِهِ عالماً * وكنت بباطنه ذا فِطَنْ خلا أنَّ باباً عليهِ العَفا * ءُ في النَّحوِ يا ليتهُ لمْ يَكُنْ إذا قُلتُ لِمْ قيلَ لي هكذا * على النَّصبِ؟ قيلَ بإضمارِ أنْ
ومن ذلك إضمار (مَنْ) كقوله عزَّ وجَلَّ: "وما مِنَّا إلا لَهُ مَقامٌ مَعلوم" أي إلا من له. ومن ذلك إضمار (مِنْ) كما قال تعالى: "واختار موسى قَومَهُ سَبعينَ رَجُلا لِميقاتِنا" أي من قومه. ومن ذلك إضمار (إلى) كما قال جلَّ جلاله: "سَنُعيدُها سيرَتها الأولى" أي إلى سيرتها الأولى. ومن ذلك إضمار الفعل، كما قال الله عزَّ وجلَّ: "فقلنا اضرِبوهُ ببَعضِها كذلكَ يُحيي الله الموتى"، وتقديره: فضُرِبَ فيُحيي، كذلك يُحيي الله الموتى. ومثله: "وإذ استَسقى موسى لِقومه فقلنا اضرِب بِعَصاكَ الحَجَرَ فانفَجَرَت مِنهُ اثنتا عَشَرَةَ عيناً" وتقديره: فضرب فانفَجَرَت. ومثله: "فمن كان مريضاً أو بِهِ أذىً مِنْ رأسِهِ فَفِديَةٌ مِنْ صيامٍ أو صَدَقةٍ أو نُسُكٍ" وتقديره: فَحَلَقَ، ففديَة. ومن ذلك إضمار (القول) كما قال سبحانه: "وأما الذين اسوَدَّت وُجوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ"؟ في ضمنه (قيقال لهم: أكفرتم)، لأن (أمَّا) لا بدَّ لها في الخبر من فاء، فلمّا أضمر القول أضمر الفاء، ومثله: "وتَتَلَقَّاهُمُ الملائِكَةُ هذا يَوْمُكُمْ". أي يقولون: هذا يومكم. وقال الشنفرى:
فلا تدفنوني إنَّ دَفني مُحَرَّمٌ * عليكُمْ ولكنْ خامري أمَّ عامِرِ
41- فصل مجمل في الزوائد والصلات التي هي من سنن العرب - منها: الباء الزائدة كما تقول: أخَذتُ بزمام النَّاقة. وقال الشاعِر الراعي:
سودُ المَحاجِرِ لا يَقرَأْنَ بالسُّوَرِ
أي لا يقرأن السوَر. كما قال عنترة:
شَرِبَتْ بِماء الدُّحْرُضَينِ فأَصْبَحَتْ
أي ماء الدحرضين، وفي القرآن حكاية عن هارون: "لا تأخُذْ بِلِحْيَتي ولا بِرأسي". وقال عزَّ ذِكره: "ألَمْ يَعْلَم بأنَّ اللهَ يَرى" فالباء زائدة، والتقدير: ألم يعلم أن الله يرى، كما قال جلَّ ثناؤه: "ويَعْلَمونَ أنَّ الله هو الحَقُّ المُبينُ". ومنها التاء الزائدة في: ثم ورُبِّ، ولا تقول العرب: رُبَّتَ امرَأةٍ، وقال الشاعر:
وَرُبَّتما شَفَيتُ غَليلَ صَدري
وتقةل: ثُمَّتَ كانت كذا، كما قال عَبْدَةُ بن الطَّيب:
ثُمَّتَ قُمنا إلى جُردٍ مُسَوَّمَةٍ * أَعرافُهُنَّ لأيدينا مَناديلُ
أي ثُمَّ قمنا. وتقول: لآت حين كذا، وفي القرآن: "ولات حينَ مَناص" أي لا حين والتاء زائدة وصلة: ومنها: زيادة (لا) كقوله عزَّ وجلَّ: "لا أُقْسِمُ بِيومِ القيامَةِ": أي أقسم. وكقول الحجاج:
في بئرِ لاحُورٍ سَرَى وما شِعِرْ
أي بئر حور. قال أبو عبيدة: لا. من حروف الزوائد كتتمة الكلام، والمعنى إنقاؤها، كما قال عزَّ ذِكره: "غيرِ المَغْضوبِ عَلَيهِمْ ولا الضَّالِّين": أي والضالين وكما قال زهير: مُوَرِّثُ المَجدِ لا يَغتالُ هِمَّتَهُ * عنِ الرياسَةِ لا عجَزٌ ولا سَأَمُ أي عجز وسأم وقال الآخر: ما كان يَرضى رَسولُ الله دينَهُمُ * والطَّيِّبان أبو بكرٍ ولا عُمَرُ وقال أبو النَّجم:
فما ألومُ اليَومَ أنْ لا تَسْخَرا
أي أن تسخرا. وفي القرآن: "ما مَنَعَكَ أنْ لا تَسْجُدَ" أي ما منعك أن تسجد. ومنها زيادة (ما) كقوله عزَّ وجلَّ "فَبِما رَحمةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ" أي فبرحمة من الله، وكقوله: "فبما نَقْضِهِمْ ميثاقَهُمْ" أي فبِنَقْضِهِم ميثاقهم، وكقوله عزَّ وجلَّ: "وقَليلٌ ما هُمْ" أي قليلٌ هم. وكقول الشاعر:
لأمرٍ مَّا تصرَّفَتِ اللَّيالي * لأمْرٍ مَّا تَصَرَّفَتِ النُّجُومُ
أي لأمر تصرفت. وقد زادت (ما) في رُبَّ كقول بعض السَّلف: رُبَّما أَعْلَمُ فأَذَرُ. وفي القرآن: "رُبَمَا يَوَدُّ الذينَ كَفَروا لو كانوا مُسْلِمينَ" ومنها زيادة (مِنْ) كما في قوله تعالى: "وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلا يَعْلَمُها" والمعنى: وما تسقط ورقةٌ، وكما قال عزَّ ذكره: "وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ في السَّمواتِ" أي وكم ملك، وكما قال جلَّ اسمه: "وكم من قريةٍ أَهْلَكْناها". وكما قال عزَّ وجلَّ: "قُلْ للمؤمنينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ". ومنها زيادة اللام، كما قال عزَّ وجلَّ: "الَّذينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبونَ" أي رَبِّهِم يرهَبون. وكما قال تقدَّسَت أسماؤه: "إنْ كُنْتُمْ لِلرؤيا تَعْبُرون" أي إن كنتم الرؤيا تعبرون. ومنها: زيادة (كان) كما قال تقدَّست أسماؤه: "وما علمي بما كانوا يَعْمَلون": أي بما يعملون. وكما قال الشاعر:
وجِيرانٍ لنا كانوا كِرام
ومنها زيادة (الإسم) كقوله: "باسمِ اللهِ مَجْراها"، والمراد: بالله، ولكنه امّا أشبه القسم زيد فيه الإسم. ومنها زيادة (الوجه)، كقوله عزَّ وجلَّ: "ويبقى وَجْهُ رَبِّكَ" أي ويبقى رَبُّك. ومنها زيادة (مثل)، كقوله تعالى: "وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَني إِسْرائيلَ على مِثْلِهِ": أي عليه، وقال الشاعر:
يا عاذِلي دَعني مِن عَذلِكا * مِثلِي لا يَقْبَلُ مِنْ مِثْلِكا
أي أنا لا أقبل منك، وقال آخر: دَعني مِنَ العُذْرِ في الصَّبوحِ فَما * تُقْبَلُ مِنْ مِثْلِكَ المَعاذيرُ 42- فصل في الألفات - منها ألف الوصل، وألف القطع، وألف الأمر، وألف الاستفهام، وألف التَّعجب، وألف التثنية، وألف الجمع، وألف التعدية، وألف لام المعرفة، وألف المخبر عن نفسه، في قوله: أدخُل واخرُج، وألف الحينونة، كما يقال: أَحْصَدَ الزَّرع: أي حان أن يُحصَدَ، وأَرْكَبَ المُهْرُ: أي حانَ أنْ يُركَبَ. وألف الوجدان، كقوله: أجبَنْتُهُ: أي وجدته جبانا، وأكذَبتُهُ: أي وجدته كذابا. وفي القرآن: "فإنهم لا يُكَذِّبونَكَ": أي لا يجدونك كذاباً. ومنها ألف الإتيان، كقوله: أحسَنَ: أي أتى بفعل حسن، وأَقْبَحَ: أي أتى بفعل قبيح. ومنها ألف التحويل، كقوله: "لَنَسْفَعاً بالنَّاصية" فإنها نون التوكيد حوّلت ألفا. ومنها ألف القافية، كقول الشاعر:
يا رَبعُ لو كنتُ دَمعا فيكَ مُنْسَكِباً * قَضَيتُ نَحْبي ولم أقضِ الذي وجَبا
ومنها ألف النُّدبة، كقول أمَّ تأبَّطَ شرّأً: وابنَ اللَّيل. ومنها ألف التوجُّع والتأسُّف، وهي تقارب ألف النَّدبة نحو: وا قَلباه! وا كَرباه! وا حُزناه! 43-فصل في الباءات - منها باء زائدة، وقد تقدّم ذِكرها، ويقال لبعضها: باء التبعيض، كما قال عزَّ وجلَّ: "وامسَحوا بِرُؤوسِكُم" أي بعضها. ومنها القَسَم، كقولهم: باللهِ، وبالبيتِ الحرامِ، وبحياتك. ومنها باء الإلصاق، كقولك: مَسَحتُ يَدَيَّ بالأرضِ. ومنها باء الاعتمال، كقولك: كَتَبْتُ بِالقَلَم، وضَرَبتُ بالسَّيف، وزَعَمَ قوم أنَّ. ومنها باء المُصاحَبة، كما تقول: دخل فلان بثياب سفره، وركب فلان بسلاحه، وفي القرآن: "وقد دَخَلوا بِالكُفرِ وهُمْ قَدْ خضرضجوا بِهِ واللهُ أعْلَمُ بِما كانوا يَكتُمون". ومنها باء السبب، كقوله تعالى: "وكانوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرين" أي من أجل شُركائهم. وكما قال: "والذين هم بربِّهم لا يُشْرِكون" أي من أجله. ومنها الباء الدّاخلة على نفس المخبر والظاهر أنها لغيره، نحو: رأيتُ بِفلانٍ رجلا جَلْداً، ولَقيتُ بِزيد كَريماً، توهمُ أنك لقيتَ بزيدٍ كريماً آخر غير زيد، وليس كذلك وإنما أردت نفسه، كما قال الشاعر: إذا ما تأمَّلتُهُ مُقْبِلا * رأيتَ بِهِ جَمْرَةً مُشعَلة وفي القرآن: "فاسْأل بِهِ خَبيرا". ومنها الباء الواقعة موقع (مِن وعَنْ) كما قال عزَّ وجلَّ: "سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِع" أي عن عذاب واقع، وكما قال: "عينا يَشْرَبُ بها عباد الله" أي منها. ومنها الباء التي في موضع (في)، كما قال الأعشى: ما بُكاءُ الكَبيرِ بالأطلالِ أي في الأطلال، وقال الآخر: ولَيلٍ كأنَّ نجومَ السَّماء * بِهِ مُقَلٌ رُنَّقَتْ للهُجُوعِ ومنها الباء التي في موضع (على) كما قال الشاعر: أَرَبٌ يَبولُ الثُّعلُبَانُ بِرأسهِ * لقَدْ ذَلَّ مَنْ بالتْ عليهِ الثَّعالبُ أي على رأسه. ومنها باء البدل، كما تقول: هذا بذاك، أي عوض وبدل منه، كما قال الشاعر: إنْ تَجْفُني فَلَطالَما وصَلتَني * هذا بذاك فَما عليك مَلَامُ ومنها باء التعدية، كقولك: ذهبت ورجعت به. ومنها الباء بمعنى حيثُ، كقولهم: أنتَ بالمُجَرَّب، أي حيث التَّجريب. وفي كتاب الله عزَّ وجلَّ: "فلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ العَذابِ" أي حيث يفوزون. 44- فصل في التاءات - منها ما يُزاد في الإسم، كما زيد في: تَنْضُبُ وتَتْفُلُ. ومنها ما يزاد في الفعل، نحو: تَفَعَل، وتَفاعَل وافْتَعَلَ، واسْتَفْعَلَ. ومنها تاء القَسَم، تقول: تالله لأفعلنَّ كذا، أي بالله. وفي القرآن: "وتاللهِ لأكيدنَّ أصْنامَكُمْ" ولا تستعمل هذه التاء إلا مع اسم الله عزَّ وجلّلأ. ومنها التاء التي تزاد في رُبَّ وثُمَّ ولا، وتقدم ذكرها. ومنها تاء التأنيث، نحو تَفْعَلُ وفَعَلْت، وتاء النَّفس، نحو فَعَلتُ، وتاء المخاطبة نحو فَعَلْتِ. ومنها تاء تكون بدلا عن سين في بعض اللغات، كما أنشد ابن السكيت:
يا قاتلَ الله بني السَّعلاتِ * عمرو بن مسعود شِرار النَّاتِ
يعني شرار الناس. 45- فصل في السينات - السين تزاد في استفعل، ويقال للتي في اسْتَهْدى واسْتَوهَبَ واسْتَعْظَمَ واسْتَسْقى، سين السؤال، وتُخْتَصرُ من سوف أفعل فيقال: سأفعل، ويقال لها: سين سوف. ومنها سين الصيرورة كما يقال: اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ، واسْتَنْسَرَ البِغاثُ، يُضربان مثلا للقويِّ يَضْعُف وللضَّعيف يقوى. وتقارب هذه السين سين استقدم واستأخر: أي صار متقدما ومتأخرا. 46- فصل في الفاءات - منها فاء التعقيب كقولهم: مررت بزيدٍ فعمرو، أي مررت بزيد وعلى عقبه بعمرو، وكما قال امرؤ القيس: بِسِقطِ اللوى بينَ الدَّخول فَحَومَلِ ومنها الفاء تكون جوابا للشرط كما يقال: إن تأتني فحسنٌ جميل، وإن لم تأتني فالعذرُ مَقبول، ومنه قوله تعالى: "والذين كفروا فَتَعْساً لَهُمْ"، وقال صاحب كتاب الإيضاح: الفاء التي تجيء بعد النفي والأمر والنهي والاستفهام والعرض والتمني ينتصب بها الفعل، فمثال النَّفي: ما تأتيني فأُعْطيك، ومنه قوله تعالى: "وما مِنْ حِسابِكَ عَليهِمْ مِن شيء فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكونَ مِنَ الظَّالِمين". ومثال آخر، كقولك: ائتني فأعرِفَ بك، ومثال النَّهي كقولك: لا تَنْقَطِعْ عنَّا فَنَجْفوَك. وفي القرآن: "ولا تَطْغَوا فيه فَيَحِلَّ عليكُمْ غَضَبي"، ومثال الاستفهام كقولك: أما تأتينا فتُحَدِّثَنا، ومثال العرض: ألا تنزِلُ عندنا فَتُصيبُ خَيراً، ومثال التمنِّي: ليتَلي مالا فَأُعطيكَ. 47-فصل في الكافات -تقع الكاف في مخاطبة المذكّر مفتوحة، وفي مخاطبة المؤنَّث مكسورة، نحو قولك: لكَ ولَكِ. وتدخل في أول الإسم للتشبيه فتخفضه، نحو قولك: زيد كالأسد وهند كالقمر. قال الأخفش: قد تكون الكاف دالَّة على القرب والبعد، كما تقول: للشيء القريب منك: ذا وللشيء البعيد منك: ذاك. وقد تكون الكاف زائدة كقوله عزَّ وجلَّ: "ليسَ كَمِثْلِهِ شيءٌ". وتكون للتّعجب كما يقال: ما رأيت كاليوم ولا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ. 48- فصل في اللامات - اللام تقع زائدة في قولك: وإنَّما هو ذلك. ومنها لام التأكيد، وإنّما يقال لهذه اللام لام الإبتداء نحو قوله عزّ وجلّ: "لأنْتُمْ أشَدُّ رَهْبَةً في صُدورِهِمْ مِنَ اللهِ". ومنها في خبر إنَّ نحو قولك: إنَّ زيداً لقائم، وفي خبر الإبتداء، كما قال القائل:
أُمُّ الحُلَيسِ لَعَجوزٌ شَهْرَبَهْ
ومنها لام الاستغاثة (بالفتح) كقولك: يا للناس، فإذا أردت التعجب (فبالكسر). ومنها لام المُلك كقولك: هذه الدّار لزيد. ولام المُلك كقوله تعالى: "إنما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ" أي من أجله. عن الكسائي. وكقوله عزّ وجلّ: "أَقِمِ الصلاةَ لِدُلوكِ الشمسِ إلى غَسَقِ اللَّيلِ" أي عند دلوكها. ومنها لام (بَعْدَ)، كقوله ﷺ: (صوموا لِرُؤيتِهِ وأفْطِروا لِرؤيته). ومنها لام التخصيص كقولك: الحمد لله، فهذه لام مختصَّة في الحقيقة بالله ومثلها قوله تعالى: "والأمر يومئذٍ لله". ومنها لام الوقت كقولهم: لِثَلاثٍ خَلَونَ من شهرِ كذا، أو لِأربع بَقينَ من كذا قال النَّابغة:
تَوَهَّمتُ آياتٍ لها فعرفتها * لِسِتَّةِ أعوام وذا العام سابعُ
ومنها لام التعجب كقوله: لله درُّهُ، ويقال: يا للعجب، معناه: يا قوم تعالوا إلى العجب، وقد تجتمع التي للنداء والتي للتعجب، كما قال الشاعر: ألا يا لَقَوْمِي لطَيْفِ الخيالِ ومنها لام الأمر، كما تقول: ليفعل كذا وليطلق كذا، وفي القرآن العزيز: "ثمَّ لِيَقضوا تَفَثَهُمْ وَلِيوفوا نُذورَهُمْ". ومنها لام الجزاء كقوله عزَّ وجلَّ: "إنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتحاً مُبينا لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّم من ذَنبِكَ وما تأخَّرَ". ومنها لام العاقبة، كما قال الله عزَّ وجلَّ: "فالتَقَطَهُ آلُ فِرعونَ لِيَكونَ لَهُمْ عدوَّاً وحَزَنا" وهم لم يلتقطوه لذلك، ولكن صارت العاقبة إليه. وقال سابق البربري:
ولِلموتِ تَغْزو الوالداتُ سِخالَها * كما لِخَراب الدَّهرِ تُبنى المساكِنُ
49- فصل في الميمات - الميم تزاد في مِفعل ومَفعل ومُفاعلة وغيرها. وتزاد في أواخر الأسماء للمبالغة، كما زيدت في زُرقم وسُتهُم وشدقم. وقرأت في رساله الصاحب بن عباد، ولكن للتَّبَظْرم خفة. وفي (تبظرَم) زَعم غلام ثعلب أن البظر: الخاتم، وأن قولهم: (تبظرم) مشتق من ذلك وأحسبه حسب الميم تزاد في التصاريف، كما زيدت في زُرْقم وسُتْهُم. 50- فصل في النونات - النون تزاد أولى وثانية وثالثة ورابعة وخامسة وسادسة. فالأولى: في نَعْثَل. والثانية: في قولهم: ناقة عَنْسَل. والثالثة: في قَلَنْسُوة. والرابعة: في رَعْشَن. والخامسة: في صَلَتان. والسادسة: في زَعْفران. وتكون في أول الفعل للجمع نحو: نُخرج، وفي آخر الفعل للجمع المذكر والمؤنث، نحو يخرجون ويخرجن، وعلامة للرفع في نحو، يخرجان، وفي قولك الرجلان. وتقع في الجمع نحو مسلمون، وتكون في فعل المطاوعة، نحو كسرته فانكسر، وقلبته فانقلب. وتكون للتأكيد مخففة ومثقَّلة في قولك: اضربنْ واضربنَّ. وتكون للمؤنث نحو تفعلينَ. 51- فصل في الهاءات - الهاء تزاد في زائدة ومدركة وخارجة وطابخة. وهاء الاستراحة، كما قال الله تعالى: "ما أغنى عنِّي ماليَهْ. هَلَكَ عنِّي سُلطانيهْ". وهاء الوقف، على الأمر من وشى يَشي، ووقى يَقي، ووعى يَعي، نحو شِه وعِه وقِهْ. وهاء الوقف، على الأمر من اهتدى واقتدى كما قال الله عزَّ وجلَّ: "فَبِهُداهُمُ اقتَدِهْ". وهاء التأنيث، نحو قاعدة وصائمة. وهاء الجمع، نحو ذُكورة وحِجارة وفُهودة وصُقورة وعُمومة وخُثوله وصِبيه وغِلمة وبررة وفجَرَة وكَتَبه وفَسَقَه وكفَرة وولاة ورعاة وقضاة وجبابرة وأكاسرة وقياصرة وجحاجِحَة وتَبابِعَة. ومنها هاء المبالغة، وهي الهاء الداخلة على صفات المذكَّر نحو قولك: رجل علَّامة، ونسَّبة وداهية وباقِعَة. ولا يجوز أن تدخل هذه الهاء في صفة من صفات الله عزَّ وجلَّ بحال وإن كان المراد بها المبالغة في الصفة. ومنها الهاء الداخلة على صفات الفاعل لكثرة ذلك الفعل منه، ويقال لها هاء الكثرة، نحو قولهم نُكْحَةَ وطُلْقَةَ وضُحْكَةَ ولُمْنَةَ وسُخْرَةَ وفي كتاب الله: "ويلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ" أي لكل عَيَّبَة مُغتابَة. ومنها الهاء في صفة المفعول به، لكثرة ذلك الفعل عليه، كقولهم: رجل ضُحكة ولُعنة وسُخرَة وهُتكَة. ومنها هاء الحال في قولهم: فلان حسن الرَّكْبة والمشية والعِمَّة. وهاء المرة كقولك: دخلت دخلة وخرجت خرجة. وفي كتاب الله عزّ وجلّ: "وفَعَلتَ فَعْلَتَكَ التي فَعَلتَ". 52- فصل الواوات - لا تكون الواو زائدة في الأول وقد تزاد في الثانية نحو كوثر وثالثة نحو جَرْوَل ورابعة نحو قَرْنُوة وخامسة نحو قَمَحْدُوة. ومن الواوات واو النسق وهو العطف كقولك: رأيت زيدا وعمرا. وواو العلامة للرفع، كقولك: أخوك والمسلمون. والواو التي في قولك: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، وقول الشاعر: لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وتأتيَ مِثْلَهُ وفي القرآن العزيز: "ولا تلبسوا الحقَّ بالباطل وتَكتُموا الحقَّ وأنتُمْ تَعْلَمون" ومنها واو القَسَم في قوله تعالى: "والنَّجم إذا هوى" "والسَّماءِ ذاتِ البُروجِ" "والشَّمْسِ وضُحاها". ومنها واو الحال كقولك: جاءني فلان وهو يبكي، أي في حال بكائه، وفي القرآن: "تَوَلَّوا وأعْيُنُهُمْ تَفيضُ مِنَ الدَّمع حَزَناً أنْ لا يَجِدوا ما يُنْفِقونَ". ومنها واو رُبَّ كقول رؤبةَ: وقاتِمُ الأعماقِ خاوي المُخْتَرَقْ أي وربَّ قائم الأعماق. ومنها الواو بعنى مع، كقولك: استوى الماء والخشبة. أي مع الخشبة،ولو تُرِكَتْ وفصيلها لرضعها، أي مع فصيلها. ومنها واو الصلة، كقوله تعالى: "إلا ولها كِتَابٌ مَعْلُومٌ" ومنها الواو بمعنى إذ، كقوله عزَّ وجلَّ: "وطائِفَةٌ قد أَهَمَّتْهُمْ أنْفُسَهُمْ" يريد إذ طائفة، كما تقول: جئتُ وزيد راكب، تريد: إذ زيد راكب. ومنها واو الثمانية، كقولك: واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة ستة سبعة وثمانية. وفي القرآن: "سيقولون ثلاثة رابعُهُم كَلبُهُم ويقولون خَمسةٌ سادِسُهُم كَلبُهُم رَجماً بالغيبِ ويقولون سَبعةٌ وثامِنُهُمْ كَلبُهمْ" وكما قال تعالى في ذكر جهنَّم: "حتَّى إذا جاؤوها فُتِحَتْ أبْوابُها" بلا واو، لأنَّ أبوابها سبعة. ولما ذكر الجنَّة قال: "حتى إذا جاؤوها وفُتِحَتْ أبوابُها وقال لهم خَزَنَتُها" فألحق بها الواو، لأنَّ أبوابها ثمانية وواو الثمانية مستعملة في كلام العرب. 53- فصل مجمل في وقوع بعض حروف المعنى مواقع بعض -(أم): تقع موقع بل، كما قال عزّ وجلّ: "أم يقولونَ شاعِرٌ" أي بل يقولون شاعر. وقال سيبويه: أم تأتي بمعنى الاستفهام، كقوله تعالى: "أم تريدون أن تسألوا رسولكم" والله أعلم. (أو): تأتي بمعنى واو العطف كما قال تعالى: "ولا تُطِعْ منهم آثِماً أو كَفورا" أي آثما وكفورا. وبمعنى بل كما قال تبارك وتعالى: "وأرسلناهُ إلى مِائةِألفٍ أو يَزيدون" أي بل يزيدون. وبمعنى إلى، كما قال امرؤ القيس:
فقلتُ لهُ لا تَبْكِ عَيْنُكَ إنَّما * تُحاوِلُ مُلكاً أو تَموتَ فَتُعذرا
وبمعنى حتى كما قال الراجز: ضَرباً وطَعناً أو نموتَ الأعْجَلُ أي حتى يموت. (أنَّ): بمعنى لعلَّ، كما قال عزَّ وجلَّ: "وما يُشْعِرُكُمْ أنَّها إذا جاءَتْ لا يُؤمِنون" والمعنى: لعلها إذا جاءت.والله أعلم. (إنِ- الخفيفة): بمعنى لقد، كما قال تعالى: "إنْ كنَّا عن عِبادَتِكُمْ لغافِلين"، أي ولقد كنا. (إلى): بمعنى مع، كما قال تعالى: "مَنْ أنْصاري إلى الله؟" أي مع الله، وكما قال: "ولا تأكلوا أمْوالَهُم إلى أموالِكُم"، أي مع أموالكم، وكما قال عزّ ذكره: "فاغسِلوا وجوهَكُمْ وأيديكُم إلى المرافقِ" أي مع المرافق. (إلا) بمعنى بل، كما قال عزّ وجلَّ: "طهَ ما أنْزَلْنا عَليكَ القرآنَ لِتَشْقى إلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى" والمعنى بل تذكرة لمن يخشى، والله أعلم. وكما قال عزّ وجلَّ: "فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أليم إلا الذينَ آمَنوا وعمِلوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أجرٌ غيرُ مَمْنون" معناه: بل الذين آمنوا وعملوا الصالحات. (إلا): بمعنى لكن، كما قال الله عزّ ذكره: "لَسْتُ عَلَيكُم بِمُسَيطِرْ غلا مَنْ تَوَلَّى وكَفَرَ" معناه لكن من تولى وكفر، وقيل في معنى قول الشاعر: وبَلدَةٍ ليسَ بها أنيسُ * إلا اليَعافِرُ وإلا العيسُ أي ولكن اليعافر، على مذهب من ينكر الاستثناء من غير الجنس. (إذ): بمعنى إذا كما قال عزَّ وجلَّ: "ولو ترى إذ فُزِعوا فلا فوْتَ" ومعناه: إذا فَزِعوا، وقال عزّ وجلَّ: "وإذ قال الله يا عيسى" والمعنى: وإذا قال الله يا عيسى، لأن إذا وإذ بمعنى واحد في بعض المواضع، كما قال الراجز:
ثمَّ جزاه الله عني إذا جزى * جَنَّاتِ عَدْنٍ في العلاليِّ العُلى
والمعنى إذا جزى، لأنه لم يقع بعد. فأما قوله عزَّ وجلّ: "ولو ترى إذ وُقِفوا على النَّارِ فقالوا يا ليتنا نُرَدُّ" فترى: مستقبل، وإذ للماضي، وإنما قال كذلك لأن الشيء كائن وإن لم يكن بعد، وهو عند الله قد كان لأن علمه به سابق وقضاؤه نافذ فهو لا محالة كائن. (أنىَّ): بمعنى كيف كما قال تعالى: "أنَّى يُحيي هذه اللهُ بعد موتها" أي كيف يحيي وكما قال سبحانه عن حكاية مريم: "أنى يكون لي ولدٌ ولمْ يَمْسَسْني بَشَرٌ" أي كيف يكون. (أيَّان): بمعنى متى، كقول الله سبحانه: "وما يَشْعُرونَ أيَّانَ يُبْعَثون" أي متى. وقال بعض أهل العربية: أصلها أي أوان، فحذفت الهمزة وجعلت الكلمتان كلمة واحدة، كقولهم: أيش، وأصله: أي شيء. (بل): بمعنى إنَّ كقوله تعالى: "ص~ والقرآن ذي الذكرْ بلِ الذين كفروا في عِزَّةٍ وشِقاق" معناه إنَّ الذين كفروا في عزَّة وشقاق لأن القسم لابدَّ له من جواب. (بَعْد): بمعنى مع، يقال: فلان كريم وهو بَعْدَ هذا أديب، أي مع هذا ويَتَأول قول الله عزَّ وجلَّ: "عُتُلٍ بَعْدَ ذلِكَ زَنيم" أي مع ذلك، والله أعلم. (ثم): بمعنى واو العطف، كما قال تعالى: "فإلينا مَرجِعُهُمْ ثمَّ اللهُ شَهيدٌ على ما يَفْعَلون" أي والله شهيد على ما يفعلون. (عن): بمعنى بعد، كما قال امرؤ القيس: نَؤومُ الضُحى لم تَنْطِقْ عن تَفَضُّلِ أي بعد تفضل. (كَأيِّنْ): بمعنى كم، فيها لغتان بالهمزة والتشديد وبالتخفيف، قال جلَّ وعال: "وكَأيِّن من قرية عَتَـتْ عن أمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ" أي وكم من قرية عتت عن أمر ربها ورسله. (لو): بمعنى إنِ الخفيفة، قال الفرَّاء: (لو) تقوم وقام إنِ الخفيفة كما قال عزَّ وجلَّ: "لِيُظْهِرَهُ على الدِّينِ كُلِّهِ ولو كَرِهَ المُشْرِكون" ولولا أنها بمعنى إنْ لاقتضت جوابا، لأن لو لا بدَّ لها من جواب ظاهر أو مضمون مضمر، كقوله تعالى: "ولو نَزَّلْنا عَليكَ كِتاباً في قِرطاسٍ فَلَمَسوهُ بأيديهِمْ لَقال الذينَ كَفَروا إن هذا إلا سِحْرٌ مُبينٌ". (لولا): بمعنى هلَّا، كقوله عزّ وجلَّ: "فلولا إذ جاءهُم بأسُنا تَضَرَّعوا" أي فهلَّا، وقوله تعالى: "لو ما تأتينا بالملائكة إن كُنْتَ مِنَ الصَّادِقين" أي هل تأتينا؟ وما زيادة وصلة. (لما): بمعنى لم لا تدخل إلا على المستقبل، كما تقول: جئتُ ولما يجيء زيد وكما قال عزَّ ذِكره: "بل لمّا يذوقوا عذابِ" أي لم يذوقوا، وكما قال عزّ ذكره: "كلَّا لمَّا يَقضِ ما أمَرَهُ" أي لم يقضِ. فأمَّا لمَّا التي للزمان، فتكون للماضي نحو: قصدتُكَ لمَّا ورد فلان. (لا): بمعنى لم كقوله عزَّ اسمه: "فلا صَدَّقَولا صَلَّى" أي لم يصدِّق ولم يُصلِّ. وينشد: إن تَغْفِرِ اللهُمَّ تَغْفِر جَمَّا * وأيُّ عَبدٍ لكَ لا ألَمَّا أي وأيُّ عبد لك لم يُلِم بالذنب. (لَدُن): بمعنى عند، كقوله تعالى: "قد بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرا" أي من عندي. وكقوله عزَّ وجلَّ: "وألْفَيا سَيِّدَها لَدى البابِ" أي عند الباب. (ليسَ): بمعنى لا، تقول العرب: ضربت زيدا ليس عمرا، أي لا عمرا، وكما قال لبيد:
إنَّما ؟؟زيُّ الفتى ليسَ الجَمَلْ
أي لا الجمل. (لعل): بمعنى كي، كما قال تعالى: "وأنْهاراً وسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدون" يريد كي تهتدوا. (ما): بمعنى مَنْ، كقوله تعالى: "وما خَلَقَ الذَّكَرَ والأنْثى" أي ومن خَلَق، وكذلك قوله تعالى: "والسَّماء وما بَناها" إلى قوله: "ونَفْسٍ و ما سَوَّاها: أي ومن سوَّاها، وأهل مكة يقولون إذا سمعوا صوت الرَّعد: سبحان ما سبحت له الرَّعد، أي من سبحت له الرعد. (في): بمعنى على قال تعالى: "ولأُصَلِّبَنَّكُمْ في جُذُوعِ النَّخْلِ" لأنَّ الجذع للمصلوب بمنزلة القبر للمقبور. وينشد: هُمُ صَلَّبوا العَبديَّ في جِذْعِ نَخْلَةٍ * فلا عَطَسَتْ شيبانُ إلا بِأجدَعا (مِنْ): بمعنى على، قال تعالى: "ونَصَرْناهُ مِنَ القَومِ الذينَ كَذَّبوا بِآياتنا" أي على القوم. (حتى): بمعنى إلى، كما قال تعالى: "سَلامٌ هي حتى مَطْلَعِ الفَجْرِ". 54- فصل في الأثنين ينسب الفعل إليهما وهو لأحدهما - وقد تقدم في بعض الفصول ما يقاربه، قال الله تعالى: "فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نِسيا حُوتَهُما" وكان النسيان من أحدهما لأنه قال: "فإني نسيت الحوت وما أنْسانيهُ إلا الشَّيطانُ". وقال تعالى: "مَرَجَ البَحْرينِ يَلْتَقيانِ" أي كلاهما يجتمعان، وأحدهما عذب والآخر ملح: "وبينهما بَرْزَخٌ" أي حاجز، ثم قال: "يَخْرُجُ مِنْهُما اللؤلؤُ والمرْجانُ" وإنما يخرج من الملح لا من العذب. 55- فصل في إقامة الإنسان مقام من يشبهه وينوب منابه - من سنن العرب أن تفعل ذلك، فتقول: زيد عمرو، أي كأنه هو، أو يقوم مقامه ويسد مسده. وتقول أبو يوسف أبو حنيفة، أي في الفقه، والبحتري أبو تمام، أي في الشعر، وفي القرآن: "وأزواجه أمَّهاتُهُمْ" أي هنَّ مثلهن في التحريم، وليس المراد أنهنَّ والدات، إذ جاء في آيةٍ أخرى: "إنْ أمَّهاتُهُمْ إلا الللائي وَلَدْنَهُم"، فنفى أن تكون الأم غير الوالدة. 56- فصل في إضافة الفعل إلى ما ليس بفاعل على الحقيقة - من سنن العرب أن تعرب عن الجماد بفعل الإنسان، كما قال الراجز:
امتَلَأ الحَوضُ وقال قَطْني
وليس هناك قول، وكما قال الشَّماخ: كأني كسوتُ الرَّحلَ أحْقَبَ سَهْوَقا * أطاع لهُ مِنْ رامَتَينِ حَديقُ فجعل الحديق مطيعا لهذا العير لما تمكن من رعيه، والحديق لا طاعة له ولا معصية، وفي كتاب الله عزَّ وجلَّ: "فَوَجَدا فيها جِداراً يُريدُ أنْ يَنْقَضَّ"، ولا إرادة للجدار، ولكنه من توسع العرب في المجاز والاستعارة، قال الصُّوليّ: ما رأيت أحداً أشَدَّ بَذَخا بالكفر من أبي فراس، ولا أكثر إظهارا له منه ولا أدوم تعبثا بالقرآن قال يوما ونحن في دار الوزير أبي العباس أحمد بن الحسين ننتظر مجيئه: هل تعرف للعرب إرادة لغير مميز؟ فقلت: إن العرب تعبر عن الجمادات بقول ولا قول لها، كما قال الشاعر:
امتلأ الحوضُ وقال قَطْني
وليس ثمَّ قول، قال: لم أرد هذا، وإنما أريد في اللغة إرادة لغير مميز، وإنما عرّض بقوله عزّ وجلّ: "فوجدا فيها جِدارا يريد أن ينْقَضَّ فأقامَهُ" فأيَّدني الله عزَّ وجلَّ بأن تذكرت قول الراعي: في مَهْمَهٍ فُلِقَتْ بهِ هاماتُها * فَلْقَ الفُؤوسِ إذا أرَدْنَ نصولا فكأني ألقمته الحجر، وسُرَّ بذلك من كان صحيح النيَّة، وسود الله وجه أبي فراس. والعرب تسمي التهيؤ للفعل والاحتياج إليه إرادة. قال أبو محمد اليزيدي: كنت والكسائي عند العباس بن الحسن العَلَوي فجاء غلام له وقال يا مولاي، كنت عند فلان فإذا هو يريد أن يموت، فضحكنا، فقال ممَّ ضحكتما؟ قلنا من قوله: يريد أن يموت، وهل يريد الإنسان أن يموت؟ فقال العباس: قد قال الله تعالى: "فوجَدا فيها جِداراً يريد أن يَنْقَضَّ فأقامَهُ"، وإنما هذا مكان يكاد. فَتَنَبَّهنا. والله أعلم. 57- فصل في المجاز - قال الجاحظ: للعرب إقدام على الكلام، ثقة بفهم المخاطب من أصحابهم عنهم، كما جوَّزوا قوله: أكله الأسود،وإنَّما يذهبون إلى النَّهْشِ واللذع والعضِّ، وأكل المال، وإنَّما يذهبون إلى الإفناء، كما قال الله عزَّ وجلَّ: "إنَّ الذينَ يَأكلونَ أمْوال اليَتامى ظُلْماً إنَّما يأكُلونَ في بُطونِهِمْ ناراً وسَيَصْلَونَ سَعيراً". ولعلَّهم شربوا بتلك الأموال الأنبذة، ولبسوا الحلل، وركبوا الهماليج، ولم ينفقوا منها درهما في سبيل الله، إنما أُكِلَ. وجَوَّزوا: أكَلَتْهُ النَّار، وإنَّما أُبطلت عينه. وجوَّزوا أيضاً أن يقولوا: ذُقت، لما ليس يُطعم، وهو قول الرجل إذا بالغ في عقوبة عبده: ذُق، وكيف ذقته؟ أي وجدت طعمه. قال الله عزّ وجلّ: "ذُقْ إنَّكَ أنتَ العَزيزُ الكَريمُ" وقال عزَّ من قائل: "فأذاقها اللهُ لِباسَ الجُوعِ والخَوفِ بِما كانوا يَصْنَعون" وقال تعالى: "فَذَاقوا وَبالَ أمْرِهِمْ". ثم قالوا: طَعِمتَ، لغير الطعام، كما قال المَرجيُّ: فإن شئتُ حَرَّمْتُ النساء سِواكُمُ * وإن شِئتُ لم أطْعَم نُقاخاً ولا بَرْدا قال الله تعالى: "فمَن شَرِبَ مِنه فَليسَ منِّي ومن لمْ يَطْعَمهُ فإنَّهُ منِّي" يريد: ومن لم يذق طعمه. ولما قال خالد بن عبد الله في هزيمة له: أطْعِموني ماء، قال الشاعر: بَلَّ السَّراويلَ مِنْ خَوفٍ ومِنْ دَهَشٍ * واستَطْعَمَ الماء لما جَدَّ في الهَرَبِ فبلغ ذلك الحجاج، فقال: ما أيسر ما تَعَلَّق فيه يا ابن أخي، أليس الله تعالى يقول: فَمَن شَرِب منه فليس منِّي ومن لم يَطعَمهُ فإنَّهُ منِّي". قال الجاحظ: في قوله تعالى: "إنَّ الله لا يَسْتَحْيي أنْ يَضْرِبَ مَثَلا ما بَعوضَةً فما فوقَها" يريد فما دونها، وهو كقول القائل: فلان أسفل الناس، فتقول: وفوق ذلك، تضع قولك (فوق) مكان قولهم: هو شرٌ من ذلك. وقال الفَرَّاء: فما فوقها في الصِّغَر، والله أعلم. قال المُبرد: من الآيات التي ربما يَغْلَط في مجازها النحويون قول الله تعالى: "فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلِيَصُمْهُ" والشهر لا يغيب عن أحد. ومجاز الآية: فمن كان منكم شاهد بلدة في الشهرَ فليصمه، والتقدير: فمن كان شاهدا في شهر رمضان فليصمه، ونصب (الشهرَ) للظرف، لا نصب المفعول. 58- فصل في إقامة وصف الشيء مقام اسمه - كما قال الله عزَّ وجلَّ: "وَحَمَلْناهُ على ذاتِ ألواحٍ وَدُسُرٍ" يعني السفينة، فوضع صفتها موضع تسميتها. وقال تعالى: "إذ عُرِضَ عليه بالعَشِيِّ الصَّفِناتِ الجِيادُ" يعني الخيل. وقال بعض المتقدِّمين: سألَتْ قُتَيْلةُ عن أبيها صَحْبَهُ * في الرَّوْع: هل رَكِبَ الأَغَرَّ الأَشْقَرا؟ يعني هل قُتِل، والأغرُّ الأشقرُ: وصف الدَّم فأقامه مقام اسمه. وقال بعض المحدِّثين: شِمْتُ بَرْقَ الوزير فانهلَّ حتّى * لم أجِدْ مَهْرَباً إلى الإعْدامِ فكأنِّي وقد تقاصَرَ باعي * خابِطٌ في عُبابِ أخضَرَ طامي يعني: البحر. وقال الحجاج لإبن القَبَعْثَرَى: لأحْمِلَنَّك على الأدهم، يعني القيدَ، فتجاهل عليه، وقال: مِثْلُ الأمير يحمل على الأدهم والأشهب. 59- فصل في إضافة الشيء إلى الله جل وعلا - العرب تُضيف بعض الأشياء إلى الله عزَّ ذكره وإن كانت كلها له. فتقول: بيت الله وظِلُّ الله وناقَةُ الله. قال الجاحظ: كل شيء أضافه الله إلى نفسه فقد عظَّم شأنه، وفخَّم أمره، وقد فعل ذلك بالنار، فقال: "نارُ اللهِ الموقَدةُ". ويُروى أنَّ النبي ﷺ قال لعتيبة بن أبي لهب: أكَلَكَ كَلْبُ الله، ففي هذا الخبر فائدتان، إحداهما أنه ثَبَتَ بذلك أن الأسد كلب، والثانية أن الله تعالى لا يضافُ إليه إلا العظيم من الأشياء في الخير والشر، أما الخير فكقولهم: أرضُ الله، وخليل الله، وزوَّار الله، وأما الشرّ فكقولهم: دَعْهُ في لَعنةِ الله وسَخَطِهِ وأليم عذابهِ وإلى نارِ الله وحرِّ سَقَرِه. 60- فصل في تسمية العرب أبناءها بالشَّنيع من الأسماء - هي من سنن العرب، إذ تُسَمَّى أبناءها بِحَجَر، وكلب، ونَمِر، وذئب، وأسد، وما أشبهها، وكان بعضهم إذا وُلدَ لأحدهم ولد سمَّاه بما يراه ويسمعه، مما يتفاءل به، فإن رأى حجرا أو سمعه، تأوَّل فيه الشدَّة والصَّلابة، والصَّبر والبقاء، وإن رأى كلبا تأوَّل فيه الحراسة والألفة وبُعْدَ الصوت، وإن رأى نَمِرا تأوَّل فيه المَنَعة والقِّيَه والشكاسة، وإن رأى ذئباً تأوَّل فيه المهابة والقُدْرَةَ والحِشْمةَ. وقال بعضُ الشُّعوبيَّة لإبن الكلبي: لِمَ سَمَّت العرب أبناءها بكلب وأوس وأسد وما شاكلها: وسمَّت عبيدها بيُسر وسَعد ويُمن؟ فقال وأحسن: لأنها سَمت أبناءها لأعدائها، وسمت عبيدها لأنفسها. ثم نبتدئ بأبنية الأفعال، فنقول: 61- فصل في أبنية الأفعال - في الأكثر الأغلب: 1- (فعل) يكون بمعنى التكثير، كقوله عزَّ وجلَّ: "وغَلَّقَتِ الأبْوابَ". وقوله: "يُذَبِّحونَ أبناءَكُمْ". وفعَّل: يكون بمعنى أفعل، نحو خَبَّرَ وأخْبَرَ، وكَرَّمَ وأكْرَمَ، ونزَّلَ وأنْزَلَ. ويكون مضادا له نحو أفرط إذا جاوزَ الحدَّ، وفَرَّط إذا قصَّر. قال الشاعر: لا خَيْرَ في الإفْراطِ والتَّفريطِ * كِلاهُما عِندي من التَّخْليطِ وقلت في كتاب المبهج: إياك والإفراط الممل والتفريط المُخلّ. ويكون فَعَّلَ بنية لا لمعنى، نحو كلَّمَ. ويكون بمعنى نسب، نحو ظلمهُ: إذا نسبه إلى الظُّلم، وجهَّلهُ: إذا نسبهُ إلى الجهل. 2- (أفْعَل) يكون بمعنى فَعَل، نحو أَسْقَى وسَقَى، وأمْحَضَهُ الودَّ ومَحَضَهُ، وقد يتَضادَّان نحو نَشَطَ العُقْدَة، إذا شَدَّها، وأنْشَطَها إذا حَلَّها. 3- (فاعَلَ) يكون بين اثنين نحو ضارَبَهُ، وبارَزَهُ وخاصَمَهُ وحارَبَهُ وقاتَلَهُ. ويكون بمعنى فَعَلَ كقوله تعالى: "قاتَلَهُمُ اللهُ" أي قَتَلَهُم، وسافرَ الرَّجل ويكون بمعنى فعَّل نحو ضاعفَ الشيء وضَعَّفَهُ. 4- (تَفاعَلَ) يكون بين اثنين وبين الجماعة نحو تَجَادَلا وتَنَاظَرا وتَحاكَما. ويكون من واحد نحو تَراءَى لهُ. ويكون بمعنى أظهَرَ نحو تغافَلَ وتَجاهَلَ وتَمارَضَ وتَساكَرَ إذا أظهرَ غفلةً وجَهلا ومَرَضاً وسكْراً، وليس بغافل ولا جاهل ولا مريض ولا سَكران. 5- (تَفَعَّلَ) يكون بمعنى فَعَّلَ نحو تَخَلَّصَهُ إذا خَلَّصَهُ كما قال الشاعر: تَخَلَّصَني من غَفْلَةِ الغَيِّ مُنْعِماً * وكنتُ زماناً في ضَمان إسارِهِ وكما قال عمرو بن كلثوم: تَهَدَّدْنا وَأَوْعِدْنا رُويداً * متى كنَّا لامَّكَ مَقْتَوينا ويكون بمعنى التَّكَلّف نحو تّشّجَّعَ وتَجَلَّدَ وتَحَلَّمَ. ويكون لأخذ الشيء نحو تأدَّبَ وتَفَقَّهَ وتَعَلَّمَ. ويكون تَفَعَّلَ بمعنى افتَعَلَ نحو تَعْلمْ بمعنى اعْلَم كما قال القطامي: تَعَلَّمَ أنَّ بعْدَ الشَّرِّ خَيراً * وأنَّ لهذه الغُمَمِ انْقِشاعا أي اعلم. 6- (استَفْعَلَ) يكون بمعنى التَّكلُّف نحو استَعْظَمَ أي تَعَظَّمَ، واستَكْبَرَ أي تَكَبَّرَ، ويكون استفعَلَ بمعنى الاستدعاء والطلب نحو استَطْعَمَ واستَسْقى واسْتَوْهَبَ. ويكون بمعنى فَعَلَ نحو اسْتَقَرَّ أي أقَرَّ. ويكون بمعنى صار نحو اسْتَنْوَقَ الجَمَلُ، واستَنْسَرَ البُغاثُ، وقد تقدم في باب السينات. 7- (افْتَعَلَ) يكون بمعنى فَعَلَ نحو اشْتَوى أي شوى، واقْتَنى أي قَنى، واكْتَسَبَ أي كَسَبَ. ويكون لحدوث صفة نحو افْتَقَرَ وافْتَـتَنَ. 8- وأما (انْفَعَلَ) فهو فعلُ المطاوعة نحو كَسَرْتُهُ فانكسر، وجَبَرتُهُ فانجَبَر، وقلبته فانقلب، وقد تقدم له ذكر في باب النونات. 62- فصل في أبنية دالة على معان في الأغلب الأكثر وقد تختلف - ما كان على (فَعَلانٍ) دلَّ على الحركة والإضطراب كالنَّزوان والغليان والضَّربان والهَيَجان. وما كان على (فَعْلانَ) دلَّ على صفات تقع من أحوال كالعَطْشان والغَرْثان والشَّبعان والرَّيان والغَضبان. وما كان على (أفعَلَ) دلَّ على صفات بالألوان نحو أبيض وأحمر وأسود وأصفر وأخضر وكذلك العيوب تكون على أفعل نحو أزرق وأحْوَل وأعْوَر وأقْرَع وأقْطَع وأعْرَج وأخْنَف. وتكون الأدواء على (فُعال) كالصُّداع والزُّكام والسُّعال والخُنَّاق والكُباد. والأصوات أكثرها على هذا كالصُّراخ والنُّباح والضُّباح والرُّغاء والثُّغاء والخُوار. وفصل آخر منها على (فَعيل) كالضَّجيج والهَرير والصَّهيل والنَّهيق والضَّغيب والزَّئير والنَّعيق والنَّعيب والخَرير والصَّرير. وحكايات الأصوات على (فَعْلَة) كالصَّرصَرة والقَرْقَرَة والغَرْغَرَة والقَعْقَعَة والخَشْخَشَة. وأطعِمَة العرب على (فَعيلَة) كالسَّخينة والعَصيدة واللَّفيتة والحَريرة والنَّقيعَةُ والوَليمَة والعَقيقَة. وأكثر الأدوية على (فَعول) كاللَّعوق والسَّموط والوَجور واللَّدود والذَّرور والقَطور والنَّطول. وأكثر العادات في الاستكثار على (مِفْعال) نحو مِطعان ومِطعام ومِضراب ومِضياف ومِكثار ومِهذَار وامرأةٌ مِعطار ومِذكار ومِئناث ومِتئام. 63- فصل في التشبيه بغير أداة التشبيه - وهذه طريقة أنيقة غَلَبَ عليها المحدِّثون المتقدمين فأحسنوا وظَرُفوا ولَطُفوا وأرى أبا نواس السَّابق إليها في قوله:
تَبْكي فَتُلْقي الدُّرَ مِنْ نَرْجِسٍ * وتَلْطِمُ الوَردَ بِعُنَّابِ
فشبه الدمع بالدُّر والعين بالنرجس والخدّ بالورد والأنامل بالعنَّاب من غير أن يذكر الدّمع والعين والخدّ والأنامل ومن غير أن استعان بأداة من أدوات التشبيه، وهي: كأنّ وكاف التشبيه، وحَسِبتُهُ كذا، وفلان حسن ولا القمر، وجوادٌ ولا المطر. وقد زاد أبو الفرج الوَأوَاءُ على أبي نواس فخمَّس ما ربَّعَهُ بقوله: وأمطَرَتْ لُؤلُأً من نَرْجِسٍ وسَقَتْ * وَرْداً وعَضَّتْ على العُنَّابِ بالبرَدِ والزِّيادة في تشبيه الثَّغر بالبرَد. ومن هذا الباب: قول أبي الطَّيب المتنبي: بدَت قَمراً ومالَتْ خُوطَ بان * وفاحَتْ عَنْبَراً ورَنَتْ غَزالا وقول أبي القاسم الزّاهي: سَفَرْنَ بُدوراً وانْتَقَبْنَ أهِلَّةً * ومِسْنَ غُصوناً والتَفَتْنَ جَآذِرا وقول أبي الحسن الجوهري الجُرجاني في الشَّراب: إذا فُضَّ عنه الخَتمُ فاحَ بَنَفْسَجاً * وأشْرَقَ مِصباحاً ونَوَّرَ عُصْفُرا وقول مؤلف الكتاب: رَنا ظَبياً وغَنَّى عَنْدَليبا * ولاحَ شَقائقاً ومَشى قَضيبا وقوله أيضاً:
وفيك لنا فِتَنٌ أرْبَعٌ * تَسُلُّ علينا سُيوفَ الخَوارِجِ
لِحاظُ الظِّباءِ وطَوقُ الحَمام * ومَشيُ القِباجِ وزَيُّ التَّدارِجِ ومن هذا الباب قول ابن سُكَّرَة: الخَدُّ ورْدٌ والصَّدغ عاليةٌ * والرِّيقُ خَمْرٌ والثَّغْرُ من بَرَدِ وقول القاضي عبد العزيز في المدح: لِحاظُكِ أقْدارٌ وكَفُّكِ مُزْنَةٌ * وعَزْمُكِ صَمْصامٌ ورَبعُكِ غيلُ 64- فصل في إقامة العم مقام الأب والخالة مكان الأم - قال الله تعالى حكاية عن بني يعقوب: "أم كُنْتُم شُهَداءَ إذ حَضَرَ يَعقوبَ الموتُ إذ قال لِبَنيه ما تَعْبُدونَ من بَعْدي؟ قالوا نَعْبُدُ إلهَكَ وإله آبائكَ إبْراهيمَ وإسْماعيلَ وإسحاقَ"، وإسماعيل عم يعقوب فجعله أبا. وقال في قصة يوسف: "ورَفَعَ أبَويه على العرشِ" يعني أباه وخالته، وكانت أمه قد ماتت فجعل الخالة أماً. 65- فصل في تقارب اللفظين واختلاف المعنيين - حرِجَ فلان: إذا وقع في الحَرَج، وتَحَرَّج: إذا تباعد عن الحَرَج. وكذلك أثِمَ وتَأَثَّمَ. وَهَجَدَ: إذا نام، وتّهَجَّدَ: إذا سَهِرَ. وفَزِعَ فلان: إذا أتاه الفَزَع، وفُزِّعَ عنه إذا نُحِّي عنه الفَزَع، وفي كتاب الله: "حتى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلوبِهِمْ" أي أُخرِجَ الفَزَعُ عنها. ويقال: امرأةٌ نَذُور، أي مُتصوِّنة عن الأقذار، واللفظ يُشبه ضدَّ ذلك. 66- فصل في وقوع فعل واحد على عدة معان - من ذلك قولهم: قَضى بمعنى حَتَمَ، كقوله تعالى: "فلمَّا قَضينا عَليهِ المَوْتَ". وقَضى بمعنى آمرَ، كقوله تعالى: "وقّضى رَبُّك ألَّا تَعْبُدوا إلا إيّاهُ " أي أمر ويكون قضى بمعنى صَنَعَ، كقوله تعالى: "فاقضِما أنتَ قاضٍ" أي فاصْنَع ما أنت صانع. ويكون قضى بمعنى حَكَمَ، كما يقال للحاكم قاض. وقضى بمعنى أعلم، كقوله تعالى: "وقَضينا إلى بَني إسْرائيلَ في الكِتابِ" أي أعلمناهم. ويقال للميت: قضى، إذا فَرِغَ من الحياة. وقضاء الحاجة، معروف ومنه قوله تعالى: "إلّا حاجة في نفسِ يَعْقوبَ قضاها". ومن هذا الباب قوله تعالى: "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ" أي الصلاة المعروفة. وقوله عزّ وجلّ: "وصَلِّ عليهِمْ إنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ" أي ادعُ لهم. وقوله: "إنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ على النَّبي يا أيُّها الّذينَ آمَنوا صَلُّوا علَيهِ وسَلِّموا تَسْليماً" فالصلاة من الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن المؤمنين الثَّناء والدُّعاء، والصلاة: الدِّين، من قوله تعالى في قصة شعيب: "أصَلاتُكَ تَأمُرُكَ" أي دينك. والصلاة: كنائس اليهود، وفي القرآن: "لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وبِيَعٌ وصَلَواتٌ ومَساجِدُ". 67- فصل في كلمة واحدة من الألفاظ تختلف معانيها باختلاف مصدرها وليس للعرب كلمة مثلها - هي قولهم: وَجَدَ كَلِمَةً مُبْهَمَةً، فإذا صُرِّفَت قيل في ضد العدم: وُجوداً، وفي المال: وُجْداً، وفي الغَضَبِ: مَوْجِدَة، وفي الضَّالَةِ: وِجْداناً، وفي الحزن: وَجْداً. 68- فصل في وقوع اسم واحد على أشياء مختلفة - من ذلك: عين الشمس وعين الماء ويقال لكل واحد منهما: العين. والعين: النَّقد من الدَّراهم. والعبن: الدَّنانير. والعين: السَّحابة من قِبَل القبلة. والعين: مطر أيَّام لا يُقلع. والعين: الدَّيدَبان، والجاسوس، والرَّقيب، وكلهم قريب من قريب. ويقال في الميزان: عين، إذا رجحت إحدى كفتيه على الأخرى. والعين: عين الرَّكيَّة. وعين الشيء: نفسه. وعين الشيء: خياره. والعين: الباصِرة. والعين: مصدر عانه عَينا. ومن ذلك الخال: أخو الأم، ونوع من البرود، والاختيال، والغيم، وواحد الخيلان. ومن ذلك الحميم، يقع على الماء الحارِّ، والقرآن ناطق به. قال أبو عمرو: والحميم: الماء البارد، وأنشد: فساغَ ليَ الشَّرابُ وكُنتُ قَبْلاً * أكادُ أغَصُّ بالماء الحميم الحميم: الخاصُّ، يقال: دُعينا في الحامَّة لا في العامَّةِ. والحميم: العَرق. والحميم: الخيارُ من الإبل، ويقال: جاء المُصَدِّقُ فأخَذ حَميمها، أي خيارها. ومن ذلك المولى،هو السيد، والمُعْتِق، والمُعْتَقْ، وابن العم، والصِّهر، والجار، والحليف. ومن ذلك العدل، هو الفدية من قوله تعالى: "أو عَدْلُ ذلكَ صِياما". والعدل: القيمة، والرِّجل الصَّالح، والحقُّ: وضِدُّ الجَور. ومن ذلك المرض، المرض في القلب: هو الفتور عن الحقِّ، وفي البدن: فتور الأعضاءِ، وفي العين: فتور النَّظَرِ. 69- فصل في الإبدال - من سنن العرب إبدال الحروف وإقامة بعضها مكان بعض، في قولهم: مَدَحَ، وَمَدَهَ، وَجَدَّ، وَجَذَّ، وخَرَمَ، وخَزَمَ، وصَقَعَ الدِّيكُ، وسَقَعَ، وفاضَ أي ماتَ، وفاظَ، وفَلَقَ الله الصُّبحَ، وفَرَقَهُ. وفي قولهم: صِراط وسِراط، ومُسيطِر ومُصَيطِر، ومكَّة وبكَّة. 70- فصل في القلب - من سنن العرب القلب في الكلمة وفي القصَّة. أما في الكلمة فكقولهم: جَذَبَ وجَبَذَ، وضَبَّ وبَضَّ، وبَكَلَ ولبكَ، وطَمَسَ وطَسَمَ. وأما القصَّة فكقول الفرزدق: كما كانَ الزَّناءُ فريضَةَ الرَّجْم أي كما كان الرَّجمُ فريضَة الزِّنا. وكما قال: وتَشْقى الرِّماحُ بالضَّياطِرَةِ الحمر أي وتشقى الضَّياطِرَةُ الحُمْرُ بالرماح. وكما يقال: أدْخَلْتُ الخاتَمَ في إصْبَعي، وإنَّما هو إدخال الأصبع في الخاتم. وفي القرآن: "ما إنَّ مفاتِحَهُ لَتَنوءُ بِالعُصْبَةِ أُولي القُّوة" وإنَّما العصبة أولُوا القوَّة تَنوء بالمفاتيح. 71- فصل في تسمية المتضادين باسم واحد - هي من سنن العرب المشهورة، كقولهم: الجَوْنُ: للأبيض والأسْوَد. والقُروء: للأطهار والحَيض. والصَّريم: للَّيل والصُّبح. والخَيلولة: للشَّكِّ واليَقين. قال أبو ذؤيب: فَبَقيتُ بَعْدَهُمُ بِعَيْشٍ ناصِبٍ * وَإِخالُ أنِّي لاحِقٌ مُسْتَتْبَع أي وأتيَقَّن. والنَّدُّ: المِثلُ والضِّدُّ. وفي القرآن: "وتَجْعَلونَ للهِ أنْداداً" على المعنيين. والزَّوج: الذَّكر والأنثى. والقانِعُ: السَّائل والذي لا يسأل. والنَّاهل: العَطْشان والرَّيان. 72- فصل في الإتباع - هو من سنن العرب وذلك أن تتبع الكلمة الكلمة على وزنها ورَوِيِّها إشباعاً وتوكيداً اتِّساعاً كقولهم: جائع نائع، وساغِب لاغِب، وعَطشان نَطْشان، وصَبَّ ضَبَّ، وخَراب يَباب. وقد شاركت العرب العجم في هذا الباب. 73- فصل في إشتقاق نعت الشيء من اسمه عند المبالغة فيه - ذلك من سنن العرب كقولهم: يَوم أيْوَم، ولَيل ألْيَل، ورَوض أَرْيَض، وأسَد أسِيد، وصُلب صَليب، وصَديق صَدوق،وظِلٌّ ظَليلٌ، وحِرز حَريز، وكِنٌ كَنين، وداءٌ دَوِيّ. 74- فصل في إخراج الشيء المحمود بلفظ يوهم ضد ذلك - كما يقال: فلان كريم غير أنَّه شريف، ولئيم غير أنّه خَسيس، وكما قال النَّابغة الذُّبياني:
ولا عَيْبَ فيهِمْ غَيرَ أنَّ سُيوفَهُمْ * بِهِنَّ فُلولٌ من قِراعِ الكَتائبِ
وكما قال النَّابِغَة الجَعديّ:
فتىً كَمَلَت أخْلاقُهُ غَيرَ أنَّهُ * جَوادٌ فما يُبقي من المال باقيا
وقال بعض البلغاء: فلان لا عَيب فيه غير أن لا عيب فيه يَرُدُّ عين الكمال عن معاليه. 75- فصل في الشيء يأتي بلفظ المفعول مرة وبلفظ الفاعل مرة والمعنى واحد - تقول العرب: مُدَجَّج ومُدَجِّج، وعبدٌ مُكاتَبٌ ومُكاتِبٌ، وشأوٌ مُغَرَّب ومُغَرِّب، ومكان عامِو ومَعمور، وآهِلٌ ومَأهول، ونُفِسَتْ المرأة ونَفِسَتْ، وعُنِيتُ بالشيء وعَنَيتُ به، وسَعِد فلانٌ وسُعِدَ، وزَهِيَ علينا وزُها. 76- فصل في التكرير والإعادة هي من سنن العرب في إظهار العناية بالأمر كما قال الشاعر:
مَهْلاً بَني عَمِّنا مَهْلاً مَوالِينا
وكما قال الآخر: كَمْ نِعْمَتٍ كانت لَكُمْ * كَمْ كَمْ وكَمْ فكرر لفظ (كم) للعناية بتكثير العدد. ومنه قوله تعالى: "أولى لَكَ فاَولى". ولهذا جاء في كتاب الله التكرير كقوله تعالى: "فَبِايِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبان"، وقوله عزَّ وجلّ: "وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ للمُكَذِّبين". 77- فصل في إجراء غير بني آدم مجراهم في الإخبار عنه - من سنن العرب أن تجري الموات وما لا يعقل في بعض الكلام مجرى بني آدم، فتقول في جميع أرض أرضون، وتقول: لَقيتُ مِنهُمُ الأمَرَّين، وربَّما يَتَعَدَّى هذا إلى أكثر منه كما قال الجَعدي:
تَمَزَّزْتها والدِّيكُ يدعو صَباحه * وأمَّا بَنو نعْشٍ دَنوا فَتَصَوَّبوا
وكما قال الله عزّ وجلَّ: "لا الشَّمْسُ يَنْبَغي لَها أنْ تُدْرِكَ القَمَرَ ولا الليلُ سابِقُ النَّهارِ وكلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحون" وقال عزّ اسمه: "إني رأيتُ أحَدَ عَشَرَ كوكَباً والشَّمسَ والقَمَرَ رأيْتُهُمْ لي ساجِدين". وقال عزّ وجلَّ: "يا أيُها النَّملُ ادْخُلوا مَساكِنَكُم لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُليمانُ وجُنودُهُ وهُمْ لا يَشْعُرون" وقال: "لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤلاءِ يَنْطِقون" وأكبر من قول الجعدي قول عبدة بن الطَّبيب: إذا أشْرَفَ الدِّيكُ يَدْعو بَعْضَ أُسْرَتِهِ * إلى الصَّباحِ وهُمْ قَوْمٌ مَعازيلُ فجعل للدِّيك أسرة وسمَّهم قوم. 78- فصل في خصائص من كلام العرب - للعرب كلام تَخُصُّ به معاني في الخير والشَّرِّ وفي الليل والنهار وغيرهما فمن تلك التتابع والتَّهافُت لا يكونان إلا في الشَّرِّ. وهاج الفحل، والشَّر، والحرب، والفتنة. ولا يُقال: هاج،لِما يؤدي إلى الخير. وظَلَّ يفعل كذا، إذا فعله نهارا، وبات يفعل كذا، إذا فعله ليلا. والتَّأويب: سير النَّهار لا تَعْريج فيه. والإسْئادُ: سيرُ الليل لا تَعريس فيه. ومن ذلك قوله تعالى: "فَجَعَلْناهُمْ أحاديثَ" أي مَثَّلنا بهم، ولا يُقال: جُعِلوا أحاديثَ إلا في الشَّرِّ. ومن ذلك: التأبين: لا يكون إلا مدحا للميت. والمساعاة: لا تكون إلا للزنا بالإماء، دون الحرائر. ويُقال نَفَشَتِ الغَنَمُ لَيلاً، وهَمَلَتْ نهاراً. وخُفِضَتِ الجاريةُ، ولا يُقال: خُفِضَ الغُلام. ولَقَمَهُ بِبَعْرَةٍ إذا رماه بها، ولا يُقال ذلك لغيرها. 79- فصل يناسبه في الرّيح والمطر - لم يأت لفظ الرِّيح في القرآن إلا في الشَّرِّ، والرِّياح إلا في الخير. قال عزَّوجلَّ: "وفي عادٍ إذ أرْسَلْنا عليهِمُ الرِّيحَ العَقيمَ ما تَذَرُ مِنْ شَيءٍ أتتْ عَليهِ إلا جَعَلَتْهُ كَالرَّميم" وقال سبحانه: "إنَّا أرْسَلْنا عَلَيهِمْ ريحاً صَرْصَراً في يَومِ نَحْسٍ مُسْتَمِرّ تَنْزِعُ النَّاس كَانَّهُمْ أعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ" وقال جلَّ جَلالُه: "وهو الذي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بينَ يَدَي رَحْمَتِهِ" وقال: "ومِنْ آياتِهِ أنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ ولِيُذيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ ولِتَجريَ الفُلْكُ بِأمْرِهِ ولِتَبْتَغوا مِن فَضْلِهِ ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرونَ". وعن عبد الله بن عمر: الرِّياح ثمان، فأربع رحمة وأربع عذاب. فأمَّا التي للرَّحمة: فالمُبَشِّرات والمُرْسَلات والذَّرِيات والنَّاشِرات، وأما التي للعذاب: فالصَّرصَرُ والعَقيمُ وهما في البرِّ، والعاصِفُ والقاصِفُ وهما في البحر، ولم يأتِ لفظُ الإمْطارِ في القرآن إلا للعذاب، كما قال عزّ من قائل: "وأمْطَرْنا عَلَيهِمْ مَطَراً فساءَ مَطَرُ المُنْذَرين" وقال عزّ وجلَّ: "ولقد أتَوا على القَرية التي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوءِ". وقال تعالى: "هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بل هو ما اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ ريحٌ فيها عَذابٌ أليم". 80- فصل في اقتصارهم على بعض الشيء وهم يريدون كله - ذلك من سنن العرب في قولهم: قَعَدَعلى ظَهْرِ راحِلَتِهِ، وقول الشاعر:
الواطِئينَ على صُدورِ نِعالِهِمْ
وقول لبيد: أو يَرْتَبِطْ بَعْضَ النفوسِ حِمامُها أراد: كلَّ النفوس، وفي القرآن: "قُلْ للمُؤمنين يَغُضُّوا مِنْ أبْصارِهِمْ" و(من) هذه للتبعيض، والمراد: يَغُضُّوا أبصارهم كلَّها. وقال عزَّ ذكره: "ويَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذو الجَلالِ والإِكْرامِ". وقال الشاعر: امَّا أتى خَبَرُ الزُّبَيرِ تَواضَعَتْ * سُورُ المَدينةِ والجِبالُ الخُشَّعُ يعني أسوار المدينة. 81- فصل في الاثنين يُعبَّر عنهما مرَّة وبأحدهما مرَّة - قال الفرَّاء: تقول العرب: رأيتُ بِعَيني ورأيتُ بِعَينَيَّ، والدّارُ في يَدِي وفي يَدَيَّ. وكلُّ اثنين لا يكاد أحدهما ينفرد فهو على هذا المثال كاليدين والرجلين. قال الفرزدق: ولو بَخِلَتْ بهِ وَضَنَّتْ * لَكان عَلَيَّ لِلقَدَرِ الخِيارُ فقال (ضنَّت) بعد قوله يدايَ. وقال الآخر: وكأنَّ في العَينَينِ حَبَّ قَرَنْفُل * أو سُنْبُلاً كُحِلَتْ به فانهلَّتِ فقال كُحِلَت به بعد قوله (في العينينِ) وقال به. وقد ذكر القَرَنفُلَ والسُّنْبُلَ. وقال آخر: إذا ذَكَرَتْ عَيْني الزَّمانَ الذي مَضى * بِصَحْراءَ فَلْجٍ ظَلَّتا تَكِفانِ وقال بعض المحدِّثين: فَدَتْكَ بِعَيْنَيها المعالي فإنَّها * بِمَجْدِكَ والفَضْلِ الشَّهير كَحيلُ ويقال: وقعت عينه عليه أي عيناه، وفلان حسن الحاجب، أي الحاجبين، وأخذ بيده أي بيديه، وقام على رجله أي رجليه. 82- فصل في الجمع الذي لا واحد له من لفظه - النِّساءُ، والنَّعَم، والغَنَمُ، والخَيل، والإبل، والعالَم، والرَّهطُ، والنَّفَرُ، والمَعْشَرُ، والجُندُ، والجَيشُ، والثُّلَّةُ، والعوذُ، والمساوي، والمحاسن، ومُراقُ البَطنِ، والمَسامُّ، والحَواسُّ. 83- فصل في الاثنين اللذين لا وحد لهما من لفظهما - كِلا وكِلتا، واثنان واثنتان، والمِذرَوَان، والمَلَوَان، وجاء يَضْرِبُ أصْدَرَيْهِ، ولبَّيك، وسَعديك، وحنانَيك، وحوالَيك. وقد قيل: إن واحدَ حَنانيكَ: حَنان. 83- فصل في أفعل لا يراد به التَّفضيل - جرى له طائرٌ أشْأم وقال الفرزدق:
بَيْتاً دَعائِمُهُ أعَزُّ وأطْوَلُ
وفي القرآن: "وهو أهْوَنُ عَلَيهِ". والله أعلم. 85- فصل: للعرب فعل لا يقوله غيرهم - تقول: عاد فلانٌ شيخاً، وهو لم يكن قطُّ شيخاً، وعادَ الماء آجنا، وهو لم يكن كذلك. قال الهُذليُّ:
أطَعتُ العِرْسَ في الشَّهواتِ حتى * أعادَتْني أَسِيفاً عَبْدَ عَبْدِ
وهو لم يكن قبل أسيفاً حتى يعود إلى تلك الحال، وفي كتاب الله عزَّ وجلَّ: "يُخْرِجونَهُم من النُّرِ إلى الظُّلماتِ" وهم لم يكونوا في نور من قبل، ومثله قوله تعالى: "ومنكم من يُرَدُّ إلى أرْذَلِ العُمُرِ" وهم لم يبلُغوا أرذلَ العمر فيُرَدُّوا إليه. 86- فصل في النَّحت - العرب تَنْحِتُ من كلمتين وثلاث كلمة واحدة، وهو جنس من الاختصار كقولهم: رجلٌ عبْشَميٌ منسوب إلى عبد شمس، وأنشد الخليل: أقولُ لَها ودَمْعُ العَينِ جارٍ * ألَمْ تَحْزُنْكِ حَيْعَلَةُ المُنادي من قولهم: حَيَّ على الصَّلاة، وقد تقدَّم فصل شافٍ في حكاية أقوال متداولة من هذا الجنس. وأما قولهم صَهْصَلِق، فهو من صَهَلَ وصَلَقَ، والصَّلْدَم، من الصَّلْدِ والصَّدم. 87- فصل في الإشباع والتأكيد - العرب تقول: عشّرَة وعَشَرَة فتلك عشرون كاملة. ومنه قوله تعالى: "فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ في الحجِّ وسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِله". ومنه قوله تعالى: "ولا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ". وإنما ذكر الجناحين لأنَّ العَرَب قد تُسَمِّي الإسراع طَيَرانا، كما قال النبي ﷺ: (كلَّما سَمِعَ هَيْعَةً طارَ إِلَيْها). وكذلك قال الله عزّ وجلّ: "يَقولونَ بِألْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ في قُلوبِهِم"، فذكر الألسنة لأنَّ الناس يقولون: قال في نفسه، وقلت في نفسي، وفي كتاب الله عزّ وجلّ: "ويَقولونَ في أنْفُسِهِم لولا يُعَذِّبُنا الله بِما نَقولُ" فاعلم أنَّ ذلك القول باللسان دةن كلام النفس. 88- فصل في إضافة الشيء إلى من ليس له لكن أضيف إليه لاتصاله به - هو من سنن العرب، كقولهم: سرْج الفرس، وزِمام البَعير، وتَمْرُ الشَّجَر، وغَنَمُ الراعي. قال الشاعر:
كما يَحْدوا قَلائِصَهُ الأجيرُ
89- فصل في الفرق بين ضدَّين بحرف أو حركة - ذلك من سنن العرب كقولهم: دَوِيَ: من الدَّاء، وتَداوى: من الدواء. وأخْفَرَ: إذا أجارَ، وخَفَرَ: إذا نقض العهد. وقَسَط: إذا جار، وأقسَطَ: إذا عدل. واقْذى عينه: إذا ألقى فيها القذى، وقذاها: إذا نزع عنها القذى. وما كان فرقه بحركة، كما يقال: رجُلٌ لُعَنَةٌ: إذا كان كثير اللَّعن، ولُعْنَة: إذا كان يُلْعَن، وكذلك ضُحَكة وضَحْكة. 90- فصل في زيادة المعنى حُسنا بزيادة لفظ - هي من سنن العرب، كما تقول: زَيْدٌ لَيْثٌ، إنَّما شَبَّهْتَهُ بليثٍ في شَجاعته. فإذا قال: زيدٌ كاللَّيثِ الغَضبان، فقد زاد المعنى حُسناً، وكسا الكلامَ رونَقاً، كما قال الشاعر: شَدَدْنا شِدَّةَ اللَّيثِ * عَدا واللَّيثُ غَضبانُ وكما قال امرؤ القيس: تَرائِبُها مَصْقولَةٌ كالسِّجَنْجَلِ فلم يزد على تشبيهها بالمرآة. وذكر ذو الرُّمَّة أخرى، فزاد في المعنى حيثُ قال: ووَجْهٌ كمِرآةِ الغَريبةِ أسْجَحُ لأنَّ الغريبة لا يكون لها من يُعْلمها مَحاسِنها من مَساويها، فهي تحتاج إلى أن تكون مِرآتُها أصفى وأنقى لِتُريها ما تحتاج إلى رؤيته من محاسِن وَجهِها ومساويه. ومن هذا المعنى قول الأعشى:
تروح على آلِ المُحَلِّق جَفْنَةٌ * كَجابِيَةِ الشَّيخ العِراقيِّ تَفْهَقُ
فَشَبَّهَ الجَفْنَةَ بالجابية، وهو الحوض، وقيَّدها بذكر العِراقيِّ لأنَّ العِراقيّ إذا كان بالبرِّ ولم يعرِف مواضع الماء، ومواقع الغيث، فهو على جمع الماء الكثير أحْرصُ من البَدوي العارف بالمناقِع والأحْساء. وقال ابن الروميّ: مِنْ مُدامٍ كأنَّها دَمْعَةُ المَهـــــــــــــــجُورِ يَبْكي وعَيْنُهُ مَرْهاءُ فَشَبَّهها بدمعة المهجور في الرِّقَّةِ، وزاد في الرَّفَّة بأن وصف عينه بالمَرَه، وهو طول العهد بالكحل، لِيكون الدَّمع مع رِقَّتِهِ أصْفى وأسلم مما يَشوبُهُ، وهذا من لطائف الشعراء. 91- فصل في الجمع الذي ليس بينه وبين واحده إلا الهاء - هذا الجمع يذكَّر ويؤنث، وهو كقولهم: تَمرٌ وتَمْرَةٌ، وسحاب وسحابة، وصَخرٌ وصَخْرَةٌ، وروضٌ وروضَةٌ، وشَجَرٌ وشَجَرةٌ، ونَخلٌ ونَخلَةٌ. وفي القرآن العزيز: "والنَّخْلَ باسِقات لَها طَلْعٌ نَضيدٌ" وقال تعالى: "إنَّ البَقَرَ تَشابَهَ عَلَينا" وقال: "والسَّحابِ المُسَخَّرِ بَينَ السَّماء والأرضِ لآياتٍ لِقَومٍ يَعْقِلون" فذكَّر. وقال في مكان آخر: "حتى إذا أقَلَّتْ سَحابا" فأنَّث، ثم قال: "سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ" فرَدَّهُ إلى أصل التذكير. 92- فصل في التصغير - من سنن العرب: تصغير الشيء على وجوه: فمنها: تصغيره تحقيره، كقولهم: رُجَيل ودُوَيرَة. ومنها: تصغير تكبير، كقولهم: عُيَيْرُ وحْدِهِ، وجُحَيْشُ وحدِهِ، وكقول الأنصاري: أنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ، وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ. وكقول لبيد: وكلُّ أناسٍ سَوْفَ تَدْخُلُ بَيْنَهُمْ * دُوَيْهِيَهٌ تَصْفَرُّ مِنْها الأنامِلُ ومنها: تصغير تنقيص، كما يقال: لم يبق من بيت المال إلا دُنَيْنيرَات، ومن بني فلان إلا بُيَيْت. ومنها: تصغير تقريب، كقول امرؤ القيس:
بِضافٍ فُوَيْقَ الأرضِ لَيْسَ بِأعْزَلِ
وكقولك: أنا راحلٌ بُعَيدَ العيد، وجاءني فلان قُبَيلَ الظُّهر. ومنها: تصغير إكرامٍ ورَحْمَةٍ، كقولهم: يا بُنَيَّ ويا أُخَيَّ ويا أُخَيَّة ويا بُنَيَّة، وكقول النبي ﷺ لعائشة: يا حُمَيراء. ومنها: تصغير الجمع، كقولك: دُرَيْهِمات ودُنَيْنِرات وأُغَيْلِمَةَ، وكقول عيسى بن عمرو: والله إن كانت إلا أُثَيَّاباً في أُسَيْفاط. 93- فصل في الاستعارة - ذلك من سنن العرب. هي أن تستعير للشيء ما يليق به، ويضعوا الكلمة مستعارة له من موضع آخر. كقولهم في استعارة الأعضاء لما ليس من الحيوان: رأسُ الأمرِ، رأسُ المال، وجهُ النَّار، عين الماءِ، حاجِبُ الشَّمس، أنفُ الجبل، أنفُ الباب، لِسانُ النَّارِ، رِيقُ المُزْنِ، يَدُ الدَّهرِ، جَناحُ الطَّريقِ، كَبِدُ السَّماءِ، ساقُ الشَّجَرَةِ. وكقولهم في التَّفرُّق: انْشَقَّتْ عَصاهُمْ، شالَت نَعامَتهم، مرُّوا بين سنع الأرض وبَصرِها، فَسا بينَهم الظِّربان. وكقولهم في اشتداد الأمر: كَشَفَتِ الحَرْبُ عن ساقِها، أبدى الشَّرُّ عن ناجِذَيه، حَمِيَ الوَطيسُ، دارَتْ رحى الحَربُ. وكقولهم في ذكر الآثار العُلويَّة: افتَرَّ الصُبْحُ عن نواجِذَهُ، ضَرَبَ بِعَموده، سُلَّ سَيفُ الصُّبْحِ من غِمد الظَّلام، نَعَرَ الصُّبحُ في قفا الليل، باحَ الصُّبحُ بِسرِّهِ، وهي نطاق الجوزاء، انحَطَّ قِنْديلُ الثُرَيَّا، ذّرَّ قرْن الشَّمس/ ارتَفع النَّهار، ترحَّلت الشَّمس، رَمَتِ الشَّمس بِجَمَرات الظَّهيرَةِ، بَقَلَ وجهُ النَّهار، خَفَقَتْ راياتُ الظَّلام، نَوَّرت حدائِقُ الجوِّ، شابَ رأسُ الليل، لَبِسَت الشَّمس جِلبابها، قام خَطيب الرَّعد، خَفَقَ قَلب البَرق، انحَلَّ عِقْدُ السَّماء، وَهَى عِقد الأنداد، انْقَطَعَ شِريان الغَمام، تَنفَّسَ الرَّبيع، تَعَطَّرَ النَّسيمُ، تَبَرَّجَت الأرضُ، قَوِيَ سلطان الحرِّ، آنَ أن يَجيشَ مِرْجَلُهُ، ويثورَ قَسْطُلُه، انْحَسَرَ قِناع الصَّيف، جاشَت جُيوشُ الخَريفِ، حَلَّت الشَّمس الميزان، وعَدَل الزَّمان، دبَّت عَقاربُ البردِ، أقدمَ الشِّتاء بِكَلْكَلِه، شابَت مَفارِقُ الجِبالِ، يوم عبوسٌ قَمْطَرير، كشَّرَ عن نابِ الزَّمْهَرير. وكقولهم في محاسن الكلام: الأدَبُ غِذاءُ الرُّوح، الشَّباب باكورَةُ الحَياةِ، الشَّيب عنوان الموت، النَّار فاكهة الشِّتاء، العِيال سوسُ المال، النَّبيذُ كيمْياء الفَرَح، الوحدة قَبر الحيِّ، الصَّبر مفْتاحُ الفَرَج، الدَّين داء الكرم، النَّمَّام جسرُ الشرِّ، الإرجافُ زَندُ الفِتنةِ، الشُّكرُ نسيمُ النَّعيم، الرَّبيع شبابُ الزَّمان، الولَدُ ريحانَةُ الروحِ، الشَّمس قَطيفَةُ المساكين، الطِّيب لسانُ المُروءة. 94- فصل - من استعارات القرآن: "وإنَّهُ في أمِّ الكتاب" "لِتُنْذِرَ أُمَّ القُرى ومَنْ حَولَها" "واخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ منَ الرَّحمَةِ" "والصُّبحِ إذا تَنَفَّس" "فَأذاقَها اللهُ لِباسَ الجوعِ والخَوفِ" "كُلَّما أوْقَدوا ناراً للحَربِ أطْفَأها الله" "أحاطَ بِهمْ سُرادِقُها" فَما بَكَتْ عَلَيهمُ السَّماءُ والأرضُ" "وامْرَأتُهُ حمَّالَةَ الحَطَبِ" واشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيبا" "وآيَةٌ لَهُمُ اللَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ" "فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذاب" "وَلَمَّا سَكَتَ عن موسى الغَضَبُ". ومن الاستعارات في الأشعار العربية قول امرئ القيس: فقلْتُ لهُ لمَّا تَمَطَّى بِصُلْبِهِ * وأرْدَفَ أعْجازاً وناءَ بِكَلْكَلِ وقول زهير: وَعُرَّى أفراسُ الصِّبا ورواحِلُهْ وقول لبيد: إذْ أصْبَحَتْ بِيَدِ الشَّمالِ زِمامُها فأما أشعار المُحدَثينَ في الاستعارات فأكثر من أن تُحصى. 95- فصل في التجنيس - هو أن يجانس اللفظ في الكلام والمعنى مختلف، كقول الله عزَّ وجلَّ: "وأسْلَمْتُ مَعَسُلَيمانَ لِلهِ رَبِّ العالَمينَ" وكقوله: "يا أسَفا على يوسُفَ" وكقوله: "فأدْلى دَلوَهُ" وكقوله تعالى: "فأَقِمْوَجْهَكَ لِلدِّينِ القَيِّم" وكقوله عزّ وجلّ: "فَرَوْحٌ وَرَيحانٌ وَجَنَّةُ نَعيم" وكقوله تعالى: "وَجَنى الجَنَّتَينِ دانٍ". وكما جاءَ في الخَبَر: الظُّلم ظُلُمات يوم القِيامة. آمِنٌ مَنْ آمَنَ بِاللهِ. إنَّ ذا الوجهَينِ لا يَكونُ وجيهاً عندَ الله. ولم أجد التجنيس في شعر الجاهليَّة إلا قَليلاً، كقول الشَّنفرى: وبِتْنا كأَنَّ النَّبْتَ حُجِّرَ فَوقَنا * بِريحابَةٍ ريحَتْ عِشاءً وطُلَّتِ وقول امرئ القيس: لقد طَمَحَ الطَّمَّاحُ من بُعْدِ أرْضِهِ * لِيُلْبِسَني من دائِهِ ما تَلَبَّسا وقوله: ولكنَّما أسْعى لِمَجدٍ مُؤَثَّلٍ * وقد يُدْرِكُ المَجدَ المؤَثَّلَ أمْثالي وفي شعر الإسلاميين المتقدمين كقول ذي الرُّمَّة: كأنَّ البُرى والعاجَ عيجَتْ مُتونُهُ وكقول رجل من بني عبس: وذلكمْ أنَّ ذُلَّ الجارِ حالَفَكم * وأنَّ أنْفَكُمُ لا يَعْرِفُ الأنَفا فأما في شعر المُحدثين فأكثر من أن يُحصى. 96- فصل في الطِّباق - هو الجمع بين ضدين، كما قال تعالى: "فَلِيَضْحَكوا قَليلاً وَلِيَبْكوا كَثيراً" وكما قال عزَّ وجلَّ: "تَحْسَبُهُم جَميعاً وقُلوبُهُمْ شَتَّى" وكما قال عزَّ وجلَّ: "وتَحْسَبُهُمْ أيقاظاً وهم رُقودٌ" وكما قال عزَّ من قائل: "ولَكُم في القِصاصِ حَياةٌ". ومما جاء في الخبر عن سيِّد البشر ﷺ: (حُفَّتِ الجَنَّةُ بِالمكارِهِ والنَّارُ بِالشَّهوات) (النَّاسُ نِيام فإذا ماتوا انتَبَهوا) (كفى بالسَّلامَة داءً) (إنَّ اللهَ يُبْغِضُ البَخيلَ في حَياتِهِ والسَّخيَّ بَعْدَ موته) (جُبِلَتْ القُلوبُ على حُبِّ من أحْسَنَ إلَيها وبُغْضِ من أساءَ إلَيها) (احذَروا من لا يُرْجى خَيْرُهُ ولا يؤْمَنُ شَرُّهُ). ومما جاء في الشعر قول الأعشى: تَبيتونَ في المَشتى مِلاءً بُطونُكُمْ * وجاراتكم غَرْثى يَبِتْنَ خَمائِصا وقول عبد بني الحسحاس: إن كنتُ عبداً فَنَفسي حُرَّةٌ كَرَماً * أو أسْوَدَ الخَلقِ إني أبيضُ الخُلُقِ وقول الفرزدق: والشَّيبُ يَنْهُضُ في الشَّبابِ كأنَّهُ * ليلٌ يَصيحُ بِجانِبَيهِ نَهارُ وكقول البُحتري: وأمَّةٌ كان قُبْحُ الجَوْرِ يُسْخِطها * دَهراً فأصْبَحَ حُسْنُ العَدْلِ يُرْضيها 97- فصل في الكناية عما يُستقبح ذكره بما يستحسن لفظه - هي من سنن العرب. وفي القرآن: "وقالوا لِجُلودِهِمْ" أي فُرُوجَهم. وقال تعالى: "أو جاءَ أحَدٌ مِنْكُم مِنَ الغائطِ" فكنى عن الحدث. وقال تعالى: "فأتوا حَرْثَكُم أنَّى شِئتُمْ" وقال عزّ وجلّ: "فَلَمَّا تَغَشَّاها" فكنى عن الجِماع، والله كريم يكني. وقال النبي ﷺ لِقائد الإبل التي عليها نِساؤه: (رِفْقاً بالقَوارير) فكنى عن الحُرَم. وقال عليه الصلاة والسَّلام: (اتقوا المَلاعِنَ) أي لا تُحْدِثوا في الشَّوارع فَتُلْعَنوا. ومن كنايات البُلَغاء: بِهِ حاجَةٌ لا يَقْضيها غَيرُه، كناية عن الحدث. وذكر ابن العميد مُحْتَشِما حلَفَ بالطَّلاق فقال: آلى يميناً ذكرَ فيها حرائره. وذكر ابن مُكرَّم سائلاً فقال: هو من قرَّاء سورة يوسف، يعني أنَّ السُّؤال يستكثرون من قراءة هذه السورة في الأسواق والمجامع والجوامع، وكنى ابن عائشة عمَّن به الأبْنَة بقوله: هو غراب، يعني أنَّه يواري سَوءَةَ أخيه. وكنّى غيره عن اللقيط: بتربية القاضي. وعن الرَّقيب: بثاني الحبيب. وكان قابوس بن وشْمِكير إذا وصف رجلاً بالبلَه قال: هو من أهل الجنَّة، يعني قول النبي ﷺ: (أ:ثر أهل الجنَّة البُله). ومن كناياتهم عن موت الرُّؤساء والأجِلَة والملوك: انتَقَلَ إلى جِوارِ رَبِّه، استأثَرَ اللهُ بِه. 98- فصل في الإلتفات - هو أن تذكر الشيء وتتمَّ معنى الكلام به، ثم تَعودَ لذكْره، كأنَّك تلتَفِتُ إليه كما قال أبو الشَّغْب: فارَقْتُ "شَغْبا" وقد قُوِّسْتُ من كِبَرٍ * لَبئْسَتِ الخَلَّتانِ الثُّكلُ والكِبَرُ فذكر مصيبته بابنه مع تقوُّسه من الكبر، ثم التفتَ إلى معنى كلامه فقال: لبئست الخلَّتان. وكما قال جرير: أتَذْكُرُ يَومَ تَصْقُلُ عارِضَيها * بِعودِ بَشَامَةٍ سُقِيَ البَشامُ وكما قال الله عزَّ وجلَّ: "لا تَفْتَروا على اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى"، فنهى عن الإفتراء، ثم وعد عليه فقال: "وقد خابَ مَنِ افْتَرى". 99- فصل في الحشْو - العرب تقيم حشْو الكلام مقام الصلة والزِّيادة وتُجريه في نظام الكلمة، وهو على ثلاثة أضْرُب: ضَرب منها رديء مذموم، كقول الشاعر: ذَكَرْتُ أخي فَعاوَدَني * صُداعُ الرَّأسِ والوَصَبُ فَذَكَر الرَّأس، وهو حشو مُسْتَغنى عنه لأن الصُّداع مُخْتَصٌ بالرَّأس، فلا معنى لذكره معه. وكقول الآخر: صُدودُكُمْ والدِّيارُ دانيَةٌ * أهْدى لِرأسي ومِفْرَقي شَيبا فقوله: مفرقي، مع ذكر الرأس حشو بَغيض. وكقول الآخر: إذا لَمْ يَكُنْ للمَرْءِ في دولة امرئٍ * نَصيبٌ ولا حظٌّ تَمَنَّى زَوالَها والنَّصيب والحظ بمعنى واحد. وأما الضرب الأوسط فكقول امرئ القيس: ألا هل أتاها والحوادِثُ جَمَّة * بِأنَّ امرأ القيسِ بن تمْلكَ بَيْقَرا فقوله: والحوادثُ جَمَّة، حشو مُستغنى عنه، ولكن لا بأس به في موضعه. وكقول النَّابغة: لَعَمْري وما عَمري عليَّ بِهَيِّنً * لَقَد نَطَقَتْ بُطْلاً على الأقارِعُ فقوله: وما عمري عليَّ بِهَيِّنٍ، حشو يتم الكلام بدونه ولكنه محمود لما فيه من تفخيم اللفظ وتأكيد المراد. وأما الضَّرب الثالث، فهو الحشو الحسن اللطيف كقول عوف بن مَحلم: إنَّ الثَّمانينَ وبُلِّغْتَها * قد أحْوَجَتْ سَمعي إلى تَرْجُمانْ فقوله: وبُلِّغْتُها، حشو مُسْتَغنى عنه في نظم الكلام، ولكنه حسن في مكانه وأوقع في المعنى المقصود. وكان بن عبّاد يسمِّي هذا الحشو: حشو اللوزينج، لأن حشو اللوزينج خير من خُبْزَتِهِ. ومن هذا الضَّرب قول طَرَفَة: فَسَقى دِيارَكَ غَيرَ مُفْسِدِها * صوبُ الرَّبيعِ وديمَةٌ تَهْمي فقوله: غير مفسدها، حشو ولكن ما لحسنه نهاية. ومن ذلك قول عديّ: فَلَو كنتَ الأسيرَ ولا تَكُنْهُ * إذن عَلِمَتْ مَعَدٌّ ما أقولُ فقوله: ولاتكُنهُ، حشو لا يخفى حسنه وبراعته. ومن ذلك قول البُحتري: إنَّ السَّحابَ أخاكَ جادَ بِمِثلِ ما * جادَتْ يَداكَ لو أنَّهُ لَمْ يَضْرُرِ فقوله: أخاكَ، حشو ولكن ما لِحُسنه غاية. ومن ذلك قول ابن المُعتَز: إنْ يحيي لا زال يحيا صديقي * وخَليلي من دونِ هذي الأنامِ فقوله: لا زال يحيا، حشو يُربى على حشو اللوزينج، ومن ذلك قول أبي الطِّيب المتنبي: ويَحْتَقِرُ الدُّنيا احْتِقارَ مُجَرِّبٍ * يَرى كلَّ ما فيها وحاشاه فانِيا فقوله: وحاشاه، حشوٌ يجمع الحُسن والطِّيب. ومن ذلك قول ابن عبَّاد: قُلْ لأبي القاسم إن جِئْتَهُ * هُنِّيت ما أُعْطِيتَ هُنِّيتَهُ كلُّ جَمالٍ فائق رَائقٍ * أنتَ بِرَغْمِ البَدْرِ أوتيتَهُ فقوله: برغم البدْرِ، حشو يقطر منه ماء الظَّرفِ. ومن ذلك قول أبي محمد الخازن الأصبهانيّ رحمه الله للصّاحب:
فَإيهِ طَرْبَةً للعفوِ إنَّ الكريم وأنتَ مَعْناهُ طَروبُ
فقوله: وأنت مَعناه، حشو يَعجِزُ الوصفُ عن حُسنه وحلاوته. وكان ابن عباد يقول: إذا سمع قول يحيى بن أكثم للمأمون وقد سأله عن شيء: (لا وأيَّدَ الله أميرَ المؤمنين) هذه الواو أحسن من واوات الأصداغ في خدود المُرد المِلاح. نهاية الكتاب تمَّ كتابا فقه اللغة وسرّ العربية لأبي منصور الثَّعالبي