غنى المغنون من حولى فما سمعت
المظهر
غنّى المغنّون من حولى فما سمعت
غنّى المغنّون من حولى فما سمعت
روحي وإن راعت الألحانُ آذاني
إني بحبك مشغول تساورني
أطياف حسنك في أعماق وجداني
أصاحب الناس ترضيني خلائقُهم
لعلني أتناسى نار أشجاني
فما أشاهد في كل الوجود سوى
جمالك الفخم يهوى أسرَهُ العاني
لولا جمالك تصبيني فواتنُه
ما فقت في الشعر والتغريد أقراني
حنا الجمال على روحي يسامره
بشائق من أغنّ الصوت فتان
فقمت أرسل لحنى في ذوائبهِ
هوى يصول بأدواج وأفنان
إن راقك الشعر تسبيني عرائسُه
كالحور ترقص في أحلام رضوان
فمن جمالك وهو الدرُّ في نسق
كالشعر ينظم أنغاماً بأوزان
أصوغُ وحيَ فؤادٍ أنت ملهمُه
حتى غدا من جواهُ خير فنّان
يا وجد قلبي ويا حسنا أدين له
بالفاتن الجزل من شدوى وألحاني
جمال وجهك في تقسيمه عجبٌ
كأنه حليةٌ صيغت بميزان
لو كان وجهك في ماضي العصور بدا
لصار معبود أحبار ورهبان
أستغفر اللَه وهو المستجار به
من أن تصيرني عباد أوثان
يهفو إليك ضميرٌ أنت غايته
من جنة أنا فيها الغارس الجاني
غرست حسنك فاذكر بالجميل يدى
يا زهرةً نشأت في روض جنّان
لولا قصيدي ولولا ما هتفت به
ما صرت كالبدر في حسن وتحنان
عيونك السود والسحر المقيم بها
مما خلقت بألحاني وأشجاني
من أنت لا لن أسمى غافلا جهلت
أجفانه ما جرى من ماء أجفاني
سينقضي الدهر لا تدرون ما شغفي
إني أؤجِّجُ آلامي بكتماني
لو بحت يوما بأسرار الغرام بكم
بوح الجريح غفا عن جرحه الحاني
لطار طيفٌ رقيقٌ يفتدى ألمي
بأحور جاهل بالحب حيران
من أنت هذا كلامٌ أنت لا أحد
إنى أردّد ما يوحيه شيطاني
ما ساور الحبّ قلبي تلك مشكلةٌ
أثارها لاغتيابي بعض جيراني
من أنت إني أرى من أنت يا وثنا
أهدى له كل يومٍ ألف قربان
أنغامُ صوتك تشجيني سواجعها
فهل تكون على الأيام قرآني
ما رنّ صوتُك إلا قلت من طرب
هذا الذي نفثت اسجاع وجداني
صوتٌ كشعري رنينُ الروح مصدره
سبحان صوتك يا وحيى وسبحاني
من أنت يا ساحراً لحن الغرام به
لحن الخلود بذاك العالم الثاني
يبقيك شعرى بقاء لا فناء له
ما كان شعرى لهذا العالم الفاني
قد شاب رأسي بنار الحب موقدةً
والحبّ أقباسُ آلامٍ ونيران
قد شاب رأسي وما شاب الغرام بكم
إنى فتىً قد بناه الفاطر الباني
إن الكهولة لم تصدع فؤاد فتىً
يخافه الخلق من إنس ومن جان
قضيت دهري قتالا شبّه قلمى
غربا وشرقا بباريس وبغدان
أين النظير نظيري إنني رجلٌ
تخشى الأعاصير من طغيان طغياني
من أنت سوف ترى من أنت إن سمحت
روحي بقتل هوى بالشعر أحياني
تمضى الليالي طوالاً لا أذوق بها
غير المرارة من آلام حرماني
من أنت سوف ترى من أنت يوم ترى
أنى سأضني الذي بالصد أضناني
لو صح عندك أنى من أهيم به
لطرت تنشد صفحي ثم غفراني
يا أوحد الخلق في تنسيق صورته
ويا مثال السنا من نور تبياني
من أنت لا لن أسمى لن يبوح فمي
باسمٍ إذا قلته في السر أبكاني
يلوح طيفك أحياناً فتنقلني
إلى ديارك يا سحّار أشجاني
وأذرع الأرض أطويها وأنشرها
كالبرق يجتاز أكواناً لأكوان
فهل أراك كما كنا كان هوى
لو شئت صافحني يوما وناجاني
لا تنتهى فيك أشواق أصاولها
بجاحم من سعير الوجد سعران
ولا يجفف دمعي أن لي أملا
في عطف روحك إن أعلنت أحزاني
ما غاية العيش من دنيا أعيش بها
بخافق حائر الأحلام ظمآن
آهاً ولو كان في آه نجاة دمي
من قاتلين بأزهار وريحان
لقلت آها وآها واستعنت دما
هو المحجّب من أسرار وجداني
ما لي أجمجم خوفي منك يزعجني
هل كنت يا آسري بالحسن ديّاني
أأنت أنت أجب إني لأحسبني
أروى حديثك عن أحلام وسنان
لا أنت أنت ولا وجدى سوى كلف
من شاعر بنمير الحسن غصّان
كن كيف شئتَ وأنكر في الهوى شغفي
فسوق أدفع بهتاناً ببهتان
من أنت من شاعرٌ أدميت مهجتهُ
بأعين لك لم توهب لإنسان
من أنت إني أرى من أنت يا رشأ
من غدره سوف يسقى كأس كفراني
ستشرب النار من غدرى مصلصلةً
والدهر يرجم خوّاناً بخوان
عليك أعتب ما عتبى على قمر
قد نام عنى وخلّاني لأحزاني
أصوغ شعري حنيناً كي ترقّ له
من بعد صدّ وهجرانٍ وعصيان
فلا يكون جوابٌ منك من غزلي
إلا جواب كحيل الطرف نعسان
تراع حيناً بأنظاري أصوّبها
إلى جمالك من آن إلى آن
فتستجيب بروح باسم مرحٍ
كأنه الزهر في أيام نيسان
وتشتهي أن ترى أني بما سحرت
عيناك أنظم أشواقي بألحاني
لا لن أبوح بحبي لن أبوح به
إني لأنبت من أركان ثهلان
أكاتم القلب وجدا لو نطقت به
لثار يسأل ما خطبى وما شاني
يا قلب دعني لكتماني أنادمه
لم يبق لي من نديم غير كتماني
من أنت لا لن أسمّى من أهيم به
يكفى الذي قد مضى من فضح أشجاني
عشرون عاما وقلبي طائرٌ غرِدٌ
يساور الحسن من غسن لأغصان
قال الخليّون في شجوى مقالتهم
وجرّحوني بأظفار وأسنان
فليرجعوا وليكفّوا عن ضلالتهم
فما لغير الهوى للمرء عينان
أكان إثما عظيما أن أكون فتى
الحسن في شعره أزهار بستان
لا تسألوا أين شوقى ذلك علمٌ
لو قام من قبره يوما لحيّاني
إنى تحدّيتُه حيّا فآمن بي
أين الذي بمعانيه تحداني
قالوا ذوى الشعر في مصر فقلت له
إني سأجعله من بعض خلاني
ما ضاع من أنا راعيه وكالِئهُ
بحارسٍ أخضر العينين يقظان
للأعين الخضرِ سحرٌ قاهرٌ خضعت
له الفواتك من صلّ وثعبان
الأعين الزرق في باريس ترهبني
كالأعين السود في آطام بغدان
سأوقد الشعر في الوادي وأعلنه
إن كان في حاجة يوماً لإعلان
الشعر في مصر فليسكت أخو غرض
يقول إن حماه أرض لبنان
مصر التي رفعت للشعر رايته
وأيدته بأبطال وفرسان
لولا سنا مصر في لألاء طلعته
ما كان يوما تبدّى نجم مطران
الشعر في الشرق نحن الحارسون له
على الرياض يخاف الغارس الحاني
أسلافنا قد أعادوا نسج بردته
إلى أصالتها في عهد عدنان
ما رام ناظم شعر غير غايتنا
من أن يكون هدى يوحى بميزان
الجد والهزل في أشعارنا تحفٌ
الجد والهزل عند الشعر سيان
فإن عدلنا وأجحفنا فلا عجبٌ
العدل والظلم عند الشعر مئلان
عنّا خذوا العقل في طغيان ثورته
هدما بهدم وبنياناً ببنيان
لا تحسبونا صفحنا عن تطاولكم
لا صفح عن كافر من بعد إيمان
من أنت ما هالةٌ يسرى بها قمرٌ
مسرى الصبابة في أحلام ولهان
فتنتَ بالحسن آلافاً مؤلفة
يا أجمل الخلق من حور وولدان
إنى أغار فليت الناس ما خلقوا
أو ليتهم خلقوا من غير أجفان
إن لم يروك فصوت منك يسحرهم
يا ليتهم خلقوا من غير آذان
من أي روح عصوف أبدعتك يدٌ
من بدعها كان بالخلّاق إيماني
ما البدر في نوره الباهي وطلعته
إذا تألق في أعقاب أدجان
أدل منك على أن الوجود سنا
قد صاغه من سناه روح فتّان
لو يعبد اللَه يوما في بدائعه
لكنت يا ساحرا معبودنا الثاني
اللَه فيك أرى إني ليطربني
أن الوجود جميعاً روحه الغاني
أنت الجمال وروح الحسن خالدة
ما في الحدائق زهرٌ ذاهبٌ فان
إن الورود وإن لم يبق رائعها
يومين تضرب أزماناً بأزمان
إن العبير إذا طاح الذبول به
يبقى وليس عبير الحسن بالفاني
تلك المذاهب من غيّ ومن رشدٍ
ومن جنونٍ وعقل وحيُ أكفان
لو مات من مات حقاً لا نقضى أثرٌ
لذاهب لم يعش إلا بجثمان
ما نوحُ ما أمرهُ والفلك تنجده
من الغوائل طوفاناً لطوفان
هل كان نوح سوى رمزٍ عرفت به
أن لا فناء لروح أو لأبدان
من أنت سوف أسمى يوم تلهمني
ما لم يكن لي في وهم وحسبان
ويوم يصبح شعرى فيك معجزةً
تكون في سبحات الخلد برهاني
أقول هذا وإن لم يجترىء أحد
على المجاراة في الميدان ميداني
أروم شعراً كشعرى فيك يفتنني
كفتنتي بغرامي يوم تلقاني
هذه القصيدة وحيٌ منك أطربني
قل لي متى يتجلى وحيك الثاني
أنت الرسول رسول الحسن في زمن
أنا الأمير به من بعد حسان