غضب الحبيب فهاج لي استعبار
المظهر
غَضِبَ الحبيبُ فهاجَ لي استعبارُ
غَضِبَ الحبيبُ فهاجَ لي استعبارُ
والله لي ممّا أُحاذِرُ جَارُ
كنّا نُغايظُ بالوِصال مَعاشراً
لهُمُ الغَداةَ بصَرمِنا اسْتِبشارُ
إذ لا أرى شكلاً يكونُ كَشِكلِنا
حُسناً ويَجمعُنا هُناك جِوارُ
وكأننا لمْ نجتمع في مجلسٍ
فِيه الغِناءُ ونَرجِسٌ وبَهارُ
مَا كان أشأْمَ مَجلِساً كنّا بهِ
تلك العَشييّةَ والعِدا حُضّار
مَدَنيّةٌ أمْسَى العِراقُ مَحلَّها
ولها بزوراء المدينةِ دارُ
أدنى قَرابتِنا إليها أننا
شَخصانِ يَجمعُنا إليه نِزارُ
ياأيها الرجلُ المعذّبُ قلبهُ
أقصِر فإنّ شِفاءكَ الإقصارُ
نزَفَ البُكاءُ دموعَ عينكَ فاستعر
عيناً لغيركَ دمعُها مِدرارُ
من ذَا يُعِيرُكَ عَيْنَهُ تبكي بها؟
أرأيتَ عيناً للبكا تعارُ
الحُبُّ أوّلُ مَا يَكُونُ لجَاجةً
تأتي به وتسوقه الأقدارُ
حتى إذا اقتحمَ الفتى لُجَجَ الهوى
جاءت أُمورٌ لا تُطاقُ كِبارُ
إذا نظرتَ إلى المُحبّ عرفتَهُ
وبدَت عليه مِن الهَوى آثارُ
قُل ما بدا لكَ أن تقول فربما
ساقَ البلاءَ إلى الفتى المِقدارُ
يا فوزُ هل لك أن تعودي للّذي
كُنّا عليهِ مُنذ نحنُ صغارُ
فلقَد خَصَصتُكِ بالهَوى وصرَفتُه
عمّن يُحدّثُ عنكُمُ فيغارُ
هل تذكرين بارِ بكرٍ لهْونا
ولنا بذاك مخافةٌ وحِذارُ
مُتَطاعِمينِ بِريقِنافي خلوةٍ
مثلَ الفراخِ تزُقّها الأطيارُ
أم تذكُرين لِدُلْجَتي متنكِّراً
وعليّ فروَا عاتقٍ وخِمارُ
فَوددتُ أنّ الليل دامَ وأنه
ذهبَ النهارُ فلا يكونُ نهارُ
أفَما لذلك حُرمةٌ محفُوظَةٌ
أُفٍّ لمَن هُوَ قاطِعٌ غَدّارُ
سأُقِرُّ بالذّنبِ الذي لَمْ أجنِه
إن كان ينفعُ عندَكِ الإقرارُ
ما تأمرين فَدَتكِ نفسي في فتّى
ما تَلْتَقي لجُفونهِ أشفَارُ
من كانَ يبغضكمْ فباتَ مبيتَهُ
إن الهوى لذَوي الهوى ضَرّارُ
صَرَمَ الأحبةُ حبْلهُ فكأنهُ
إذ غادَرُه وضرّه الإضرارُ
رَجُلٌ تطاولَ سُقمُه في غُربةٍ
نزَحَتْ به عن أهلِه الأسفارُ
لا يستطيعُ من الضرورةِ حيلةٍ
أمْسَى تُرَجَّمُ دونَه الأخبارُ
حتى أتيحَ له، وذالك لحَينِه،
رَكبٌ رمتْ بهمُ الفجاجُ تِجارُ
حَمَلُوه بينَهُم نَحِيلاً جسمُه
عاري العِظامِ ثيابُه أطمَارُ
فثَوى تُقلّبُه الأكُفُّ مُلَقَّفاً
ولَهُ تُشدُّ وتُوضَعُ الأَكوارُ
حَتى إذا سلَكوا به في مَهمهٍ
قَفرٍ تَضِلُّ به القَطا وتَحارُ
غَرِضُوا مِنَ النِّضْوِ العليلِ فعطَّلوا
منه الرّكاب وخلّفُوه وساروا