انتقل إلى المحتوى

عَذيرِيَ مِن طَوَالعَ في عِذَارِي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

عَذيرِيَ مِن طَوَالعَ في عِذَارِي

​عَذيرِيَ مِن طَوَالعَ في عِذَارِي​ المؤلف أبو فراس الحمداني



عَذيرِيَ مِن طَوَالعَ في عِذَارِي،
 
وَمِنْ رَدّ الشّبَابِ المُسْتَعَارِ!
و ثوبٍ، كنتُ ألبسهُ، أنيقٍ
 
أجررُ ذيله، بينَ الجواري
و ما زادتْ على العشرينَ سني
 
فما عذرُ المشيبِ إلى عذاري؟
و ما استمتعتُ منْ داعي التصابي
 
إلى أنْ جَاءني داعي الوَقَار
أيا شيبي، ظلمتَ ‍! ويا شبابي
 
لقَد جَاوَرْتُ، مِنكَ، بشَرّ جارِ!
يُرَحِّلُ كُلّ مَنْ يَأوِي إلَيْهِ
 
و يختمها بترحيلِ الديارِ
أمرتُ بقصهِ، وكففتُ عنهُ،
 
وقرَّ على تحمُّـلهِ قراري
وَقُلْتُ: الشّيبُ أهوَنُ مَا أُلاقي
 
مِنَ الدّنْيا وَأيْسَرُ ما أُدارِي!
وَلا يَبْقَى رَفِيقي الفَجْرُ حَتى
 
يضمَّ إليهِ منبلجَ النهارِ "
"و إني ما فجعتُ بهِ لألقى
 
بهِ ملقى العثارِ منَ الشعارِ"
و كمْ منْ زائرٍ بالكرهِ مني
 
كرهتُ فراقهُ بعدَ المزارِ!
متى أسلو بلا خلٍّ وصولٍ
 
يُوَافِقُني، وَلا قَدَحٍ مُدَارِ؟
و كنتُ، إذا الهمومُ تناوبتني،
 
فزعتُ منَ الهمومِ إلى القفارِ
أنَختُ وَصَاحِبَايَ بذي طُلُوحٍ
 
طَلائِحَ، شَفَّهَا وَخْدُ القِفَارِ
وَلا مَاءٌ سِوَى نُطَفِ الأدَاوِي،
 
وَلا زَادٌ سِوَى القَنَصِ المُثَارِ
فَلَمَّا لاحَ بَعْدَ الأينِ سَلْعٌ،
 
ذكرتُ منازلي وعرفتُ داري
ألَمّ بِنا، وَجُنْحُ اللّيلِ داجٍ،
 
خيالٌ زارَ وهناً منْ نوارِ
أبَاخِلَة ٌ عَلَيّ، وَأنتِ جارٌ،
 
وَواصِلَة ٌ عَلى بُعْدِ المَزَارِ!
تلاعبُ بي، على هوجَ المطايا،
 
خلائِقُ لا تَقُرّ عَلى الصَّغَارِ
و نفسٌ، دونَ مطلبها الثريا
 
وَكَفّ دُونَهَا فَيضُ البِحَارِ
أرى نفسي تطالبني بأمرٍ
 
قَلِيلٌ، دُونَ غَايَتِهِ، اقتِصَاري
و ما يغنيكَ منْ هممٍ طوالٍ
 
إذا قرنتْ بأعمارٍ قصارِ؟
وَمُعْتكِفٍ عَلى حَلَبٍ بَكِيٌّ،
 
يقوتُ عطاشَ آمالٍ غزارِ
يقولُ ليَ: " انتظرْ فرجاًَ " ومن لي
 
بأنَّ الموتَ ينتظرُ انتظاري؟!
عليَّ لكلِّ همٍ، كلُّ عيسٍ
 
أمونُ الرحلِ موخدة ُ القفارِ
وَخَرّاجٌ مِنَ الغَمَراتِ خِرْقٌ،
 
أبو شبلينِ، محميُّ الذمارِ
شَدِيدُ تَجَنّبِ الآثَامِ وَافٍ،
 
عَلى عِلاّتِهِ، عَفُّ الإزارِ
فَلا نَزَلَتْ بيَ الجِيرَانُ إنْ لمْ
 
أُجَاوِرْهَا مُجَاوَرَة َ البِحَارِ
 
أُصَاحِبْهَا بِمَأمُونِ الفِرَارِ
وَلا صَحِبَتْنيَ الأمْلاكُ إنْ لمْ
 
أُصَبّحْهَا بِمُلْتَفّ الغُبَارِ
بجيشٍ لا يحلُّ بهمْ مغيرٌ
 
وَرَأيٍ لا يَغِبّهُمُ مُغَارِ
شددتُ على الحمامة ِ كورَ رحلٍ
 
بعيدُ حلهُ، دونَ اليسارِ
تَحُفّ بِهِ الأسِنّة ُ، وَالعَوَالي،
 
و مضمرة ُ المهاري، والمهاري
يعدنَ، بعيدَ طولِ الصونِ، سعياً
 
لِمَا كُلّفْنَ مِنْ بُعْدِ المَغَارِ
و تخفقُ حوليَ الراياتُ حمراً،
 
وتتبعني الخضارمُ منْ "نزارِ "
وَإنْ طُرِقَتْ بِدَاهِيَة ٍ نَآدٍ
 
تدافعها الرجالُ بكلِّ جارِ
عَزِيزٌ حَيثُ حَطّ السّيرُ رَحْلي،
 
تداريني الأنامُ ولا أداري!
و أهلي من أنختُ إليهِ عيسي،
 
وَدَارِي حَيثُ كُنتُ مِنَ الدّيَارِ