علم النجوم وأصول الحركات السماوية/الفصل السابع
الفصل السابع
في خواص أقسام الربع المسكون وذكر المواضع التي تطلع
عليها الشمس شهوراً لا تغرب وتغرب عنها شهوراً لا تطلع،
فلنصف الأن خواص المواضع المسكونة فيها بين دايرة الاستواء ألي اخر الربع المسكون من الارض فنقول أما المواضع المسكونة فيما بين دايرة الاستواء وبين الموضع الذي يرتفع فيه القطب أقل من ميل فلك البروج فأن الشمس تمر علي سمت الرووس فيها مرتين في السنة لأن بعد نقط سمت الروس عن معدل النهار يكون فيها أقل من ميل اول السرطان عنه فيكون عن جنبتي أول
السرطان موضعان ميلهما عن معدل النهار بقدر أرتفاع القطب، وأذا صارت الشمس في كل واحد من هذين الموضعين كان ممرهـا حينيذ علي سمت الرووس واذا كان مسيرهـا في القطعة الشمالية التي فيمـا بين ذينك الموضعين من فلك البروج كان ممرها في ناحية الشمال عن سمت الرووس، وأما المواضع التي تكون فيهـا ارتفاع القطب مساويا لميل فلک البروج فأن الشمس تمر فيهـا علي سمت الرووس مرة واحدة في السنة وذلك أذا صارت الشمس في أول السرطان ن
وأما ساير المواضع التي يرتفع فيها القطب أكثر من ميل فلك البروج فأن الشمس لا تمر فيها علي سمت الرووس أبداً ويكون ممرها في ناحية الجنوب وكلما زاد أرتفاع القطب انحط مدار الشمس عن سمت الرووس ألي الجنوب وبعد مشرق الصيف من مشرق الشتاء وكثر فضل نهاره على نهاره الي أن تبلغ ألي المواضع التي يرتفع فيها القطب عن الأفاق بمقدار مدار رأس السرطان من القطب وهو ستة وستون جزأء وربع وسدس جزء، فهناك يكون بعد سمت الرووس من قطب معدل النهار مثل بعد قطب فلك البروج منه فيكون قطب فلك البروج في دورة يمر علي سمت الرووس ويكون مدار أول السرطان فقط ظاهراً فوق الأرض أبداً ومدار
أول الجدي فقط غأيبـاً أبداً، فأذاً كانت الشمس في أول السرطان كان النهار أربعـاً وعشرين ساعة لا ليل فيه وأذا كانت في أول الجدي كان الليل أربعـا وعشرين ساعة لا نهار فيه، ويعرض في هذه المواضع عند موازاة قطب فلك البروج سمت الرووس أن دايرة فلك البروج ينطبق حينيذ علي دايرة الأفق فيكون أول الحمل في مشرق وميزان في مغرب وأول السرطان في الافق الشمالي والجدي في الأفق الجنوبي فأذا زال قطب فلك البروج عن سمت الرووس يقاطع فلك البروج والأفق بنصفين نصفين فأرتفع النصف الشرقي من فلك البروج وأنخفض النصف الغربي فتطلع حينيد ستة بروج دفعة من غير زمان وهي من أول الجدي ألي أخر الجوزاء وكذلك تغيب الستة الباقية دفعة ن
فان أحد أراد أن يعرف حال مـا ورا، هذه المواضع ألي تمام ربع الأرض فان خواص تلك المواضع أن يكون أرتفاع القطب فيهـا عـن الأفاق أكثر من بعد مدار السرطان من قطب فهناك تكون القطع التي عن جنبتي أول السرطان التي ميلها من معدل النهار ألي الشمال أكثر من ميل القطب عن سمت الرووس ظاهرة فوق الارض أبداً وكذلك القطع النظيرة لهـا مما يلي الجدي غايبة أبداً ولذلك يكون طول يوم واحد فقط من أيام الصيف هو الزمان الذي تقطع فيه الشمس بمسيرها في فلك البروج تلك الاجزأء الظاهرة منه فوق الأرض وطول ليلة واحدة فقط من ليالي الشتاء بقدر ذلك فمن هذه المواضع أمـا المواضع التي يرتفع القطب عن الافاق سبعة وستين جزأء وربع جزء فهناك يكون مدار مـا بین النصف من الجوزاء ألي نصف من السرطان ظاهراً فوق الأرض أبداً ومـا بين النصف من القوس ألي نصف الجدي غايبـاً أبداً ولذلك يكون مقدار شهر من الصيف نهاراً كله لا ليل فيه وشهر مـن الشتاء ليلاً كله لا نهار فيه وتكون العشرة الأشهر الباقية من السنة كل يوم وليلة أربعـاً وعسرين ساعة ن
وحيث يكون أرتفاع القطب تسعة وستين جزأء ونصف وربع جزء فهناك يكون مدار برجي الجوزاء والسرطان ظاهراً فوق الأرض أبداً ومدار برجي القوس والجدي غأيبـاً أبداً ولذلك يكون مقدار شهرين من الصيف نهاراً كله وشهرين من الشتاء ليلاً كله ن
وحيث يرتفع القطب ثلثة وسبعين جزأء ونصف جزء فهناك
يصير مدار ما بين النصف من الثور الي نصف من الأسد ظاهراً أبداً والأجزأء النظيرة لهـا ممـا يلي الجدي غايبة أبداً فيكون مقدار ثلثة اشهر ن الصيف نهارا كله وثلثة أشهر من الشتـاء ليلاً كله ن
وحيث يرتفع القطب ثمنية وسبعين جزأء ونصف جزء فهناك يكون مدار الثور والجوزاء والسرطان والأسد ظاهراً أبداً والبروج النظيرة لهـا غايبة أبداً فيكون أربعة أشهر من الصيف نهار لا ليلاً فيه وأربعة أشهر من الشتاء ليلاً لا نهار فيه ن
وحيث يرتفع القطب أربعة وثمنين جزاء فهناك يكون مدار ما بين النصف من الحمل ألي نصف من السنبلة ظاهراً أبداً والبروج النظيرة لها غايبة أبداً فيكون خمسة أشهر مـن الصيف نهاراً لا ليل فيه وخمسة أشهر من الشتاء ليلاً لا نهار فيه ن
ومما يعرض في هذه المواضع التي تقدم ذكرها من دور فلك البروج أنه اذا كان قطب فلك البروج في دأيرة نصف النهار مما يلي الجنوب كان أول الحمل في المشرق والميزان في المغرب وتكون البروج الشمالية ظاهرة فوق الارض والبروج الجنوبية غايبة فيكون تأليف البروج فوق الأرض حينيذ مـن المشرق الي المغرب علي خلاف مـا يظهر في المواضع المسكونة وهناك يطلع ما له طلوع من أجزأء فلك البروج فيمـا بين الجدي والسرطان منكوسـاً فيطلع الثور قبل الحمل والحمل قبل الحوت والحوت قبل الدلو وكذلك تغرب البروج النظيرة لهـا منكوسة ن
فأمـا الموضع الواحد الذي يرتفع فيه القطب تسعين جزأء فيصير علي سمت الرأس فأن دايرة معدل النهار تصير هناك منطبقة علي دايرة الأفق أبداً ويكون دور الفلك كدور الرحا موازيـاً للأفق ويكون جميع نصف السماء الشمالي مـن معدل النهار ظاهراً فوق الأرض أبداً ونصف الجنوني غأيبـاً أبداً فلذلك اذا كانت الشمس في البروج الشمالية تكون طالعة تدور حول الأفق ويكون أكثر أرتفـاعهـا عـن الأفق بمقدار ميلهـا عـن معدل النهار وأذا كانت في بروج الجنوبية تكون غايـبـة فتكون السنة كلهـا هناك يومـاً واحداً ونهاره ستة أشهر وليله ستة أشهر ن