علم النجوم وأصول الحركات السماوية/الفصل الثاني عشر
الفصل الثاني عشر
في صفة هيئة أفلاك الكواكب وتركيبهـا
ومراتب أبعادهـا مـن الأرض،
فأن قد قدمنا ما كان يجب تقديمه مـــن
القول علي أقسام الأقاليم ومـا يعرض فيهـا من اختلاف
النهار والليل وساير مـا يتبع ذلك فلنبتدي القول
علي الكواكب الثابتة والجارية وتقدم ذكر هيئة
أفلاكهـا ومراتبهـا ونـتـبـع في ذلك أراء العلمـاء
المتقدمين ومـا أجمعوا عليه ن
فنقول أن عدة الأفلاك المحيطة بجميع حركات الكواكب ثمنية منهـا سـبـعـة للكواكب السبعة الجارية والثامن منهـا الاعلي لجميع الكواكب الثابتة وهي فلك البروج ن
وهيئة هذه الأفلاك كهيئة الاكرة بعضهـا في جوف بعض فصغراهن التي هـي أقربهن
من الأرض هي كرة القمر وثانية لعطارة وثالثة للزهرة والرابعة للشمس والخامسة للمريخ والسادسة للمشتري والسابعة لزحل والثامنة للكواكب الثابتة، فأمـا فلك الكواكب الثابتة الذي هو فلك البروج فأن مركزه هو مركز الارض وأما مراكز الأكر السبع التي للكواكب الجارية فخارجة عن مركز الارض في جهات مختلفة ن
وفي كل كرة من هذه الثماني الأكر دايرة تقطع الكرة بنصفين مـــــــــن المشرق الي المغرب فالدايرة التي تقطع كرة الكواكب الثابتة في منطقة فلك البروج التي تقدم ذكرها واليها يقاس المسير المختلف المقوم الذي يري لجميع الكواكب المغرب الي المشرق وأما دواير الأكر الخارجة المراكز فيسمي كل دايرة فيهـا دايرة الفلك الخارج المركز وهي التي تسير فيهـا الكواكب سيرة الوسط المستوي من المغرب الي المشرق ن
فيجب مما وصفنا أن يكون في كل فلك من هذه الأفلاك السبعة موضعان متقابلان أحدهما في غاية بعد الفلك من الأرض وأخر في قرب البعد فالبعد الأبعد منهـا يسمي أوج الكواكب والبعد الأقرب يسمي نظير الاوج ن
فاذا كان الكواكب في نصف الأبعد فلكه وهو
النصف الذي فيه الاوج كان مسيرة يري في فلك البروج بطيأ واقل من مسيرة الوسط في فلكه لبعده من الأرض، وأذا كان في النصف الأقرب من فلكه كان مسبره يري في فلك البروج سريعاً وأكثر من مسيرة الوسط، فالمسير الوسط الدايم علي أمر واحد هو ما يسير الكوكب في فلكه الخارج المركز باستواء والمسير المقوم هو ما يري من مجازه في فلك البروج ن
فأما الشمس فأن جرمها مركب علي فلكها الخارج المركز يديرها دورا مستويا وسطح فلكها الخارج المركز في سطح فلك البروج غير مايل عنه، وأما الستة الكواكب الباقية فليست أجرامها علي الأفلاك الخارجة المركز ولكنها مركبة علي افلاك صغار يسمي افلاك التداوير ومراكز هذه الافلاك الصغار مركبة علي أفلاك الخارجة المراكز وسطوح هذه الأفلاك جميعاً أعني الأفلاك الخارجة وأفلاك التداوير مايلة عن سطح فلك البروج ن
أما القمر فان مركز فلک تدويره مركب علي فلكه الخارج المركز الذي ذكرنا غير أن دور مركز فلك تدويره المعتدل أنما هي علي مركز فلك البروح، وأما الخمسة الكواكب الباقية فأن مراكز أفلاك تداويرها مركبة علي أفلاك أخر خارجة المراكز سوي أفلاك الخارجة المراكز الأولي التي
قدمنـا دكرها وهي مساوية لها في العظم وسطوحها في سطوحها غير أن مراكر أفلاك التداوير المركبة علي هذه الأفلاك الخارجة تتحرك الحركات المتساوية في الأزمان المتساوية علي مراكز الأفلاك الخارجة الأولي فيسمي الفلك الذي عليه مركز فلك التدوير الفلك الخارج الحامل لمركز فلك التدوير وأمـا الفلك الأول الذي علي مركزه يكون مسير مركز فلك التدوير المعتدل فيتسمي الفلك الخارج المركز المعدل للمسير ن
وأيضـاً فأن سطوح هذه الأفلاك الخارجة المراكز لهذه الستة الكواكب يقطع كل واحد منهـا سطح فلك البروج بنصفين في موضعين متقابلين ويميل عنه في جهتي الشمال والجنوب ويسمي الشكل الذي يحدث من تقاطع فلك الكواكب وفلك البروج الشين وهو هكذا χ هذا هو شكل حرف الشين في لغة اليونانيين فالنقطة التي تأخذ منهـا فلك الكواكب الي الشمال عن فلك البروج يسمي رأس التنين وهي الجوزهر والنقطة المقابلة لهـا تسمي الذنب ن
وأما القمر فان سطح دايرة فلك تدويره لازم لسطح فلكه الخارج المركز وله في العرض اختلاف واحد من ميل فلكه الخارج المركز عن فلك البروج، وأما الخمسة الكواكب الباقية فان أفلاك تداويرها تميل عن أفلاكهـا الخارجة المراكز ميلاً ثانياً فيكون لكل كوكب منها اختلافان في العرض عن فلك البروج أحدها من ميل الفلك الخارج المركز عن فلك البروج والأخر من ميل فلك التدوير عن فلك الخارج المركز، فهذا مـا اتفقت عليه العلمـاء في هيئة أفلاك الكواكب وتركيبهـا ن