عشائر العراق/5
والآيات والأحاديث كثيرة مما ماثل هذه، وفيها امحاء للعرف الخاص الذي هو نتيجة اثرة، وتحكم، وقوة في جهة، وضعف، واستكانة، ورضوخ في اخرى... وكانت الفكرة شديدة في التمسك بأحكام الكتاب، والكل مقتنع ان العادة محكمة فيما لم يرد به نص شرعي حاسم، ولا مجال لأحد في مخالفة النصوص القاطعة... ومن حين قبلوا هذا المبدأ، وساروا بمقتضاه تحضروا، ونزعوا الفكرة الجاهلية، واستعاضوا عنها بالروحية الطيبة الصالحة...
إن القانون العام فيه ما فيه من المحافظة على الوحدة، ونزوع إلى التشريع العالمي... ووحدة الأمة في ان تفكر في قانون واحد لا قوانين متعددة، وحكم الأمة بقانون واحد مما أرشدت اليه التجارب بعد حين بمرارتها القاسية ذلك ما دعا إلى تيقن قيمة الشريعة الغراء، راعت ذلك قبل ان تتنبه الأمم الكثيرة بل فاقتها بمراعاة إدارة الأمم بقانون واحد مما لا تزال إلى اليوم الحوائل والعوائق تعاكسه.. وكل الأمم في هذه الأيام سائرة إلى وحدة القوانين العالمية، ومن ظواهرها قوانين العقوبات، وبعض التشريع في قوانين التجارة وفي حقوق الدول الخاصة، وتفاهم الأمم في نواحي تطبيق القوانين...
ان تعدد قوانين الأمة، واضطرابها عادة تدل على سخف في تلك الأمة، ونقص كبير فيها لا يعوضه الا الرجوع إلى تلك الوحدة... ولم نجد اليوم في امة متحضرة قوانينى مقطعة الأوصال.
زال التعصب نوعاً، وهو سائر إلى الزوال في ناحية التشريع خاصة، والآراء مصروفة إلى ما قام عليه البرهان الصحيح، والسهولة والبساطة في القوانين، وصرنا نتوقع ان يكون اساس التشريع قواعد عامة تمشي الأمم بمقتضاها. لا ما نراه من التوغل والتدخل حتى في حركات الأشخاص وسيرهم بحالة يكادون يكونون فيها تبعاً لإدارة غيرهم وارادتهم بل اوامرهم العسكرية وايعازاتهم اليومية.. مما نشعر به في كل آن...
والحاصل خزنوا ادمغتنا في مختلف الأيام بقوانين تافهة نحن اليوم في غنى عنها، أو في حاجة عظمى إلى القضاء على الكثير منها... وقد سمعنا التهديد الالهي، والتحذير الشرعي في آية " أفحكم الجاهلية يبغون " وكأننا في غفلة فلا نزال نحمي العرف الخاص بين القبائل، ونناصره...
ومهما كان السبب الحقيقي في وضع هذا النظام - قبل أن يكون نظاماً - وبواعث العمل به، فانه سبق ان طبق عيناً أو ما هو قريب منه وضعاً في انحاء مصر قبل العراق، وتألموا منه كما تألمنا... وقد قبلنا أحكامه، ولا حظناها ظهراً لبطن فلم نتبين فوائده في حين انه تجلت لنا أضراره الكثيرة...
أما أنه لو حدث أمر عظيم بين قبيلتين او قبائل فحينئذ يكون الحسم بالتفاهم، أو بايقاف المتجاوز عند حده. وذلك مما يتعلق بالسياسة العشائرية وهي فوق هذا النظام الذي تتعلق قضاياه بأمور شخصية جزائية أو مدنية... ولكن السياسة العشائرية المذكورة تتطلب المصلحة العامة أكثر مما تهمها قضية شخص ونزاعه على شاة او بعير... وقد رأينا في وقائع تاريخية عديدة لزوم إدارة العشائر بحكمة في اوضاعها المختلفة سواء في العلاقات الداخلية وتقوية روابطها والخارجية وحسن تمشيتها مما يصلح ان يكون مثالاً يحتذى بحيث تتوقف هذه الإدارة على صحة العمل وتعقل القائمين به... وكم من قبيلة كبرى او امارة تحكمت في مقدرات العراق، وفي الحكومات المجاورة حتى دعا ذلك إلى عقد معاهدات للتكاتف ضد صولة هؤلاء، والقضاء على نفوذهم والاستقلال في إدارة المملكة، وقد أوضحنا هذه الناحية بأمثلة كثيرة في (تاريخ العراق)...
وكلمتي الأخيرة، ان بقاءه عودة بقبائلنا إلى العصور الجاهلية الأولى... وقد دلتنا التجارب إلى ان التمسك به جرّ إلى اختلاق عوائد، أو تقرير تقاليد اما انها لا اصل لها فاوجدت بتأثير، أو أنها مما لا يقرها عدل، ولا يقبلها قانون، أو أنها نتيجة اثرة وتحكم كما تقدم وبعضها فيها هدم للأحكام الشرعية فيما يتعلق بالمواد الشخصية المعتادة... واذا كان لا بد من تطبيقه فيجب ان تحدد قضاياه من جهة، وان يكون قانون العقوبات اساساً له، وان تحسم قضايا العشائر على يد الحكام القضائيين لا بيد الإداريين.
(1/123)
ان وزارة المالية الجليلة رفعت عنها غائلة كبرى بوضع الاستهلاك فقلت علاقتها مع العشائر، فلو ادعت قضايا العشائر المدنية العادية، والأحوال الشخصية إلى المحاكم، ووعي في حسم قضاياهم الجزائية مادة(41) من قانون العقوبات بايداعها إلى المحاكم قلت تدخلات الإدارة وزالت عن الإدارة غائلة اكبر، وتكون الأمور قد اودعت إلى اهلها، وانقذ العشائر من اذى المراجعات الطويلة أشهراً، وسنين... وزالت الاعتراضات الموجهة... وحينئذ تنصرف الإدارة إلى الأمور الاصلاحية العامة وهي كثيرة وأولى بالتقدم على غيرها... " اه.(1) نشرت هذا المقال في 21 ربيع الثاني سنة 1354 و 22 تموز سنة 1935 كمقدمة لكتاب (تعليقات على نظام دعاوي العشائر)... والملحوظ أن الادارة في دعاوى العشائر كانت ولا تزال تراعي أكثرياً وسائل الاثبات، والتقارير الطبية فيما يجب مراعاته، وفي هذا تقريب من القانون العام، ولكن تقدير الأدلة في المحاكم أقوى، وأكثر عناية نظراً للاختصاص الموجود... ولا تخلو اوضاع من اعتبار تقرير مجالس التحكيم كأساس للأحكام التي تصدرها الإدارة وان انعدمت الأدلة، أو قررت الإدانة بلا دليل...
والأصل الذي يدور حوله الاصرار على قبول نظام العشائر ان المسؤلية الجزائية، أو التعويض المالي لم يكن شخصياً، وإنما ذلك عاماً شاملاً لجميع أفراد القبيلة، أو لقسم كبير منها... وهذا أمر ظاهري، وإنما كان يقصد بمراعاته أيام الاحتلال... ان يزيد الاتصال الدائم بالعشائر من جهة، واعتبارهم أصحاب وضع ممتاز من أخرى، او بالتعبير الأصح الفصل بينهم وبين أهل المدن...! لتسهل إدارة كل صنف على حدة، وينعزل الواحد عن الآخر لتبعيد بعضهم من بعض... ومؤاخذة القبيلة، أو قسم منها بجريرة الجانى، واعتبارها مدانة بالدية او ما ماثل مما تاباه الأخلاق الفاضلة، وينفره السلوك الصحيح، وان تطبيق نظام أو قانون كهذا وصمة على الأمة... في المسؤلية العامة لا على الجاني وحده...
ومن أهم الاصلاح المنشود ان يكون تشريعنا تابعاً للتقدم العلمي والأدبي، لا أن يكون رجوعاً إلى الوراء وعودة إلى الجاهلية الأولى...!! هذا ولعل في هذا البيان ما يبصر نفس القوم في ادراك ضرره، ودرجة اجحافه بالحقوق فيطلبوا الغاءه، ويعجلوا في امر اهماله بل نبذه نبذاً تاماً...!!
- 10 -
آخر القول في العوائد
اذا كانت الأمم المتحضرة تقوي آدابها بطرق مختلفة، وتتخذ الوسائل الكثيرة لتمكينها سواء من ناحية التعليم، او الجرائد، والدواوين الشعرية، والمجامع العلمية؛ والمطبوعات المختلفة والنشريات المتوالية... فالبدوي يلقن عوائده وآدابه، ويحببها بوسائل شبيهة بتلك أو قريبة منها، ومن أهمها، الأفراح، وأيام الأعياد، والدواوين وهي المجالس والمجتمعات وسائر الحفلات والاجتماعات ابان الحروب، وفي السباق نسمع حداءهم، وطواحهم، أو هجينهم، أو قصيدهم، وحكاياتهم، والهجاء والمدح...
تقدمت أمثلة بعض ذلك، ومن أهم ما يراعيه البدوي لهذا التثبيت التكرار، وأكثر أوقات البدوي فراغ وراحة، فلا يخلو من تذكر الوقائع، وتكرار مباحثها، وتخطر الحوادث أو قصصها... وأحرص ما يكون عليه ان يقص حوادث نفسه، أو الوقائع الكبرى لاسلافه يفتخر بها، ويعد المآثر، وبيان ما أصابهم من مصيبة، ثم الانتصار على العدو أو شرح طريق النجاة... وفي الآداب ما يعين صفحة مهمة لتقوية العوائد، فترسخ، ولا يرى البدوي خلافها، ولا يقبل المناقشة فيها... وللتلقين أثره في القوم...
وكتب الأدب ودواوين الشعراء طافحة بما عند القبائل من عوائد قديمة، وفيها شرح نفسيات لا تختلف في الأكثر عن عوائد هذه الأيام... وكلها تكاد تكون متماثلة في أوضاعها العامة، والمجتمع لا يرضى باهانة، ولا ينام على ضيم، ويكرم ضيفه، ويعزّ جاره، ويحتفظ بعهده. ولكنه لا يخلو في وقت من مراعاة بعض الحالات الداعية للتفاؤل أو التشاؤم كما مرّ في الخيل، وفي حالات أخرى كالتطير من (العرضة) وهي أن يعترضه آخر ويسأل عما هو ذاهب إليه أو ينهاه من الذهاب، أو يسمع صوت طاير، أو يمر به حيوان فيستاء أو يستبشر... مما لا يستقصي تعداده... وأهل المدن لا يخلون من أمثالها وللثقافة وتعميم التعليم أثرهما في ازالتها...
وعلى كل حال ضاق المجال فلا يسع أكثر من هذا...!!
- 11
(1/124)
إصلاح العشائر البدوية
مضت حكومات، وعاشت أمم، وزالت أخرى، والبدو لا يزالون على حالاتهم، محافظين على أوضاعهم، لم تغيرهم العصور، ولم تبدلهم الدهور إلا انه كل ما حدث خلل في الأرياف مال قسم منهم وحل مكانه... وهم مادة نفوس الأرياف، ولا يميلون إلى المدن إلا آحاداً...
ومن تجارب عديدة، ومناهج كثيرة ظهر جلياً أن إدارة العشائر البدوية ليست من الأمور السهلة، ولا نزال نرى الاهتمام بها كبيراً، والنتائج المرضية قليلة... ولا يهمنا سرد كل ما جرى، والموضوع أعضل أمره، والتنديد بما ارتآه كثيرون، أو ذاقوا مرارته... ليس من شأننا كما أن المطالب الخاصة لكل قبيلة مما لا نتعرض له، وبحثنا يدور حول القبائل البدوية بصورة عامة... والموضوع لا يزال يقبل الأخذ والرد، ومراعاة التجارب العديدة...
والاصلاح المنشود لا يقف عند قطع المنازعات باصدار القرار الحاسم الذي مبناه التساهل في الحق مما يؤدي إلى قطع الخصومة في الظاهر ولا ما ماثل ذلك وإنما نريد أن نوجه الأنظار إلى بعض نقاط الاصلاح الأساسية، والمجموع القبائلي كبير يقدر بنحو ثلثمائة الف نفس من البدو خاصة فلا يهمل هؤلاء.
ومن أهم ما نتناوله: 1 - المراعي. هنا ناحية مهمة ولدتها الأوضاع الجديدة، وهي (منع الغزو)، وفي هذا من الصعوبة ما لا يوصف، يريد أن يعيش، فمنع من حياة اعتادها، فمن الضروري اتخاذ التسهيلات له في لوازم الحياة وما تقوم به من تربية مواشيه، والاحتفاظ بثروته وتكثيرها من طريق التعب الحلال... فلا ندعه يترك بداوته رأساً، أو يهرب منها إلى حياة قد لا يعيش فيها ولا تلائم طبعه... وإنما نريد أن يكون آلة صالحة للانتاج وهو في بداوته فإذا علم أن قد استفاد من الانتاج، وربح الشيء الكثير، رغب فيما يولد فائدة أكبر، أو أنه يؤسس ريفاً في المواطن القاحلة... وأعظم خطر يعرض له المحل بأن تجدب السنة، ولا يجد ما يكفي لقوام ابله ومواشيه... وفي هذه الحالة إذا لاحظنا التدبير له رفعنا عنه خطراً عظيماً... وللبدو مواطن خاصة يتجولون بها، وآبار معينة، وفي الغالب نرى " المورد العذب كثير الزحام " ، فإذا حصلت أمطار في جهة، وأربعت الأرض في ناحية دون النواحي الأخرى ففي هذه الحالة يلاحظ الخطر من التقرب والاختلاط خصوصاً اذا كان الموطن غير واف بالحاجة... وهذا من لوازمه وقوع منازعات، ومن ثم يجب تحديد المناطق، وحسن إدارة الوضع ليستفيد الكل، وان يراعى المقدار ودرجة الزحام عليه، وتدبير هذه الأوضاع بعقل وحكمة...
ولا تقف التدابير عند هذا، وإنما يجب أن يوزع البدو إلى مواطن أخرى خصبة، ويعترضنا طريق سير القبيلة، وما تمر به من قبائل وتسهيل هذا التنقل أما بأخذ رأي الرؤساء، وأن تدفن الضغائن، ولا تولد وقائع جديدة، أو مراعاة المصلحة بصورة عامة لئلا تحدث عراقيل أكبر ووقائع مؤلمة... ذلك كله نفعله إلى أن تتوسع المشاريع الزراعية، أو تحفر الآبار الارتوازية وما ماثل...
وهذا لا يبنى على قاعدة وإنما تراعى فيه الحالة بكل دقة واهتمام وحكمة... ولا يغب عن أذهاننا أن الحكومات في كافة عهودها كانت ولا تزال إلى ما يقرب منا تماشي العشائر في سيرتها، وتقدر الحساب لها، وتسترضيها، وتراعي جانبها إلى آخر ما هنالك... ولكن هذه لم تولد نتائج صالحة ومفيدة، وغاية ما فيها تسكين الحالة مؤقتاً. فلو عرفت العشائر أن الحق سيف قاطع؛ وانه لا يصح أن يتهاون به وقفت عند حد معين ولا تطمع في نوايا أخرى... وإدراك الضرورات التي لا محيص عن ركوبها من أعظم الوجائب في إدارة هذه المجموعات..
(1/125)
2 - الإسكان. وهو ميل البدو إلى الأرياف، وقد يعدّ غير ضروري ولكنه لازم لتقدمهم نحو الحضارة، وترفيه عيشتهم من الكسب الحلال وكد اليمين... وتحول دون تحقيق هذا الغرض عقبات منها ما يتعلق بنفسية البدو وذلك أن القبائل البدوية لا تنتقل بسهولة بل ترجح ان تعيش بشظف على ان تسلب حريتها، وان تحرم هوائها الطلق كأن تحدد أوضاعها في مناطق خاصة، لا تخلو من عفونة، ومنها أن يكون الفلاح تابعاً في حياته الريفية لأوامر عديدة وأعمال ميكانيكية ولا يستطيع البدوي القيام بها كالفلاح الريفي فإنها من الصعوبة بمكانة، وليس له من الصبر ما يقدر به على الدوام، وهكذا يقال عن الحياة الريفية المطردة، والنظام فالبدوي يتقلب مع الزمن، ويراقب الأوضاع بكل دقة، وقد يثيرها ويوجد حالات غير مألوفة، ومن ثم لا يتقيد بهذه القيود التي يلتزمها الفلاح، وقد بينت طريقة انتقال قبائل زوبع من البداوة إلى الريفية، وتدرجها إليها؛ فهو مثال محسوس..! ومن الضروري في مثل هذه الحالة تحديد أراضي كل قبيلة من قبائل البدو، وتعيين مواطن رعيها، وان لا تتجاوزه، ثم تتقدم رويداً رويداً لأدنى خلل يقع في أهل الريف، أو ينالوا نصيباً من المشاريع ليكونوا بألفة تامة، واتصال مع بعضهم، وعدم نفرة مما هم فيه... وفي مثل هذه الحالة قد يكون السابق ممن قبل الحياة الريفية كأساس لمن يحاول الدخول فيها..
ويهمنا في تقريب البدو إلى الأرياف أن نخطو بأهل الأرياف إلى الحضارة، فإذا تم الكثير من هذا استفدنا من الإنتاج لتكثير النفوس في المدن... وكم من صعوبة هناك، والباعث الأصلي الطبيعي فيه الظروف والأوضاع الخاصة، وتقوية المعارف في الأرياف...
هذا ويجب أن لا نكتفي بملاحظة البادية وأهليها، والتألم لأوضاعهم، وما هم فيه وإنما الملحوظ أن نخطو خطوة صالحة فيهم، ولا نتأخر عند التمكن من تقريبهم ولو شبراً واحداً، ثم نفكر في الآخر... وتقديمهم للزراعة ربح كبير في جعلهم من أهل الأرياف باتخاذ مقاييس زراعية، أو مراعي خصبة ليكونوا بمأمن من العوادي، وينالوا ثمن أتعابهم...
وعلى كل حال رفاه حال الأرياف وتحسين أحوالهم وتقدمهم إلى المدن يؤدي إلى الرغبة في ان نخطو من البداوة إلى الريفية، وأن لا نهمل تحسين حالة البدو... هذا وقد بينا رأينا فيما يجب في كل موضوع سلف من وسائل الإصلاح فلا نرى حاجة للتكرار وإعادة القول هنا...
3 - العدل. وهذا سهل على اللسان، وقد نلوكه وننطق به دائماً ولكننا نجد الصعوبة في التطبيق، ويحتاج إلى رفع الحوائل مما سبق الكلام عليه وعلى غيره، وطريقته واضحة إلا أننا أحجمنا في مواطن عديدة عن القيام بأمره وليس الموضوع هنا القضايا الجزئية. وإنما أريد طرق الحل الإدارية في السياسة القبائلية العامة كأن يحمل الحّل إلا أنه يراد به التفرقة، وتقوية الخصومة... ونتمنى أن لا تعود هكذا ذكريات أساسها الخور في العزيمة، والخوف من توقع الأخطار، وملاحظة قوة القبيلة، وتحكم الرؤساء من جهة وضعف المقابل، أو لزوم مناصرة الرئيس... ولا محل لتعداد كل ما هنالك، ويجب أن يكون الحق صارماً لا يقبل تساهلا، ولا أي أمر آخر يمنع من وصول الحق إلى أهله...
هذا. وأما قضية التعليم فقد أفردنا لها المقال التالي.
- 12 -
تعليم البدو
قضية من أمهات القضايا الاصلاحية، ومطلب من أعز المطالب... عشائرنا أمية، وكدنا نقطع أن لا أمل في إصلاحها... وللآن لم نتخذ تدبيراً فعلياً، بل لا نزال في دور المذاكرة، أو المباحثة، وفي حيز الافتكار وأمل تعيين وجهة...
(1/126)
الآراء متضاربة سواء في الأندية والمجالس، أو المباحثات والمحاورات، نسمع أن العشائر ما زالوا على وضعهم، فلا أمل في تهذيبهم، والمحافظة على الحالة من أسباب بقائهم على الجهل والأمية، وكأن القوم في استقرار على وضع لا يستطيعون الخروج منه، أو أنهم قوم لا يقبلون التعليم وجماعة لا يفيد معها التهذيب، و (من التعذيب تعليم الذيب)، فلا أمل من مزاولة تهذيبهم... وآخرون يرون لزوم الانتقال بهم من حالة البداوة إلى الحياة الريفية، وهؤلاء يريدون مطالب يرجون تحقيقها... ثم مراعاة تثقيفهم... ولعل هذا من نوع التعليق بالمحال، لأن الانتقال تابع لأحوال، وأوضاع طبيعية أو مشاريع قطعية... ولم يكونوا في حالة يمكن إفراغها بالشكل الذي نبتغيه متى شئنا... وإبقاء القوم في جهل يؤدي إلى قبول نتائجه الوخيمة والكثيرة طول هذه المدة... وأرى أن هذا الرأي مدخول، لا يوزن بميزان صحيح... ويكوّن عجزاً عن إيجاد طريقة لتعليم العشائر وهكذا يرى آخرون لزوم تعليق هذا الأمر إلى ان يوجد مدرسون حائزون لأوصاف تلائم البادية، ورجال دينون مهذبون وان تتوازن القدرة بين المدرس والرجل الديني والا فأولى أن لا نعمل لإنجاز المشروع وحينئذ من السهل ان يحبط ويفرط التدبير... وهل استعصى وجود مدرس حائز لهذه الأوصاف...! وهناك آراء كثيرة أمثال هذه...
وإذا قبلنا أساس تعليمهم ولم نلتفت إلى الأقوال المارة أو أمثالها أو نجهد لتحقيق بعضها.... فماذا نلاحظ؟ هل يصل أهل البادية إلى درجة مهمة من التعليم نظراً للاهتمام الذي نراه بحيث يضارعون أهل المدن في علومهم، ويجارونهم في ثقافته فنجعل منهاجهم كسائر مناهج المعارف؟ وهل لهم قدرة وصبر على اجتياز العقبات في هذا السبيل حتى يتساوى الحضري والبدوي في التعليم.!؟ قبل كل شيء يجب أن نفكر في ادخال التعليم البسيط بين ربوعهم ونجرب بعض التجارب التي استقر عليها رأينا... ثم نلاحظ تقويتها، وتوسيعها تدريجياً..! والتمنيات لا حدّ لها، ولكن على كل حال يتحتم علينا أن نزاول الموضوع من وجهته العملية الممكنة.
وهنا يعترضنا عند الكلام على طريقة التعليم الوقوف على اثر التعليم في البدو الدرجة التي يستحقون ان تبلغ بهم ليكونوا أعضاء فعالة لخير الأمة، وينالوا النصيب التام منها كغيرهم من اهل المدن؟ - لا أتطلب أن تنقلب البادية إلى مدار س راقية بحيث لا تفترق في تشكيلاتها عن المدن، ولا يخطر ذلك ببالي في وقت بل ينبغي ان لا نزاول هذه الأمور، وإنما نسعى أن نمكنهم من أن يكونوا متعلمين لدرجة وافية بحاجتهم على الأقل، ومؤدية ما يتطلبونه من اغراض أو بالتعبير الأولى أن يكونوا عارفين بما عندهم وزيادة قليلة...
هؤلاء لم يشبعوا الخبز، فكيف نريد ان نوجد فيهم (تخمة) من العلوم وليس لهم مأوى ونحاول أن نعلمهم الكماليات وأصول إدارة المسكن وخدمه، والزوجة وحقوقها... أو آداب المعاشرة، وهكذا نسير معهم بطرق معوجة، وغير مثمرة... والأنكى من هذا أن ننزع إلى لزوم تعليمهم بهارج الحضارة وزينة الملاهي، أو نزين لهم هذه الأمور...! وبهذا نكون قد قمنا بخدمة تدريبهم إلى الخلاعة...
وعلى كل حال يجب أن نراعي فيهم منهجاً خاصاً في الحياة البدوية، وطريقة مرضية في لوازمها من معرفة بسيطة وثقافة بقدر ما تقتضيه حاجتهم... ليحافظوا على أوضاعهم ويقوموا بواجباتهم... فيعلموا طريق الحياة، ووسائل الانتهاج، وأن يلقنوا عقائدهم، وأن يقتصر فيها على الفروض والواجبات، وأن يعلموا علاقتهم بالحكومة من ناحية الأمن والضرائب مما يتعلق بهم، ونعين أوضاعهم... فلا نخرج عما يأتلف وهذه الأوضاع، وان يؤدي عملنا هذا إلى ما يزيد في ثقافتهم العامة ويبين لهم فكرة عن الحضارة، ويكمل ما علموه من البداوة لحاجات رأوها...!
(1/127)
نوضح هذا فنقول البدوي يفكر في طريق القنص، وفي اتخاذ التدابير للغزو، أو لمحافظة كيانه خشية أن يبتلعه الآخرون الكل قانص يطلب صيداً وكذا يقال في ارتياد المراعي... فيجب أن تربى هذه فيه، وان يراعي نواحي اصلاحها والتبصير بطرق ادارتها، فلا تترك الرجولية ولوازمها، ولا يصرف فكره عن الالتفات إلى حاجياته ومنافعه، ولا نترك ناحية تسير بهم نحو ما يعلمون ويحاولون تقويته، أو ماله مساس في حياتهم الاجتماعية، وسمرهم وما يخدم ثقافتهم العامة... وجل ما يجب أن نراعيه فيهم أن نجعل كل واحد منهم في مستوى أرقى رجل منهم في عقيدته، أو في آدابه، وفي مهمات حياته، وفي سائر أحواله... واذا تمكنا أن نزيده بحيث نجعله بدوياً متبصراً، ومتعلماً فعلنا... وأن لا نميل به إلى أكثر... واذا حاولنا تعليمه وجب ان يكون منهاجنا: تعليم القراءة والكتابة: بأبسط شكل، ونبذل له القرطاس بوفرة، ولي سله من النقد ما يقوم بحاجته...
الحساب. الأعمال الأربعة فقط وقد لا يحتاج فيها إلى أكثر من أعداد محدودة.
القرآن الكريم. القراءة، وتفهيم بعض الألفاظ الغريبة وبيان المعنى اللفظي للآية بصورة بسيطة...
الفروض الدينية: لا نتجاوز بها الفروض... والأمور الضرورية مجملا.
الشعر البدوي وبعض الفصيح: يختار ما هو انقى واصفى، وأخلاقي أكثر، وما له مساس بحياة البداوة، ينوب عن المحفوظات ويتخللها بعض الأشعار الفصيحة مما يقربه اليها.
الصيد. وتدريبه إلى تربية المواشي، السباق. وبيان أمراضها، والوقاية منها...
الألعاب البدوية وتنظيمها بصورة لائقة...
حقوق البدوي وواجباته نحو الأمة والحكومة...
إن هؤلاء يجب أن نكون في اتصال نعهم، ونؤدي الواجب فيما نعلمه عنهم، وهكذا نمضي معهم حتى يتيسر لنا معرفة أوضاعهم في حياتهم معرفة صحيحة، ونعلمهم من طريقها.. وهكذا نمحص الأقوال، ونعيد التجارب مرة بعد أخرى وكل نقص نشعر به يجب أن نسارع لتلافيه واصلاحه... وهذه المهمة واجهتنا وصرنا نراعي وضعهافمن الأولى أن نخرج منها بنجاح، ونسلك فيها خير الطرق... ولكن من ناحية معرفتهم وسبيل نهجهم...
فإذا تكلمنا عن الابل جمعنا ما يعلمون وبصرناهم بجهات أخرى، واذا بحثنا عن الخيل جمعنا حكاياتهم ومعلوماتهم بصورة كاملة وزدنا اليها ما شئنا مما نعتقد في معرفته فائدة لهم... وهكذا نمضي في الشعر والمجالس الأدبية، وفي الصيد والسباق وفي تربية المواشي وادارة المراعي وهكذا... والأمل أن تتساوى المعرفة بصورة كاملة، وما يعلمه قسم يجب ان يعلمه الكل، وفي هذا تنبيه وإرشاد، بل توجيه لما فيه الصلاح، وتدريب للحياة العملية، ونقد للعوائد المرذولة بصورة خفيفة هذا ولا ننس أن نقدم بعض النابهين إلى المدن ليتعلموا، ويعلموا قومهم، أو أن نمضي بهم حتى يتمكنوا من التحصيل العالي...
- 12 -
الإحصاء
كان في النية تقديم أرقام في إحصاء البدو، وبيوتهم ومقدار خيولهم وابلهم وسائر أموالهم، ولكن الأتعاب في هذا السبيل، والمحاولات ذهبت سدى لما رأيت من خلل ونقص في التقدير، وقلة إتقان في المدونات، فقد شاهدت في بعض المواطن البيوت أكثر عدداً من مقدار النفوس، فلم يطمئن القلب في تقدير، ولا تقريب... فالمعذرة حتى نتيقن الصحة ونتأكد من تدوين الأرقام بصورة لا تقبل ارتياباً...
هذا وقد سبق ان قلت: لا تقف النفوس عند عدد ثابت، أو مقدار محدود؛ والبدو لا يبعد عليهم موطن لا في نجد، ولا في سورية، فإذا رأوا محلا وجدبا مالوا إلى اماكن الخصب مما يمنع قبول احصاء صحيح، واذا كانت في خصب تراجعت وتجمعت وزاد عددها بمن مال اليها من الأنحاء القاصية...
وهكذا يقال عن تكاثر النفوس، وقلتها من جهة الولادات والوفيات، ومثلها الخيول والمواشي، وكل هذا يفترق في حالة العداء واوان الراحة والطمأنينة ويتبدل بمقدار واسع في تكاثره وتناقصه...
كلمة ختام
(1/128)
لا أرى ضرورة كبرى لتلخيص ما مرّ من المباحث، وكل ما أقوله أن الكاتب ضاق، وتشعب كثيراً في مواضيعه، وكلما حاولت الاختصار والمشية السريعة زادت المطالب، و (أدب البادية) كان من جملتها فحال دون تدوينه السبب المذكور، والموضوع في حاجة إلى البسط، ذلك ما دعا أن أفرده في كتاب خاص... والحاصل كان جل الغرض ألفات الأنظار وتوجيهها إلى نواح تكاد تكون مهملة ولكنها زادت، وحب الايضاح، أو الخوف من الإخلال دعا أن تتكاثر، ولعل فائدتها صارت أكبر... وهذه التجربة الأولى من نوعها، وليعذر القارئ فيما خالف رغبته، ولينظر إلى الجهود المبذولة للتأليف بين جمع المادة، وتنسيق المشترك منها، والإشارة إلى الجهات المخالفة وذكر ما أمكن منها...
والله ولي الأمر.
(1) العقد الفريد ج 2 ص 63 طبعة سنة 1293 ه ببولاق مصر.
(2) كتاب ابن سعود لابي النصر.
(1) ابن بطوطة في طريق الحج.
(2) تاريخ العراق بين احتلالين.
(1) راجع الصارم الحديد في عنق صاحب سلاسل الحديد رقم 2825 من مكتبة نعمان الآلوسي في دار كتب الأوقاف العامة ففي ظهر الكتاب بيان لوفاته.
(1) صوابه أحمد بن علي بن أحمد بن عبدالله كما نبه على ذلك صاحب الضوء اللامع في ص8ج2 منه. وفي كشف الظنون ورد مرة بلفظ أحمد بن عبدالله ومرة أخرى بلفظ أحمد بن علي ذكرها في مادة (نهاية الارب، وصبح الأعشى).
(2) صبح الأعشى ج1ص307 وما يليها.
(1) ترجمته في لغة العرب.
(1) عندي نسخة منه منقولة من الأصل.
(1) من علماء اللغة المشاهير وهو صاحب الجمهرة في اللغة.
(1) - ص46.
(1) كشف الظنون.
(2) نهاية الارب في فنون الأدب ج2ص276 وما يليها.
(1) تاريخ العرب قبل الاسلام ص5.
(1) اشتقاق الأنساب ص307 و317. والطبري ج1 ص103.
(1) شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم ص66.
(2) شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم ص113.
(3) شمس العلوم ص17.
(1) الأخبار الطوال ص6 - 7.
(2) الأخبار الطوال ص8.
(1) الانباه على قبائل الرواه ص55 وما يليها.
(2) الطبري ج1ص107.
(1) هم المناذرة وآباءهم ممن ملك العرب في العراق.
(2) الطبري ج1ص162.
(3) الأخبار الطوال ص65.
(1) تاريخ اليعقوبي ص239 وما يليها.
(1) العرب المستعربة تمت إلى إبراهيم (ع) والد اسماعيل.
(2) ص11 من الأخبار الطوال. وص161 ج1 من الطبري.
(3) ورد في اشتقاق الأنساب بلفظ أسد " بفتح الهمزة وسكون السين " والمشهور الأزد كما ذكر... ص276.
(4) اشتقاق الأنساب ص276 وسيرة ابن هشام.
(1) المسعودي والطبري.
(2) ابن عبد البر: الانباه على قبائل الرواه ص46: 50.
(1) المراد بالاشتقاق اصل الكلمة او اللفظة التي سمي بها المرء الذي هو جد القبيلة او القبيلة رأساً ومعناها في اللغة وطريق اخذها.
(2) ص 312.
(1) الانباه على قبائل الرواه ص45.
(1) راجع أنكحة العرب في كتاب (النفحة الملوكية في أحوال الأمة العربية الجاهلية) للسيد عمر نور الدين القلوسني الأزهري ص180 وكثير من المؤلفات تتعرض لهذه.
(1) يريدون غصة قد تقابلها غصة مثلها ولكن معاوضة قصة أي ناصية " امرأة " بناصية اعظم بكثير...؟؟؟؟؟؟!! (2) ستأتي هذه القصة عند الكلام على الزواج عند البدو. (3) وفي كتاب انساب العرب القدماء مطالب مهمة في الرد على هؤلاء ومن اراد التفصيل فليرجع اليه... والطوتمية يراد بها ان الام اصل البيت وان المرأة لا تتقيد بزوج وان اولادها ينتسبون اليها رأساً...
(3) وفي كتاب انساب العرب القدماء مطالب مهمة في الرد على هؤلاء ومن اراد التفصيل فليرجع اليه... والطوتمية يراد بها ان الام اصل البيت وان المرأة لا تتقيد بزوج وان اولادها ينتسبون اليها رأساً...
(1) تفصيل غزو بختنصر العرب ص92 ج1 من ابن الأثير.
(2) طبري ج4 ص20 - 21.
(1) ج1 ص293.
(1) ج2 ص3.
(1) ابن هشام ص26 ج1.
(2) تاريخ اليعقوبي ج1 ص259.
(3) ص4 و17 من سيرته ج1. الا انه في صحيفة 29 منه اورد ان اياد بن نزار. هكذا قال اليعقوبي ج1 ص237.
(1) ص187 من التنبيه والاشراف.
(2) القصد والامم ص27.
(1) ج1 ص136 من ابن الاثير.
(2) ص205 - 206 من التنبيه والاشراف.
(1) ج1 ص237.
(1/129)
(2) في ماده طحا ورد بلفظ (عمران) قال: " طاحية بن سود بن الحجر بن عمران أبو بطن من الاسد والنسبة اليه الطاحي والطحاوي. وطاحية محلة بالبصرة نزلها هذا البطن " اه. ج1 ص223.
(1) ج2 ص293 تاج العروس.
(2) ص285 اشتقاق الانساب.
(3) الانساب للسمعاني ص54 - 1.
(4) ص153 طبري ج2.
(1) تاريخ دول العرب والاسلام ص56 وغيره.
(2) تاريخ اليعقوبي ج1 ص258.
(1) الاشتقاق ص 285 وتفصيلها في عقد الفريد ج1 ص133.
(2) بلوغ الارب طبعة سنة 1342ه - 1924م ج1 ص81 و ص339: 342.
(1) ص586 ج3.
(2) التنبيه والاشراف.
(3) قصته في بلوغ الارب ج3 ص278 وكذا سطيح في ص281.
(4) اشتقاق الانساب ص302. والطبري ص99 ج2.
(5) شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم ص105.
(1) ص27 ج1 سيرة ابن هشام.
(2) الاشتقاق ص302: 306.
(3) تاريخ ابن خلدون ج2 ص4.
(1) شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم ص87.
(2) البلاذي ص248. والأنساب للسمعاني. ونهاية الارب وخلاصة الكلام في تاريخ الجاهلية والإسلام ص495.
(1) البلاذي ص118 - 247.
(2) طبقات ابن سعد ج1 قسم2 ص66.
(3) ابن الاثير ج1 ص179 وما يليها.
(1) اشتقاق الأنساب لابن دريد.
(2) الأنساب للسمعاني في مادة قضاعة...
(3) شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم ص10.
(4) ص283 ج2.
(5) القصد والأمم ص30.
(1) عريب بفتح العين كغريب.
(1) ابن خلدون ج2.
(1) شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (المنتخبات منه طبع ليدن سنة 1916م) ص66 - 67.
(1) في طبقات ابن سعد جاء بلفظ " مي " .
(2) عقد الفريد ج1.
(3) ص45 قبائل مصر.
(1) الاشتقاق ص233.
(1) شمس العلوم ص57.
(3) راجع عن هذه القبيلة شمس العلوم ص57، و66 - 67، ونسب عدنان وقحطان ص19، وانساب السمعاني ص264 - 265، وسبائك الذهب، وخلاصة الكلام في تاريخ الجاهلية والإسلام ص54 - 55، وابن خلدون، واليعقوبي ج1 ص240.
(1) وتفصيل الخبر في الاغاني ج2 ص97 وما يليها.
(2) اليعقوبي ج1 ص241.
(1) البلاذري ص247.
(2) ص246 ج1.
(1) ص156 ج2 طبري.
(2) البلاذري ص250.
(1) ناحية شفاثة تحولت إلى " عين التمر " وصارت تسمى باسمها القديم. " جريدة البلاد عدد: 247 و22 رمضان سنة 1355ه - 7 كانون الأول 1936م " .
(2) الأخبار الطوال ص112.
(3)ص114 ج2 اغاني.
(4) ص250 بلاذري.
(1) تاريخ اليعقوبي ج1 ص255 وما يليها.
(2) تاريخ العرب قبل الإسلام: ج1 ص227 وما يليها.
(3) معجم المطبوعات. ومنه نسخة خطية في بغداد.
(4)ص112 الأخبار الطوال.
(5) ص114 الأخبار الطوال.
(1) الانساب ص115 - 1.
(1) الطبري.
(1) راجع ملحق الجلد الأول من تاريخ العراق بين احتلالين.
(1) الطبري ج2 ص63.
(2) ابن هشام ج1 ص25، والأغاني ج2 ص144، والأخبار الطوال ص49.
(3) بلوغ الارب ج3 ص119 وتتمة هذه الأبيات هناك وفي الأغاني.
(1) لا يلفظ ملك كما جاء في بعض الكتب لان القدماء كانوا لا يذكرون الالف للاختصار والمعلومية...
(2) واشتهر بالنسبة إلى تنوخ كثيرون وابو العلاء المعري تنوخي - نهاية الارب في فنون الادب ج2 ص295.
(1) وهذا الكتاب للامام نور الدين عبدالله بن حميد السالمي. طبع في القاهرة سنة 1350ه.
(2) صحيحها بالسين بمعنى قوي.
(3) خلاصة الكلام ص86.
(4) ج2 ص181.
(1) ج1 ص207 تاريخ اليعقوبي.
(2) التنبيه والاشراف ص87.
(3) ج1 ص241 اليعقوبي.
(4) التنبيه والاشراف ص187.
(1) ص 65 - 67.
(2) ص187.
(1) تاريخ اليعقوبي ج1 ص246 وما يليها.
(2) ابن الأثير ج1 ص154.
(1) اليعقوبي ج1 ص246 والطبري وابن الأثير وغيرهما...
(1) الطبري ج2 ص157.
(2) تاريخ اليعقوبي ج1 ص236 وما يليها.
(1) راجع كتاب (الملاحن) لابن دريد وفيه انذار قومه بما عزم عليه بنو بكر. ص4 طبعة مصر القاهرة سنة 1347ه.
(1) أهلي.
(1) قبلك.
(2) عكدة عقدة، وكناها قناها (قناتها).
(1) ص158 من المطالع مخطوطتي.
(2) لم يكن متخلصاً للقبائل الا أنه أفرد لها بحثاً خاصاً وفيه من الأغلاط ما سيوضح الكلام عليه في حينه. راجع ص163 من قلب جزيرة العرب.
(1) الزريقي ذبابة كبيرة تؤذي الابل بعضّها.
(1/130)
(1) كان ولا يزال يسميه أهل نجد بالامام. ووقائع هذه الأيام مبسوطة في تاريخ العراق بين احتلالين وهناك وسمعنا البحث فيها عن تكون هذه الأسرة المالكة ونطاق نفوذها وعلاقاتها بوقائع العراق.
(1) هذا المؤرخ يتحامل على آل سعود ولا يهمنا إلا ما يوضح الوقائع العشائرية. فلا نشاركه في تحامله ونقل النص أمانة. وأشرنا بهذا هنا ليعلم القاريء ان ابن سند كتب ارضاء لولاة بغداد والحكومة العثمانية وكانوا اعداء ابن سعود إذ ذاك.
(2) ان محمداً هو الجد الأعلى ولكن البدو يسمون بأشهر أجدادهم المعروفين وإلا فان محمداً لم يكن جده القريب... وهذا أساس تكون الفخذ أو البيت كما مر.
(1) عنوان المجد في تاريخ نجد ص87 ج1.
(2) خرفان جمع نقد.
(3) لم تكن خيانة وانما هناك قربى منعت من الحرب... وسنوضح هذه القربى عند ذكر قبائل عنزة.
(4) مطالع السعود ص149.
(1) من الجرباء مسلط آخر قتل سنة 1102ه، أو 1103ه. " عنوان المجد في تاريخ نجد ص107 " .
(1) هو مطلق.
(2) المملة.
(3) الجواليب.
(4) نطعن، نفرح، نتنومس بها.
(5) تسايس في الحل، تبصر.
(1) وذرية إبراهيم بك هذا لم تزل في الحلة ويقال لهم آل عبد الجليل ابن سلطان ويسمون الآن " آل محمد نوري باشا " .
(2) راجع ما كتبته عن آل الشاوي في لغة العرب.
(1) هذه القبيلة قحطانية في نجد والزعم بأنها مضرية غير صحيح... وتتفرع إلى فروع عديدة. وجاء عنها في كتاب عشائر العرب للبسام ما نصه: " طائفة طافت أخبارها، ورويت آثارها، ملكت مقاليد المجد، وأدركته بالهزل والجد، يحمدهم الطارق، ويحذرهم السارق، أعلوا منار الفضل وشادوه، وأنصفوا الضعيف على القوي حتى أسادوه، أخلاقهم حميدة، وآراءهم سديدة... " . ص37 وفروعها مذكورة في قلب جزيرة العرب.
(2) مطالع السعود ص119.
(1) المطالع ص157 وعلي باشا هو المعروف بالكتخدا.
(2) ص 122 من المطالع.
(1) بنو ثعل من قبائل طييء.
(1) مطالع السعود ص157 - 158، وعمر رمضان في حوادث سنة 1231ه.
(2) مطالع السعود ص159.
(3) عنوان المجد ج1 ص159.
(1) ضبطه ابن سند بفتح الصاد وهو في الأصل الممتنع من الجبال، واللينة من القسي، والصخرة الملساء المرتفعة... فسمي به. (ص264 مطالع السعود).
(2) عشائر سورية.
(1) ص212.
(2) المطالع ص266.
(1) التفصيل في تاريخ العراق.
(2) تاريخ لطفي ج4 ص112.
(1) هذه الآثار والممتلكات والنفائس في قصر الملك وفي غيره قد نشرت الآن للعموم وصار يراها كل أحد وفيها من العجائب والغرائب الشيء العظيم، شاهدتها سنة 1353ه - 1934م في تموز وايلول منها وقد خلت الديار من مالكيها السابقين فلا نرى إلا آثارهم...
(2) مختصر عثمان بن سند - مخطوطة الآلوسي على الهامش.
(1) ورد في ص133 ان فارس بن محمد سهواً. هو ابن صفوق.
(2) وهذا من التواريخ المهمة كان قد قدمه تقريراً لحكومته عن سياحته وهو في الحقيقة من الآثار المهمة لمعرفة العراق في هذه الأيام التي كتب عنها.
(3) راجع ص24.
(4) قال: قدمت لي القهوة فصبوا فنجاناً ثم آخر وهكذا فظننت اني سوف اضطر ان اشرب ما في الدلة فالتفت إلى الشيخ فارس فامره ان قد اكتفي...!! ولم يعلم ان العرب يصبون لضيفهم القهوة حتى يقول " كفي " ...
(1) أخو شاهه هو الهادي.
(1) العشائر السورية.
(1) ص52 - 2.
(1) السيافة بطن من بطونهم.
(1) القربة، أو رواية الماء المعروفة.
(2) لياغداله، لو يغدو له. وهنا تختزل اللفظة ويحذف منها بعض الحروف وهذا يكاد يكون مطرداً عندهم ومثله (اليارجب) لو يركب...
(1) العفاريت بطن من شمر على ما سيذكر.
(2) الوادي.
(1) عكاب وحيال الغواجي رؤساء ولد سليمان من الفدعان من عنزة.
(1) ص 40 - 1 (1) التفصيل في تاريخ العراق قسم حكومة المماليك (1) أبو نواف محمد العبد الكريم من رؤساء آل محمد. يقول: ان الناقة المسماة رمحه قد فتلنا عقالها، ويا ايها النذير خبر محمد العبد الكريم بان الدنيا دلوها دائب في عمله ولكن (فنه) اوامره القاسية لا تمضي علينا، ونحن خطونا على ما هو المطلوب، نمضي على الطريق الصعب ولا نبالي.
(1) عشائر العرب ص 39 - 1.
(1) جمهرة اللغات: مخطوط له.
(1/131)
(1) جاء في قلب جزيرة العرب بلفظ " الجحيا " بدل " اليحيى " وليس بصواب، لظنه ان كل ياء اصلها جيم في لغتهم.
(1) عنوان المجد في تاريخ نجد في سنين مختلفة. وحاضر العالم الاسلامي. وقلب الجزيرة.
(1) عنوان المجد وحاضر العالم الاسلامي ج4 ص172.
(2) قلب جزيرة العرب ص 349.
(1) عشائر العرب ص 47 - 1 (1) راجع مادة شمر من دائرة المعارف ج10 ص573 (1) ينطقون بالجيم ياء. وهذا غالب في أكثر شمر.
(1) همينية مقاطعة معروفة في العزيزية.
(1) انساب السمعاني ص401 - 1 (1) نهاية الارب ج د ص220.
(2) ص41 غاية المراد في الخليل الجياد.
(1) راجع تاريخ العراق بين احتلالين.
(2) عنوان المجد للحيدري.
(1) عشائر العرب ص 5602 (1) عشائر العرب ص57 - 1.
(1) عشائر العرب ص58 - 2.
(1) عشائر العرب ص58 - 10.
(2) عشائر العرب ص58 - 1.
(3) عشائر العرب ص 58 - 1.
(1) عشائر العرب ص57 - 2.
(1) في تاريخ العراق بيان الوقائع، وتعيين الصلة، وسلسلة الأمراء والملوك وأوضاع هذه الحكومة في ظهورها ونمرها وهبوطها، ثم استعادتها مكانتها، وسعة نطاقها. ومن المراجع " مثير الوجد في تاريخ نجد " ، و " عنوان المجد في تاريخ نجد " لابن بشر، وعنوان المجد للسيد إبراهيم فصيح الحيدري، وكتب أخرى كثيرة جداً مثل دوحة الوزراء وغيرها من مراجع تاريخ العراق.
(1) عشائر العرب ص58 - 1.
(1) عشائر العرب ص34 - 1. وضبط الايدي هكذا، (1) مطالع السعود ص136.
(1) شرقي الأردن ص166 و 215 و 268.
(2) عنوان المجد في تاريخ نجد ص261.
(1) عنوان المجد في تاريخ نجد.
(2) عنوان المجد ص134 ج1.
(1) تاريخ الكولات ص15.
(1) بين في كتاب قلب الجزيرة أنهم (الظرعان) وهذا غير صحيح.
(2) وفي رواية جاء عوض الشطر الأخير: ننحي العدو عنكم بعيد (1) نهاية الارب في أنساب العرب ص194.
(1) قدم الرجل.
(2) الابل.
(3) الشجعان.
(4) الأماكن العالية.
(5) البنات الحسان.
(6) تلول.
(1) الأوطان.
(2) الشحم.
(3) الابل السمينة للركوب.
(4) آصل الجلال والمال.
(5) السبتة.
(1) الحية.
(2) بنت جميلة مزيونة.
(3) قطيع ابل.
(4) الخدود.
(5) سمينة.
(6) ليس لها خصر.
(7) ضعنوا، وقطعوا حوله وهي مرحلة بعبده.
(8) شهرية هي الحمار الحساوي.
(9) الهروال ما يسمى بالرهوان وهذه اللفظة فارسية أصلها رهروان وتعني الهرولة.
(1) شاعر بدوي مشهور.
(1) القلايع ما يغنمه الغزاة من خيل العدو بعد قتل فارسها ومفرده قلاعة (كلاعه)...
(1) الخؤولة عند العرب - سمط اللئالي ج2 ص 794 - 795.
(1) بتسكين تاء التانيث في غالب الاسماء.
(2) كاعب حسناء.
(1) نسوسي خائف، وأله الا .ان (2) بلوسي صاحب نميمة.
(3) تكلع - ول، ارهج - اعيط، ينهكى - يؤمل.
(4) لما ان.
(5) احزب على نفسك، تأهب.
(6) اللي - الذي، اليا - اذا.
(7) دوا به - رمى به.
(8) ويا - مع، يم - عند.
(1) الزبيدي الكماة.
(2) كرون هي القرون ويراد بها خصلة الشعر.
(3) الماص اقوى من الفولاذ.
(4) الخيل.
(5) رأسها.
(6) سيفه.
(7) الفراشه حديد الفرس.
(1) أخو محروت.
(2) صجري.
(3) من الصكور.
(4) الزمل من الابل.
(1) طبعا معاً في مطبعة بريل لندن سنة 1928م.
(1) اصلها.
(1) الوز القطاة من الظهر.
(2) الجين الرسغ.
(3) الحجب وسعة ما بين الفخذين.
(1) هل مخفف (هذا ال) يريد وهذا الوجه! (1) الاعلاق النفسية ص191.
(1) أمالي القالي ج1 ص64.
(1) شققت.
(1) كلمة للمؤلف كمقدمة لكتاب - تعليقات على نظام دعاوي العشائر - للفاضل السيد مكي آل جميل طبع ببغداد سنة 1354ه - 1935م.
عشائر العراق 2 الكردية
يبحث في أصل العشائر الكردية وتفرعاتها ومواطن سكناها
وما يتعلق بسائر أحوالها التاريخية والحاضرة
بِسْمِ اللهِ الرَحمن الرَحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلوة والسلام على الرسول الكريم محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1/132)
أما بعد فأقدم للقراء الأفاضل كتاباً جديداً من نوعه في عشائر العراق، لم يسبق أن كتب أحد كتاباً في موضوعه في اللغة العربية، أو زاول مباحثه بسعة فيها ولما كان أول تجربة فلا شك أنه لا يخلو من نقص مهما بالغت في الإتقان، وليس الأمر مما يتيسر القيام به لواحد، ولا يكفي فيه التتبع الفردي، والأمر الاجتماعي يحتاج إلى تكاتف لتثبيته ومراعاته. والمرء لا يستطيع البت في كافة المطالب الاجتماعية، ولا يحيط بها، وانما الالتفات يتأتى بضم الجهود والمراجعات العميقة، والتعاون في العمل وأرجو أن يتم ذلك على يد أفاضل كثيرين، فلم أتردد في نشر ما علمت، وما لا يدرك كله لا يترك جله. فلا شك ان هذه البضاعة المزجاة لا تعدم فائدة. وآمل أن تنال القبول وتكون فاتحة خير لمباحث أخرى من نوعها. والله ولي التوفيق وبه الاستعانة.
المقَدّمَة
منذ أمد بعيد جداً أحاول التدوين عن الشعوب العراقية، وما كان لها من أثر أو تأثير في العراق في مختلف أنحائه، وتاريخ هذه الشعوب واسع الأطراف، طويل الذيل، متشعب جداً، لم يعهد أن عرفنا شعوبه معرفة صحيحة، لما ينتابها من الغموض، وما يتولاها من عماء وقلة نصوص. وهذه الشعوب لم تلاحظ منفردة، ولا بحث فيها العلماء بصورة منتظمة ومضطردة. والنتف القليلة، أو بعض الأوصاف لا تغني الباحث، ولا تروي غلته.. خصوصاً بينها ما يعد نبزاً.
والحالة العشائرية تبصر أكثر في الأسس الاجتماعية من جراء أنها تعد ابتدائية وبسيطة، فلا تدع مجالا للتشعب والانتشار، فهي أولى في البيان وأحق بالرعاية، ومنها يتعين أصل المباحث، ومهماتها.. لتكون الحالة أقرب إلى بدء التكوين، ثم ما يتلوه يعين الأوضاع بصورة أكمل وهكذا حتى منتهى الثقافة.
والعراق في الحقيقة يستمد نفوسه من ناحيتين مهمتين إحداهما العرب، والأخرى الكرد، فمنهما يستقى غالب نفوسه، وبهما قوام حضارته، فيسد الخلل الناجم في النفوس من الأمراض والأوبئة أو الحوادث الأخرى فالجبل منبع كبير، وكذا جزيرة العرب، فكانا عماد المجتمع وركنه الركين. فلا نستطيع أن نغفل أمر واحد منهما، والاكتفاء بالآخر، فكل تناقص أو خلل يعوض بما هنالك، ويزيد في النشاط ويجدد الحياة والدم. وتاريخ الكرد، وعشائرهم في العراق قديم كقدم العرب فيه، فهما صنوان متكاتفان، الواحد متمم للآخر، أو عونه ومدار عزه ونصرته.
والعشائر الكردية موضوع بحثنا لها مزايا وأوصاف جليلة، تستحق كل إطراء، ولا تخلو أمة من معايب، في نظر غيرها وهذه لا تكون مدار الاقتداء ولا وسيلة المتابعة، وإنما يجب أن نحرص على المزايا الفاضلة عند الكل، واقتباس ما يصلح، وما يليق أن يكون قدوة.. والعرب والأقوام الآخرون بحثوا في سجايا الأقوام، ودونوا عنها، ولم يتركوا حتى الحيوان للانتفاع بخصاله وما الأمثال المضروبة، والحكايات المنقولة الا تدابير للاستسقاء من معينها وجعلها واسطة للانتباه.
وهذه الأمة مجاورة للعرب، ومساكنة للعراق وهي من أعظم الشعوب العراقية فالإنصاف يدعونا أن لا نهمل أمرها، ولا نتركها ظهرياً بلا علم ولا كتاب مبين، فنقف على حياتها ومعيشتها في رحلة الشتاء والصيف، فتكون المعرفة بها في متناول كل أحد بدراسة غير منقطعة، يكمل بعضها الآخر حتى تكون عميقة، وقد قيل قديماً " العلم كله في العالم كله " فلا تستقر المعرفة، ولا تقتصر على عدد معدود. بل أقول أكثر ما علمته من أصل القوم، وحالاتهم الاجتماعية، وما شاهدته فتأثرت به من مشاهد ومطالب، كان أصل المادة، وأما ضم الجهود، ومراعاة الفكرات المختمرة بالرجوع إلى التاريخ ونصوصه فهذه بذلت لها المستطاع، لتكون كاملة، أو بالتعبير الأولى أن تكون مقدمة التوسع والتكميل، والزيادة والتعديل والتصحيح.
جربت هذا الموضوع، وبحثت كثيراً، وحررت المشاهدات، وأوردت النصوص المنقولة، والأمل أن يجد المرء ما يطمئن بعض رغبته.
الموضوع
(1/133)
في هذه المباحث لا يهمنا الا " عشائر العراق " ، فلا نتجاوزها إلى غيرها الا لعلاقة مشهودة، أو اتصال مكين. لا نهمل العلاقات بالمجاورين، لا سيما عشائر الحدود، ومكانتها من هذه الناحية. ولما كانت القبائل متفاوتة في المكانة، فالضرورة تدعونا أن نفصل بعض النواحي، ونجمل الأخرى.. وفي حالات التماثل لا نكرر الوصف ولا نعيده الا لسبب ولا نخرج عن ذلك الا لحاجة اقتضت..
وفي هذا سوف لا نفصل بين البدو، وأهل الأرياف كما في " العشائر العربية " لأن العشائر الكردية في الغالب من أهل الأرياف، وقد استقرت من زمن بعيد جداً، ولم يبق منها على البداوة الا القليل، وهؤلاء في الحقيقة أقرب إلى الحضارة، وسكنى القرى والمدن ومن هذه الجهة نرى الفروق بارزة، والأوصاف واضحة بينهم وبين العرب لما سنتناوله في محله سواء عند الكلام على القبيلة، أو أثناء ذكر القبائل بصورة عامة مما يصلح للاشتراك ويعم الجميع..
ومن ثم سوف نعين القبائل العراقية، وبعد ذلك نراعي الحالة العامة، ولا يهمنا سرد المطالب بمفرداتها.. الا أننا نقدم بعضها للدخول في مثل هذا الأمر لنجعله كتمهيد، ولا نتجاوز الحد المألوف في البسط والتوضيح.. وإنما نراعي الضروري لمعرفة الشعب، فنجعله الوسيلة للغرض الذي توخيناه.
وغالب القبائل متفرقة المواطن غير مجموعة فقد رأينا ان القبائل الكردية غير تابعة للواء بعينه أو مقصورة على مواطن بخصوصه، فذكرنا ما وصل إلينا خبره منها دون تقيد، وان عشائر كل لواء معروفة فلا يهمنا إلا أن نبسط القول في الواحدة تلو الأخرى مرجحين ترتيب الألوية بقدر الإمكان وان كان الاشتراك مشهود في بعضها.
وكنا نعتقد إن مجلداً واحداً يكفي لجميع هذه القبائل، فوجدنا فيها كثرة ورجحنا إن نجعل هذا القسم بين أيدي القراء، ثم نقدم ما يتلوه من عشائر القبلية، كما أننا فصلنا القول في عشائر اليزيدية في كتاب اليزيدية المعد للطبع...
ولا أدل على هذه العشائر أكثر من الدخول في مباحثها..
المراجع
إن الكتب التاريخية بوجه عام لا تهمل أمر الكرد عند بيان الحوادث أو عروض المطالب، ونرى في هذه توسعاً أحياناً، وضيقاً أحياناً أخرى، ولا مجال لذكر كل كتاب تعرض للمطالب التي هي موضوع بحثنا، بل من المهم أن نتناول أكثر المؤلفات فائدة، وأجلها عائدة في مطالبها وأغراضها بحيث يصح أن تعد مرجعاً أصلياً. وإلا طال البحث واستغرق صفحات كثيرة وموضوعنا لم يكن مقصوراً على بيان المراجع ومصادر المطالب..
ومن أجل هذه المراجع: 1 - مسالك الأبصار، وهذا الكتاب رأيناه في خزانة كتب أيا صوفيا باستانبول سنة 1934، و 1939م. وكان هذا التاريخ من أجل الآثار عول فيه على عراقيين أكابر، دونوا ما علموا عن الكرد في العراق وزادوا في الإيضاح لأيام المغول. والكتاب رأيت منه مجلدات كثيرة، وبعضها يختص بموضوع الكرد، ولم ينس أن يتناول مؤلفه مطالب عديدة عن العراق بل أن تدويناته عنه من أجل ما دون في ذلك العهد، وفي نظرنا من أعز ما هنالك أخذه عن عراقيين عديدين، ثم أنه قد اعتمده من جاء بعده مثل القلقشندي في صبح الأعشى، ومثل النويري في بلوغ الأدب، فهو أصل ومرجع من أعظم مراجع البحث ومن أجلها نفعاً..
2 - تقرير درويش باشا: وهذا تقرير قدمه رئيس لجنة الحدود عن المنازع فيه بين الدولة العثمانية، والدولة الإيرانية، وكان تقديمه سنة 1269ه - 1853م أوضح فيه الوثائق والمشاهدات في الحدود، وممر خطوطها، وبيان وجهات نظر الدولتين والمواضع المختلف فيها ووجود الخلاف وما يستند إليه، وكانت قد طالت هذه التحديدات لمدة 4 سنوات، فكان هذا التقرير من أجل ما يعين مواطن الخلاف لما بين العراق وإيران ويبين القبائل الساكنة في الحدود، وأوضاعها المعروفة. ومن بين القبائل التي تعرض لذكرها " عشائر الكرد " لما بين العراق وإيران. فلا شك أنه من المراجع النافعة جداً في التعرض لعشائر الحدود، ويستند إلى وثائق لا يستهان بها بل يعد من أجلها لما قبل مائة سنة تقريباً. ولا يستطيع سياح أن يدون بتحقيق ما دون بالاستناد إلى أناس عارفين والى وثائق مقطوع بها تاريخية وغيرها. طبع سنة 1283ه، وسنة 1321ه في مطبعة احسان باستانبول.
(1/134)
3 - سياحتنامهء حدود: وهذا من أجل ما كتب في العشائر الكردية جاء متمماً لسابقه ولمسالك الأبصار، ومؤلفه خورشيد باشا كان مكتوبياً في نظارة الخارجية " وزارة الخارجية " فأوعز اليه الوزير أن يمضي مع " رئيس البعثة " أو " لجنة الحدود " ، ويدون جميع ما يمر به من قرى وبلدان وعشائر، ومواقع، وأن يتوسع في مباحثه، فلا يترك صناعة أو صفة أو أثراً، وأن ذلك مطلوب السلطان ورغبته الأكيدة في ذلك وأن يهتم للأمر ويعني به عناية زائدة. وبعد أن أتم مهمته ووفاها حقها قدم هذا الكتاب إلى السلطان فقام بالمهمة خير قيام، وجاء مكملاً، أوسع في المطالب، وأطنب في كثير من الأغراض، وأجل ما فيه مشاهداته الخاصة بالبلدان وبالعشائر. ووثوقه مما استند اليه من خبراء ووثائق وحالة حاضرة ويعد من خير الآثار في موضوعه، كتبه في الوقت الذي قدم درويش باشا تقريره وفي هذا ما يعين حالة العشائر أوضح للمدة السابقة لما قبل مائة سنة، ولا شك أنه جاء بما يستفاد منه كثيراً. ويعد من أعظم المؤلفات في موضوعه لاعتماده على أكابر رجال المعرفة، وأهل الخبرة، فلا يأخذ عن كل أحد وإنما كان يعول على من هو عمدة. ويظهر الخلاف والاختلاف أثناء المقابلة والفرق بينه وبين تقرير درويش باشا أن هذا رسمي، لا يتوسع فيما لا يهم الحدود وما لا يتعلق بها، فجاء هذا متمماً. عندي نسخة مخطوطة منه مذهبة، معتنى بها بالغة العناية في الاتقان، فهي من المقتنيات النفيسة لما فيها من صحة ودقة في النسخ وجودة في الخط، عدا التزويق، والتذهيب، وكل ما يقال في وصفها قليل. والمهم انها فوق كل سياحة، أو تدوين عابر، فلم يقع فيما وقع فيه كثير من أهل التتبع إلا أن معلوماته التاريخية ضيقة فلم يسعه المجال لأكثر مما كتب..
4 - الشرفنامة: وهذه من الآثار الخاصة بالكرد، وقبائلهم ولا نرى قبيلة في أغلب الأحيان إلا ونشاهد لها أصلاً في هذا الكتاب. تصل حوادثه إلى سنة 1005ه، ولم يوصل أحد هذه المباحث الا أن الوثائق بعده ليست بالقليلة، فيصح أن تطرد إلى اليوم.. ولكننا لم نر من أكمل حوادثه، أو أتمه إلا ما رأينا في تقرير درويش باشا وفي سياحتنامهء حدود، وفي ياقوت وابن فضل الله العمري والمطبوع من الشرفنامة لم يحو الوقائع على السنين. وقد رأيت مخطوطاً من الشرفنامة يشتمل على المطبوع وعلى الحوادث من أيام المغول من سنة 689ه إلى عهده بعد أن يدون مقدمة في آل عثمان وسلسلة نسبهم والكتاب مطبوع في مصر ولم يعين تاريخ طبعه وله مقدمة مهمة بقلم الأستاذ " محمد علي عوني " تصلح أن تكون من المراجع المعتد بها إلا أنه جاء ناقصاً عن النسخة المخطوطة المحتوية على ذكر الوقائع من أيام المغول إلى أيام المؤلف وبالتعبير الأولى إلى سنة 1006ه.
ولا شك أن من يزاول أمر البحث في الكرد يضطر أن يرجع اليه وإن كان لا يصلح أن يعد مصدراً وحيداً.
5 - تاريخ سليماني: لمعالي الأستاذ محمد أمين زكي، طبع باللغة الكردية في مطبعة النجاح سنة 1358ه - 1939م. وقد استفدت منه بالاستعانة بمن يعرف الكردية، وعلاقته بموضوعنا مهمة جداً إلا أنه لم يتعرض للقبائل إلا قليلاً، ولم يفصل عنها. ومؤلفه عالم فاضل.
6 - تاريخ الكرد وكردستان: له أيضاً. وهذا قد جاء فيه قائمة بعشائر الكرد، وإن الكتاب نقل إلى اللغة العربية وطبع سنة 1939م ولا شك أنه من الكتب الأصلية المهمة.
7 - كرد: كتب باللغة الإيرانية. من مؤلفات الأستاذ رشيد ياسمي من أساتذة جامعة طهران ولم يعين تاريخ طبعه إلا أنه من المطبوعات الجديدة في مجلد ضخم تعرض فيه للكرد قبل الإسلام وبعده، ونقل الآراء العربية، وغيرها فهو من المراجع النافعة المعتبرة الا أنه عام في مباحثه، فلم يتصل بالعشائر، ولا بالمواطن الجغرافية.
8 - الأكراد: من فجر التاريخ إلى سنة 1920م محاضرة ظهرت في رسالة طبعت سنة 1353ه - 1934م، من تأليف الأستاذ رفيق حلمي. نقل من مؤلفات غربية في أصل الكرد.
(1/135)
9 - من عمان إلى العمادية أو جولة في كردستان الجنوبية: هذا الكتاب ينم عن دراسة في تاريخ الكرد مزجها بمشاهدة وغالبها تستند إلى السرفنامة، أو بالتعبير الأولى لتقوية المعلومات والتثبت منها بهذه الجولة أو الجمع بين التاريخ وهذه الجولة وكأنه يكتب عن اطلاع واسع، ولا شك أن هذا الأثر غالب معلوماته صحيحة، ولكنه يحاول مؤلفه أن يظهر ككردي متعصب أو معاد للدولة العربية في العراق، وبالتعبير الأولى كتابه لإرضاء طائفة بما تهوى فلم يكن علمياً. ومعلوماته الحاضرة بسيطة من الإداريين ومن الشرفنامة، وكان الأولى به أن لا يعادي بين الشعوب العراقية، ويقرب للألفة، ويدعو للأخوة إلا أنه خاب في ما طلبه وخذل في مسعاه وكانت جولته قد بدأت في 11 تموز سنة 1931 وأنهاها في نحو 4 آب سنة 1931.
10 - كردلر: منقول من اللغة الألمانية إلى التركية. وهذا الكتاب يعين فيه مؤلفه اتجاهات مهمة ولا يخلو من أغلاط كثيرة لم يتثبت منها المؤلف، ومباحثه مقتضبة، وآراؤه فيها الحق والباطل، والصواب والغلط.. وكان من اللازم أن يحقق الموضوع، ويعين المطلب عند نقله إلى التركية، فلم يراع ذلك مما يعد نقصاً، ومثل هذا النقل قد يوقع في مجموعة أخطاء، فيضر علمياً، طبع سنة 1334 باستانبول في المطبعة الاورخانية نقل إلى التركية وأصله للدكتور فريخ كان قد نشره المجمع الشرقي في برلين، والطبعة التركية من نشريات مديرية العشائر والمهاجرين.
أما تحامله على مؤرخي العرب، فهذا نتيجة فكرة خاصة للمؤلف في تبعيد العناصر وإلقاء بذور العداء بينها وهذه شنشنة متبعة عند كثيرين من الغربيين، فإذا كان قد عد الانفصال الإيراني عن العرب حادثاً مهماً بدت آثاره في التشيع واتخاذه طريقاً لتقوية الخلاف والانفصال، فلا ريب أنه لم تركن إلى ما يبرر اعتبار القومية الكردية وتوسلها في هذا الانفصال في حين أن العرب لم يشأ واحد منهم أن يجعل " أمة " مندمجة في أخرى، أو قريبة منها بأمل هذا الاندغام أو الاندماج، وإنما رعوا أمراً أجل، وهو الأخوة الدينية، ولا تضرها اختلاف القوميات، واستقلال كل أمة بعوائدها، وآدابها ولغاتها. وآية " جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا... " مما قربت بين الأقوام وإيجاد العداء باعد بين الشعوب الغربية التي لم يستطع دين أن يقرب بينهم، أو أخلاق عامة تؤلف.!! الأمر الذي اضطرهم إلى حروب طاحنة، ونزاع دائم لا يستطيعون أن يتوقعوا منه ضررهما...
وهناك تواريخ تركية وفارسية عامة تتعرض لبعض الحوادث، وهي كثيرة، وربما نتعرض للنقل منها. ولعل في هذه المراجع ما يعين مكانة البحث، والاهتمام به من مؤلفين عديدين. وهناك مؤلفات إيرانية عديدة، ومباحث علمية تركية في كتب ورسائل ومجلات لا تنكر الاستفادة منها ولا من المؤلفات العربية العديدة. وأكبر من كل ذلك تعيين الصلة بقدر الامكان بين العشائر الحاضرة، وبين ماضيها. وقد بذلت الوسع للحصول على هذه المعرفة سواء بالرجوع إلى هذه الآثار وأمثالها أو إلى أصل القبائل واستنطاقها. وقد قضى ما عليه من بلغ الجهد...
الاسرة
هذه أصل القبيلة، أو القرية، أو المدينة. ومن اللازم التعرض لها، والاتصال بمباحثها مباشرة. وتفترق هذه عما عند العرب من وجوه عديدة. فيصح أن يقال إنها كانت سائرة على خلاف ما عند العرب. فلا يحتفظ بها لأكثر من تكون البيت، ومن ثم تزول كل علاقة، وتنقطع كل صلة نوعاً.
وتوضيح هذا يستدعي تفصيلاً زائداً، فالرجل مرتبط بزوجه وولده حتى يكبر ويتزوج. ومن ثم تضعف صلته، ويقل اتصاله. ومن الجهة الأخرى ان أصل أسرته لا يرتبط به كثيراً، بل يحاول أن يقوم بنفسه فيجعل حبله على غاربه. ومعنى هذا ليس المقصود منه الانقطاع التام من كل وجه، وإنما يتعين في هذا تكاتف القبيلة أو القرية فيكون من أفرادها، فيراعى مقرراتها بصورة عامة، كأنه عاش في أسرته مدة ليكون ابن القرية أو القبيلة.
وكثيراً ما سألت الكرد، وتحققت عن أنسابهم وأسماء أجدادهم فكان استغرابي عظيماً جداً لما أن أخفقت فرجعت بصفقة المغبون، فلا يتمكن الأكثر من الإجابة لأزيد من جدّ إلا القليل من الرؤساء، والعبرة للسواد الأعظم، لا يعرفون غير اسم الأب أو الجد، ثم القرية، واسم القبيلة، وما سوى ذلك لا يلتفتون اليه، ولا يبالون به مهما كان. والعرب في هذه الحالة يفترقون عنهم.
(1/136)
وكأن الرجل من هؤلاء ابن قريته، أو قبيلته التي عرفها باسمها العام الشامل. ولا نشاهد أسرة تعرف أكثر من أنها أسرة، ولا تعلم اتصالها بغيرها الا أن تكون من أسرة إمارة أو ما ماثل مما يدعو للاحتفاظ... والرجل بعد أن يكبر، ويستطيع أن يعمل لنفسه لا يرون ضرورة للاحتفاظ به، أو الاتصال الأبدي ومن ثم ينفصل من أسرته، ولا يعرف غير نفسه وغير قريته أو قبيلته.
لا نرى للأسرة فروعاً تمت اليها. وبين أيدينا قبائل عديدة، ليس لها ما يؤيد تفريعها. وأسرة الأمراء مستثناة، تحفظ لنفسها بذلك، ولا تتجاوز الحالة غيرها.. والأمثلة كثيرة في قبائل عديدة، ويعرف ذلك من تفرعاتها، أو من البحث في القبائل ومن مجموعها لا نرى ارتباطاً في الأسرة، أو صلة دائمة مستمرة اللهم إلا أن تكون في القرية، أو في المحلة. والألفة المحلية بل المجتمع مدار التعارف. وهو أصل لا يهمل شأنه في التفسير...
القبيلة
أو العشيرة من أغرب ما نرى في الكرد أنهم ليس لهم قبيلة أو عشيرة بالوجه المعروف عند العرب، إلا أن نريد بها " المجتمع الصغير " ، فيصلح أن يقال هنا عن العشيرة أو القبيلة انها المجتمع الصغير. والملحوظ أنها من جملة أسر متماثلة، ويصح أن يقال عن بعضها أنها من أصل واحد أو من أسرة واحدة. وهذا لا نرى له اطراداً في الكرد، ولا في إيران.
تحققنا كثيراً، فلم نجد ما يعين أن القبيلة تنتسب إلى جد واحد، بل في الغالب إلى محل أو قرية وكأن هذه القرية هي جد وأصل. مما يدل على الارتباط المكين بين الكرد ومواطنهم على ما نرى في مباحث القبائل وتحقيق أسمائها. ولا مجال لقبول انها من جد واحد، بل كل من يساكنها يعد نفسه منها، وينسى أصل ما درج منه إلا أن تكون مجموعة عرفت قبل أن تتمكن وذلك من طريق الهجرة، أو النزوح أو الغوائل. وربما يكون من أصل أو جد إلا أن هذا غير مقصود، وإنما كان من مقتضيات طبيعتها.
والأمثلة " بلباس " ، و " دزه يى " ، و " طالباني " فهذه منسوبة إلى مواطن على ما سيأتي توضيحه في محله، والأفخاذ غالبها قرى، أو أسماء رؤساء اشتهروا، فعرفت بهم، أو الذين حلوا بعض المواطن، وبنوا فيها فسميت بأسمائهم. ولا دليل لنا أكبر من الأمثلة المشاهدة والقريبة العهد في التكون. فإنها بأسماء الأشخاص أو المواطن، أو التلول التي بجانبها، أو الأنهار. وهكذا مما لا يحصى عده.. والآثار التاريخية تشير إلى هذا. وكل عشيرة أو قبيلة نوضح بقدر الإمكان منشأ تسميتها. فلا نتوسع هنا في أمر تأتي أمثلته العديدة، والغرض إلفات الأنظار إلى تكون العشيرة أو القبيلة بصورة عامة.
وعلى كل حال تتألف القبيلة من أسر مجموعة في موطن، ولا يشترط أن تمت كلها إلى جد واحد، وقد تتصل بحيث تعد كلها متصلة بجد، ولكن هذا لم نتحققه في عشيرة بكل فروعها.. ولعل معنى العشيرة في العربية يصدق على هذه، فالألفة هي واسطة الاجتماع، والتكاتف للأسر أكبر دليل على أنها قبيلة لا غير..
وقد سألت بعضهم فبين أنه ساكن في هذه القرية، ولا يدري غير ذلك، وهكذا آخرون مما لا يدع ريباً في أن القوم لا يعرفون سوى قراهم، وسوى رؤسائهم وأكابرهم. فهم الكل في الكل(1). وتارة تسمى القرى باسم رئيسها العام المتسلط عليها، ويستمر اسمه إلى أولاده فمن بعدهم إن دام حكمه، وبقي أمره نافذاً عليهم. ومثل هذه لا تعين الغرض المطلوب في القبائل العربية، ومن ثم نجد الاختلاف في بنية الجماعة وتشكيلاتها وارتباط بعضها ببعض.
هذا وللأمراء والرؤساء بحث خاص بهم، فلا نتوسع في سلطتهم وإدارتهم هنا حذر أن يتداخل موضوع في آخر مثله. وكل ما نقوله هنا أن الرؤساء والأمراء العامين ناظمو وحدتهم وعقد اتصالهم وواسطة توحيد مجتمعهم وكيانهم. وقد بسطنا في عشائر العراق الكلام على تكون الأسرة والقبيلة العربية ومنها يعرف الفرق(2).
الرؤساء والأمراء
كل قرية لها رئيس يقال له (كتخدا)، أو (تشمال)، أو (كوخه) بالنظر للمحال والمواطن ومصطلحاتها، وهؤلاء لهم كل السلطة على القبيلة، وحق إدارتها فلا يخرجون عليهم ولا يتجاوزون رغبتهم، ولا يخالفون أمرهم...
(1/137)
وهؤلاء أشبه ب(السراكيل) عندنا، وتدخلاتهم محدودة، ويعدون رأس القرية وناظمها، وفي كل حالاتهم يقومون بالتفاهم مع الأمراء ومع الملاكين، فيتعهدون إشغال الزراعة أو الأمور الأخرى. فلا يصح التفاهم مع كل واحد، ولا يتيسر القيام بالأعمال المنفردة مع كل بحياله، وإنما الرؤساء يقومون بالمهمة، ويراعون أحكامها وهم (مختارو القرية).
وطريق استفادتهم من أهمها الحصة من المزروعات يأخذونها رأساً من الملاكين، أو يقومون بالزراعة باستيجار الأراضي منهم، وينالون حقوق الملاك والسركال.. ومثل ذلك التفاهم مع الأمراء، ومع الحكومة فهم واسطة التفاهم بين أهل القرية وبين الخارج...
ولا يشترط أن يكونوا من نفس القبيلة أي من سلسلة رؤسائها. بل أن ذلك تابع للمواهب ولا يبالون ما إذا كان الرئيس حديث العهد أو قديماً في القبيلة أو كما يقولون في القرية المسماة (دَي)(1) أو (ده) الفارسية.. والكلام على الرؤساء يتعلق بأحكام القرية وعلاقاتها بأمرائها وبحكومتها وبالمجاورين، وهي إدارة صغيرة بل أو ل إدارة بسيطة، وتشكيلاتها ابتدائية ثم تتوسع الإدارة وتتضخم..
والإمارة أقل تدخلاً، والعلاقة بها أقل، وهي عامة تشمل جملة قرى، وتتناول إدارة أكثر من قرية بإيجاد ناظم للقرى، ومدبر لها أو مدير يتعهد شؤونها وهذه تختلف في توسعها عن الإمارة العربية، فإن الإمارة العربية تنشأ من تضخم القبيلة بحيث يكون كل فرع قد نال شكل قبيلة. والرئيس العام لها يتولى إدارتها وهو بمنزلة رئيس القبيلة كما أنه منها، والقبائل التي تحت سلطته تكون بمنزلة الفروع بل هي الفروع. وفي القبائل الكردية هذه ليس بشرط(1) ولكن قد يتناول قبائله التي تضخمت بما تكاثر منها بمرور الأزمان، وما انضم اليها فصار يعد منها.. فالجاف إمارة لنفس القبيلة المتكاثرة مع ما انضم إليها من القبائل بحيث بقيت محافظة على وضعها الأصلي. وأما (إمارة بابان) فإنها تتناول قبائل مختلفة، وقرى متباينة فكانت هذه أشبه بالحكومة أو هي الإمارة بعينها.
ويوضح صلة الأمير أو الرئيس العام ما جاء عن إمارة الجاف في النصوص التاريخية التي نقدمها، وكذا يقال في غيرها، وذلك أن الدولة تفرض ضريبة على قبائل الجاف، ويتولى أمرها (أمير الجاف)، وله عائدات منها أو من غيرها بعد أن تكون بنجوة من الحكومة بما تدفعه إليها..
وفي كل الأحوال نرى القبائل أو القرى في طاعة تامة لرؤسائها وأمرائها لا تكاد تشبهها طاعة، ولا يوازيها إذعان في أكثر من عرفنا في أنحائنا.. بل لا يعرف هؤلاء إلا خالقهم وإلا رؤساءهم. تلك هي الإذعان التام.. ومن ملك إذعانهم وكان حسن التدبير، قويم الإدارة، نافذ النظر ملك بهم ما شاء، وسيرهم السيرة المرضية التي يبلغ بها حداً لائقاً، ومبلغاً فائقاً...
أصل الكرد
لا نمض إلى عشائر الكرد دون أن نبدي كلمتنا في أصل الكرد. وقد جرت تحقيقات عديدة في أصلهم قديماً وحديثاً، ومن المؤسف أن نرى معالي الأستاذ محمد أمين زكي يقول: " الآثار القديمة الخاصة بالشعب الكردي. المكتشفة حتى الآن لا تعطينا فكرة قاطعة عن أصل الكرد ومنشئهم. فلم يحن الوقت الذي يمكننا فيه أن نبدي رأياً حاسماً في مثل هذا الموضوع التاريخي. " اه(1) وفي هذا ما يشجع على البحث، وان الآراء يحتفظ بها، ولكل الحق في إيراد ما عنده. والمدونات العربية في الكرد وأصلهم بصورة عامة كثيرة جداً، تعرضوا لها أثناء المباحث، أو عرضوها. والعرب لم يدعوا ناحية تتعلق بهؤلاء القوم الذين عاشوا معهم، أو جاوروهم إلا طرقوها، وتكلموا على قبائلها وأصولها فكانت مباحثهم جليلة على أن الكرد كانوا معروفين قبل الإسلام بعصور لا يدري أولها إلا أننا لا نجد المدونات عنهم وافية وصحيحة. أما القومية الكردية فلا شك أنها كانت موجودة، وأيدها العرب في تواريخهم، سوى أن الأمم لم تكن آنئذ موضوع المتتبعين والمؤرخين فلا يلتفتون إلى الأقوام ونشوئها، بل الأمر يتناول الدول والملوك وأعمالهم لا غير.
(1/138)
والكرد من العناصر الفعالة في العراق أيام العهد الإسلامي، ولهم الأثر الجميل في كافة أنحاء المعرفة والإدارة والعمل للحضارة. وهم قوم قائم بحياله على الأرجح ولم يكن من بادية إيران كما توهم البعض بل يصح أن تكون إيران قد تولدت منه، وبنت ثقافتها على أساس البداوة الكردية، واستقت نفوسها - بلا ريب - من الكرد أو من بعض أقسامه القريبة منها. والأدلة كثيرة على قدم هؤلاء، ورسوخهم في الحضارة، فقد نزحوا إلى المدن، وسكناها ومالوا اليها بألفة وقبول تامين، فلم يستنكروا ذلك، ولا عارضوا كما يشاهد في العناصر البدوية فإنهم مالوا خطوة إثر خطوة حتى وصلوا إلى الزرع، ثم إلى الغرس وتعهد المغروسات ثم تأسيس القرية وهكذا تدرجوا حتى فقهوا الحياة المدنية، ولكنهم لا يزالون حتى في أرقى المدن محافظين على بعض العوائد، والتقاليد القومية الموروثة، فلم يروا وسيلة لاهمالها، أو نسيانها فالكثير من الأمور لا يزال على حالته. والكرد أقرب إلى تمثيل الحضارة، لم يمض أمد قليل حتى أصبحوا من أعضاء الحضارة النافعة.
والتاريخ في مجراه، وفي حوادثه العديدة برهن على أن هذا العنصر منذ دخل الإسلام صار من أهم أركانه، وأخلص لعقيدته، وتأثر بمبدئه السامي. ومن ثم نال نصيباً وافراً من الحضارة ومكانة مقبولة، مرضية. الأمر الذي دعا أن يكون من أهم أركان نهضته.. وعلماؤه، وأدباؤه ومؤرخوه، ورجال سياسته ومدنه وصناعاته. كل هذه أكبر دليل تاريخي، بل شاهد محسوس لما ناله من المنزلة السامية حتى أن زراعه في إنتاجهم، وعماله بأعمالهم لا يقلون عمن ذكر من خدام المدينة.
وهنا أستعرض بعض النصوص التاريخية فأقول: إن العرب بعد فتح البلاد المجاورة لهم صاروا يقيسون الأقوام والأمم من حيث النسب بمقياس أنسابهم وحاولوا أن يرجعوا الكرد كغيرهم إلى قبائل، بل زادوا أن عدد الكرد من أصل عربي، وأيدوا عوامل المجاورة والاختلاط بعامل آخر، وهو العامل النسبي مراعاة لما كان يقول به رجال الكرد. على أن بعضهم رأى اللغة أقرب للفارسية، فاعتبروهم إيرانيين، أو أنهم أهل البداوة منهم. ولكن هذا كله لم يمنع أن يحتفظوا بقوميتهم وأنهم " كرد " لا " فرس " ، ولا " عرب " .
والآراء الواجبة التدقيق مما أشير اليه: 1 - أنهم من ولد كرد بن اسفند ياذبن منوشهر " منوجهر " من ولد ايرج بن فريدون المعروف، وهو أول الطبقة الثانية من ملوك الفرس، قاله في التنبيه والإشراف. ولعل هذا القول مبتن على وجود التشابه في اللغة، ولكن هذا غير قطعي فبعض لغات الكرد بعيدة كل البعد عن اللغة الفارسية.
2 - انهم ممن أبقاهم وزير الضحاك في حادثة مرضه المعلومة(1). وفي هذا ما يؤيد أنهم من الفرس عادوا إلى البداوة، أو كما عبر عنهم ابن الشحنة بقوله " أعراب العجم " (2).
3 - الادعاء بأنهم قوم من الجن كشف عنهم الغطاء لا يستحق الكلام، ودعوى أنهم أولاد العفريت تفصيل لهذه الشائعة المعطوفة إلى النبز، فلا تستحق البحث.
(1/139)
4 - قال المسعودي في التنبيه والإشراف أنه " قد ذهب قوم من متأخري الأكراد وذوي الدراية منهم ممن شاهدناهم إلى أنهم من ولد كرد بن مرد ابن صعصعة بن حرب بن هوازن، وفي المروج أنهم انفردوا في قديم الزمان لوقائع ودماء كانت بينهم وبين غسان. ومنهم من يرى أنهم من ولد سبيع ابن هوازن. وقد علق المسعودي في التنبيه والاشراف على هذه الأقوال بقوله: " وحرب وسبيع عند نساب مضر درجا فلا عقب لهما. " فطعن بهذه الآراء، ولم يشأ أن ينسبهم إلى إحدى قبائل العرب. وقال: ومن الأكراد من يذهب إلى أنهم من ربيعة بن نزار ابن بكر بن وائل، وقعوا في قديم الزمان لحرب كانت بينهم إلى أرض الأعاجم، وتفرقوا فيهم، وحالت لغتهم وصاروا شعوباً وقبائل. فكان سبب تبدل لسانهم وهكذا الأقوال من نوعها. وبعد الإسلام اختلط بهم العرب، ولا نزال نسمع من رؤسائهم خاصة أنهم يمتون إلى نجار عربي. وكل ما أقوله هنا ان المسعودي وأمثاله كتبوا عنهم، وسجلوا ما سمعوه منهم، ولم تكن آنئذ فكرة قوميات وإنما يعتبرون الأخوة بين الأقوام معتبرة، وإن التعادي أوجده العصر الحاضر أو العصور المتأخرة فقام الناس بالدعوة المتطرفة وبما بثوه من نزعات. وعلى كل حال لم يقنع المسعودي بأقوالهم.. ولكن هذا لا يمنع أن يكون قد اختلط بالكرد عرب، وتولوا رياستهم قبل الإسلام كما حدث بعده. ولذا قال ابن الشحنة: " الكرد من العرب ثم تنبطوا " 5 - إن الكرد قوم قائم بنفسه لا ينتسب إلى الأقوام الموجودة، وهو منفرد عن سائر الأمم وقرباها. قال أولياجلبي، وعدهم ممن دخل السفينة من المؤمنين وخرج منها مع نوح (ع) وأولاده، عاشوا منفردين عن غيرهم، وإن لغتهم لا تشبه الأقوام المعروفة، وحكمهم ملك يقال له (كردم) وعمر عمارات مهمة في جودي وسنجار، ومن ثم عرفوا به(1).
ومثله ما جاء في مسالك الأبصار قال: " الأكراد جنس خاص، وهم ما قارب العراق وديار العرب دون من توغل في بلاد العجم. ومنهم طوائف بالشام واليمن، ومنهم فرق متفرقة في الأقطار. وحول العراق وديار العرب جمهرتهم فمنهم طوائف بجبال همذان وشهرزور وغيرها. " اه(2).
وفي التعريف بالمصلح الشريف: " ويقال في المسلمين الكرد، وفي الكفار الكرج وحينئذ يكون الكرد والكرج نسباً واحداً. " اه " صبح الاعشى ج1 ص369 " وفي النويري: " كرد بن مرد بن يافث " وفي رأي أكثر النسابين ان الأكراد أولاد إيران ابن ارم بن سام، أو من هوازن كما تقدم. وفي ذلك خلاف، قاله النويري. " نهاية الأرب ج2 ص290 " مما يدل على انه ليس هناك رأي مقطوع به أو يصح التعويل عليه، والتوثق من صحته.
ونص المسالك يدل على انهم جنس خاص، فلم يعدّهم من الإيرانيين. ولا من باديتهم. ولا من العرب ونجارهم وهو الأقرب للصواب. ويهمنا أن لا نقف عند هذا مكتفين بالآراء القديمة المبينة أعلاه، والأخرى المتداولة في الوقت الحاضر التي لم نر حاجة في النقل منها، وجل ما توصل اليه الباحثون أنهم من العناصر الآرية، والكتب المدونة في الوقت الحاضر المؤيدة لهذا الرأي الشائع في أوربا كثيرة من أهمها: خلاصة تاريخ الكرد وكردستان لمعالي الأستاذ محمد أمين زكي، وكرد للأستاذ رشيد ياسمي، وكردلر باللغة التركية منقولاً من اللغة الألمانية، والأكراد من فجر التاريخ إلى سنة 1920م ومن عمان إلى العمادية فكل هذه تعرضت لأصل الكرد، وبينت أنهم من الآريين، فمن أراد التوسع فليرجع اليها..
وهنا يسوقنا البحث إلى معرفة الأقوال المتأخرة لعلمائنا، ولعل فيها ما يؤيد بعض الأقوال ويناصرها. أو على الأقل يعين اضطراب الآراء وتشتتها. لئلا يرمي العرب المحدثون في التعصب للعروبة بإدخالهم ضمن حضيرتهم من لم يكن منهم وإنما المنقول من الكرد أنفسهم قديماً، ولم يكن ذلك ابن اليوم أو أمس القريب.
وفي كتاب شرح منظومة عمود النسب في أنساب العرب للأستاذ المرحوم السيد محمود شكري الآلوسي(1).
(1/140)
" الأكراد جيل معروف، وقبائل شتى، واختلف نسبهم " عدد الأقوال وقال: " وقد ألف في نسب الأكراد فاضل عصره محمد افندي الكلردي(2)، وذكر فيهم أقوالاً مختلفة، بعضها صادم البعض. ورجع فيه أنهم أولاد كرد بن كنعان بن كوش بن حام بن نوح " ع " " وسرد النقول عن مؤرخين منهم صاحب كتاب مناهج الفكر ومباهج العبر وابن الجواني في آخر المقدمة الفاضلة وكتاب الجوهر المكنون في القبائل والبطون، وتاج العروس. " وفي تفسير روح المعاني عند الكلام على قوله تعالى " ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد. " يعني الأكراد كما في الدر المنشور، ورجح أنهم " جيل من الناس " ، ونقل عن كتاب القصد والأمم وغيره اختلاف العلماء في كونهم في الأصل عرباً أو غيرهم. وقال: والذي يغلب على ظني أن هؤلاء الجيل لا يبعد أن يكون فيهم من هو من أولاد عمرو مزيقياء إلا أن الكثير منهم ليسوا من العرب أصلاً.
وقد انتظم في سلك هذا الجيل أناس يقال إنهم من ذرية خالد بن الوليد، وآخرون يقال انهم من ذرية معاذ بن جبل، وآخرون يقال انهم من ذرية العباس بن عبد المطلب. وآخرون يقال انهم من بني أمية، قال ولا يصح عندي من ذلك شيء وصحح نسب البرزنجة وأبدى أنهم سادة انتهى ما نقل عن التفسير باختصار. " اه هذا ما نقله الأستاذ الآلوسي المرحوم في كتابه " شرح المنظومة " ، ولم يبد أي مطالعة حول أصلهم واكتفى بما أورد من النصوص وعلى كل انجلت ماهية الخلاف، وعرف تشعب الآراء والتعصب لبعضها.
ومن المتأخرين إبراهيم فصيح الحيدري قد تعقب ما جاء في تفسير الآلوسي فقال: " والأكراد كلهم على ما في القاموس من أولاد كرد بن عمرو مزيقيا. وذكر في مادة مزق ان مزيقيا، لقب عمرو ملك اليمن كان يلبس كل يوم حلتين ويمزقها بالعشى. فلذا لقب بمزيقيا. أقول " القول للحيدري " فعلى هذا تكون الأكراد من أشراف العرب وأكابرهم، وكرمهم وشجاعتهم وغيرتهم أعدل شهود على كونهم من أشراف العرب.
وأما ذكر بعضهم من أنهم ليسوا من العرب فهو من قبيل التعصب، وكفى صاحب القاموس تصحيحاً وشهادة، فهم على ما ذكره المجد صاحب القاموس من قحطان من العرب العاربة نسباً. لأن مزيقيا على ما ذكره علماء النسب من بني قحطان. وتبدل لسانهم لقرب منازلهم من العجم، فلسان الكرد ممزق لسان الفرس. " اه " عنوان المجد ص166 " وفي هذا رد ضمني لما أورده أو نقله الآلوسي في تفسيره.
ونحن لا نقول أكثر من أنهم شعب مستقل عن الشعوب الأخرى، متأثر بالمجاورين من عرب وإيرانيين. ولا ينكر أنهم اختلط بهم بعض العرب، وعاشوا معهم، وصاروا لا يفترقون عنهم بوجه وأنهم لا يزالون يحفظون أنسابهم فلا طريق للطعن كما أن كثيرين من الكرد عاشوا مع العرب والآن لا يخرجون عنهم ويهمنا الكلام على " العشائر في التاريخ " بنظرة سريعة للتوصل إلى قبائل العصر الحاضر.
قبائل الكرد في العراق قديما
لا ندرك التقلبات العديدة في العصور المختلفة. ولكن الكثير من الأمثلة وما تعرض له المؤرخون في مباحث عديدة عرضاً أو قصداً قد يكشف عن صفحة مهمة، تشير إلى ما وراءها، وتستدعي النظر، ومنها نعلم قيمة العشائر في هذا القطر. ولا يهمنا في هذه العجالة التفصيل، بل نرجح أن يكون ذلك " بيان مجرى " ، ويؤدي بنا حتماً إلى حقيقة ما هنالك على قاعدة " وليقس ما لم يقل " .
أما فروعهم الكبرى فهي: كرمانج لر كلهر كوران وهناك فروع أخرى تدخل ضمن هذه الفروع. والآن لا تزال هذه القسمة القديمة معروفة مصادقاً عليها. ونصيب العراق من هذه الأقسام كبير، وإن كان لا يدعي حيازتها بحذافيرها بل لا تزال أقسام كبرى في إيران قد تفوق ما في العراق، وكذا في الجمهورية التركية مقدار مهم كما أن سورية تحوي جزءاً لا يستهان به.
وفي معجم البلدان(1) ذكر ممن في شهرزور من الطوائف: الجلالية. وهي الكلالية المعروفة.
الباسيان. يريد ما نسميه بازيان.
الحكمية. لا تعرف اليوم وتنسب إلى مروان بن الحكم الأموي.
السولية. لا يزال الموطن معروفاً.
وكان من أقضية لواء السليمانية وينطق به " سيول " أيضاً واللفظ العربي صحيح والآن يحتوي على قرى كثيرة عد منها صاحب سياحتنامه حدور 26 قرية. وجاء ذكر هذه القبيلة المعروفة بمكانها في مسالك الابصار بلفظ " السيولية " كما في السياحتنامه(1). وتردد فيها معالي الأستاذ أمين زكي(2).
(1/141)
وعدد صاحب مسالك الأبصار من قبائلهم: الكورانية.
الكلالية.
اللورية. وهم اللرية...
بابيرية.
الخونسة.
السورانية.
السيولية.
الفرياوية. أو الفرناوية.
الحسنانية. وكذلك جاءت في نسخ أخرى من مسالك الأبصار، أو خستانية.
اليافية. " غير منقوطة " .
المازنجانية.
الحميدية.
الزرارية.
الجولمركية.
الهكارية.
بختية.
الداسنية.
الدنبلية.
وفي المسعودي ما يقاربها نوعاً. وغالب نسبة هؤلاء إلى المواطن والبقاع لا إلى القبيلة، والأمر شائع جداً في هذه الأنحاء. وهذا يصح أن يعد الأصل في الانتساب. ويؤيد ما قررناه. وبين هذه القبائل ما هو غير معروف اليوم في الأنحاء العراقية، أو أنه يتعلق بمواطن مجاورة أو خارج العراق والبحث عن العشائر لا يقتصر على ما هو مألوف في عشائر العرب...
وإن صاحب مسالك الأبصار تكلم عليهم بالاستناد إلى علماء عراقيين مثل الحكيم الفاضل شمس الدين أبي عبد الله محمد بن ساعد الأنصاري(1) فقد توضح " تاريخ العراق " في تلك الحقبة بأمثال هذا العالم الجليل المبرز في كل علم حتى التاريخ ونظام الدين الحكم وآخرين... وإن القلقشندي والنويري اعتمدوه وأخذوه منه.
ومن ثم نرى صاحب الشرفنامة وهو متأخر من رجال القرن العاشر وأوائل الحادي عشر يتوسع أكثر. فكانت الحقبة الأخيرة بعد الشرفنامة أكثر غموضاً لقلة المؤلفات الخاصة التي نستفيد منها التطور والتحول والانتقال... ولا نتعرض لما قبل ذلك من القبائل والعشائر فالعصور القريبة منا هي هذه ونضيف اليها التحولات وما وقع من انتقال وهجرة أو جلاء، وللتعبير الأصح ندون ما له علاقة أكيدة بالعشائر الحاضرة، أو كانت له مكانة أكيدة في تاريخ العراق لا يصح التهاون بها بوجه.
ولا ننس أن الداسنية والدنبلية، والهكارية يزيدية والبختية اليوم في العراق فانها كانت ولا تزال معروفة فيه وهي يزيدية أيضاً وأما الكلالية فإنها لا تزال موجودة في العراق. ومثلها الزرارية. وهكذا. والآن أبحث عن القبائل الحاضرة، ومن ثم أراعي الصلة بين القبائل الموجودة والقبائل القديمة بقدر الامكان وبما تسمح به الوثائق التي تيسر العثور عليها، أو تمكنت من الوقوف عليها...
القبائل الحاضرة
تكلمنا على القبائل القديمة من الكرد بصورة موجزة، ويراد بها المجموعة التي تجمعها أرض واحدة، أو قرية بعينها. وتراعى فيه المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة. ويصح أن يقال أنها واسطة عقد تكون القرية ووسيلة تشكيلها. فإذا بحثنا عن القبيلة هنا كان موضوعنا يتعلق بالقرية وعلاقة الأشخاص بها، وإدارتها. فلا يفرق البحث عن هذه إلا من ناحية اتصال القبيلة بها، أو تعرف أوضاعها وحالاتها أو قل ان جماعة كردية " القبيلة " حيثما حلت كونت قرية باسمها. وهذه قد تتوسع. أو تنضم إليها غيرها وتصير إمارة... ولا يختلف هذا بين القبائل الرحالة، والقبائل المتوطنة. إلا أن الرحالة منها أقرب إلى العشائر العربية في مجموعاتها، وفي القربى بين أفرادها، ولكن لا تخرج عن أنها في الأصل " قرية " ، تتجول في مواطن صيفية، وأخرى شتائية تتنقل إليها لضرورة اقتضت أو لازمت حياتها، وسميت بها أثناء تكونها، ويلازمها هذا الاسم.
وقد يطول بنا القول في ذلك، والأولى أن ندخل في مباحث القبائل الحاضرة مراعين عشائر كل لواء بقدر الامكان، ومن ثم نعين أوصافها، ولكننا نبدأ بمن اكتسبت صفة متنقلة " رحالة " ، ثم نميل إلى المتوطنة في قرى ولا نتحول منها إلا لأسباب اضطرارية، وأحوال قاهرة قاسرة. والقبائل الكردية كثيرة، وما وصل إلينا خبره يكون بلا ريب موضوع بحثنا.
لواء السليمانية
1
- قبائل الجاف
بصورة عامة
(1/142)
هذه القبيلة يبالغ في كثرتها، ولا يزال منها قسم على البداوة والتنقل، وقسم آخر أهل قرى يقطن في مكان واحد. وأول ما ورد ذكرها في معاهدة السلطان مراد الرابع المعقودة في 11 المحرم سنة 1049ه، ولم يعرف عنها قبل ذلك، وكل ما ذكر عن فروعها 4، ولعل هذه هي الفروع التي وقع عليها النزاع(1) ولم نجد تدوينات تشير إلى ما كانت عليه. والآن أكثرها في " لواء السليمانية " ، وقسم لا يستهان به في ناحية شيروانة التابعة لقضاء كفري من لواء كركوك، وفريق ثالث كبير جداً في أنحاء إيران في " زهاب " والمواطن الأخرى حتى أردلان ونواحيها من إيران.
ولا نرى انتشاراً وكثرة في قبائل العراق الكردية مثل ما نراه في هذه القبيلة وفروعها إلا قليلا فقد زادت نفوسها، وتنقلت في مواطن عديدة بحيث صارت في كل موطن تعد بالألوف ولم يقع إحصاء يوثق به في بيان نفوسها أو يصح الاعتماد عليه لنرجع إليه. والنفوس متحولة في العشائر، غير مستقرة. وهذا لا يمنع أن تكون من العشائر ذات المكانة الكبيرة، والاهتمام الزائد من الحكومات المجاورة. لكثرتها وبداوتها وقوتها. ولوقوعها في الحدود، ولأنها تتردد بين إيران والعراق ففي رحلة الشتاء تميل إلى السليمانية والأنحاء العراقية الأخرى وفي رحلة الصيف تذهب إلى إيران. مما دعا أن يشار إلى القبائل المنازع فيها في المعاهدة المذكورة.
وأكثر ما جاء عن هذه القبيلة من التدوينات نراه في تقرير " تحديد الحدود الإيرانية " المقدم من الفريق درويش باشا في سنة 1269ه والمطبوع سنة 1283ه وسنة 1321ه، وفي كتاب خورشيد باشا مكتوبي وزارة الخارجية المسمى " سياحتنامهء حدود " وكان قد رافق درويش باشا فكتب ما علمه بأمر من السلطان وإيعاز من وزير الخارجية بصورة خاصة وكذا جاء عن هذه القبيلة في دوحة الوزراء، وفي " عنوان المجد في تاريخ بغداد والبصرة ونجد " للسيد إبراهيم فصيح الحيدري، وراجعت أيضاً نفس القبيلة وتحققت منها أشياء كثيرة لها قيمتها سواء من رؤسائها أو من أمرائها.
لم نجد من تعرض لوجه تسمية هذه القبائل ب " الجاف " وقد سألنا الكثيرين منهم فلم نظفر ببغية. كانوا في جوانرود، فجاءوا العراق، ولا يزال قسم منهم في " جوانرود " . ولعل " الجاف " منحوت من " جوانرود " نطق به العرب، فعم وشاع ولعل في القراء من يدري سبب التسمية وتاريخه لما قبل المعاهدة الإيرانية - التركية أيام السلطان مراد الرابع فيفيدنا.
والظاهر ان القبيلة لم يكن لها من الشأن ما يستدعي التدوين عنها، وإنما عظم شأنها أيام النزاع بين إيران والعراق. ومن ثم شعروا بوجودهم للعلاقات الحربية بين الدولتين الإيرانية والعثمانية، فكانوا كما يظهر أعانوا الدولة العثمانية، فأدرجوا في المعاهدة تأييداً لولائهم ولما قاموا به من خدمات، والفرق الأخرى جعلت لإيران من جراء عين السبب... أو لتوطنها إيران وبعدها عن العلاقات السياسية.
ولما كانت الحكومة في العراق عاجزة عن تعقب أثرهم في استحصال البيتية وتسمى " الكودة " " الرسوم المعلومة " فقد اتفقت مع أمرائهم على مقطوع يستوفى بقسطين يؤدى إلى لواء السليمانية في الربيع وفي الخريف، وكانت الأقسام الأخرى من هذه القبيلة قبل نحو 30 أو 35 سنة تؤدي ضرائب للحكومة الإيرانية إلا أنها امتنعت من إعطائها خلال المدة المذكورة، كما أن العشائر الإيرانية من الجاف حينما كانت ترد إلى أنحاء خانقين ومندلي " بندنيجين " تقوم ببعض الأوضاع غير اللائقة، تعتدي على بعض المواطن فلا تخلو من إثارة زعازع وهكذا أعمال هذه العشائر حينما تذهب إلى أنحاء " سنة " من المملكة الإيرانية لا يراعون الحالة الاعتيادية، وإنما يقومون ببعض الأضرار وإثارة الأذى بالرعاية.
وكذلك الأمر في عشائر الجاف القاطنين في لواء السليمانية يمضون إلى " صغوق بولاق " المعروفة ب " صاوجبلاق " أيضاً كانت تأتي إلى أنحاء إيران المذكورة وتؤدي رسوم المراعي " شاة مرتع " إلا أنها منذ 35 سنة امتنعت عن التأدية، وأنها عدا ذلك لا تخلو من إيقاع اضطرابات، وإحداث غوائل بما يقومون به من حوادث(1).
(1/143)
هذا. والملحوظ أن هؤلاء نظراً لمنازعات الحدود صارت الحكومتان تخطبان ودهم وتراعيان جانبهم، الأمر الذي أدى أن تغمض العين عن هؤلاء في أمر المطالبة بالتكاليف الأميرية. فتمكنوا أن يعيشوا بنجوة من الرسوم. أو قلة التدخلات بحيث صاروا لا يتفاهمون إلا مع أمرائهم رأساً.
أمراء الجاف
وهؤلاء إمارتهم عامة على كافة قبائل الجاف إلا أن الطوائف في إيران يحكمها أمراء آخرون من سلسلتهم وهم الآن منفصلون عنهم إلا أنهم يقطعون بالاشتقاق ويحفظون الصلة النسبية.
1 - سلسلة نسبهم: وهؤلاء سادة عرفوا بهذا النسب أباً عن جد. ولا يزالون يقطعون في أنهم سادة.
راجعت شيوخهم، والعارفين منهم فتحصل لي أن سلسلتهم ترجع إلى (بير خضر شاهو) وهو الجد الأعلى المحفوظ اسمه، و (شاهو) جبل في أنحاء إيران في جهات جوانرود ينتسب إليه جميع سادة الأكراد، ومنهم الجاف.
ومن هذا نعلم أن إمارتهم دينية في الأصل، تمسك بهم القوم لأنهم سادة ومن ثم قوى تسلطهم ونفوذهم على القبائل فانقلبت السيادة والمشيخة الدينية إلى إمارة عشائرية، فاستقرت إدارتهم، ودامت أمداً طويلاً، والى اليوم، ولا يحكم عليهم أمير بعينه، وإنما نرى في كل ناحية أميراً من أمرائهم مطاعاً، يسلمون له بالإمارة. ويغلب على الأمراء اليوم أنهم ملاكون يتعيشون من أموالهم، ولم تكن لهم تلك السلطة المباشرة على القبائل كما كانت قديماً ونراهم في هدوء وطمأنينة، لا يبتغون الفتنة والشر. ولهم الإحسان والإنعام في إعالة قبائلهم بأملاكهم، والحب بينهم حقيقي ومتبادل، ولم يكن نتيجة خوف وقوة إلا أن الإمارة ليس لها ما كان معروفاً من جباية، وعائدات وما أشبه.. بل الطاعة حقيقية.
وهذه سلسلة أمرائهم(1): 1 - ظاهر بك بن سيد احمد بن بير حمزة وظاهر ينطق به (زاير) جاء إلى العراق وكان في جوانرود وهو أول من ورد العراق وكان مركز إمارتهم في إيران، ومن ظاهر هذا يمضي العمود إلى بير خضر شاهو المذكور، ويقفون عند ذلك، ولا يستطيعون تعداد من بعده.
ومن هذا يجري التفرع كما يلي: زاير بك (ظاهر بك) قادر بك محمد بك، سليمان بك 2 - إن قادر بك المذكور ترك ولداً اسمه محمد بك، وهذا أعقب ولداً اسمه (بهرام بك) وإن فرع البهرامية ينتسب إلى بهرام بك بن محمد بك ابن قادر بك وتسمى بهرام بيكية. وسلسلتها كما يلي: بهر أم بيكية: محمد بك بن قادر بك بن سليمان بك المذكور بهرام بك، عزيز بك، قادر بك، أحمد بك عبد الله باشا رستم بك، قادر بك محمد صالح بك محمد بك مصطفى بك، محمد بك، علي بك أحمد بك،عزت بك أحمد أحمد حسن برويز كيخسرو حسين، محمد محمد رشيد جميل أمجد، ماجد، كمال محمد بك، توفيق بك، حسن بك امين بك، فتاح بك، أحمد محمد بك، كمال، صبري، يوسف مصطفى، أحمد محمد ميران بك قادر بك
الكيخسرو بيكية
رأس هذه الأسرة كيخسرو بك بن سليمان بن قادر بك بن ظاهر بك (زاير بك) المذكور سابقاً. وأولاده: قادر بك عبد الله بك وهؤلاء لم يعقبوا.
سليمان بك محمد باشا. وتفرعاته في المشجر رقم 1 عبد الرحمن بك. وتفرعاته في المشجر رقم 2 المشجر رقم 1: محمد باشا بن كيخسرو حسن فتاح عثمان باشا محمود باشا سليمان محمد علي حسين عبد القادر، محمد كريم، رضا عبد الرحمن، محمد، أحمد داود محمد محمد،عبد الرحمن،علي جميل أحمد، عزة، محمد سعيد، طاهر، مجيد أنور، جمال حامد كيخسرو، علي، حسين، أحمد عبد الله(1) عثمان، محمود، عبد الله شوكة المشجر رقم 2: عبد الرحمن بن كيخسرو محمد صالح، عزيز، احمد، نامق مصطفى، عبد الله، فائق، كريم
فريق
والملحوظ أن هؤلاء كل منهم ملقب ب(بك) ويقصد به (الأمير). وهم بيت الإمارة، واللفظة تركية. وحباً بالاختصار ذكرنا الأسماء مجردة عن الصفة فاقتضى التنبيه الا أن يكون المرء ملقباً بلقب (باشا) فاننا ذكرناه كما في المشجر السابق. ولم نتعرض لذكر من انقرض ولم يعقب.
الولد بيكية في الجاف العراقية
ولد بيكي رستم، أحمد قادر محمد
(1/144)
حسن، كريم، محمد محمد سعيد، محمد عبد الرحمن احمد محمد علي، حسين الآن في حلبجه في سنة وهؤلاء الأمراء منهم في إيران ومنهم في العراق، ولا يتيسر الاطلاع على تفرعاتهم، وقد رأيت بعض رؤسائهم، وكتبت عن بعض ما يتعلق بقبائلهم، ولم يتيسر أن أعرف الباقين. والمعروف أن رئيس ولد بيكي اليوم في إيران هو يعقوب بك وأخوه صالح بك أولاد فتاح بك بن سعيد بك بن صوفي بك بن بهام بك بن سيد أحمد بك ابن ظاهر بك. كما علمت ذلك من رئيسهم صالح بك نفسه.
ومن هذه المشجرات نعلم أنهم يتفرعون الى: بهرام بيكية كيخسرو بيكية ولد بيكية ومن هؤلاء يشتق أمراؤهم الموجودون. وجاء في سياحتنامهء حدود سنة 1268ه وفي تقرير درويش باشا أيضاً أن الجاف قد توزع سلطتهم محمد بك كيخسرو بك " هو محمد باشا " ، ومحمد بك بن قادر بك، ومحمد بك بن أحمد بك " من الولد بيكية " ، وبين أن محمد بك كيخسرو سلطته أوسع من غيره، ومحمد بك قادر بك يتلوه قليلا، والثالث ليس له حكم إلا على القليل من الطوائف المبعثرة ولا يتصرف بأكثر من 150 بيتاً من الجاف الأصليين. وفي الحقيقة قد توزعت قبائل الجاف بين آل كيخسرو بك، وآل قادر بك. كما أن هذه العشائر كانت تؤدي للحكومة مقطوعاً يؤخذ من العشيرة على عدد بيوتها سوية يصيب كل بيت 87.5 قرشاً، فانهم يتقاضون عوائد هذه الرسوم من العشيرة سواء من جراء ما يحدث من جرائم، أو من غيرها لأسباب مختلفة.
فإذا عصت طائفة على أميرها استعان هذا الأمير بالقبائل الأخرى وتمكن منها، وحينئذ نهب أموالها، وفعل فيها ما شاء بلا سائل ولا معاتب(1).
وتظهر مكانة الإمارة عند وقوع النزاع بين " إيران والعراق " ، أو بين الحكومة العثمانية، وبين إمارة بابان ولكن هذه العلاقات أدركتها الحكومة مؤخراً، أو أنها لم يكن في وسعها الالتفات اليها في أواسط القرن الثالث عشر الهجري أيام قضت على إمارة بابان.
وكل ما نقوله الآن أن الحكومة أدركت أمر الجاف مما دعا إلى القضاء على إمارة بابان قبل تحديد الحدود، فتوضح لها عند تدقيق الحدود وأثناء الاتصال بهم أن البابان كانوا ناظم هذه القبائل، وكانت إمارة فوق تلك الإمارات، فاتصلت بالجاف، وتفاهمت مع الأمراء منهم، وأعطت محمد بك لقب (باشا)، ومن بعده منحت ابنه محمود بك(1) لقب باشا وهكذا... فعلمت كيف تدبر الأمر...
أمراء الجاف
و الأوضاع السياسية بعد معاهدة السلطان مراد لم يعد للجاف ذكر في حوادث العراق إلا قليلاً. لأن أمراء " بابان " كانوا قد سيطروا بإمارة عامة على العشائر في لواء شهرزور ومن جملتهم الجاف وربما استعانوا بهم في القضاء على " إمارة بلباس " ، وكانت لا تقل عن الجاف. فاستخدموها أثناء تنازع السلطة بينها وبين بلباس، كما أن البابانيين توسلوا بقوة الحكومة في أحيان عديدة لقهر بلباس بداعي أن هؤلاء البلباس مفسدون في الأرض بالنهب والسلب، وكذا كانوا يصاولونهم بالقبائل المجاورة، فمال البلباس إلى إيران ولم يبق منهم في العراق إلا القليل بل تبعثر أمرهم، وتشتتوا.
أما الدولة فإنها في كل أحوالها تريد التدخل، وتحاول التسلط بوسائل مختلفة لتقف على الحالة وتنظر إلى ما وراء ذلك مما عزمت على إجرائه بأمل السيطرة على الامارتين معاً وهكذا يختلف الوضع بالنظر لآمال كل، ولكنها أضاعت الرشد في القضاء على البلباس فانفرد البابانيون في السلطة فكانوا في يقظة، فاستخدموا الجاف من جراء أن قسماً منهم في إيران والآخر في العراق للمحاربة بهم والتشويش على الدولتين ليكونوا بنجوة من تسلط إحداهما. فإذا تضايق البابانيون من العراق، وشعروا بقوة الحكومة مالوا إلى إيران، وهكذا إذا شعروا بقوة إيران مالوا عنها. واستخدموا الجاف على البلباس وعلى غيرها. وهكذا استخدموا قبائل أخرى لعين الغرض ولم يقصروا في تدبير.
مضت إمارة بابان مدة على هذه الوتيرة حتى أخذت الحكومة وضعها قبل أيام درويش باشا الفريق بقليل واستولت على ما كان بيدها، وراقبت الحالة بنظرات صادقة، واطلعت على إمارة البابان وأنها لا قدرة لها إلا في النفوذ على أكبر القبائل في اللواء وهم الجاف ومن على شاكلتهم فاشتغلت لتقريبهم، ومنحتهم الألقاب الفخمة، وجلبتهم لجانبها..
(1/145)
وهناك قد حصل التفاهم بين إيران وتركية على التعاون للقضاء على هذه الإمارة ليكونا بنجوة من الغوائل، فلم يستطع آل بابان أن يعودوا للتجربة السابقة بالميل إلى إيران إذ لم يجدوا مساعدة منها بل عزمت الدولتان على المناصرة في القضاء على الإمارة المذكورة، فكان ذلك قبل تحديد الحدود بمدة قليلة.
وإن الجاف لم يعودوا إلى الالتفات إلى أقوال أمراء البابان، وقد رأوا توجهاً من الدولة وحصلوا على مكانة مرضية.
شعر الجاف بقوة، ونظرت الدولة أمر إدارتهم بأنفسهم. فتفاهموا مع الدولة العثمانية، ولم يظهر منهم ما ينفر أو يدعو للقيام عليهم، فبقوا موالين للحكومة حتى أيامها الأخيرة.
ومن ثم قضت الحكومة على الأسرة البابانية، ونالت هذه مكانتها وزيادة. لأنها كانت في خشية من تلك، وأمن وطمأنينة من هذه، فقامت هذه في حراسة الحدود ومراعاة سياسة الحكومة. ولقبت الحكومة أميرها محمد بك كيخسرو بلقب " باشا " مما يعين هذا الاتصال بالدولة. على أن الدولة لم تأمن غوائل الحدود، ولزوم مراقبتها خشية إحداث أمثال ما وقع في بابان مما فصل " تاريخ العراق " ، ولكن الحكومة أمينة منها أكثر، وهي " خير حارس للحدود " .
كل هذه مما جعل الدولة تمشي بصورة معقولة. وتنهج سياسة قويمة، ومثلها إيران فإنها ملت الحروب، وصارت تودّ الطمأنينة بكل قواها، فلا إثارة فتن، ولا قيام زعازع أو حروب. والدولة العثمانية خاصة راعت العدل بين أمرائها ومجاوريهم، فلا تركن إلى ما يشعرون بشدة وطأته، ولا إلى ما يؤدي إلى انتهاك الحرمات والحقوق لما هو مألوفهم ومعتادهم.
جروا على ذلك إلى أواخر أيامهم، ومضوا على سياسة كأنها ملهمة، أو تابعة لطراز عملي، أو وجهة مبناها الاحتفاظ ب " تقرير ما كان على ما كان " ، فلم يعهد لها الاحتفاظ بسياسة رشيدة أكبر من مراعاة هذه القبيلة، وملاحظة العنعنات القديمة بين رجالها.
وفي كل أحوالها كانت لها مخصصات التزام تأخذها منها مقررة لا تتجاوزها ولا تتدخل في أمرها، وإن الأمراء كان ربحهم في هذه المخصصات والاستفادة من عوائدها بصورة متعينة، فكانت العلاقة محدودة. الأمر الذي جعل قبائل الجاف تسرح وتمرح في هناء ونعيم، وبنجوة من الموظفين وتدخلاتهم بحيث صارت القبائل الأخرى من الجاف تتوارد بين حين وآخر لأدنى ما ترى من إيران من تضييق أو تشاهد من ضغط حتى تكون اليوم منها قبائل كثيرة مالت من هناك ولجأت إلى العراق.
ومن جهة أخرى أن القبائل لا ترى من أمرائها ما هو مشهود في هذه فلا تجد الأمراء يأخذون " شاة مرتع " ، أو تكاليف أخرى تزيد عن المقطوع، فالجاف كانت تؤدي المقطوع للحكومة، ولا تزيد الأمراء فيه مهما زادت قبائلها أو تكاثرت. فالأمر الذي جعل تلك القبائل في اتصال وثيق بالأمراء. يزرعون الأراضي العائدة لهم ويؤدون ما يؤديه سائر الزراع بكلفة أقل، ولا يرهقونهم أكثر مما يتحملون من العوائد. ولم يعرف في أمراء القبائل الأخرى أو رؤسائها ما كان مشهوداً منها من جراء الطمع، ومراعاة سلب القبيلة بقدر الامكان ولحد أقصى حتى لا يبقى مجال لما هو أكثر بقدر الطاقة. ولا حاكم في القبائل الأخرى سوى القوة بخلاف هؤلاء الأمراء فهم بمثابة رأس أسرة، وكبير عائلة يرأف ولا يقسر، ويقوي قبيلته ولا يضيق، وإذا أكل أكل بمعروف.
ذلك ما ولد التفادي، وهو قليل من كثير، وهو الذي قوى الألفة، وحافظ على المجموعة، فليس هناك آمر ومأمور، أو قاهر ومقهور، بل طاعة صادقة وخدمة حقيقية.
وكل ما أقوله أن القبيلة بسعادة وهناء من رؤسائها وفي وئام معهم في أغلب أحوالهم، ذلك ما دعا أن لا يردوا لهم قولاً، ولا يعدلوا عن أمر. ويعجبني أن رضا بك من أمراء الجاف قد أكد لي أن أكثر أوصاف العرب التي عرفها في التاريخ موجودة فيهم وهي تلك السجايا المرضية المرغوب فيها من كل قوم وأمة على وجه البسيطة، وتحلى بها العرب، وتحلت بها هذه القبيلة، بل قبائل أخرى أيضاً.
(1/146)
وكل ما عرفناه من سجايا هذه القبيلة وخصالها الحميدة دعانا إلى بيانه، وهكذا قل عن خصال الأمراء، وعلو أخلاقهم، وحسن سلوكهم.. فهم أهل لأن يكونوا أمراء هذه القبيلة، وهم أحق بها وأهلها. واللسان ليعجز من إيراد كل ما يستحقونه من الثناء عليهم في صفوتهم، وصفاء سريرتهم، وحسن عقيدتهم، وادائهم للفرائض الدينية مما لا نعهده في الأمراء الذين أفسدتهم بهارج المدنية..
ولا يستغرب المرء مما أقول، ويرى أن هؤلاء ملائكة، ولكنني أؤكد أنني لم أكتب إلا ما شاهدات أو رأيت، أو علمت، ولم أغال في مدح، وهم فوق ما وصفت، وإنما كتبت مما اقتضاه واجب الذمة، ورأيته لازم الصدق فدونت ما علمت.
وأني في هذه الحالة أعد نفسي قد تجاوزت الوصف، ولا ألبث أن أحاسب نفسي مرة أخرى، فلم أر ما يستحق أن يطوى، أو يجب أن يخفف منه، أو يحور وإنما أنا معتقد بصحة كل ما قلته، ولا يهمني من في قلبه زيغ، أو يتصور أن الأخلاق الفاضلة مفقودة، أو أن السلوك المرضي غير مشهود.. فيستاء من كل شيء، ولا يرضى عن أحد، بل أن الدين متأصل في أكثر الأكراد، راسخ فيهم، وطاعتهم للعلماء عظيمة.
وما ذكرت إلا ما اعتقدت، وليكتب من شاء ما شاء من ملاحظة عيوب، أو التوسل ببيان الصفحة التي قد يراها في فرد أو أفراد لا يمثلون المجموع فلا نرى قيمة لأمثال هذه التي وجدت من حين وجد البشر والناس لا يخلون من صالح وطالح، والجماعة تعرف بالصلاح إذا كان غالبها على ذلك، وتكون طالحة بدرجة تغلب أهل الشر.. والمجتمع الفاضل هو الذي يتغلب على أهل الشر بما ملك من سجايا قوية، وما نال من مكافحة لهذه الفئة. وقدرة على المجاهرة بحربها، ومحاولة القضاء عليها، وليعش المجتمع الفاضل بسلوكه وأخلاقه، وسجاياه النبيلة.
وكل ما تحتاجه القبيلة أن يكون بين ظهرانيها علماء لهم المكانة المقبولة والمنزلة المرضية في تعليم العقيدة الحقة دون أن تشوبها شائبة.
تفصيل قبائل الجاف
هؤلاء مجموعة كبيرة، والآن قد استقل جملة أمراء كل واحد في قسم من أقسامها سواء في إيران أو في العراق في لواء السليمانية، أو في ناحية شيروانة التابعة لقضاء كفري. ولا يفرق بين قبائل الجاف إلا أن الأوضاع السياسية دعت أن تعتبر هذه القبائل مجموعتين: جاف العراق، ويقال لهم " جاف مرادي " .
جاف إيران، ويدعون " جاف جوانرودي " .
وفي العراق جاء ذكر قبيلتين من الجاف في معاهدة السلطان مراد: ضياء الديني. وهذه تفرقت شذر مذر، ولا يعرف عنها اليوم شيء. وكانت قبيلة كبيرة لها شأنها.
وكان قد جاء في سياحتنامهء حدود، وفي تقرير درويش باشا أنهم لا يتجاوزن الخمسين أو الستين بيتاً(1).
هاروني. وهذه لا تزال معروفة ولها كيانها.
وفي إيران ورد ذكر قبيلتين من قبائل الجاف في المعاهدة المذكورة: بيره. وهذه لم يعرف لها ذكر. ولعل لفظها " ندره يى " فخفف إلى نيره يى ودخله التصحيف. أو جاء محرفاً. فلم تعد تذكر. وقد حاولت أن أعرف قبيلة بهذا الاسم من نفس الجاف في إيران وفي العراق فلم أظفر بخبر.
زردويي. وكانت أيام تقرير الحدود الإيرانية من جانب السلطان مراد الرابع في إيران والآن موزعة في إيران والعراق. و " زردو " موقع عرفت به بين هاورامان و جوانرود، فصارت تسمى " زردويي " وهو من أنحاء جوانرود.
وللكلام على جاف إيران من جراء الصلة والقربى قد أفردنا بحثاً خاصاً في فروعها وأوضاعها حتى اليوم.
وهنا نقول أن القبائل المذكورة لا تدل على الحصر، وإنما هي القبائل التي وقع النزاع عليها بين إيران والعراق، وإلا فالجاف كثيرون، لا يحتمل أن يكونوا تفرعوا حديثاً، وإنما فروعهم تحتاج في تكونها إلى زمن أكثر بكثير مما ورد في تاريخ المعاهدة " سنة 1049ه " .
جاف العراق
أو جاف مرادي هؤلاء الجاف قديمو العهد في العراق. ويرجع تاريخهم إلى ما قبل السلطان مراد، فإنه لا يدله في تكوينهم، وإنما كانوا موجودين، تدل على ذلك المعاهدة. أو الأصح أن نقول " جاف العراق " لا أن نقول " جاف مرادي " ونريد جاف السلطان مراد الرابع.
(1/147)
وليس لدينا من الوثائق ما يعين تكون فروعهم أو قبائلهم بصورة منتظمة، والأحوال الشعبية عندنا لم نر المدونات فيها إلا قليلة جداً، وكفى أن ندون الحاضر، ونعين الفروع المعروفة اليوم، ونعلم حينئذ أنها نتيجة الماضي القريب والبعيد... فهم خلاصة العصور ونتاجه. أما ما كان قد علم تاريخه فقد دوناه، وأشرنا إلى ما قيل فيه. إلا أننا نقول أن بعض القبائل منها قسم في إيران، وقسم في العراق كما أن أجزاءها في العراق متفرقة في مختلف المواطن، ففي شيروانة بعض الفرق وأجزاؤها الأخرى في السليمانية وفي مواطن أخرى. فالفخذ الواحد نرى أقسامه في أماكن عديدة...
وكذلك يهمنا أن نشير إلى أن بعض الفروع أو الطوائف على ما يظهر خارجة عن القبيلة واختلطت بها بمرور وصارت تعد منها، ولا سبب لذلك إلا أنها جاءت مجموعة أو أفراداً تكاثروا وعرف أنهم ليسوا منهم مدة ثم تنوسي الحال...
وكل ما نريد أن نقوله في هذه القبيلة بل الإمارة أننا دونا ما رأيناه أو شاهدناه من أمرائهم وقبائلهم، أو علمناه منهم ومن غيرهم، وكذا ما قرأناه في مختلف الآثار وليس على المرء أكثر من أن يبذل قدرته. وقد جمعت - بقدر الإمكان - بين الأمرين المنقول والمشهود في الحال الحاضر. حذراً من الاشتباه في الأعلام سواء في الأشخاص أو في المواطن مما قد يعرض له التحريف والتصحيف...
ومهما توسعنا في تفصيل هذه القبيلة كان ذلك قليلاً، وهي إمارة قبائلية تتكون من فروع عديدة وطوائف كثيرة منها ما استقرت في ناحية، وكادت تستقل في فروعها عن غيرها، بل هي ماضية في هذا السبيل، وقد حلت محل الأصل ولا يدرك شأن هذه الفروع أو الطوائف إلا من عرفها وأدرك ما أصابها من التشتت او التوزع من جراء ضيق العطن. ومع كل هذا نراها وحدة عظيمة في اجزائها، ذات شأن مذكور في التاريخ. ويصح ان يقال ان أكبر عامل لانفراط العقد هدوء الحالة بين إيران والعراق، فليس هناك في العصر الأخير من الطوارئ ما يدعو للوحدة فتوزعت اذ لا يوجد ضرورة قاهرة، ولا حالات مجبرة. والحالة الاجتماعية تابعة لما تقتضيه أوضاعها وحاجاتها. او ما يهدد سلامتها، فكان لهذا الهدوء مكانته وأثره الكبير في خلود هذه القبائل إلى ما يخدم الحضارة، ويسهل اتصالاتها التجارية والاجتماعية...
ومكانة قبائل الجاف والقبائل الأخرى في الحدود مهمة جداً، وهي مكانة حراسة ومشارفة وقد أكدت العلاقات الجديدة بين إيران والعراق الهدوء أكثر بمراعاة حسن الجوار بين الطرفين، فكان له أثره في خلود العشائر للراحة والطمأنينة. خصوصاً نرى التعاون بين الدولتين بالغاً حده في التعاضد للقضاء على الغوائل الداخلية التي تثيرها قبائل الحدود. ومن أمثلة ذلك الفيلية، وكلهور وغيرهما مما حدث من قضاء على إماراتهم.
ولا يستغرب القارئ فالنصوص التاريخية في مختلف العصور والأيام تبرهن على ما يؤدي بنا حتماً إلى لزوم المعرفة الصحيحة، وإدراك نفسيات القبائل..وما يقع في الحدود اعتيادياً، وما هو نتيجة إثارة وحركة غير اعتيادية. ودرجة الاهتمام، ومن ثم نتيقن المكانة...
والملحوظ أن هذه القبائل يقطع أمراؤها، ورؤساؤها في أصلها وقد اجتمعت بالكثيرين منهم فقالوا متفقاً انهم من قبائل عنزة إلا ميكايلي فأنها أموية تمت بصلة إلى عثمان بن عفان الخليفة " رض " وقد استثنى أيضاً كلالي وهؤلاء ليسوا منهم أو لبعد الاتصال عدت كذلك. وكذا الأمراء فإنهم سادة. ولكن هذا لا دليل يؤيده سوى المسموع. والظاهر أنه رياسة لا غير. والمنقول في أصل كل قبيلة منها سنتناوله بذكر ما جاء أو عرف، ولكن مما لاشك فيه أن القوم كرد، عاشوا كرداً، ويشعرون بما يشعر به هؤلاء من عوائد وأوصاف، وهم أقرب إلى العرب في أوصافهم الفاضلة من إكرام ضيف وأخلاق مرضية.
وفي أيامنا كريم بك ابن فتاح بك أحد أمراء الجاف قد تكلم على قبائله خاصة في رسالة(1) تتضمن " تاريخ الجاف " وقد استفدنا منها كثيراً فهي من خير المراجع للمعرفة الحاضرة كما أن النصوص الأخرى تعين الماضي...
ولنمض إلى تفصيل طوائفهم.
1 - ميكايلي
(1/148)
هذه الطائفة من أكبر فروع الجاف، وتنتسب إلى الأموية، إلى عثمان ابن عفان رضي الله عنه. وميكائيل جدها الأعلى الذي تسمت به هو صاحب الأصابع الست المشهور بين الأكراد ب " شش انكشت " ويتصل من جهة الأم ب " بير خضر " الفاطمي. ومن هذه القبيلة الشيخ خالد النقشبندي(2).
وفروع هذه الطائفة: 1 - رشوبوري. رئيسها حارث بن عزيز ومحمد خان بن سليمان وعدها معالي أمين زكي من أقسام الجاف رأساً مع أنها فرع من فروعه أعني ميكايلي.
2 - شوانكاره. الظاهر أنها من شبانكارة القبيلة المعروفة في إيران أو متسماة باسمها. ورؤساؤها رمضان وسعيد بخشا.
3 - آلي بكي " علي بكي " . ومنهم الشيخ خالد النقشبندي المشهور ورؤساؤهم خورشيد ومحمد طالب أولاد الحاج شاهسوار.
ومنهم خاصة نبغ الشاعر الكردي المشهور ب " نالي " .
4 - ميره يى. وهذا فرع كبير.
5 - حمه ألي ويس " محمد علي ويس " . رئيسهم رستم بن حسن، وعلي الحاج قادر.
6 - رزده يى. رئيسهم أحمد فتاح.
7 - كاكلي " بتفخيم اللام " .
8 - آخه سوري.
9 - صوفياني.
ومن هذه الأفخاذ يتكون عدد كبير، ومجموع عظيم. إلا أن ميره يى، ورزده يى، وكاكلي يعدون من آلي بيكي، والآن مستقلون كفرقة. أو مندمجون في الفروع الأخرى. ولا يزال قسم منهم رحلاً، والقسم الآخر سكن القرى وأقام بها. واشتهر بعض هؤلاء الفروع بالغنى مثل آلي بكي، وكان يبالغ في ثرائهم، واليوم لم يكونوا بتلك الدرجة.
2 - كمال يى
وتلفظ بتفخيم اللام. وهي من الطوائف المعروفة بين الجاف. ويقيمون في كوبان التابع لناحية شيروانة في كفري. رئيسهم محمود بن أمين وهؤلاء يعرفون بالصلاح والتقوى، وإن تارك الصلاة عندهم مقبوح جداً. ينفرون منه نفرة لا مزيد عليها.
وفروعهم: 1 - شرواني. رئيسهم محمود المذكور.
2 - سُوْسِكى(1) رئيسهم فتاح بن كريم.
3 - كَجلي. رئيسهم حسين بن محمد عيسى.
4 - محمود خاني. رئيسهم محمد بن حسن.
5 - شاويسي. رئيسهم سمين.
ملحوظة
يعد منهم " دراجي " ، وهم ليسو منهم، وإنما هم طائفة قائمة برأسها وعلى حدة.
وقبيلة كماله يى فيها رحل، ومتوطنون لا يفارقون أمكنتهم. مشهورة بالشجاعة فلا تلين لهم قناة. وهم بعيدون عن الحضارة، ولا يزالون في بداوتهم ولكنهم أكثر حرصاً على أداء الفرائض الدينية، وكذا الخرافات متأصلة فيهم، ومسيطرة عليهم.
ومن قراهم: كوبان.
كومه زرد كوبان دوميلان محمود حمه عيسى أحمد حسين
3 - دراجي
وهذه طائفة صغيرة إلا أنها صارت تعد من كماله يى المذكورة. ورئيسها سمين بن شاويسي وهم اليوم في قلة.
4 - روغزادي
وتلفظ روغزابي أيضاً. من قبائل الجاف الأصلية الكبرى ويصرحون كسائر الفرق الأخرى أنهم من عنزة. رئيسهم محمود بن رستم بن محمد بن محمود ابن رستم بن حمه جان بن علي بن روغزاد. وهم في مقاطعة سر قلعة، وسماق التابعة لناحية شيروانة.
وهذه فروعها: حمه جاني. رئيسهم محمود المذكور، وسليمان محمد جان، وأسعد ابن محمد محمود، ورستم حمه جان.
اسماعيلي. رئيسهم مدحت بن صالح، ورستم بن حمه فتاح، ومنهم من يقيم في ناحية قره طاغ، ومنهم في ناحية خورمال. وفيهم رحل يذهبون صيفاً إلى إيران.
سرحد. رئيسهم خليفة بن يونس، قسم منهم في شيروانة وقسم في ناحية عرَبتْ من لواء السليمانية، وليس في هذه رحل.
شاويسي. رئيسهم شاهسوار بن عزيز في ناحية سنكاره التابعة للواء كركوك، وحسن كاكه أحمد.
نفس روغزاد. رئيسهم فتاح كامِرَن. وعثمان أمين. في شيروانة، وفي كُرده مير التابعة لشيروانة وفيهم رحل.
شيخ علي ويسي. رئيسهم محمد أمين قادر شيخ.
ومن هؤلاء " طرخاني " ، وكانت منهم في الأصل، ثم تكاثرت طرخاني فاستقلت عنهم بتسميتها.
وفي قبيلة روغزادي رحل، وأهل قرى، وهؤلاء يقيمون في سر قلعة. وأما الرحل، فيذهبون إلى إيران صيفاً. هذا وأفراد هذه الطائفة لهم رغبة ملحة في الفلاحة والكسب من طريقه الشرعي.
ومن قراهم: سَرْكلْ " ثلاث قرى " زاله " ثلاث قرى " خلوْهَ كومَزَرْ كافحل بَلهْ وُشكْ تيه جرَمو واركه قوُلا كاكه برا سماق سه خِرّن كُلْه جو ناوَهْ يله وُش
5 - طرخاني
(1/149)
وتلفظ " تُرخاني " أيضاً. ويراد بها المعفوة من التكاليف. كما هو المصطلح عند المغول. وهؤلاء من روغزادي لا تفرق عنها إلا أنها استقلت منها. وصارت فرعاً قائماً برأسه، وتعد طائفة من طوائف الجاف، وهي كبيرة. ويقيمون في ناحية شيروانة في أراضي سر قلعة وسماق وفروعها: اَلِكْ(1). رئيسهم محمد حسن " حمه حسن " ابن محمد بير ويسي، ومحمد شاهسوار " حمه ساهسوار " .
باويسي. رئيسهم محمد بن حسن ميرويس.
فرقة حسن علي. رئيسهم محمد صالح بن رستم.
قرني الي جان(2). رئيسهم عبد القادر بن احمد الي جان.
هذا ومنهم في أنحاء قره داع، وجهات وارماوا. والرحل يذهبون إلى أنحاء سَنكَاوْ، وسائر أنحاء إيران يتجولون في مراعيها الجبلية. ويقال في تسميتهم انهم خدموا محمد باشا أمير الجاف فأعفاهم من التكاليف، ومن ثم سموا " ترخاني " ولهم ثروة وغناء عظيم كما جاء في " تاريخ الجاف لكريم بك الجاف " .
ومن قراهم: سيد جَزني. ومنهم دلوُ فتاح عمر زرد قاري محمود توران كوجك توران زرد محمد علي محمود زرد محمد محمود قوره جلاملا واركه بَرْزا تيمانه تيه سَوْز كاني ماران دوروزِنه " كبرى " دوروزِنه " صغرى " بيازه جار " البصل الجاث " قلاقوُ جالي زَرين منصور اَلكان
6 - شاطرى
وتلفظ " شاتري " أيضاً. يقيمون في أراضي " زاله " ، و " باوه نور " داخل ناحية شيروانة وهذه من القبائل الكبيرة بين قبائل الجاف. رئيسهم محمد ابن محمود، وقادر بن محمود بن محمد بن إبراهيم بن منصور ابن آخه. وهذا الأخير رأيته في موطنه في ناحية شيروانة، ومنهم في أنحاء حلبجه. رحل وأهل قرى والرحل يميلون صيفاً إلى أنحاء إيران. ومنهم في قره تيه. وفروعها: إبراهيمي. رئيسهم محمد المذكور.
ميرويسي " آخه " . رئيسهم أحمد بن محمد فرج آخه في كاني جقال.
وُرده شاطري في أراضي كاني جقل من ناحية شيروانة. وفروعهم: اَلكي. رئيسهم فرج بن محمد رسول.
شَمشيرْ كُلْ(1) " بتفخيم اللام " . رئيسهم محمد ابن أمين شاويسي.
علي ميره. رئيسهم حسين بن حاجي محمد.
شاطر.
- يوسف جاني. وهؤلاء من شاطري إلا أنهم اليوم يعدون فرقة مستقلة ويسكنون في قضاء حلبجه في أراضي سَراوْ سبحان اغا. ويتفرعون الى: خلكي. رئيسهم محمد علي بن محمود بيرويسي وهو رئيس الكل.
جَرْمَلُ. رئيسهم أحمد بن قادر.
يوسف جاني. رئيسهم محمد علي المذكور.
باوه جاني. رئيسهم أحمد بن قادر المذكور.
ويتبع قبيلة شاطري: " وهم في قلة " وَلي " بتفخيم اللام " . رئيسهم ملا عارف.
كزوه يى. يقال أنهم الكروية، أو أن الكروية منهم وهذا مستبعد. رئيسهم محمد قادر.
نزويني.
هان.
ويقال في سبب تسمية " شاطري " بهذا الاسم ان الشاه عباس الصفوي كان قد استخدمهم قصاد بريد، وعندهم " شاطر " بمعنى قاصد البريد. ومنهم من يقول أن اللفظة مأخوذة من " شاهترين " ومعنى ذلك أنهم أكابر الفرق ويتفوقون عليهم.
ومن قراهم: يوقا.
كواجَرمُك.
فقيه مصطفى.
كرده يعني سيد خليل.
قاسم اغا.
بَرلود.
تازه دي.
حسن محه.
زاله صفر.
بسم الله.
خالد بك.
كيوزوك.
توُهَ قت.
سارامردك.
7 - عيسايى
وهؤلاء مشهورون في ايقاع الشرور يقيمون في كاني جقال، وباوه نورمن ناحية شيروانة، ويعدون في عداد شاطري الا ان الاكثر يعتبرونهم فرعاً مستقلاً. وفي الحقيقة هم فرع قائم برأسه. ورؤساؤهم عزيز بن علي ميرخان، وأحمد بيرام، وفرج ابن علي ميرخان وقد اشتهروا قديماً بالسرقات، بل يهولون بهم في السابق، وقد تبعهم هذا النبز، ولا ادري ما إذا كان لها أثر اليوم أم لا؟ وفرقهم: 1 - اميرخاني. الرؤساء.
2 - مرادويسي. رئيسهم يارويسي بن مراد ويسي.
هذا. والرحل فيهم قليلون جداً.
8 - هاروني
من قبائل الجاف. وهم نحو " 500 " بيت، رئيسهم علي بن محمد أمين، ومحمود حاجي قادر، يقيمون في كرميان في " بي باز " ناحية تابعة لكركوك. وفي شهرزور في قده قري، وتوُهَقت، وجرَدْا سِنهْ، وبي سَامينْ، وريشهَ نْ، وكان في بردينه، وقاَلبزهْ، وتيه ريَزينه، وقهرمَاني، وخلامي، وكلكْ " بتفخيم اللام " وتيه كلاوي. وكل هذه تابعة قضاء حلبجه. وهذه القبيلة من قبائل الجاف القديمة المذكورة في معاهدة السلطان مراد الرابع بل أنها ذكرت في الشرفنامة(1).
(1/150)
وجاء عنها في سياحتنامهء حدود أنها كانت تقيم بين زهاب وسربل. والآن منها في سنة، وفي كرمنشاه، وفي شهرزور. قال وأغلبهم في كرند التابعة لكرمنشاه، وفي ما هي دشت غير مجموعين وإنما هم متفرقون بين قبائل السنجابية ومن فرقهم: نفس هاروني. رئيسهم محمود حاجي قادر.
سليمي. رئيسهم علي بن محمد أمين.
نِدْرِشهي. رئيسهم احمد بن حسين، وبير ويس حاجي علي.
قده فري " غضنفري " . رئيسهم عبد الكريم باويَس.
قهرماني. رئيسهم احمد بن مصطفى خاله وتلفظ القرية " قاراماني " .
خلامي. رئيسهم محمود ابن أحمد.
زاله يى. رئيسهم محمد بن قادر علي مجموعهم 1200 بيت ويزيدون.
كاكه يى. رئيسهم حاجي رستم من بهرام وهم " بهرام بَيزَنْ " ويقال لها كاكه يى، وهي من سليمي.
وهذه قبل مائة سنة كانت متفرقة، واليوم مجموعة، ولها مكانتها. جاء ذكرها في المعاهدة أيام السلطان مراد، وأيام درويش باشا الفريق، وذكرت هناك كما انها ورد ذكرها في سياحتنامهء حدود(1). والآن سائرة في طريقها إلى التوطن والإقامة في محل واحد، والرحل في قلة.
وكان العداء بينهم وبين المريوانيين كبيراً جداً، والحزازات متأصلة مما دعا أن يقتل من الطرفين مقدار كبير، ولا يزال العداء قائماً.
9 - صراني(2)
أصلهم من " سهان " موقع قرب جوانرود ويقال لهم " صياني " أيضاً وكذا " سداني " كما في تقرير الحدود وكما يلفظونه أنفسهم. والآن أكثرهم في العراق يقيمون في ناحية قوره تو، والباقون في ناحية شيروانة في باوه نور، وقسم في قضاء حلبجه في ناحية خورمال، وعمومهم 1200 بيت.
فرقهم: نفس صداني. رئيسهم عبد الله رستم.
سيد مرادي. رئيسهم خسرو مصطفى " خسرومجه " ناوْدَيري. رئيسهم عبد الله بن محمد جان، ومحمد علي بن فرج رستم وكان سابقاً والده فرج بن حسن شيخ آلي.
والرحل من هؤلاء قليلون جداً. وكانوا كثيرين إلا أن رحلاتهم فقدت العدد الكبير منهم لميلهم للقرى وتوطنها منفرداً.
وقراهم: جقلاوه.
كلكني. وعدت فرقة مستقلة.
كيله ك.
شيره مَرْ.
شيخ موسيْ.
آمورُه.
ولك سَينانْ.
وهذا داخل ناحية خورمال قضاء حلبجه.
قره جم.
علي بَكان.
خُرخُر.
بانه بُور.
معروف خزان.
وهذه في ناحية قوره تو.
10 - بداخى
قسم منهم في قوره تو، وفي باوه نور من ناحية شيروانة، وقسم في حلبجه في خورمال وعمومهم نحو 300 بيت.
فرقهم: بداخي. رئيسهم محمد علي مرادخان.
اِيرنَكَه يي. رئيسهم محمد علي مرادخان.
وهم رحل، وأهل قرى. وجاؤا بلفظ " باداغي(1 " كما في خلاصة تاريخ الكرد.
ومن قراهم: مستكان. في خورمال في مقاطعة قره تيه " عليا وسفلى " دولاش. في خورمال.
قاجره. في خورمال.
حاجي عبد الله. في خورمال.
باوه نور. داخل ناحية شيروانة.
محمد علي مرادخان. داخل ناحية شيروانة.
11 - صوفى ون
في شيروانه في مقاطعة كاني جقال وفي أراضي هردَي سيداره(1) نحو 200 بيت. رئيسهم توفيق بن مصطفى قادر ومنهم قسم في أنحاء السليمانية في قرية " هوانه " ، وقسم في البجه في قرية " مالى جو " وهؤلاء أصلهم من الهماوند الذين ذهبوا إلى جمجمال وبقوا مع الجاف. والهماوند من الجاف كما قطع بذلك الأمير كريم الجاف. وذكرهم في تقرير الحدود بلفظ صوفيوند.
ومن قراهم: " داخل ناحية شيروانة " تال كَاوي.
زابت.
كوُسين.
زَندَكا.
وفي السليمانية.
هوُآنهْ.
قالي جوُ.
12 - تيدكو
رئيسهم محمد أمين بك بن أحمد بك بن محمد بك بن بكر بك تيله كو. وهم في أراضي سر قلعة وسماق من ناحية شيروانه، وجاء ذكر هؤلاء في تقرير الحدود للفريق درويش باشا ومثله في سياحتنامهء حدود(2). ومنهم من عدهم من قبائل بلباس. إن معالي الأستاذ أمين زكي ذكرهم بين عشائر اردلان كقبيلة من قبائل تلك المواطن، ولكن كريم بك الجاف، وتقرير درويش باشا، وصاحب سياحتنامهء حدود عدوهم من الجاف.
وفرقهم: البكزاده. رئيسهم محمد أمين بك المذكور.
حمه ويسي. ويقيمون في بوه بياو. رئيسهم صالح بن خسرو، وحاجي سمين بن حاجي علي.
ومن قراهم: ولي حيدر.
نا صالح.
تيله كو " ثلاث قرى " .
13 - يزدان بخشى
(1/151)
يقيمون في شميران التابعة لحلبجه نحو 1000 بيت وعدهم في سياحتنامهء حدود وفي تقرير الحدود من قبائل الجاف في العراق وفروعهم: نفس يزدان بخسي. رئيسهم محمد سلطان أحمد.
بكزاده نحو " 200 بيت " . رئيسهم محمود بك ابن عبد الرحمن بك، وتوفيق فرج.
سلطان أحمد " سان أحمد " . رئيسهم محمد بن سان أحمد نحو 350 بيتاً.
مامه شه يى. رئيسهم عبد الكريم محمد ياوبس. نحو 600 بيت.
وقراهم: " في قضاء حلبجه " كاني كوَهْ.
شميران.
توُلهَ ويْان.
دِلِفْ.
حَمه رش.
وُل وَر.
وُزمان.
زِمنا كوْ.
شَك ميدان.
كِوي كِنم.
بِشي بيرك.
14 - كوكوبى
رئيسهم أحمد بن حسين في حلبجه في الجبل هناك، وكثير منهم في جوانرود في إيران، وعددهم كبير في أنحاء هاورمان...
ومن قراهم: نفس كوكويى. في حلبجه.
أحمد حسين. في حلبجه.
ولهم قرى كثيرة في إيران.
15 - زردويى
وهؤلاء في قلة وأكثرهم في إيران. رئيسهم في العراق أمين محمد في حلبجه، أصلهم في جوانرود ورئيسهم هناك عبد الرحمن بك في هاورمان وعدهم في تقرير الحدود من قبائل العراق وإيران.
ومن قراهم: باُموك.
دَلهَ مرك.
شِندِرْ وَه.
سازان.
وفي إيران قراهم كثيرة.
16 - تاو كوزى
وهؤلاء في إيران ومنهم قسم في العراق وهم قرب قلعة شميران. والشاعر " مولوي " منهم وهو عبد الرحيم وله شعر في اللغات التركية والعربية والفارسية وله كتاب في العقائد بالكردية والفارسية... و " مولوي " الشاعر مريد الشيخ عثمان طويلة خليفة الشيخ خالد النقشبندي. وله منزلة في الشعر الكردي، ومثله نالي الشاعر المعروف خصوصاً في أنحاء السليمانية...
ورئيسهم في إيران أحمد بن كل محمد، ويقيمون صيفاً في زمكان و ماكوان وفي الشتاء يقطنون " دوآوان ليله " ويراد بها ليله كدر، و " شيخَ سيلهَ " و " تاريكه " . وفي سياحتنامهء حدود، وفي تقرير الحدود جاء ذكرهم بين عشائر الجاف في إيران واليوم في الموطنين، وفي العراق قرب قلعة شميران(1)... ومنهم من يقول " طاووق كوزي " .
ومن قراهم: " قرى تاوكوزي " سيد كاكه أحمد.
سيد محمود.
سيد محمد.
سيد عبد الله.
وقرى أخرى تبلغ 12 قرية.
17 - ميراولى
رئيسهم فتاح بيرام. في حلبجه، وهم من فروع الجاف...
وقراهم: ميراولي.
بَيله نكه.
18 - نجم الدينى
ذكرهم في تقرير الحدود وتلفظ " نَزويني " ، وهم فرقة تابعة إلى " شاطري " .
من قراهم: 1 - رند علي خان. في شيروانة.
19 - براز
وهؤلاء وردوا بلفظ " برار " كما في تقرير درويش باشا، وفي سياحتنامهء حدود جاءت بلفظ " براز " وهو الصواب، وهي معروفة اليوم بهذا الاسم فالتصحيف ظاهر. وهي في ناحية خورمال، وقراها: قلخورد.
براز.
ومنهم في ماهي دشت ورئيسهم عزيز خان بن حيدر خان...
20 - كلكني
وهذه أيضاً جاء ذكرها في تقرير الحدود. تابعة سداني. في خورمال من قضاء حلبجه.
1 - كلكني راجع سداني مذكورة فيها(1).
21 - مريد ناصرى
هذه جاء ذكرها في تقرير الحدود أيضاً. والآن أهلها جبارية، سادة ولا يعدون من الجاف بل ليسوا من الجاف. في ناحية قلخانو التابعة لقضاء ليلان من لواء كركوك.
22 - شيخ اسماعيلى
هذه مذكورة في تحديد الحدود. ومنهم من يعدها من طوائف " ايل غواره " وهذا لا يمنع أن يكونوا من الجاف. رئيسهم في إيران أمين خان ابن مراد خان بن شامراد خان يقيمون صيفاً في " ميهم " و " يهج " ، وفي الشتاء كيلان. وهم في إيران والعراق.
وفرقهم: بِنهَ جود. رئيسهم أحمد بن حسن.
شاندري. رئيسهم طالب بن صالح.
وقراهم: شاندري.
كجلي.
ماو.
قره يتاغ.
توت آغاج.
اوج قبه.
نادر بيجه.
تيله كوُوَه.
كِرَه زَه.
بنه جود.
موان.
23 - جنكنى
مذكورة في سياحتنامهء حدود وفي تقرير تحديد الحدود أيضاً. جاف داخل روغزادي. وميكايلي، وشاطري متفرقون ليس لهم مجموعة. والقسم الأعظم داخل سوران.
24 - قدافري
أصلها غضنفري. وهي معروفة اليوم ومذكورة في سياحتنامهء حدود وتقرير الفريق. وهؤلاء من هاروني. ولهم قرية " قدافري " في خورمال.
25 - قبائل أخرى
وهناك قبائل عدها صاحب سياحتنامهء حدود من قبائل الجاف:
(1/152)