عاد الهموم وما يدري الخلي بها
المظهر
عادَ الهمومُ وما يدري الخليُّ بها
عادَ الهمومُ وما يدري الخليُّ بها
وَاسْتَوْرَدَتْنِي كَمَا يُسْتَوْرَدُ الشَّرَعُ
فبتُّ أنجو بها نفساً تكلّفني
مَا لاَ يَهُمُّ بِهِ الْجَثَّامَةُ الْوَرَعُ
ولومِ عاذلةٍ باتتْ تؤرّقني
حَرَّى الْمَلاَمَةِ مَا تُبْقِي وَمَا تَدَعُ
لَمَّا رَأَتْنِيَ أقْرَرْتُ اللِّسَانَ لَهَا
قَالَتْ أَطِعْنِيَ والْمَتْبُوعُ مَتَّبَعُ
أخْشَى عَلَيْكَ حِبَالَ الْمَوْتِ رَاصِدَةً
بكلِّ موردةٍ يرجى بها الطّمعُ
فَقُلْتُ: لَنْ يُعْجِلَ الْمِقْدَارُ عُدَّتَهُ
وَلَنْ يُبَاعِدَهُ الإشْفَاقُ والْهَلَعُ
فَهَلْ عَلِمْتِ مِنَ الأَقْوَامِ مِنْ أحَدٍ
عَلَى الْحَدِيثِ الَّذي بالْغَيْبِ يَطَّلِعُ
وَلِلْمَنِيَّةِ أسْبَابٌ تُقَرِّبُهَا
كما تقرّبَ للوحشيّةِ الذّرعُ
وَقَدْ أَرَى صَفْحَةَ الْوَحْشِيِّ يُخْطِئُهَا
نبلُ الرّماةِ فينجو الآبدُ الصّدعُ
وَقَدْ تَذَكَّرَ قَلْبِي بَعْدَ هَجْعَتِهِ
أيَّ البلادِ وأيَّ النّاسِ أنتجعُ
فقلتُ بالشّامِ إخوانٌ ذوو ثقةٍ
مَا إنْ لَنَا دُونَهُمْ رِيٌّ وَلاَ شِبَعُ
قومٌ همُ الذّروةُ العليا وكاهلها
وإنْ يضنّوا فلا لومٌ ولا قذعُ
وَكَمْ قَطَعْتُ إلَيْكُمْ مِنْ مُوَدَّأَةٍ
كَأنَّ أعْلاَمَهَا فِي آِلِهَا الْقَزَعُ
غَبْرَاءَ يَهْمَاءَ يَخْشَى الْمُدْلِجُونَ بِهَا
زَيْغَ الْهُدَاةِ بِأَرْضٍ أهْلُهَا شِيَعُ
كأنَّ أينقنا جونيُّ موردةٍ
مُلْسُ الْمَنَاكِبِ فِي أعْنَاقِهَا هَنَعُ
قَوَارِبُ الْمَاءِ قَدْ قَدَّ الرَّوَاحُ بِهَا
فَهُنَّ تَفْرَقُ أحْيَاناً وَتَجْتَمِعُ
صُفْرُ الْحَنَاجِرِ لَغْوَاهَا مُبَيَّنَةٌ
في لجّةِ اللّيلِ لمّا راعها الفزعُ
يَسْقِينَ أوْلاَدَ أبْسَاطٍ مُجَدَّدَةٍ
أردى بها القيظُ حتّى كلّها ضرعُ
صيفيّةٌ حمكٌ حمرٌ حواصلها
فما تكادُ إلى النّقناقِ ترتفعُ
يَسْقِينَهُنَّ مُجَاجَاتٍ يَجِئْنَ بِهَا
منْ آجنِ الماءِ محفوفاً بهِ الشّرعُ
بَاكَرْنَهُ وَفُضُولُ الرِّيحِ تَنْسُجُهُ
معانقاً ساقَ ريّا ساقها خرعُ
كَطُرَّةِ الْبُرْدِ تُرْوَى الصَّادِيَاتُ بِهِ
مِنَ الأَجَارعِ لاَ مِلْحٌ وَلاَ نَزَعُ
لمّا نزلنَ بجنبيهِ دلفنَ لهُ
جوادفُ المشي منها البطءُ والسّرعُ
حتّى إذا ما ارتوتْ منْ مائهِ قطفٌ
تسقي الحواقنَ أحياناً وتجترعُ
ولّتْ حثاثاً توالها وأتبعها
مِنْ لاَبَةٍ أسْفَعُ الخَدَّيْنِ مُخْتَضِعُ
يسبقنَ بالقصدِ والإيغالِ كرّتهُ
إذَا تَفَرَّقْنَ عَنْهُ وَهْوَ مُنْدَفِعُ
ململمٌ كمدقِّ الهضبِ منصلتٌ
مَا إنْ يَكَادُ إذَا مَا لَجَّ يُرْتَجَعُ
حتّى انتهى الصّقرُ عنْ حمٍّ قوادمهَ
تدنو منَ الأرضِ أحياناً وما تقعُ
وَظَلَّ بالأُكْمِ مَا يَصْري أرَانِبَهَا
منْ حدِّ أظفارهِ الجحرانُ والقلعُ
بلْ ما تذكّرُ منْ هندٍ إذا احتجبتْ
بِابْنَيْ عُوَارٍ وَأَمْسَى دُونَها بُلَعُ
وجاورتْ عبشميّاتٍ بمحنيةٍ
يَنْأَى بِهِنَّ أَخُو دَاوِيَّةٍ مَرِعُ
قَاصِي الْمَحَلِّ طَبَاهُ عَنْ عَشِيرَتِهِ
جُزْءٌ وَبَيْنُونَةُ الْجَرْدَاءِ أوْ كَرَعُ
بحيثُ تلحسُ عنْ زهرٍ ملمّعةٍ
عِينٌ مَرَاتِعُهَا الصَّحْرَاءُ وَالجَرَعُ