انتقل إلى المحتوى

طلبت عظيم المجد بالهمة الكبرى

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

طلبتَ عظيمَ المجدِ بالهمّة ِ الكبرى

​طلبتَ عظيمَ المجدِ بالهمّة ِ الكبرى​ المؤلف ابن معتوق


طلبتَ عظيمَ المجدِ بالهمّةِ الكبرى
فَأَدْرَكْتَ فِي ضَرْبِ الطُّلاَّ الدَّوْلةَ الْغَرَّا
وَسِرْتَ عَلَى شَوْكِ الْعَوَالِي إِلَى الْعُلاَ
وَمَنْ رَامَ إِدْرَاكَ الْعُلاَ يَرْكَبِ الْوَعْرَا
لِكَسْبِ الثَّنَا خُضْتَ الْحُتُوفَ وَإِنَّمَا
يَخُوضُ عُبَابَ الْبَحْرِ مَنْ يَطْلُبُ الدُّرَّا
إذا عرضتْ دونَ المنى لكَ لجّةٌ
مِنَ الْحَتْفِ صَيَّرْتَ الْحَدِيدَ لَهَا جِسْرَا
وإنْ غشيتْ نورَ البصائرِ ظلمةٌ
جليتَ منَ الرّأي السّديدِ بها فجرا
درى الملكُ يا يحيى بأنّكَ قلبهُ
فَضَمَّكَ حَتَّى مِنْهُ أَسْكَنَكَ الصَّدْرَا
جلستَ على كرسيّهِ فأزنتهُ
فأصبحتَ كالتّوريدِ في وجنةِ العذرا
خلتْ منهُ إحدى راحتيكَ فخرتهُ
بِسَعْيِكَ بَعْدَ الْفَوْتِ بِالرَّاحَةِ الأُخْرَى
فخاتمهُ لمْ ينتزعْ منْ يمينهِ
سِوىً كَانَ بِالْكَفِّ الْيَمِينِ أَوِ الْيُّسْرَى
فما البصرةُ الفيحاء إلا قلادةٌ
وَنَحْرُكَ مِنْ دُونِ النُّحُورِ بِهَا أَحْرَى
وَمَا هِيَ إِلاَّ ذَاتُ حُسْنٍ تَعجَّبَتْ
قَدِ اتَّخَذَتْ جَيْشَ الأُسُودِ لَهاخِدْرَا
حَصَانٌ بِهَالاَتِ الْحُصُونِ تَسَوَّرَتْ
مُخَدِّمَةً تَسْتَخْدِمُ البِيضَ وَالسُّمْرَا
تمادى زماناً وعدها فتمنّعتْ
وَجَادَتْ بِوَصْلٍ بَعْدَمَا مَطَلَتْ دَهْرَا
وَلَجْتَ قُلُوبَ الْبِيضِ كَالسِّرِّ نَحْوَهَا
وَخُضْتَ بِلِمَّاتِ الْمُلِّمَاتِ كَالْمِدْرَا
تزوّجتها منْ بعدِ ما فاتها الصّبا
فَأَمْسَتْ لَدَيْكَ الآنَ ثَيِّبُهَا بِكْرَا
نسجتَ لها حمرَ الملابسِ بالوغى
وألبستها في سلمكَ الحللَ الخضرا
جَعَلْتَ رُؤُوسَ الْمُعْتَدِينِ نِثَارَهَا
وَأنْقَذْتَ مِنْ بِيضِ الْحَدِيدِ لَها الْمَهْرَا
دَخَلْتَ عَلَيْهَا بَعْدَمَا انْكَشَفَ الْغِطَا
فكنتض لعوراتِ الزَّمانِ لهل سترا
رَجَعْتَ إِلَيْهَا بِالْوِلاَيَةِ بَعْدَ مَا
عَرَجْتَ عُرُوجَ الرُّوحِ فِي لَيْلَةِ الإِسْرَا
ترَّحلتَ عنها كالهلالِ ولمْ تزلْ
تنقّلُ حتى عدتَ فيْ أفقهابدرا
وَفَارَقَهَا مَحْرُوقَةَ الْقَلْبِ ثَاكِلاً
وَأُبْتَ فَأَبْدَتْ مِنْ مَسَرَّتِهَا الْبِشْرَا
فَكَمْ مَرَّ عَامٌ وَهْيَ تُخْفِي حَنِينَهَا
لَقَدْ كَانَ هذَا الأَمْرُ فِي نَفْسِهَا سِرَّا
فكمْ مرَّ عامٌ وهيض تخفي حنينها
إِلَيْكَ وَتُحْيِي لَيْلَهَا كُلَّهُ سَهْرَا
لأمرٍ عدا كانت تصدُّ إذا رأتْ
لِوَصْلِكَ وَقْتاً لَمْ تَجِدْ دُونَهُ عُذْرَا
بسمرِ القنا ورّدتَ بالطّعنِ خدها
وبالبيضِ قدْ رتّلتَ منْ ثغرها الثّغرا
لقدْ أبصرتْ بعدَ العمى فيكَ عينها
وأحدثَ في أجفانها فتحكَ السّحرا
وَقَلَّدْتَ فِي عِقْدِ الْمَكَارِمِ جِيدَهَا
ووشّحتَ منها في صنائعكَ الخصرا
وأضحكتها بعدَ البكا في صوارمٍ
متى ابتسمتْ في الرّوعِ تستضحكُ النّصرا
وَرَشَّقْتَهَا حَتَّى حَكَى التِّبْرَ تُرْبَهَا
وَلَوْلَمْ تَكُنْ في أرْضِهَا اصْبحتْ قفْرا
فَكُنْتَ لَهَا لَمَّا اسْتَوَيْتَ بِعَرْشِهَا
كَيُوسُفَ إِذْ وَلاَّهُ سَيِّدُهُ مِصْرَا
فلمْ تجزِ أهلَ الكيدِ يوماً بكيدهمْ
ولمْ تصطنعْ غدراً بمنْ صنعَ الغدرا
وَهَبْتَ جَمِيعَ الُمُذْنِبِينَ نُفُوسَهُمْ
فأوسعتهمْ عذراً وأثقلتهمْ شكرا
وُجُودُكَ فِيْهَا لِلْعِبَادِ مَسَرَّةٌ
لأنّكَ بدرٌ وهيَ بالشّرفِ الزّهرا
حويتَ الثّنا والبأسَ والنّهى
وحزتَ النّدى والعفوَ والحلمَ والصّبرا
عمرتَ بيوتَ المجدِ بعدَ خرابها
فَجَدَّدْتَ يَا يَحْيَ لأَمْوَاتِهَا عُمْرَا
بِخُفَّيْكَ يَمْشِي الْنَعْلُ وَهْوَ حَدِيدَةٌ
يفوقُ على تاجِ النّضارِ على كسرى
وَفِيْكَ ثَرَى الْفَيْحَاءِ لَمَّا حَلَلْتَهَا
تشرّفَ حتّى شارفَ الأنجمَ الزّهرا
تَهَنَّ بِهَا مُسْتَمْتِعاً وَالْقَ وَجْهَهَا
ببشرٍ يسرّي الهمَّ عنْ مهجةِ الغرّا
فَلاَ بَرَحَتْ أَيْدِي الْمَلاَحَةِ وَالصِّبَا
على وجنتيها تجمعُ الماءَ والجمرا
وزفَّ الطّلا واشربْ على وردِ خدّها
فَشُرْبُ الطِّلاَ يَحْلُو عَلَى الْوَجْنَةِ الْحَمْرَا
وَلاَ صَحَّ مُعْتَلُّ النًّسِيمِ وَلاَ صَحَتْ
بِعَصْرِكَ فِيْهَا أَعْيُنُ الْخُرَّدِ السَّكْرَى
وَلاَ زِلْتَ غَيْثاً هَامِيا وَهْيَ رَوْضَة
مدى الدّهرِ تجني منْ خمائلها الزّهرا