طفنا بنادي على بالبشر ملتمع
المظهر
طفنا بنادي عُلى َ بالبشرِ ملَتمِع
طفنا بنادي عُلىَ بالبشرِ ملَتمِع
كم ضمَّ للأُنسِ من كهلٍ ومن يَفع
وربَّ شادٍ هناكَ اهتاجَ ذا ولع
وربَّ مجلسِ أُنسِ فوقَ مرتفع
بناءُ عزٍّ ولكن سقفُه كرمٌ
حتّى عليه الثُريّا لم تطأ قدمٌ
ذو منظرٍ عنه ثغرُ الدهرِ مبتسمٌ
"تودُّ لو أنها تحكي له إرمٌ
رباعُهُ لم تزل يا ميُّ آهلةً
بمن كم افترضوا للوفدِ نافلةً
فمن شذا فخرِهم إن رحتِ سائلةً
"تجري الصَبا الغضُّ في مغناهُ حاملةً
ومع نديمٍ كأَن حيا بمجمرَةٍ
مفاكهٍ بأناشيدٍ معطّرةٍ
ذي طلعةٍ مثلَ وجهِ البدرِ مسفرةٍ
«في ليلةٍ مثل صدرِ الصبحِ مقمرةٍ
بتنا ومجتمعُ اللّذاتِ مجمعُنا
ونشوةُ الأُنسِ لا الصهباءِ تصرعُنا
نُحيي الدُجى ونميت الهمَّ أجمعُنا
"جذلا سُكارى وإبراهيم يُسمعُنا
عنوانُ أخبارِ أهلِ الفضلِ إن رُويت
قرآنُ آياتِ علياها إذا تُليت
لسانُها للمقالِ الفصل إن دُعيت
إنسانُ عين بني الدنيا لقد عَشِيت
لم تحكِ أخلاقَهُ الصهباءُ مُرتشفا
ولم تماثِلُه أربابُ النهى ظَرَفا
ممَّن ترى الكلَّ منهم سابقاً أنفا
قد فاتَ أقرانه ثمَّ ارتقى شرفا
يَفوقُ حيَّ ملوكِ الأرضِ مَيتهمُ
وفوق أنماطِها يجري كميتهمُ
دعني ومدحهم إنّي رأيتهمُ
من سادةٍ شرعةُ الإسلام بيتهم
بيتٌ تُفاخِرُ هام الصيد أرجُلنا
على ثراه، فتهوي فيه تحمِلنا
يا ليلةً طابَ فيها منه مَنزلنا
بتنا ومُذهبَةُ الأحزانِ تشملنا
لزورقِ الفكر سبحٌ في جداولهِ
وطائرِ البشرِ صدحٌ في خمائلهِ
قد شفَّ عن دُرِّه صافى مناهلهِ
وخضرةُ الروضِ حَفَّت في سواحله
روضٌ من الأُنسِ في طَلِّ الهنا خظل
كم فيه حيّا الندامى شادنٌ غَزِلُ
وعاطشُ الخصرِ ريّانُ الصِبا ثملُ
وأهيفُ القدِّ قاني الخدِّ معتدل
ظبيٌ من الإِنسِ باتَ الحُلي باهِضه
ذو مبسمٍ هُمتُ لمّا شُمتُ وامضه
لهوتُ فيه غضيضَ الطرفِ خافضه
قد خفَّف اللينُ خدّيه وعارضَه
غضُّ الشمائل من زهو الصِبا طرِبُ
كم جدَّ في مُهجتي من لحظِه لَعِب
ضربٌ من الخمرِ ما في فيه أم ضَرَب
مهفهفٌ غنجٌ في ثغره شَنبُ
أُجيلُ فكريَ طوراً في حواضنه
أيُّ الجواهر كانت من معادنِه
وتارةً في هوى قلبي وفاتِنه
أُسرِّح الطرفَ في معنى محاسنهِ
أنشى لنا الأُنسَ مذ غنَّى لنا هَزجا
فردَّ منّا خليعاً كلَّ ربِّ حجى
قد راقَنا بهجةً بل شاقنا دَعَجا
أظنُّه كان شمساً أو هلالَ دُجى
مفضّضُ الثغرِ ذو كفٍّ مخضبّةٍ
ووجنةٍ من دماءِ الصبِّ مُشرَبةٍ
مرخى فروعٍ كنشر المسكِ طيبةٍ
يشتدّ بين الندامى في مُذهَّبةٍ
لم أدرِ هل سُكبت من ذوب عسجدهِ
أم خدُّه قد كساها من تورُّده
أم استعارت سناها من توقُّده
إذاة هوى يلقِطُ الألبابَ من يده
فمن طِلاً أشفَعت لي في استيافَتِه
وريقةٍ عذُبت لي في ارتشافته
حيّا بخمرينِ زادا في ضرافته
فقمت أشربُ حيناً من سُلافَته
منعَّمُ الجسمِ لا شالت نُعامته
ولا انمحت من بياضِ الخدِّ شامتهُ
كم عاد بالكاسِ تجلوها ابتسامَتُه
حتى إذا أخذت منّا مُدامتُه
غنَّى لنا فصحونا منه عن فرحِ
كأَننا ما شربنا الراحَ في قدحِ
وحيثُ كنّا أخذنا منه في مِلح
وناولتنا غُبوقاً كفُّ مُصطبح
نعم ألمَّ، ونامَ الحيُّ، ظبيهُمُ
يُعطي الندامى من الصهباءِ ما احتكموا
حتّى بهم صاحَ داعي الفجر ويحكمُ
يا رُقبةَ الحيِّ هبوا طالَ نومُكُم
لقد حلفت ببيتٍ فيه ظلَّلنا
رواقُ عزٍّ علاهُ القَننا
لا خفتُ دهريَ لا سرًّا ولا عَلنا
أنختشي والنقيُّ ابنُ التقيِّ لنا
مولىً تودُّ الدراري أنّها حَسِبت
منه مناقبَه أو فخرَها اكتسبت
يعزوه طوراً إذا أهلُ الحِجى انتسبت
وذلك المجلسُ السامي به رسبت
نادٍ قرى الضيفِ من إحدى عوارفه
والوفدُ طائفهُ فيه كعاكفه
ينسيهمُ الأهلَ أُنساً في طرائِفه
إن أخمصَ القومُ نالوا من صحائفه
ببابه تتلاقى السبلُ مُشرَعةً
إذ لم يكن غيرُه للجودِ مَشرعةً
تؤمُّ كوثرَه الوفّاد مُسرَعةً
ومن صدى ينضرِ الأقداحَ مترعةً
به النقيُّ عليُّ القدرِ كوكبُها
تهدى به، إن أضلَّ الركبَ غيهُها
حَبرٌ صفى منه للورّادِ مشربُها
غيث إذا انهمَرت كفَّاه تحسبها
لئن تجلّى أخو مجدٍ بسؤددِه
وزانَه في البرايا طيبُ محتِدِه
فأنَّه والمعالي بعضُ شُهَّده
قد طوَّقَ المجد جيداً يوم مولده
عفُّ السريرةِ ذو نفسٍ مُبرّأةٍ
معصومةٍ بالتقى من كلِّ سيّئةٍ
عن مدحه أيُّ حسنى غيرُ مُنبئَةٍ
لو أُنزلَ اليومَ قرآنٌ على فئةٍ
كم آملٍ صدَقت فيه عيافتُه
جوداً وكم مَلكت نفساً ظرافتُه
أجل وكم فطرتَ قلباً مخافتُه
من بيتِ مجدٍ لقد شيدتُ غرافتُه
محضُ النجارِ كريم الفرعِ طيّبهُ
سامي العلى من نطافِ العزِّ مشربه
من أُسرةٍ ودُّها القرآنُ موجبهُ
وسادةٍ كلُّ من تلقاه تحسبهُ
لولاهم حبوةُ الإسلامِ ما انعقَدت
ولا شريعته أنهارُها اطَردت
قومٌ هم سُرجُ الإيمان لاخمدت
فكم مصابيحِ علم فيهم اتَّقدت
بمقطعِ الرأيِ كم أوهَت مذ اعترضت
صَفاة حجةِ أهلِ الشركِ فاندحضت
أجل وكم ركنِ غيٍّ مُحكمٍ نقضت
«وكم يراعٍ لهم أسنانُه لفظت
منازلُ الملأ الأَعلى منازِلُهم
وفي السما شرفاً تُتلى فضائِلُّهم
أكارمٌ تغمرُ الدنيا نوافلهُم
"فقل لمن قد غدا جهلاً يطاولِهم
يا مَنسِمَ الفخرِ قِف واترك مصاعبَهم
أتعبتَ نفسَك لن تسمو غواربهم
هيهات فاتَكَ أن تحوي مناقِبَهم
"ما أنتَ والقومُ ترجو أن تغالَبهم
فَمُت بدائِكَ عن غيطٍ توهُّجهُ
يوري الحشا ومساعيهم تؤَجِجُّه
فتهجم للمعالي لستَ تنَهجه
«ولا تُريعُ لهم سرباً وتُزعِجه
بنى العلى طابَ في العلياءِ مغرُسكم
وللهدى والندى مازالَ مجلسكم
عواصبٌ بجلالِ الله أرؤسُكم
«فلا تزالُ يدُ الأفراحِ تُلبِسكم
ولا تزالُ عِداكم تشتكي عِللاً
بين البريَّةِ تَغتدي مَثلاً
عوارياً من لباسي عزّةٍ وعَلاً
«ونحن نَلبَسُ من أيديكمُ حللاً
ملابساً كلَّما مِسنا بهنَّ ضحىً
رأت حواسدنا من غيظها بَرحاً
كأننا في الورى من نهينا فَرَحاً
«نختالُ فيها على أنفِ العِدى مرحاً