طرقت أسماء في جنح الظلام
المظهر
طَرَقَتْ أسماءُ في جُنْح الظلام
طَرَقَتْ أسماءُ في جُنْح الظلام
مرحباً بالغصنِ والبدر التَّمامِ
وتحرَّتْ فرصةً تمكنها
حذر الواشي فزارت في المقام
بتُّ منها والهوى يَجْمَعُنا
بکعتناق وکلتثام وکلتزام
مستفيداً رشفاتٍ من فمٍ
لم تكن توجد إلاّ في المنام
حبّذا طيفُ حبيبٍ زارني
والضيا يعثر في ذيل الظلام
بات حتى كَشَفَ الفجرُ الدّجى
وبدا الصُّبحُ لنا بادي اللثام
ونَظَرْنا فرأَيْنا كَرَّةً
لبني سامٍ على أبناء حام
يصرَعُ الزقَّ ويُدمي نَحْرَه
ويروِّيني بجام بعد جام
بات يهدي بارد الريق إلى
كبدٍ حرّى وقلب مستهام
بابليّ اللحظ معسول اللمى
ليَّن الأعطاف ممشوق القوام
وترشفت سذىً من مرشف
عنبريّ الطيب مسكيّ الختام
أنا بالسَّفح وما ادراك ما
كان بالسفح وفي تلك الخيام
زَمَنٌ مَرَّ لنا في ظلِّه
يَرْقُصُ البان لتغريد الحمام
والندامى مثل أزهار الرُّبا
يجتنى من لفظها زهرُ الكلام
والظِّباء العُفْرُ من آرامها
ما بعينها بجسمي من سقام
سنحتْ أسرابها قانصةً
ورماني من ظباء الغيد رام
طاعنات بقدود من قَناً
راميات من لحاظٍ بسهام
حَدَّثَ الرّكبُ وَهَلْ يخفى الهوى
عن ولوعي بالتصابي وغرامي
حين ألفاني وألفى مهجتي
في ضِرامٍ ودموعي بکنسجام
يا خليليّ کكُففا لَوْمَكُما
وکذهبا عنّي ومّرا بسلام
فلقد أعطيتُ من دونكما
طاعةَ الحب وعصيانَ الملام
أينَ حيٌّ بالفضا نعهده
صدعوا بعد التئام والتيام
لا جزى الله بخير أينقاً
قذفتها بالنوى أيدي المرامي
كلَّما أَسْمَعَهَا الحادي الحدا
أَجْفَلَتْ بالسَّير إجفال النعام
ذهبت يا سعد أيامُ الصبا
ومَضَتْ بعدَ وِصال بکنصرام
وصحا من سَكرةٍ ذو نشوة
لا يسوغ الماءَ إلاّ بالمدام
لا أَذُمُّ الشَّيْبَ ينهاني به
ورَعي حين بدا عن كلّ ذام
وبمدحي واليَ البصرة قد
راق بالصِّدق نثاري ونظامي
وثناءً طيّباً ننشره
بالمنيب العادل القرم الهمام
ألبسَ الناس وقاراً حكمهُ
فهي في أبهى وقار واحتشام
ما رآى البصرةَ من إنصافه
إذ أتاها غيرَ أطلال رمام
فسعى بالجهد في تعميرها
سَعْيَ من يَبْلُغُ غايات المرام
لا تشيمُ البرقَ منه خلباً
لا ولا تسأل وبلاً من جهام
فعسى أنْ يُنجِزَ الله به
عدةَ اللُّطف لخاص ولعام
فرع سادات المعالي في العلى
علويُّ الأصل علويُّ المقام
كَرُمَتْ أعراقُه في ذاتها
وكرامُ الناس أبناءُ الكرام
من أناسٍ خلقوا مذْ خلقوا
سادةَ الدنيا وأشراف الأنام
تنقضي أيّامه موصولةً
بصِلاتٍ وصَلاةٍ وصيام
وإذا ما کضطرمت نارُ وغىً
يصطفي منها أشدَّ الاضطرام
وإذا کستلَّ ظُباً أغْمدها
ثمَّ في قمّة مقدام وهام
وعلى مِنْبرِ هامات العدى
خطبت بالحتف والموت الزؤام
بطل يفتك في آرائه
غيرما يفتك في حدّ الحسام
كم وكم أَدْمَتْ بقومٍ مهجةً
هذه أقلامه السمر الدوامي
ما جرت إلاّ بمجرى قدر
بحياةٍ لأناسٍ وحِمام
كم له من كلماتٍ في النهى
نبّهت للرشد أبصار النيام
قرّت البصرة عيناً بالذي
حلّ بالبصرة بالشهر الحرام
كلّ دارٍ حلّ فيها ابتهجت
وحلتْ حينئذٍ دار السلام
فسقاها من نداهُ عارضٌ
مستطيرُ البرق منهلُّ الركام
وحماها بمواضيه ولا
خيرَ بالملك يُرى من غير حام
أصبحتْ آثر أيديه بها
مثلما تصبحُ آثار الغمام
حَسُنَتْ أحوالها وانتظمَتْ
لو تراها بعد هذا الانتظام
رَدَّ بالسيف بغاةٍ جَمَحَتْ
ردَّك المهرَ جموحاً باللجام
وقضى بالعدل فيما بينها
فمضت في غيّها لدُّ الخصام
واليد الطولى له من قبلها
أخذتْ من كلّ آب بزمام
عِمْ صباحاً أيُّها المولى ودُمْ
وابق واسلم والياً في كل عام