واذا انقضى شهر رمضان عاد الى بيته بادى الإعياء ، ينم وجهه عما يختلج فى نفسه من هم وقلق . وترى خديجة مظاهر الاعياء والتفكير بادية عليه ، فنسرى عنه وتهدىء نفسه ، وتحاول أن تزيل بعض ما ألم بها من ضيق ، فيسكن اليها ويكشف لها عما يساوره ، فتتأثر به ، وينتقل اليها من همه وقلقه الشيء الكثير . كفلت خديجة لزوجها الحياة المادية وشاركته هموم نفسه، وزادت على ذلك فاصطحبته أكثر من مرة في طريقه الطويل الى الجبل ، وصعدت الى قمته ، وسرحت نظرها معه فيما كان يسرح فيه نظره من صفحة هذا الوجود . وكثيراً ما كانت محمل اليه الطعام بنفسها ، فتسير في هذا الطريق منفردة ، و محتمل مشقة التصعيد حتى تصل الى زوجها المنفرد بنفسه عن الناس . . فاذا انقضى العام وجاء شهر رمضان، ذهب محمد الى حراء وعاد لى تفكيره فينكشف له الحق شيئاً فشيئاً . ظل على ذلك أعواما ، خلصت نفسه من الباطل كله و تهيأت لما اصطفيت له من أمر عظيم ، وخديجة الى جانبه تهيأت نفسها، لقبول هذا الأمر العظيم
- ۳۸ -