كائن له شأن عظيم ، فأسرع به الى بلاده.
فخرج به عمه أبو طالب حتى أقدمه مكة حين قرب من تجارته بأرض الشام.
رأى محمد فى هذه الرحلة فسحة الصحراء المهوبة والنجوم الزهر المتلألئة، والسماء الصافية الأديم التى قلما ترمد لها عين، وشاهد جنات الشام بأشجارها الوارفة الباسقة، تفوق ما سمع عن جنات الطائف ونخيلاتها، وشاهد بأرض الشام كذلك أحبار الروم وقساوستهم. وكان غلاماً ذكياً فطناً دقيق الملاحظة، فأخذ ينظر الى ما حوله ومن حوله نظرة المشوق الى المعرفة، الراغب في استكناه المجهول.
عاد أبو طالب الى مكة، وشرع يحسب ما أخذ وما أعطى من تجارته، فاذا النفقة كثيرة، واذا الربح قليل، فقنع بحظه، ولم يفكر فى الرحلة مرة أخرى، وأقام فى مكة يكفل بماله القليل أولاده الكثيرين، وظل محمد معه يقوم من الأمر بما يقوم به من هم فى مثل سنه، يرعى غنم أهله ويرعى غنم أهل مكة.
وكان اذا فرغ من رعيه وجاءت الأشهر الحرم، خرج وأهله الى الأسواق، الى عكاظ ومجنَّه، وذي المجاز، يستمع الى الشعراء