وان حسين باشا كان الحاكم المسيطر على البلاد كلها. وأنه لم يكن ثمة سور حول المدينة. وانما كان في وسطها قصر هو من بقايا الصليبيين. وان دار الحكومة شيدت من حجارة هي من بقايا الحصن الروماني القديم. وهناك منازل خصوصية هي من أجمل ما بني في ذلك العهد. ولا سيما ذلك المنزل الذي كان يقطنه حسين باشا. وكان في غزة يومئذ ستة مساجد كبيرة عدا الجامع الكبير. وأما حمامات غزة واسواقها فقد امتدحها دارفيو وقال عنها أنها لا تقل جمالا وترتيباً وتنسيقاً عن حمامات باريس واسواقها. واللغات الدارجة على ألسنة سكان غزة هي العربية والتركية واليونانية. وكان بغزة يومئذ كنيستان: واحدة ارمنية واخرى وهي الأكبر يونانية.
وفي عام ١١٠١ للهجرة زارها الرحالة الاسلامي المشهور الشيخ عبد الغني النابلسي 1 وقال عنها في رحلته المخطوطة ما يأتي:
«... قبل وصولنا إلى بلدة غزة المحروسة بنحو ساعة خرج إلى لقائنا قاضيها الفاضل أحمد حلبي من البهني الدمشقي، وخرج معه مفتي الحنفية الشيخ صالح بن أحمد بن محمد بن صالح بن محمد التمرتاش الغزي العمري الحنفي. والشيخ صالح نسل ذوي الكمال الشيخ محمد بن الشيخ عبد القادر الشهير بابن الغصين. والشيخ الكامل علي بن الشيخ عمر المشرقي. وكان والده مفتياً بالديار الغزية. والشيخ علي الضرير الشافعي الشهير بالبدري. والشيخ علي بن الشيخ محمد بن الشيخ محيي الدين النخال الشافعي شيخ الاسلام والمفتي سابقاً بالديار الغزية. والشيخ محيي الدين بن الشيخ شمس الدين المقدسي الساكن بغزة. وغيرهم من العلماء الافاضل والاعيان. ونزلنا في دار صديقنا الشيخ محيي الدين المقدسي المذكور. فتلقانا بصدره الفائق على الصدور ووجهه الذي هو بهجة السرور. وحضر عندنا علماء تلك البلدة وأكابرها وصلحائها وافاضلها بقصد الزيارة في ذلك الحين. وحصل بيننا وبينهم بعض المذاكرات العلمية والمسائل الفقهية. وقلت من النغام بحسب ما اقتضاه المقام. قال: ثم قمنا عند اذان العصر وصلينا في الجامع الكبير وهو مكان مشرق منير، ويقال ان أصله كان كنيسة. ثم ذهبنا لزيارة قبر الشيخ عبد القادر الغصين بالتصغير عليه رحمة الرب
- ↑ ولد في دمشق وتوفي فيها. وهو علم من اعلام الطريقة النقشبندية والقادرية. وهو من جوابى الامصار المشهورين. له عدة تآليف في الأدب والتصوف والمنطق واللغة.