-١٧٦ -
أعمالهم هذه . وكلما ازداد فساد السلاطين في عاصمة الملك ، ازداد الولاة والحكام الجاهلون عنتاً وظلماً . وكلما ازداد هؤلاء ظلاً ازدادت شوكة المتغلبين ، وأرباب النفوذ في المدن والقرى . فعم الظلم ، وانتشر الفساد ، وكثرت الضرائب والمكوس بدرجة لا تطاق . وأما عن جيش الدولة ، وعن الفساد الذي انتشر فيه فحدث ولا حرج . الأمر الذي حدثت من جرائه حروب وفتن كثيرة : تارة بين السباهية والانكشارية ، وبين هؤلاء والقبوقول ، وطوراً بين الجيش والسلطان . ولو لا ذلك ما اجترأ الولاة والحكام وأرباب الاقطاعات في كثير من الحالات على العصيان.
۲۲ - وقد تولى الحكم في غزة آل رضوان . وكان ذلك عام ١٥١٠ للميلاد ( ۹۳۱ ه ) . وعلى قول أن آل رضوان منحوا هذا الحق وتولوا الحكم الوراثي في غزة منذ أيام السلطان سليم الأول . ومهما كان الأمر فان عهدهم كان معروفاً في هذه البلاد بعهد الباشاوات ومنهم الأمير أحمد باشا بن رضوان باشا بن مصطفي باشا (۱). ومنهم الأمير بهرام باشا (۲) وقد كان والياً على حلب . ولبهرام هذا أراضي واملاك كثيرة في غزة اوقفها كلها لفعل الخير.
ومنهم الأمير حسين باشا بن الأمير حسن باشا بن الأمير أحمد باشا الرضوان ( ١٦٦٠ للميلاد ) . فقد أحب هذا غزة ، واتخذها عاصمة لفلسطين . وقد ذكره الاستاذ (مايو) في تاريخه، فأطنب في وصفه وقال : « إن قصره كان مزدانا بالأثاث والرياش الفاخرة ، وانه كان قائماً فى وسط حديقة غناء . وان القائمين بترتيب حديقة الباشا كانوا ينتمون إلى عائلة تدعى الأفرنجي وهي من بقايا الصليبيين . فاعتنق افراد هذه العائلة الإسلام في عهد آل رضوان "
وقد تملك آل رضوان أملاكاً كثيرة منها ( الدبويا ) ، وعلى قول انهم هم الذين بنوها ، وأن الذي بناها منهم هو حسن باشا بن أحمد آل رضوان . وكان ذلك في القرن الحادي عشر للهجرة. وفي زمنهم بنيت مئذنة الجامع الكبير ، ومئذنتان اخريان من مآذن الشجاعية . وعدد كبير من المنازل الجميلة ، والأبنية الضخمة منها جامع القلعة (۳) ، ودار المباشر ، والبناء الذي اتخذه المجلس البلدي في يومنا هذا
(۱) كان وزيراً من وزراء تركيا في الآستانة .
(۲) أنه ابن مصطفى باشا .
(۳) دائرة الاوقاف في يومنا هذا.