١٦٣
تأني من مصر إلى غزة عن طريق رفح ، ودير البلح . ومن غزة توزع إلى المدن الاخرى ، وبواسطة الحمام أيضاً . فتتشعب مسارح الحمام إلى الخليل ونابلس والقدس والنكرك وصفد ودمشق . وكان موزع البريد في ذلك العهد يحمل على صدره لوحاً من الفضة نقش على أحد وجهيه إسم السلطان الذي يجري البريد في عهده ، وعلى الوجه الآخر هذه الكلمات : ( لا إله إلا الله محمد رسول الله . أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون).
وكان في غزة فلوس (١) كل ثمانين منها بدرهم . ويعبر عن كل أربعة منها بجبة . ثم راجت بها فلوس أخرى في اوائل الدولة الناصرية ( فرج بن برقوق ) ، ولكن كل ستة وثلاثين فلساً منها بدرهم . معاملاتها بالدنانير ، وبالدراهم النقرة ، وصنجتها في الذهب والفضة كصنجة الديار المصرية ، ورطلها سبعمائة وعشرون درهما بالدرهم المصري وأواقيه اثنتا عشر أوقية ، كل اوقية ستون درهما . ومكيلاتها معتبرة بالغرارة . وكل غرارة من غرارها ثلاثة ارادب مصرية . وقياس قماشها بالذراع للصري. وأرضها معتبرة بالفدان الإسلامي والفدان الرومي . جيوشها مجتمعة من الترك ومن في معناهم ، ومن العرب والتركان. وقائد العسكر فيها مقدم ألف وكان فيها نائب عن السلطان وكان هذا النائب برتبة أمير . وأكثر النواب كانوا . من الأمراء العسكريين . ففي بعض الأحيان كان نائب غزة برتبة ( مقدم عسكر ) فقط . وكان على هذا أن يأتمر بأمر نائب السلطنة القائم بدمشق ، بالرغم من أن ولايته كانت من الأبواب السلطانية رأساً . وفي هذه الحالة كانت وظائف القاضي الشافعي ، والمحتسب ، ووكيل بيت المال ، ومن في معناهم تدار بطريقة النيابة أيضاً. أي أن الأشخاص الذين على رأس هذه المناصب كانوا يديرونها بالنيابة عن نائب السلطان بدمشق . ونائب السلطان هذا كان الآمر الناهي بعد السلطان . وفي كثير من الأحيان كانت غزة تستقل (۲) عن دمشق فتصبح نيابتها مستقلة . فيضاف إليها الصفقة الساحلية بكاملها ، ويكون لها حكم النيابات ، ويكون نائبها من الامراء المقدمين . يركب في المواكب بالشبابة السلطانية (۳) ومنه أجناد الحلقة المرتبون بها ؛ فيخرج
(١)صبح الأعشى
(۲) ان الذي جعل غزة مستقلة الملك الأشرف . وكان ذلك عام ١٢٩١ م .
(٣)صبح الأعلى