١٤٣
۱۰ - ولما قتل قطز سار الامراء الذين قتلوه إلى الدهليز السلطاني ، وأقاموا
على العرش بدلا منه الأمير ركن الدين بيبرس (۱) ۱۹ ذي القعدة ٦٥٨ ه . ولقب
بالملك الظاهر . وأبطل جميع الضرائب التي أحدثها قطر من قبله .
هبط الملك الظاهر بيبرس غزة مراراً عديدة. تارة في حرب وطوراً في قنص. فقد حدثنا التاريخ انه سار في ١١ ربيع الآخر ٦٦١ هـ من مصر إلى بر الشام بقصد الصيد . وظل يتصيد حتى دخل غزة، وقد نال فيها وفي العريش صيداً كثيراً .
وقدم عليه وهو في غزة (۲) جماعة منهم أم الملك المغيث عمر بن العادل أبي بكر بن الكامل بن العادل بن بكر بن أيوب صاحب الكرك ، فأنعم عليها محمد انعاماً كثيراً ، وعلى سائر من كان معها . فعادت إلى ابنها بالكرك . ونظر السلطان في أمر التركمان ، وخلع على امرأهم ، وعلى امراء العربان من العابد وجرم وثعلبة ، وضمنهم البلاد ، والزمهم القيام بالعداد ، (۳) وشرط عليهم خدمة البريد ، واحضار الخيل برسمه . وكتب إلى ملك شيراز وأهل تلك الديار ، وإلى عرب خفاجة يستحثهم على قتال هولاكو ملك التتر . ثم رحل السلطان من غزة ، ورجع إلى مصر عن طريق الساحل .
وفي سنة ٦٦٣ ه ورد الخبر إلى الملك الظاهر بأن النتر نزلوا على البيرة .. فأرسل من فوره الأمير بدر الدين الخازندار إلى الشام . فأتاه منها بأربعة آلاف فارس . وركب هو ومعه ٤٠٠٠ آخرون الملاقاة التتر . وكان معه يومئذ من الامراء مقدم الجيش الأمير عن الدين إيفان للعروف بسم الموت، والأمير فخر الدين الحمصي والأمير بدر الدين بيليك الايدمري ، والامير علاء الدين كشتندي الشمي وغيرهم. وجاء مع الأمير جمال الدين المحمدي والأمير جمال الدين ايدغدي الحاجبي أربعة آلاف فارس آخرون .
هبط السلطان غزة في العشرين من ربيع الآخر من تلك السنة . ثم رحل عنها لملاقاة النتر. وفيما كان بينى جاءه الخبر بانهزام التتر في البيرة . فر لذلك سروراً
(۱) انه تركي الأصل . اشتراه الملك الصالح نجم الدين أيوب ، وترقى في خدمة الدولة. واشترك مع الملك المظفر قطز في قتال النتر ، إلى أن أصبح ملكاً . ويقال أنه هو الذي قتل قطز .
(۲) راجع الجزء الأول من ٤٨١ من كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك
(۳) زكاة مفروضة للسلطان سنوياً على قطعان القبائل العربية والتركمانية .