انتقل إلى المحتوى

صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/279

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

لم تلزم الرشد يا ابن رشد لما علا في الزمان جـدك وكنت في الدين ذاء رياء ماهكذا كان فيه جدك ! ومن قائل هذه الشهادة في جده ؟ هو الحاج أبو الحسين بن جبير الذي جعل من أهاجي ابن رشد أغنية يرتلها و يعيد ترتيلها على اختلاف القوافي والأوزان ، فقال في تلك الأهاحي الكثيرة : . - ۲۷۱ - الآن قد أيقن ابن رشد وقال : كان ابن رشد في مدى غيه أن تواليفه توالف قد وضع الدين بأوضاعه وقال يحرض على قتله : ولكن مقام الخزى للنفس أقتل وقد كان للسيف اشتياق إليهم ولو رجعنا إلى سر هذه البلية كلها لوجدنا أن « علا في الزمان جدك » هي تفسير هذه الأبيات أو تفسير تلك النكبات ، و إن الزرافة التي عند « ملك البربر » هي التي أدخلت نسب الرجل في سلالة بني إسرائيل . فالخطر ياصاحبي على الفلاسفة من الدنيا لا من الدين ، ومن ا الخاصة الحاسدين لا من العامة الغافلين . وما خطب العامة والفلسفة وهى لا تصـل إليهم وهم لا يصلون إليها ولا تنعقد بينهم و بينها علاقة نظر ولا علاقة سماع ؟ فإذا تحرك العامة فابحث عن « الصلة » بينهم وبين القضية فلن تجدها في أكثر الأحوال إلا نكاية حاسد أو وشاية جاحد أو حجة ظالم يستر ظلمه للفلسفة بدعوى الانصاف للدين ، و إن الدين منه لبراء . واعلم يا صاحبي أن العامة في كل زمان وحش محبوس لا ينال فريسته إلا بعد تحريش وانطلاق ، و إن الذين يحرشونه ويطلقونه هم أصحاب الدنيا وعروضها وليسوا بأصحاب العقائد وفروضها . إلا في النادر الذي يحسب من الاستثناء