مضى منذ اول هذه النهضة الى اليوم ، لولا همة اولئك الابطال زعماء النهضة ، وما رزقوا من الذكاء والجلد، وهيات ان يجود الزمان بمثلهم يكفيهم فضلا انهم وصلوا ما انقطع من سلسلة نسبتنا الى السلف الصالح وانزلونا منهم منزلة الأباء من الآباء، بعد ان كنا ادعياء لا أصل لنا ولا فصل .. ولم يبق لنا بعد ان اجتزنا دوري التقليد اي دور التشويش ودور الاتقان، الا ان ننزل من اللغة منزلة ابنائها منها .
فعالم اللغة اليوم لا تقاس معرفته بما وعى من الفاظ اللغة وشواردها و غرائبها وليكن بما عرف من أصولها وخصائصها. والأديب ليس ذلك الذي اذا كتب استعار الفاظ غيره سو ارادها أم لم يردها ، ناسبته ام لم تناسبه، ولكن هو الذي يتصرف بالفاظ اللغة كما كان يتصرف بها ابناؤها ، فكل كلمة يقولها هي له تترجم عما في نفسه . والشاعر ليس ذلك المقلد الوزان، ولكنه هو الذى يصدر في ما يقوله عن وحي طبعه والهام خياله ، يتحكم بلفظه لا يتحكم لفظه به .. ويسرنا ان نقول ان في مصر اليوم من انصار هذا المذهب الجديد عدداً ليس بقليل ونمسك القلم عند هذا القدر ولعلنا اطلنا .