انتقل إلى المحتوى

صفحة:مطالعات في اللغة والأدب ـ خليل السكاكيني.pdf/107

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
— ١٠٤ —

اذ كانت المناشير العامة والرسائل الموجهة إلى الجماهير دائماً على هذا النسق ولم تكن قاعدة خير الكلام ما قل ودل» موضوعة لمثلها . الا اذا اختلات قاعدة أخرى هي اعم منها وهي لكل مقام مقال» ، والفصاحة هي المطابقة لمقتضى الحال .

وقد كنت فكرت في أن اترك هذا الكاتب وشأنه وان اعرض عنه واتجاهل انتقاده تاركا اللغة العربية ونظمها ونثرها ومتونها وأصولها و امثلتها ترد عليه وتقنعه بخطئه ، لولا انني رأيته وارجو منه ان لا يؤاخذني على هذا القول، واضعاً نفسه موضع أستاذ اللغة وشيخ الصناعة ، والجهبذ الذي يقبل هذا ويزيف ذاك ، والقاضي الفيصل الذي يحكم ولا معقب لحكمه، ماضياً في غلوائه مسروراً بآرائه راضياً عن انحائه، فحرصت على ان لا يتمادى في وهمه ، واشفقت من ان يتصل وهمه الى غيره. وعولت على ان ابين له مناهج اللغة في باب الايجاز والمساواة والاطناب ومقام كل منها ليعلم ان مقام منشور نا المرسل الى الامة العربية جمعاء في آقاق الارض ومناكبها ومشارق الشمس ومغاربها هو مقام اطناب كما لا يخفى على كل من شدا شيئاً من الادب او طالع شيئاً من آثار هذه الامة .

ولكنني قبل الشروع في موضوعي احب ان اسأله عن قوله « واما الأساليب فهناك مذهبان مذهب قديم ومذهب جديد » فانني لا اعلم مذاهب جديدة الا في العلم والفن ، وأما في الادب واللغة فلا اعرف الا مذهباً واحداً هو مذهب العرب ، وهو الذي يريد ان يسميه بالمذهب القدم ، وهو الذي يجتهد كل كاتب في العربية ان يحتذي مثاله ويقرب منه ما استطاع، لانه هو المثل الأعلى والغاية القصوى، واذا اراد الكاتب العصري ان يجول في المواضيع الحديثة والمعاني المستجدة استنفد جميع