الاستراتيجية السياسية، والتفت نحو الأمة العربية وأولى قضاياها اهتمامه، وقدم لهذه القضايا أثمن ما يقدمه انسان: نفسه وفكره وماله وقلمه، ورأى بثاقب نظرته وصادق فطرته، ان الإبقاء على البلاد العربية إبقاء على عمود الإسلام، فأطلق أول دعوة للوحدة العربية وأول فكرة لتأليف الجامعة العربية. وقال له الملك فيصل الأول: أشهد أنك أول عربي تكلم معي عن الوحدة العربية، ويروي الدكتور رئيف ابو اللمع ان الامير قال له بعد قليل من انتهاء الحرب العالمية الأولى (العرب أمة كاملة، أي أن لها جميع العناصر التي يقتضيها كيان الأمم من الوجهة السياسية والاجتماعية، فلها عرق واحد ولسان واحد وأكثرية دين واحد وتاريخ واحد، كما أن لها مصالح واحدة ومنافع واحدة وآمالاً واحدة. ولكن الذي فت في عضد هذه الامة وأضعفها وأفقرها وأقصاها عن السير في موكب المدنية والرقي هو تفكك حلقاتها، واستعمار الاجنبي لها، فأنا جندي من جنودها له ثلاثة أهداف جلية واضحة تمام الوضوح، الأول: هو الاتحاد، والثاني: هو التحرر، والثالث: السير في موكب النهضة والعلم والبحث ).
وانطلق الأمير في نضاله الذي لا يكمل ولا يمل مستهدفاً أغراضه الثلاثة، يحدوه بالفعل شعور الجندي، الجندي المغامر الحكيم، الذي لا يعبأ بتشريد ولا يلين لتهديد، ولا يهتم للمال ولا لراحة البال. فسافر الى برلين وامتلك بها بيتا، وراح ينتقل في أوروبا من قطار الى قطار، لا يلقي عصا التسفار إلا ليحملها، ولا ينفض غبار معركة إلا ليخوض أخرى، ولا يترك القلم لحظة إلا ليشرعه من جديد.
وانتقل من برلين الى جنيف وشغل فيها مركز أمين عام للمؤتمر السوري الفلسطيني سنة ۱۹۲۱ وطالب باسم المؤتمر باستقلال سوريا ولبنان وفلسطين والاعتراف بحقها في الاتحاد واعلان إلغاء الانتداب فوراً. واختارته اللجنة التنفيذية للمؤتمر السوري الفلسطيني ليكون عضواً في الوفد العربي الذي يدافع