فأقمت عليه يومًا وليلة لم أسمع كلامًا، فخرج من كوخه فرفع طرفه إلى السماء وقال: إلهي ! شهد قلبي لك في النوازل بسعة روح الفضل، وكيف لا يشهد لك قلبي بذلك أفأحسب1 أن يألف قلبي غيرك ؟ هيهات ! لقد خاب لديك المقصرون. ثم قال: إلهي ما أحلى ذكرك ! ألست الذي قصدك المؤملون ؟ فنالوا منك ما طلبوا. فقلت أصلحك الله إني منتظرك منذ يوم وليلة أُريد أن أسمع كلامك. قال قد رأيتك حين أقبلت ولم يذهب روعك من قلبي. قلت وما راعك مني ؟ قال فراغك في يوم عملك، وبطالتك في يوم شغلك، وتركك الزاد ليوم معادك، ومقامك على الظنون. فقلت إن الله سبحانه كريم، وما ظن به عبد شيئًا إلا أعطاه. قال نعم إذا وافقته السعادة والعمل الصالح. قلت أههنا فتية يستراح إليهم ؟ قال نعم. قلت هل عندهم دواء يتعالجون به ؟ قال إذا كلوا داووا الكلال بالكلال، وحثوا الحث2 بالأنخال، فتسكن العروق وتهدأ الآلام.
مجنون
قال عبد الله بن حسان المزني: مررت بمجنون مقيد، والصبيان يؤذونه، فقال ُأطرد عني هؤلاء الأنذال. أفدك أبياتًا، تسر بها، فطردتهم عنه فقال أنا جائع فأتيته بشيء فأكله وقلت له هات فقال: