فأظهر كيدهم ولجاجتهم وافتراءهم في ادعائهم : ان الاسلام قد قام على حد السيف ، وان محمدا كان يستهوي القتل ، ويتعشق رؤية الدماء ، وأن دين محمد قد أباح العبودية ، وأجاز الرق ، وأن تعدد زوجات محمد كان استجابة للذات حسه ، وان الاسلام قد تخطى الانصاف في اباحته تعدد الزوجات ، وتوقيع العقوبة عند نشوز الزوجة ، وجواز الطلاق ...الخ . واستطاع العقاد - في اقتدار وابداع - أن يحيل مواطن التهم - كما أرادوها - إلى مواقف عظمة ، وعبقرية ، وفخار . ولست براغب في سرد كل ما حواه الكتاب من أبحاث ... لأترك للقارىء الكريم فرصة المتعة في البحث عن الدرر.. بيد أني راغب في الافصاح عن شعوري نحو هذا الكتاب ، وما رغبت في ذلك إلا لأنه قد أبكاني ، وأضحكني ... أبكاني حتى انتفضت ، وأضحكني حتى استلقيت ... أبكاني عند عرضه لاسلام عمر .. وأبكاني عندما وصف حالة رسول الله لما توفي ابنه إبراهيم . وأضحكني عندما قرأت عن دعابات الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومزحه ، وحسن قبول الدعابات في نفسه ، وما كان من أمر نعيمان بن عمرو . وعبد الله الخمار .. على أن هذه المواقف لم تكن جديدة علي عندما قرأت هذا الكتاب .. ولكن الذي حرك المشاعر ، وأثار الخواطر ، وأهاج الأحاسيس ، حتى اضحك .. وابكي .. إنما هو : جمال العرض ، وصدق التعبير، ودقة التحليل ، وروعة الاستقصاء ... وهذه سمات تميز بها العقاد. فجزاه الله خير الجزاء.
صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/4
المظهر