المتحللين المتعللين، فأبى الا أن يضرب عليها القداح ثلاث مرات، ثم نحرت الابل للجياع من الأناسي1 والسباع.
وجاء القائد الحبشي يهدم الكعبة ويسطو على الابل والشاة .. فلما سأله عبد المطلب أن يرد إليه ابله، قال له مقال السياسي المحرج المداور2 بالكلام: «أراك تسأل عن ابلك ولا تسأل عن الكعبة».
فأجابه عبد المطلب جواب الحكيم المؤمن: «أما الابل فأنا ربها، وأما البيت فله رب يحميه!».
فكان ايمانه ايمانا كفؤا لدهاء السياسة، ولم يكن ايمان العجز والتواكل والاستسلام ..
ومن كان له هذا الخلق، وهذا الضمير، وهذا الايمان، وهذه الرئاسة، فليس من عجب أن ينجب نبيا في زمان يستدعي الأنبياء، ومكان مهيئ لهم دون كل مكان .. بل العجب أن يكون الأمر غير ما كان.
أب
وإذا كان عبد المطلب جدا صالحا لنبي كريم، فابنه عبد الله نعم الأب لذلك النبي الكريم ..
لكأنما كان بضعة3 من عالم الغيب، أرسلت إلى هذه الدنيا لتعقب4 فيها نبيا وهي لا تراه .. ثم تعود.
كان انسانا من طينة الشهداء، يتجه إلى القلب الإنساني بكل ما فيه من حب وحنو ورحمة. فهو الفتى الذي اسمه عبد الله والذي اختير للفداء، فجاشت5 له شفقة قومه حتى تركه لهم القدر إلى حين. وهو الفتى الذي تحدثت الفتيات في الخدور6 بوسامته وحيائه، وودت مئات منهن لو نعمن منه بنعمة الزواج، وهو الفتى الذي أقام مع عروسه ثلاثة أيام، ثم سافر ليتجر فاذا هي السفرة التي لا يؤوب7 منها الذاهبون. وهو الفتى الذي مات وهو غريب، وولد له نسله الكريم وهو دفين. وهكذا تتمثل