تقديم 6 في تقديم كتابي هذا عن أبي بكر الصديق أقول ما قلته في عبقرية محمد ، و د عبقرية عمر و و كل كتاب من هذا القبيل وفحواه أنني لا أكتب ترجمة للصديق رضي الله عنه ، ولا أكتب تاريخا لخلافته وحوادث عصره ، ولا اعني بالوقائع من حيث هي وقائع ولا بالأخبار من حيث هي أخبار ، فهذه موضوعات لم أقصد ما ولم أذكر في عناوين الكتب ما بعد القاريء بها ويوجه استعللاعه اليها ، ولكنما قصدت أن أرسم للصديق صورة نفسية، تعرفنا به وتجلو لنا خلائقه و بواعث اعماله ، كما تجلو المصورة ملامح من تراه بالعين . فلا تعثينا الوقائع والأخبار الا بمقدار ما تؤدي أداءها في هذا المقعد الذي لا مقصد لنا غيره ، وهي قد تكبر أو تصغر فلا يهمنا منها الكبر أو الصفر الا بذلك المقدار ، ولعل حادثا صغيرا يستحق منا التقديم على أكبر الحوادث اذا كانت فيه دلالة نفسية اكبر من دلالته ، ولمعة مصورة أظهر من بل لعل كلمة من الكلمات الموجزة التي تجيء عرضا في بعض المناسبات تتقدم لهذا السبب على الحوادث كبيرها وصغيرها في مقياس التاريخ ومن همنا ان تكون الصورة صادقة كل الصدق في جملتها وتفصيلها فليس من غرضنا التجميل الذي يخرج بالصورة عن حقيقتها ، ولسنا نريد أن يطلع القارىء على تلك الصورة فلا يعرفها ولا يعرف أبا بكر منها ولكن تجميل الصورة شيء ، وتوقير صاحبها شيء آخر ، فانك اذا صورت ابا بكر ورفعت صورته مكانا عليا لم تكن قد اضفت اليه جمالا غير جماله أو غيرت ملامحه النفسية بحيث تخفى على من يعرفها فهذا هو التوقير الذي لا يخل بالصورة ولا يعاب على المصور وليس هو بالتجميل المصطنع الذي يضل الناظر عن الحقيقة . . و و و $
صفحة:عبقرية الصديق (المكتبة العصرية).pdf/8
المظهر