لقد كان هدف العقاد من وراء اتباع ذلك الأسلوب في المعالجة هدفا أخلاقيا روحيا خالصا نوجزه من كلمات , الثقة بالروح الالهي الخالد من لونة المادة ومهانة الانكار العقيم ، أو مهانة كل اعتقاد رخيم يغلب عليه عامل السلب والنفي على عامل الثبوت والايجاب ، . ونضيف الى ما سبق وهو أن العقاد قد رای الناس قد اجترأوا على العظمة في هذا الزمن بقدر حاجتهم إلى هدايتها ... فان شیوع الحقوق الخاصة ، حقوق الملية القادرين الذين ينفصفهم التمييز وتظلمهم المساواة ، والمساواة مي شرعة السواد الغالبة في العصر الحديث . ولقد جار هذا الفهم الخاطی للمساواة على حقوق العظماء السابقين كما جار على حقوق العظماء الأحياء والمغامرين ، ثم أغرى الناس بالجور بعد الجور غرورهم بطرائف العصر الحديث واعتقادهم أنه قد أتي بالجديد الناسخ القديم في كل شيء حتى في ملكات النفوس والأذهان (۱) • وهناك دوافع لذلك السلوك العقادي لم يذكرها - على ما نعتقد س ولا بأس من ذكرها لما تضمنته في طياتها من نظرة خطيرة كانت سائدة ولا تزال وهي ذلك الاعتقاد الذي ساد عقليات بعض المفكرين في النصف الأول من القرن العشرين بل لا يزال يؤمن به البعض حتى يوم الناس هذا وهو أن الثقافة الأجنبية برجالها يمكن أن تكون بديلا عن الثقافة الاسلامية ازاء ذلك لم يجد العقاد بدا من أن يتصدى بتلك السلسلة من العبقريات الاسلامية للرد على أولئك الذين حاولوا الاجتراء على العقلية العربية وتجريدها من كل قدرة على الخلق والابداع . فاستطاع أن يثبت في تلك العبقريات والتراجم ان العقلية العربية متمثلة في محمد صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعلي وخالد وغيرهم قادرة على الخلق والابداع . وعلى أية حال فالعقاد يكاد يكون المفكر الاسلامي الوحيد الذي تفرد في الدفاع عن العظمة ايا كان معدنها ذلك لأن القاعدة التي كان يختار على أساسها ترجمة ما ليكتب فيها هو أن تكون تلك الكتابة لازمة لابراز حق ضائع أو حقيقة مجهولة وتستوي في ذلك لديه العظماء والنوابغ من كل طراز ، وفي كل طبقة من طبقات العامة والنبوغ (۲) • اسمیں (۱) عبقرية محمد للستاد صفحة ۱۲ . (۲) موضوعي وكيف اختاره ، مقال للعقاد ، مجلة تانية الزيت يوليو ۱۹۹۲ .
