6 قبل أن نبين للقاری، هدف العقاد من كتابة هذه السلسلة من المؤلفات - أعني العبقريات الإسلامية ، أو قبل أن نبين الدوافع التي حلت به إلى أن يتناول بقلمه الثر تلك الشخصيات الاسلامية هناك ملاحظة ينبغي أن نلتفت ويلتفت القراء الحصفاء معنا اليها ، وهي أن العقاد لم يكن بهدف بحال من الأحوال إلى أن یکتب دراسات تاريخية عن تلك الشخصيات وأولئك العباقرة الافذاذ يبين فيها متى ولدوا ، أو كيف درجوا في سباهم ونشأتهم متخذا الترتيب الزمني أو التوثيق التاريخي القائم على الموازنة بين النصوص التاريخية كما هو المألوف في دراسات غيره من كتاب السير والتراجم " فهر - أي العقاد - قد نبه إلى ذلك أكثر من مرة في مقدماته لتلك العبقريات وحسبنا كلماته التي قدم بها هذا الكتاب الذي نقدمه بين يدي القارىء في صراحة ووضوح يدلان على ذلك المسلك دون سواه • يقول العقاد : « في تقديم كتابي هذا عن أبي بكر الصديق أقول ما قلته في و عبقرية محمد ، و د عبقرية عمر ، وكل كتاب من هذا القبيل ونحراه انني لا أكتب ترجمة للصديق رضي الله عنه ، ولا أكتب تاريخا الخلافته وحوادث عصره ، ولا أعني بالوقائع من حيث هي وقائع ، ولا بالأخباز من حيث هي ، فهذه موضوعات لم أقصدها ولم أذكر في عناوين الكتب ما بعد الغاري بها ويوجه استطلاعه اليها . ولكنما قصدت أن أرسم للصدیق صورة نفسية تعرفنا به ، وتجلو لنا خلائقه وبواعت أعماله ، كما تجلو الصورة ملامح من تراه بالعين . فلا تعثينا الوقائع والاخبار الا بمقدار ما تؤدي أداءها في هذا المقصد الذي لا مقصد لنا غيره ولعل حادثا صغيرا يستحق منا التقديم على أكبر الحوادث اذا كانت فيه دلالة نفسية اكبر من دلالته ، ولمحة مصورة أظهر من لمحته . بل لعل الكلمة الموجزة التي تجري عرضا في المناسبات تتقدم لهذا السبب على الحوادث كبيرها وصغيرها في مقياس التاريخ ، ان ذلك النص العقادي الواقع ليحمل في طياته تبیانا واضحا على أن مؤلف هذه العبقريات لم يقصد الكتابة التاريخية المعروفة والمتداولة ، وانما . أخبار . ۳
صفحة:عبقرية الصديق (المكتبة العصرية).pdf/2
المظهر