f و عند مرة بن كعب ، بعد ستة آباء ، وکلا ابويه من بني تيم ، وهم قوم اشتهر رجالهم بالدماثة والأدب ، واشتهر نساؤهم بالدل والحظوة، و قيل أن بنات تیم أدل النساء و احظا من عند الأزواج • وربما كان مرجع ذلك الي طول عهد القبيلة بحياة المدينة و أشغالها ، وان اشتغالها بالتجارة كان يقوم على المودة وحسن المعاملة ولا يقوم على بسطة النفوذ وصولة الوفر والغلبة فبنو أمية - مثلا كانوا يتجرون و كان زعيمهم ابو سفیان پرسل القوافل بين الحجاز والشام ، ولكنها قوافل أشبه بالعملات والبعوث ، معولهم فيها على انوفر والوفرة ، وليست كذلك تجارة أبي بكر ، وأخوانه من ابناء البطون القرشية التي لها شرف النسب في غير متاثرة بالعدد والعدة ، و منائبة بالصولة ودهاء القوة ، كمغالبة الأمويين ومهما يكن من أثر المعاملة الوردية وآداب الأسرة والمدنية في بني تيم ، فهذه الآداب واضحة في أسرة الصديق رضي الله عنه أجمل وضوح ، لم تذكر لنا قط أسرة كانت في عصره على مودة أجمل من المودة التي اتصلت بينه وبين أبيه وأمه وأبنائه الحياة . وقد كان له ابن حارب في صفوف المشركين ، وأوشك أن يكون بينه و بين أبيه قتال ، ولكننا اذا تجاوزنا هذه الفلتة من فلتات السن رجعنا إلى أبوة لا عقوق فيها بعد اهتداء ذلك الابن الى الاسلام ، كما اهتدى اليه سائر ذويه • عاش ابو قحافة رأى ابنه خليفة برفع صوته على أناس لم يكن في مكة أرفع منهم صوتا و اعظم خطرا ، و كان مكفوف البصر على باب داره بمكة يوم أقبل أبو بكر اليها معتمرا بعد مبايعته بالخلافة ، فقيل له : هذا ابنك : فنهض يتلقاه ، ورأه ابنه يهم بالنهوض فعجل نازلا عن راحلته وهي واقفة قبل إن ينیخها ، وجعل يقول : يا أبت لا تقم ! ثم لاقاه والتزمه وقبل بين عنيه ، ولم ينتظر - و هو في نحو الستين - أن ينيخ لينزل منها ، مخافة على أبيه من مشقة النهوض ودعا (۱) الخليفة بأبي سفيان الأمر أنکره فاخذته الحدة التي ، مقای & نی ¢ (۱) دعا به : استحضره
صفحة:عبقرية الصديق (المكتبة العصرية).pdf/14
المظهر