تقدم الانكليز السكسونيين ۳۱۷ قوتهم كما هو حالنا لان العشب قد كفاهم مؤنة ذاك الاهتمام والعشب ينبت وحده ولا يحتاج النازل فيه الى حصده أو تجفيفه أو ادخاره . وبذلك نجا أولئك القوم من مخالب الفقر والفاقة ولا يعرفون ما نسميه مسئلة الفعلة لانهم ليس فيهم رجل اجير وهذا الرجل الذى أمن بطبيعة الحال من جهة حاجاته المادية آمن أيضا من . من حيث الحياة الادبية . ولا ينبغى أن نقيسه بنا فان لنا حاجات ورغبات ومقاصد كيفتها ظروف اجتماعنا وأكدتها حالة معيشتنا مما لا نسبة بينه وبين ماهو فيه . وتلك الحاجات التى استحدثناها أو التى ولدها فينا وسطنا الاجتماعي تجعلنا من التعساء ما عجزنا عن القيام بها . فاذا كفينا مؤنة حاجة تولدت فينا حاجات جديدة ورغائب غير الاولى أشد تحكما وأصعب ارضاء . لذلك قالوا ( السعادة في الاقلال من الرغبات ) كما قالوا ( ينبغي للمرء ان يكتفي بالعيش الوسط الهنى ) وهو قول حسن غير ان حالتنا الاجتماعية تدفعنا الى ضد ما به ينصحون . على أنهم لم يرشدونا الى تلك الحكمة الا لان العمل بها نادر في الوجود . وأقطع دليل على ان ذلك الرحالة راض عن حالته وهذا الرضاء هو أقصى مراتب السعادة في هذه الدار انك لن تفلح فى حمله على استبدالها اذ من المقرر ان أشد الناس استعصاء على الانتقال من حال الى غيره هو البدوي الذي لا يرضى ان يستعيض في غدوه ورواحه بالاستقرار في مكان واحد ولا أن يتخلى عما ألف في البداوة ليعتنق ما نحن فيه من الاعمال التي نجاهد فيها لتحصيل قوتنا . والامم المتمدنة المتاخمة لتلك العشائر تعلم ما نقول فانها لم تصل الى
صفحة:سر تقدم الانكليز السكسونيين.djvu/325
المظهر