٣٠٦ الاختلاف في ادراك معنى التكافل وبين ما نقلناه عن موسيو « لابي » و « لانسان » ليتبينوا الفرق ويقفوا على حقيقة الموضوع ويهتدوا الى الصواب فيه الاوروبي هو الذي يهاجر في الحالتين الا ان الفرق عظيم بين النتيجتين والسر فى هذا ان بعضهم أقام ببلد اتكالى أي لم يتعود أهله الاعتماد على أنفسهم بل على الهيئة التي وجدوا فيها وكانت نتيجة تأثير هذا الوسط مضرة بالفريقين الوطنى والاوروباوى الاول لما يصيبه من الظلم والاستبداد والثاني لما يأتيه منهما . وبعضهم أقام ببلد استقلالى أى تعود كل واحد من أهله المحافظة على استقلاله تجاه الهيئة بتمامها وشب على الارتقاء بجده وعمله مستعيناً بهمته وقوته حيث القدرة الشخصية بلغت غايتها وقل تأثير الهيئة الى الحد الادنى . فاذا وصل الأوروبى الى هذا الوسط الحى سرت فيه حركة الحياة وتنبهت قواه وتبدلت أحواله فصار رجلا غير الذي هاجر وأصبح قادراً على تحصيل حاجاته بنفسه اذ لا سبيل للاعتماد على الغير في تلك البلاد ولا الى ابتزاز المال من يدهم ولا الى الاتكال على تكافل و همى يخدع النفوس كذبا وتلبيسا . تلك بلاد المرء بنفسه » فكل مافيها يناديك أعن نفسك بنفسك . لذلك تحول الارلندى وارتقى وهى معجزة من السهل على من لهم أقل المام بالعلم الاجتماعي أن يدركوا السر فيها مضت الاجيال الطوال على ذلك الرجل وهو في وسط اتكالى حتى صار يهرب من كل عمل يكلفه بعض العناء أو يقتضى بعض الهمة الذاتية متعوداً على المعيشة من تكافل عشيرته حتى وصل بتأثير ذلك التكافل الى حالته التي نشاهده عليها في أوروبا من الانحطاط السياسي والضعف الاجتماعي
صفحة:سر تقدم الانكليز السكسونيين.djvu/314
المظهر