سر تقدم الانكليز السكسونيين الثانية أنها ما زالت بالاشراف كما فعلت بالملوكية حتى انتزعت من نفوسهم كل طموح الى العبث بحرية الافراد واستقلالهم. ذلك لأن رجل الاستقلال لا يهتم بالسياسة اهتمام رجل الاتكال بها ولا أن يعيش منها مثله ولكنه شديد الحرص على استقلاله وخلاصه من كل قيد يعيقه في عمله الذاتي لاحتياجه اليه في تحصيل مرتزقه فلا يطيق ما يعيق زراعته أو يعطل صناعته أو يضر بتجارته ولا يقبل أن تضايقة الحكومة باستبدادها ولا أن تثقل عليه ضرائبها ونتيجة تلك الحال ميـلة الداسم الى جعل الحكومة قاصرة على وظيفتها الضرورية وهى حفظ الامن العام اللازم لكل واحد في عمله . أما نتيجة حال الامم الاتكالية فهي بضد ذلك . الاخلال بالأمن العام بقدر الامكان والناس يعملون لذلك جهدهم رجاء ما يسرون في نفوسهم تغلب حزبهم من نيل الوظائف ذات الرواتب الوافرة لهم أولا بنائهم اذ الثابت في الاذهان ان أحسن العيش ما كان ثمنه من أموال الامة التي تجمعها الحكومة في خزائها وليس لما أحـدثنا من القلاقل وما أضر مناه من نار الثورات والفتن المتعددة التي لا يزال أهل أمريكا الجنوبية يستخدمونها في كل يوم سبب غير ما تقدم اذا هكذا كان تعود الامة الانكليزية على حكومة نفسها بنفسها مقللا لامتيازات الشرفاء منهم وهم الذين كان يخشى من ثقل وطأتهم وصيرورتهم ۱۷۰ ممقوتين بسببها ومع أن طبقة الاشراف الوراثية طارئة على انكلترا فانها أضرت برجلها الاصلى وغيرت منه كثيراً واذا قابلنا بين منافعها وأضرارها وجدنا الثانية
صفحة:سر تقدم الانكليز السكسونيين.djvu/183
المظهر