الفصل الثاني
في أرباب الصنائع وهم المخترعون والمستنبطون
قال ابن خلدون: لا بُدَّ في الرزق من سعيٍ وعمل.
وقال ده سلفندي: العلم والعمل يسودان العالم من الآن فصاعداً.
وقال أرثرهلبس: ألغِ من بلاد الإنكليز كلَّ ما صنعهُ لها المخترعون الذين نبغوا من بين السوقة، وانظر كيف تبقى.
الاجتهاد صفة من أشهر صفات الشعب الإنكليز فقد امتازوا بهِ في الأزمنة الغابرة كما هم ممتازون بها الآن فتوطَّدت أركان مملكتهم باجتهاد عامتهم وازدادت عظمة أمتهم باجتهاد آحادهم سواءٌ كانوا من حارثي الأرض أو صانعي الأمتعة أو عاملي الآلات أو مؤلفي الكتب. ولم يقتصر اجتهادُهم في الأعمال على ترقيتهم بل أنقذهم من شرِّ ما وقع في سياستهم وشرائعهم من الخلل حيناً بعد حين وهذَّب أخلاقهم ونظم أحوال مملكتهم. والاجتهاد رفيق لإتمام الواجبات وقد قرنتْهما العناية بالنجاح والسعادة. قال شاعر الأعاجم: إنَّ الآلهة وضعت الاجتهاد والتعب في طرق الفردوس وقال الشاعر العربي:
هذا ولا خلاف في أنَّ الإنسان لا يأكل خبزاً ألذَّ من خبزٍ تعبهِ عقليّاً كان أو جسديّاً. والاجتهادع أساس كل تقدُّم فيه ذُلِّلت مصاعب الطبيعة وارتقى الإنسان من وهاد الجهل والخشونة إلى ذرى الحضارة والعمران. وهو من الواجبات والضروريات وتراه مكتوباً على كل جارحةٍ من جوارح الجسد وكل لفافة من تلافيف