الفصل الحادي عشر
في تعليم الإنسان لنفسهِ
وما في ذلك من السهولة والصعوبة
- قال غبن. لكل إنسان نوعان من العلم الواحد يأخذه عن غيره والآخر يناله لنفسه والثاني أفضلهما
- وقال يوحنا هنتر. من تُوهِن المصاعب عزمه لا يفلح ومن يتغلب عليها ينجح
- وقال رو الشاعر ما معناه إنَّ الحكماء وأولي العزم يغلبون المصاعب وأمَّا الحمقى والبلداء فيعتريهم الرعب حالما ينظرون المشقة والخطر وهم يخلقون المصاعب.
قال السر ولتر سكُوت إنَّ أفضل معارف الإنسان ما اكتسبهُ بنفسهِ. وكان من عادة السر بنيامين برُودي أنْ يعجب بهذا الكلام ويفتخر بأنه لم يدرس على أستاذ. وذلك يصدق على كلِّ الذين امتازوا في العلوم والفنون لأن الإنسان لا يتعلم في المدارس إلَّا المبادئ وما تعليم المدارس إلا باب يدخلهُ التلميذ ومنه يستطرق باجتهادهِ إلى معين المعارف. ومن بلغ هذه المعين بجده فهو الخليق بورودهِ ومن اقتيد إليها اقتياداً كان استقاؤه منها كرهاً. ومن حصَّل علومهُ بجدهِ كانت علومهُ ملكاً لهُ. وقوى العقل تقوى باستعمالها حتى إذا حل الإنسان مشكلة بنفسهِ تأهل لحل قضية أخرى وصار العلم فيهِ ملكة. وأفضل ما في الإنسان اجتهادهُ لنفسهِ فإذا انتسخ منهُ هذا الاجتهاد لم تنفعهُ الكتب ولا المعلمون ولا الدروس ولا شيء غيرها.
وأفضل المعلمين أقربهم إلى الإقرار بأهمية التعلُّم الذاتي وأميلهم إلى إنهاض همة التلميذ لكي يقرع باب جَدِّه بجدِّهِ فتراهم على الدوام يدرِّبون تلاميذهم إلى اجتناء ثمار المعرفة بيدهم وبذلك يرفعون شأن