التامة في جميع مصنوعاتهِ فإن تمثال وط الذي صنعهُ لكنيسة هنسورث بلغ فيه الدرجة القصوى من الإتقان والبساطة. وكان كريماً على أبناءِ فنهِ ووهب الجانب الأكبر من تركتهِ لمدرسة الفنون الملكية لترقية فني التصوير والنحت.
وهاك مثالًا آخر للاجتهاد والمواظبة في حياة داود ولكي المصور وهو ابن قسيس اسكتلندي. فقد لاحت عليهِ منذ حداثتهِ أمارات الذكاء والميل إلى فنِّ التصوير فكان يمضي أكثر أوقاتهِ في الرسم والوجوه والأشكال مغتنماً كلَّ فرصة لذلك فكنتَ ترى جدران البيوت ورمال الأنهار مغطاة برسومهِ. وكان يستعمل كلَّ قلم صادفهُ ولو قطعةً من الفحم ويصور على كلِّ سطح وجدهُ ولو صخراً أملس. وقلما زار بيتاً إلا رسم شيئاً على جدارهِ علامة لمجيئهِ إليهِ ولو على غير إرادة صاحبة البيت. وكان أبوهُ يكره هذه الصناعة محرِّماً إياها ولكن ما كان ولكي ليرتدع بردع أبيهِ لهُ بل أعطى نفسهُ هواها وركب مركباً خشناً محفوفاً بالمصاعب. فعرض نفسهُ عضواً على مدرسة الفنون إيدنبرج فرُفض لأن صورهُ كانت بعيدة عن الإتقان فأخذ يجتهد في إتقان التصوير إلى أن قُبِل فيها. وكان نجاحهُ إلى بطيئاً جدًّا إلَّا أنهُ عقد قلبهُ على النجاح التام فنجح ولم يَقْتدِ بغيره من الشبان الذين لا يبالون كثيراً بالاجتهاد لزعمهم أنَّ لهم موهبة فائقة بل كان ينسب كلَّ نجاحهِ إلى اجتهادهِ الدائم. ثم عزم على المجيء إلى لندن لأن فيها باباً واسعاً للعلم والعمل فأتاها وصوَّر فيها صورتهُ المسماة بڤلدْج بوليتيشنس (أي رجال السياسة القرويين) فراقت هذه الصورة في عيون الجمهور وفتحت لهُ باباً واسعاً للعمل ولكنهُ بقي فقيراً وذلك لأنهُ كان يقيم وقتاً طويلًا على تصوير كلِّ صورة حتى مهما كان ثمنها كثيراً يصير قليلًا نظراً إلى الوقت الذي يضيعهُ فيها. ووضع لنفسهِ قاعدة مثل أنموذج رينلدز وهو أن كلَّ ما يستحق أنْ يُصنَع يجب أنْ يصنع جيداً. وكان يكرهُ