وفي أحد الأيام أخذ أبوهُ هذه الصور وأراها لروبلياك النقاش فتأفَّف من رؤيتها ولكن ما كان ذلك ليوهن عزم فلكسمن بل زادهُ رغبة وما لبث أنْ صار يصنع تماثيل من الجبسين والشمع وبعض هذه التماثيل باقٍ تذكاراً لأول أثمار قريحتهِ
ثم إنَّ القس متيوس المتقدم ذكرهُ دعاهُ إلى بيتهِ فقرأَ على امرأتهِ هوميروس وملتون وعلَّماه كلاهما اليونانية واللاتينية وكان تصويره قد تحسن في هذا الوقت حتى إنَّ إحدى السيدات طلبت منهُ أنْ يصور لها ست صور تشخص أموراً مذكورة في هوميروس فصنعها وأجاد فاعطتهُ أجرة حسنة وأثنت عليه ثناءً جميلًا وكانت هذه الأجرة باكورة ما كسبهُ من التصوير
ولما بلغ الخامسة عشرة تتلمذ في مدرسة التصوير الملكية وفي وقت قصير اشتُهر أمرهُ بين الطلبة مع أنهُ كان يحب العزلة فانتظروا منهُ أموراً كثيرة ولم يخب انتظارهم لأنهُ نال الجائزة الفضية وهو في الخامسة عشرة وكان في السنة التالية بين المستحقين الجائزة الذهبية وظن الجميع أنهُ سينالها ولكن نالها تلميذ آخر لم يُعرَف عنهُ شيءٌ بعد ذلك. واستفاد فلكسمن كثيراً من خيبتهِ هذه لأن الفشل لا يوهن عزم أولي الهمة بل يزيدهم حزماً وإقداماً فاسمع ما قالهُ لأبيهِ حينئذٍ قال «أعطني وقتاً فأصنع أعمالًا تفتخر بها مدرسة التصوير». ثم أخذ يرسم ويصور باجتهاد لا يفوقهُ اجتهاد ولكن كان في بيت أبيهِ في ضنك عظيم لأن تجارة التماثيل الجبسينية لم يكن منها ربح كافٍ فطرح هوميروس جانباً وأخذ يسعف أباهُ في عملهِ فتدرب على احتمال المشقات واستقبالها بالصبر الجميل
وحدث أنَّ شهرتهُ في الرسم طرقت أذني يوشيا ودجود الخزاف المار ذكرهُ في الفصل الثالث فاستدعاهُ لكي يصنع لهُ رسوماً للخزف الصيني الذي كان يصنعهُ. وربما ظهر أنَّ هذا العمل لا يليق بمصور