الفصل السادس
في المصورين والنقَّاشين
قال الشاعر ملنس ما معناه:
وقال جوبر ارتقِ تحيَ.
لا يفوق الإنسان غيره إلا بالاجتهاد سواءٌ كان في التصوير والنقش أم في غيرهما. ولا يمكن لأحد أنْ يصور صورة جميلة بالصدفة ولا أنْ ينقش تمثالًا بديعاً بالاتفاق لأن كل لمسة من لمسات قلم المصوِّر وكل ضربة من ضربات أزميل النقاش هي نتيجة درس متصل. كان من رأي السر يشوع رينلدز أحد آحاد المصورين أنَّ كلَّ إنسان يقدر أن يكون مصوراً ماهراً ولو نُسبت المهارة في التصوير إلى الموهبة أو الذوق أو العطية السماوية. وكتب إلى بَري يقول «كلُّ من يقصد أنْ يمهر في التصوير أو في أي صناعةٍ كانت يجب أنْ يوجه كلَّ انتباهه إلى تلك الصناعة من ساعة قيامه إلى ساعة منامه». وقال في مكان آخر «إنَّ الذين يقصدون أنْ يمهروا يجب أنْ يأخذوا في عملهم نهاراً وليلًا إن اختيارًا وإن قسرًا». إلا أننا لا ننكر أنَّ الاجتهاد والانصباب لا يُصيِّران الإنسان مصوراً إذا لم يكن ذا قريحة للتصوير ولو كانا ضروريين لجعلهِ مصوراً ماهراً. لأن النبوغ أمر طبيعي ولكنهُ يتقوَّى بالتهذيب الشخصي الذي هو أقوى من كل تهذيب المدارس.
والبعض وهم من أعظم المصورين نبغوا من وسط الفقر والمسكنة ونجحوا رغماً عن الصعوبات الكثيرة المحيقة بهم مثل كلود لورين