وقال ابن سعيد المغربي في وصيته لابنهِ
وقد اشتهر كثيرون من أهل العربية بانتهاز الفرص فإن ابن خلدون المؤرخ المشهور اضطرتهُ أحوال السياسة مرة أنْ يقيم في البادية أربع سنوات فاتخذها فرصة أَلَّف في غضونها مقدمتهُ المشهورة واستقصى حينئذٍ أحوال العرب والبربر وزنانة وكتب أخبارهم في تاريخهِ كما فعل ولتر سكوت عندما كان في جبال اسكتلندا. ثم انتهز فرصة إقامتهِ بالقاهرة فأكمل تاريخه فيها معتمداً على ما وجدهُ في مكاتبها من الكتب. وياقوت الحموي كان مولاهُ ينفذهُ للاتجار إلى البلدان البعيدة فانتهز هذه الفرصة وراقب أحوال هذه البلدان وأثبتها في معجمهِ. ثم اتَّجر بالكتب فلم يرضَ لنفسهِ أنْ يحمل أسباب العلم لغيرهِ ولا ينتفع بها هو بل أكبَّ على الدرس حتى أحاط بعلوم كثيرة
وقال إبرهيم الصولي المغني إنَّ أول شيء أُعطيتهُ بالغناءِ أني كنت بالري أنادم أهلها وأنفق من بقية مال كان معي من الموصل فمرَّ بنا خادم أنفذهُ أبو جعفر المنصور إلى بعض عمالهِ برسالة فسمعني أغني فشغف بي وخلع عليَّ دواج سمور لهُ قيمة ومضى بالرسالة ورجع وقد وصلهُ العامل بسبعة آلاف درهم وكساهُ كسوة فاخرة فجاءَني إلى منزلي فأقام عندي ثلاثة أيام ووهب لي نصف الكسوة وألفي درهم فكان ذلك أول ما اكتسبتهُ بالغناءِ فقلت لا أنفق هذه الدراهم إلا على الصناعة التي أفادتنيها قال ذلك وفعل ففاق كلَّ المغنِّين
وممن اشتهر بانتهاز الفرص واعتبار الوقت ابن رشد الفيلسوف