اهدى إليهِ مجمع لندن الجيولوجي بنيشان وُلَسْتن على اكتشافاتهِ الجيولوجية كوحدة طبقات الأرض في كلِّ الجهات وتمييزها بما تتضمنهُ من الأحافير. ولقد أجاد من قال إنهُ ما من اكتشاف في العالم يضاهي هذا الاكتشاف إلا إذا اكتُشف أصل الحياة. وسيبقى اسم هذا الفاضل مكرَّماً مشرَّفاً ما دام هذا العلم
ومن الذين كانت قوة الانتباه قوية فيهم جدًّا وبلغوا بها شأواً بعيداً مِلَّر الذي درس العلوم برغبة وصبر لا مثيل لهما وكتب تاريخ حياتهِ في كتاب قيم هو غاية في الفائدة ويظهر منهُ ما كان في هذا الإنسان من التعويل على نفسهِ. وهاك جملة وجيزة من سيرتهِ وهي أنهُ لما كان فتًى صغيراً مات أبوهُ غرقاً فلم تمكنهُ الفرص من الدرس على أساتذة كبار إلا أنهُ طالع كتباً كثيرة فارتشف اليسير من بحر المعرفة من مصادر مختلفة وعاشر أقواماً متنوعة صناعاً ونجارين وصيادين وملاحين واستفاد منهم جميعاً وكان يجول وبيدهِ مطرقة كبيرة يكسر بها الحجارة ويجمع كسرها. وكان في بعض الأيام يقضي يوماً كاملًا في الغابات متأملًا في مناظرها الجيولوجية. ولما ترعرع وُضع عند بَنَّاءٍ ليتعلم صناعة البناءِ وكان مغرماً بها فابتدأ يعمل في مقلع (محجر) فانفتح لهُ باب واسع لتعلم الجيولوجيا في ذلك المقلع وكان يرى فيهِ أموراً كثيرة تدهشهُ بينما لا يرى أحد من العاملين شيئاً. فأخذ يقابل بين ما يراهُ من طبقات الأرض فيرى ما بينها من المطابقة والمخالفة وما يمتاز بهِ بعضها عن بعض وجرى على هذا النمط معتمداً على بصرهِ وبصيرتهِ وكان رصيناً مجتهداً مواظباً وهذا هو سر نجاحهِ
ومما زاد تعجبهُ وانتباههُ البقايا الآلية التي رآها في الحجارة التي كسرها أو في الصخور التي سحلتها أمواج البحر كالأسماك والأصداف والأشنان. ودام هذا الموضوع شاغلًا عقلهُ سنين عديدة وفي آخرها ألَّف كتابهُ في الحجر الرملي الأحمر القديم فحاز بهِ شهرة عظيمة بين