- ٣١٦ - تماماً بالقالب القانوني ، ولذلك شكا بعض زملائه من أنه يتحرر من النصوص القانونية ، ولما سئل فى هذا اعترف به ودافع عن وجهة نظره .
مات الخديو توفيق ، وتولى الخديو عباس سنة ۱۸۹۲ وقد عاد من فيينا ممتلئاً حماسة وغيرة وتصميما على مناهضة الاحتلال ، وأخذه خطة جديدة غير خطة أبيه المستسلمة ، والتف حوله بعض شباب مصر المتحمسين ، و بقايا رجال الثورة العرابية الذين تألموا من الهزيمة ولم ييأسوا من تغير الحال ، ووراءهم تركيا وفرنسا تشجعانهم على حركتهم ، وقد ضاع نفوذهما على يد توفيق ، فأملا عودته على يد عباس . وبدأ الخديو عباس بتغيير رجال الحاشية وإحاطة نفسه بما يتفق وسياسته ، وبدأ يتعرف أحوال مصر بنفسه ، ويتصل بالموظفين والأعيان، وأحيانا يرأس مجلس النظار ، وبدأت إنجلترا تشعر بما سيصادفها من متاعب على يد هذا الشاب، وتنتهز الفرص لإحراجه . رأى الشيخ محمد عبده أن آمال عباس في الإصلاح يجب أن تستغل ، ووضع خطة أن يتقرب إليه ويوثق الصلة به ، ويحسن إليه برناتجه في الإصلاح مع حسن علاقته أيضاً بالإنجليز، فيكسب السلطتين، ويعتمد عليهما في تحقيق أغراضه الإصلاحية، ويتم له ما يريد. ولكن ستبين الحوادث أن هذا خيال ، وأن الجمع بين صداقة السلطتين كالجمع بين الماء والنار ، وأن إرضاء إحداها إغضاب للأخرى لا محالة (1) على كل حال تقرب محمد عبده من عباس بواسطة محمد ماهر باشا ، ورحب الخديو بذلك إذ يسره أن يجمع حوله أقوياء الرجال ، وتقابلا مراراً سراً وجهراً، وحسن إليه الشيخ محمد عبده أن يتجه إلى إصلاح الشعب الثلاث المتصلة بالدين (۱) لامحالة : لاحية