السكك الحديدية ويذبحون الإنجليز حيثما وجدوهم ، ويدمرون ما وصلت إليه
أيديهم ، فكانت ثورة جائحة عنيفة أشد العنف ، وهاج الرأى العام على الإنجليز
هياجاً شديداً . ولكن كان رأى السيد أحمد هادئاً متزنا ، مخالفاً للرأى العام ،
فرأى أن هذه الثورة لا تأتى بنتيجة، وأن آخرة أمرها عودة الإنجليز إلى السيطرة
ثانية من غير فائدة إلا ضحايا الطرفين، وأن قتل الإنجليز - وخاصة المدنيين -
عمل غير إنسانى. لذلك وضع خطة بذل فيها الجهد مع بعض أصدقائه لحماية الإنجليز
من القتل ، وإنجاء من تصل إليه أيديهم منهم ، فنجا على يده ويد أصدقائه كثير
وضحى في ذلك بالكثير من ماله و باضطهاد أقاربه ، حتى لقد طعن بعضهم بالخنجر
بيد الثائرين ، وماتت أمه لهول الصدمة من وقع هذه الحوادث الأليمة. فلما هدأت
الثورة عرف له الإنجليز فضله، وحفظوا له جميله، وكافئوه ماديًا وأدبياً .
ومن ذلك الحين تأكدت الصلة بينه وبينهم ، فاستخدمها فيما وضع من
خطة إصلاح.
ومع هذا فقد وضع رسالة فى أسباب هذه الثورة باللغة الأردية وترجمت إلى الإنجليزية كان فيها قاضياً منصفاً ، لم يتحيّز فيها للهند ولا للإنجليز، ولم يرع فيها عداوة عدو ولا صداقة صديق، فرد على بعض الجرائد الإنجليزية فيما ذهبت إليه من أن الثورة سببها تهييج الأفغان أو الروس للهنود ، وتدبير المؤامرات والدسائس منهما ، وعد ذلك سخافة من القول لا قيمة لها ، وأن حركة الثورة حركة شعبية صادرة من صميم الشعب ، سببها أن كثيراً من المآسى يشعر بها الشعب من سنين ، ثم لا تصل إلى السلطات العليا، ولا تعلم بها حتى تعالجها ؛ فبينما الحكومة من جانبها تتبع خطتها المألوفة من جهل سعيد بما يدور في أذهان الشعب وما يشعر به من آلام ، إذا بالشعب من جانبه يتهم الحكومة بعلمها بمآسيه وسوء القصد في تصرفها ، كما أن الشعب يعتقد أن الحكومة تتدخل فى عقائده وشعائره الدينية ، وتؤيد - ولو