ما فحواه (۱) : اختيار الستة من أهل الشورى ليكون الخليفة واحدا منهم بعد مقتل الفاروق قد جعل كلا منهم يشرئب (۲) اليها ، ويعلم أنه أهل لها ، وكان أشدهم عملا لها وكيدا لعثمان طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي الملقب بطلحة الجود ، فهو من أبناء عمومة أبي بكر . محبوب لسخائه وشجاعته وسبقه الى الاسلام ، وكان ينافس عليها الفاروق فضلا عمن جاء بعده ، ويرى أن أبا بكر كان خليقا (۳) ان يكلها اليه (٤) ، وأنه اذا فضل عليه عمر فليس بعد عمر من يفضله ، وأعانه الزبير لأن منافسة علي وعثمان اذا وليا الخلافة اشق عليه من منافسة طلعة إذا هي الت (٥) اليه . f » و دان آناس من المجتهدين يتابعون محمد بن سليمان المتفلسف على هذا الرأي ، أو يتابعون معاوية بن أبي سفيان أول من قال به وذهب الى تخطئة عمر في ندبه لاهل الشورى ، ولم تزل منهم بقية في عصرنا هذا ترى الحصافة (٦) والحكمة فيما قاله معاوية منهم الأستاذ محمد أحمد جاد المولى الذي كان كبيرا للمفتشين بوزارة المعارف، فهو ينقل كلام معاوية في كتابه « انصاف عثمان ، ثم يتبعه قائلا : انه رأي الحصيف المجرب الذي حلب الدهر أشطره ، وغلب برأ ، ودهائه صاحب الحق على حقه . وأقام دولة الاسا عني نحو (۷) دولة الروم موطدة الأكناف قوية الدعائم. وحاش لعمر أن يتهمه أحد فيما فعل ، فانه لم يرد إلا الخير للمسلمين جاهدا ، وكان أعظم ما يرجوه من ذلك ألا يكون خلاف وافتراق بين المسلمين وأكبر الظن عندنا أن لو كان في حال غير هذه فربما فضل أن يريح المسلمين من العناء (۸) والمناوشات العربية، ويعهد إلى من هو أهل للخلافة . فقد يجد الناس لهذا التعيين حرمة تسكت الألسنة والدولة لا تزال فتية . أعدى أعدائها الشقاق والانقسام سبب من أشهر الأسباب المذكورة ، تواتر القول به من أيام الفتنة الى العصر الحاضر. وأو كانت الأسباب التاريخية عمر هذا (1) أي ما معناه . (۲) اشرأب اليه : مد عنقه وتطلع . (۳) أي جديرا . . . (٤) أي يسندها إليه (5) أي انتهت اليه (٦) حصف : استحكم عقله فهو حصيف ، وأحصف الأمر : أحكمد (۷) تخوم : حديد - (۸) أي التعب . ۳۵
صفحة:ذو النورين عثمان بن عفان (المكتبة العصرية).pdf/33
المظهر