كذلك للموازنة بين عوامل الانقلاب السياسي وعوامل الدفاع عن شخص الخليفة في داره، فكل عوامل الانقلاب لم يكن من الحتم أن تؤدي إلى مقتل الخليفة ولو بلغت أضعاف ما كانت عليه، وقد كانت المشاغبة التي جنت جنايتها على حياة الخليفة كافية لاجتراح 1 هذه الفعلة، ولو لم يكن وراءها كل عوامل التطور التي كانت تتجمع هنا وهناك في تلك الفترة الفاجعة، وقد بقيت عوامل التطور وازدادت بعد انتهاء عهود الخلفاء الراشدين وقيام الملك الموروث، فلم ينجم عنها مقتل ملك أو والٍ من كبار الولاة في بقاع الدولة الإسلامية من أقصاها إلى أقصاها ..
فمن الواجب إذن عند إحصاء الأسباب والتبعات، والكلام عما يُستطاع وعمن يستطيعه أن نفرق بين الحادثين، وأن نرجع بالتطور السياسي إلى أسبابه وعوامله التي تبلغ ما تبلغ ولا يلزم منها أن تؤدي إلى مقتل ولي الأمر في عاصمته، وأن نرجع بمقتل ولي الأمر إلى أسبابه وعوامله التي قد تحدث مع ذلك التطور، وقد تحدث منفصلة عنه في كل طور من أطوار القلق والتذمر 2، مما يدوم أو ينقضي بانقضاء آونته ثم لا يعود في عصره.