يؤمن بجانب من جوانب عظمتها، أو جانب من جوانب النبل والأريحية فيها. والسؤال الذي يسأله من يعرف المسألة كلها هو:
-- هل تستحق الحياة أن نحياها؟ ..
فإن كانت حياة الإنسان أهلًا للثقة بها والإيمان بقدرها؛ فالجواب: نعم، وإن لم تكن كذلك؛ فلا جواب للسؤال غير اليأس والضياع والانحلال، بل نحن نرى أن الشَّاكين والمترددين يثوبون إلى طريق الأمل والرجاء كلما لمسوا للنفس الإنسانية جذورًا عميقة في أصول الحياة، وهذه الجذور نلمسها لمسًا كلما علمنا أن النفس الإنسانية قابلة لعمل عظيم، وكلما علمنا أن قوة الاعتقاد بالخير هي نفسها عمل عظيم. وليس الخلاف إذن بين دين ودين، أو بين مذهب ومذهب أو بين فلسفة وفلسفة؛ ولكنه خلاف بين حياة لها جذور وحياة مُستأصَلة من جميع الجذور، وهو بعبارة أخرى خلاف بين حياة لها معنى وحياة فارغة من كل معنى، ولو كان هذا المعنى من مخترعاتها المُلفَّقة وأباطيلها المزجاة.
•••
نقيس أثر هذه التراجم بالرضى من هؤلاء المؤمنين بمعنى الحياة وهؤلاء الباحثين عن معناها.
ونقيسه كذلك بسخط الساخطين وغيظ المحنقين، وكلما اشتد هذا السخط واضطرم هذا الغيظ؛ علمنا موقع الرمية من الهدف الصميم، فهو موقعها الذي أصبنا به المقتل من ذلك المعسكر الذي يُسمي نفسه بمختلف الأسماء، ولا يصدق عليه اسم كما يصدق عليه اسم أعداء الإنسان.
وإنما تصدق الأسماء حيث تصدق على الصفات والأعمال، وقد سُمِّي بأعداء النوع الإنساني قديمًا معاشرٌ من الخلق كانوا يكرهون النعمة، ويعافون السرور، ويتجنبون معاشرة الناس، ولكنها تسمية لم تكن على صواب؛ لأنهم كرهوا النعمة وعافوا السرور؛ إيمانًا بنعمة أشرف من جميع النعم، وشوقًا إلى مسرَّة أرفع من جميع المسرات، ثم تجنبوا معاشرة الناس؛ نُبوًّا بضمائرهم عن العيش الذي لا يعرف النعم والمسرات إلا في أحضان الرذائل والشهوات، فمن شاء فليُسَمِّ هؤلاء المتزمتين بما شاء من الأسماء إلا أن يسميهم بأعداء الإنسان. ۱) أي يرجعون (۲) أي الرديئة أو الزائفة . (۳) الحنق : الغيظ (4) اضطرم : التهب ۰ (۰) أي يكرهون