ومهما يقل العلم غدًا في هذه المسألة فالذي نجزم به منذ الساعة، أن وجوه الأمم التي قضت ألوف السنين في الجلد والاعتزام تخالف وجوه الأمم التي تيسرت لها المعيشة طوال تلك السنين، وأن الاستدلال بملامح الوجوه طبيعة في جميع الأحياء؛ لأن الحيوان ينظر أول ما ينظر إلى وجه الحيوان الذي يقابله ليعلم هل يسالمه أو يناجزه ويتحداه، وإن كانت الوجوه لا تبدي كل ما في النفوس والعقول، فهي كذلك لا تخفي كل ما في النفوس والعقول.
وحسبنا الآن أن العلم يثبت كما تثبت المشاهدة أن خصائص الأجناس تورث إلى زمن بعيد ولا سيما حين ينحصر التزاوج في أبناء القبيلة الواحدة أو الوطن الواحد، وأن بعض العادات الاجتماعية التي تنجم من تشابه المعيشة تثبت في الأفراد بعد زوال أسبابها إلى حقبة طويلة، وأن الأبناء ينقلونها عن الآباء بالقدوة والتلقين وإن لم ينقلوها بالوراثة كما تنقل الخصائص التي تتمثل في الناسلات.
وليس بنا هنا أن نبسط القول في خصائص الأجناس جميعها؛ لأن الجنس الأسود هو الذي يعنينا منها في هذا الكتاب، وهو من الأجناس التي يسهل تمييزها بالخصائص الموروثة وعادات القدوة والمعيشة، والاختلاف في وصفه أقل من الاختلاف في وصف غيره من الأجناس البشرية الخمسة أو الثلاثة على قول بعض المتأخرين.
ونحن ننقل هنا شذرات من أوصافه في كتل علم الأجناس وعلم الإنسان ونصحح بعضها ببعض ونضيف إليه ما نعلمه من خصائص هذا الجنس بالمعاشرة والاختبار.
قال الدكتور سايس Sayce صاحب كتاب أجناس العهد القديم: