وإني والله طالما تلقيت الشتاء بكافاته إلى آخرها، وشرح ما يتلوها من المقامات إلى1 قوله في المقامة الخمسين:
هذا ما كان لي من شروح المقامات، وقد اجتمع عندي أيضًا نسخ ست من كتاب المقامات بلا شرح، غير أن أكثرها يوجد به من التعليقات والحواشي ما ينتفع به القارئ، وقد اخترت من تلك الشروح والحواشي كل ما يحتاج إليه طالب العلم في تحصيل المقصود، ويستعين به الراغب في الأدب، على إدراك المطلوب، ثم أضفت على ذلك شيئًا كثيرًا نقلته من كتب أئمة النحو واللغة، ومن مجمع الأمثال، للعلامة الميداني، وكتاب وفيَات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، لابن خلكان، ثم من ديوان البحتري، ومن ديوان المتنبي، وشرح المعلقات للزوزني، وغير هذا من كتب الأدب كل ذلك ليتيسر على من أعجبه الغوص في بحار اللغات العربية أن يظفر من دررها بكل يتيمة عقيلة، وليسهل على المولع بغرائب العلوم الأدبية المشرقية أن يصل من جواهر معادنها إلى كل فلذة ثمينة جزيلة، وإنما المرجو ممن نظر في هذا الشرح المختار أن لا يؤاخذني على ما ظهر عليه من العثرات، بل أن يستر بذيل كرمه ما استبان له من العورات، والله أسأله أن يجعل هذا الكتاب لمن تصفحه من أهل الشرق والغرب نافعًا مفيدًا، ولجميع من أسرع إلى مورده من أبناء جنسنا ومن غير جنسنا هنيئًا مريئًا حميدًا انتهى كلامه.
وقال في المقدمة الفرنساوية لهذا الكتاب: إن المقامات البديعية تفضل المقامات الحريرية.
وقد ترجم إلى الفرنساوية عدة مقامات من الاثنتين في مجموعة: كتاب الأنيس المفيد، للطالب المستفيد، وجامع الشذور، من منظوم ومنثور، وبالجملة فمعرفته خصوصًا في اللغة العربية مشهورة، مع أنه لا يمكنه أن يتكلم بالعربي إلا بغاية الصعوبة، وقد رأيت له في بعض كتبه توقيفات عظيمة، وإيرادات جليلة، ومناقضات قوية، وله اطلاع عظيم على الكتب العلمية المؤلفة في سائر اللغات، وسبب ذلك كله تمكنه من لغته بالكلية، ثم تفرغه بعد ذلك لمعرفة اللغات شعر:
- ↑ في النسخة المطبوعة ببولاق: «إلا».