المباركة، والمساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها، وفيها منشأ ومضم عظام سيد الأولين والآخرين، والصحابة، وهي منشأ الأئمة الأربعة (رضي الله تعالى عنهم) لأن منشأ الإمام الشافعي (رضي الله عنه) غزة، ومنشأ الإمام مالك (رضي الله عنه) المدينة المشرفة، ومنشأ الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان الكوفة، ومنشأة الإمام أحمد بن حنبل بغداد، التي كانت (كما قيل) في أيام الخلفاء، بالنسبة للبلاد، كالأستاذ في العباد، وكلها من بلاد «آسيا».
وبها، يعني ببلاد «آسيا» العرب، وهم أفضل القبائل على الإطلاق، ولسانهم أفصح الألسن باتفاق، وفيهم بنو هاشم، الذين هم مُلَح الأرض، وزُبَدة المجد، ودرع الشرف.
ومما يدل على فضلها أن بها الأماكن المفضلة؛ كالقبلة، التي يجب على كل إنسان أن يتوجه إليها خمس مرات في اليوم والليلة، والمدينتين اللتين نزل بهما القرآن العظيم، ففضائلها لا تحصى، وآثار أهلها لا تستقصى، قال بعض أهلها:
ومع إن الإسلام قد تولد فيها، وانتشر منها إلى غيرها، ففيها جزء عظيم باق على الاتباع أو الكفر؛ كبلاد الصين، وبعض بلاد الهند، وجزء سالك في إسلامه طريق الضلال، كروافض العجم.