تخليص الإبريز في تلخيص باريز
ولعل هذا كله مطمح نظر (الوالي) في هذه الإرسالية وغيرها من الإرساليات المتتالية المتسلسلة1 فثمرة هذا السفر تحصل — إن شاء الله — بنشر هذه العلوم والفنون الآتية في الباب الثاني، وبكثرة تداولها، وترجمة كتبها وطبعها في مطابع ولي النعم.
فينبغي لأهل العلم حيث جميع الناس على الاشتغال بالعلوم والفنون، الصنائع النافعة، وليس هذا الزمان قابلاً لأن يقال فيه كما قال بهاء الدين أبو حسين العاملي في صرف العمر في جمع كتب العلم وادَّخارها ومطالعتها، في شعره:
على كتب العلوم صرفت مالك
وفي تصحيحها أتعبت بالك
وأنفقت البياض مع السواد
إلى ما ليس ينفع في المعاد
تظل من المساء إلى الصباح
تطالعُها، وقلبك غير صاح
وتصبح مولعًا من غير طائل
بتحرير المقاصد والدلائل
وتوضيح الخفا في كل باب
وتوجيه السؤال مع الجواب
لعمري، قد أضلتك الهداية
ضلالاً ما له أبدًا نهاية
وبـ«المحصول» حاصلك الندامة
وحرمان إلى يوم القيامة
وتذكرة «المواقف» والمراصد
تسد عليك أبواب المقاصد
فلا ينجي النجاة من الضلالة
ولا يشفي الشفاء من الجهالة
وبالإرشاد لم يحصل رشاد وبالتبيان ما بان السداد
وبالإيضاح أشكلت المدارك
وبالمصباح أظلمت المسالك
وبالتلويح ما لاح الدليلُ وبالتوضيح ما اتضح السبيل
صرفت خلاصة العمر العزيز
على تنقيح أبحاث الوجيز2
بهذا الأمر صرف العمر جهلُ\فقم واجهد فما في الوقت مهلُ
ودع عنك الشروح مع الحواشي
فهن على البصائر كالغواشي3
١٨