ومن المواسم العامة عندهم أيام تسمى أيام (الكرنوال) وتسمى عند قبطة مصر أيام الرفاع،1 وهي عدة أيام يرخص لسائر الناس فيها سائر التقليدات والتشكلات، فيتشكل الرجل بشكل امرأة، والمرأة في صورة رجل، ويتراءى (الخواجة) في صورة راع ونحو ذلك، وبالجملة فيباح سائر ما لا يضر براحة المملكة وانتظامها.
ويقول الفرنساوية إن هذه الأيام أيام جنون، ويدور بهذه البلدة فحل أسمن فحول فرنسا، في موكب عظيم مدة أيام الزفر2 الثلاثة، ثم يذبحونه ويعطون لصاحبه (بخشيشًا) في نظير تسميته له؛ حتى يسمن سائر الناس عجولهم.
ومن منتزهات باريس الحدائق العظيمة العامة؛ ففي باريس نحو أربعة بساتين كبرى يتماشى فيها العام والخاص، فمنها حديقة (التولري)3 التي بها قصر الملك، وهي من أعظم المنتزهات، يدخلها المتجملون من الناس، ويحجز الأسافل من دخولها فكأنها مصداق قول بعض الظرفاء:
ومنها حديقة تسمى «الشمزليزه»،4 ومعناه بالعربية: رياض الجنة، وهي من أرق المنتزهات وأنضرها، وهي بستان عظيم يبلغ أربعين «أربانًا» و«الأربان» هو قياس يقرب من الفدان، ومع أن طول طريقها نحو ألف قامة، فإنها موضوعة بحيث إنك إذا مددت نظرك رأيت طرفها الثاني قدام عينيك، وفي هذه الروضة العظيمة دائمًا شيء من الملاهي لا يمكن حصره، وسائر أشجار هذا البستان متصافة، متوازية بعضها مع بعض، رتبت بحيث إنه يوجد مدخل من كل الجهات، فهو على سمت الخطوط المستقيمة من سائر الجهات، وفي وسط كل جملة من الأشجار يوجد محل مربع، وهذه الحديثة يتصل أحد جوانبها بنهر السين، وبينها وبينه رصيف، وبجانبها الآخر بيوت بأطراف الخلاء، وفيها كثير من القهاوي (الرسطواطورات)، يعني بيوت الأكل وفيها سائر أنواع