انتقل إلى المحتوى

صفحة:تخليص الإبريز في تلخيص باريز - هنداوي.pdf/121

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
الفصل الرابع

ومن التوقيعات اللطيفة: الكتاب وعاء مليء علما، وظرف حشى ظرفًا، ومن لك بروضة تقلب في حجر وبستان يحمل في كم، وما أحسن قول بعضهم شعرًا:

دفتري مؤنسي وفكري سميري
ويدي خادمي، وحلمي ضجيعي
ولساني سيفي، وبطشي قريضي
ودواتي عيشي، ودرجي ربيعي

وقال آخر:

لنا جلساء ما يمل حديثهم
ألبَّاء مأمونون غيبًا ومشهدًا
يفيدوننا من علمهم علم ما مضى
وعقلاً وتأديبًا ورأيًا مسددًا
فإن قلت أموات فما أنت كاذب
وإن قلت أحياء فلست مفندًا

ومن كلام بعضهم: نعم المحدث الدفتر، ومن كلام بعض الظرفاء: ما رأيت باكيًا أحسن تبسمًا من القلم. ثم إن جميع هذه التحف يكمل الأنس بها بحضور سيدة البيت — أي: زوجة صاحبه التي تحيي الضيوف أصالة، وزوجها يحييهم بالتبعية — فإن هذه (الأوض) بما احتوت عليه من اللطائف من (أوضنا) التي يحيا فيها الإنسان بإعطاء شبق1 الدخان من يد خادم في الغالب قبيح اللون.

وأما السقوف فإنها من الخشب النفيس، ثم إن البيت في العادة مصنوع من أربع طبقات، بعضها فوق بعض ما عدا البناء الأرضي، فلا يحسب دورًا وقد يصل إلى سبعة أدوار، وغيرها تحت الأرض من المخادع التي تستعمل أيضًا لربط الخيل، أو المطبخ وذخائر البيت، وخصوصًا النبيذ والخشب للوقود.

ثم إن البيت عندهم كما في بيوت القاهرة، مشتمل على عدة مساكن مستقلة ففي كل دور من أدوار البيت جملة مساكن، وكل مسكن متنافذ (الأوضات)، وقد جرت عادتهم بتقسيم البيوت إلى ثلاث مراتب؛ المرتبة الأولى: بيت عادي. والثانية: بيت لأحد من الكبار، والثالثة: بيوت الملك وأقاربه ودواوين المشورة ونحوها، فالأول يسمى: بيتًا، والثاني يسمى: دارًا، والثالث يسمى: قصرًا أو (سراية).


  1. الشبق: أنبوبة مجوفة من عود خشبي يثبت في أحد طرفيها الحجر الذي يوضع فيه التبغ وكانت تستعمل للتدخين في ذلك العصر.
١٢١